خلفيات الانقلاب السوري في لبنان وتبعاته!
19 ك2 2011
كل هموم حسين نصرالله وحلفائه في المعارضة، وبإيحاء من النظام السوري،
ابتكار وتلفيق التهم ضد الحريري وحلفائه في الموالاة واستدراجهم للردود
السلبية حتى متى آن الأوان تكون لديهم المبررات لاستكمال انقلابهم على
الدولة والنظام..
إنه الأسلوب المتخلّف في تتنشيط أدمغة جماهيرهم المغسولة من أي تفكير،
ومحاولة استغباء باقي اللبنانيين وترهيبهم واستطراداً بعض الساعين إلى
معالجة الأزمة، التي فرضوا وجودها على البلاد، إن من الدول العربية أو
الأجنبية التي زاد اهتمامها مؤخراً بالوضع اللبناني لما قد يسبب إنفجار
الفتنة فيه من تطورات مرعبة تطال المنطقة الشرقأوسطية برمتها..
مع كل ذلك تأبى وطنيتهم وقوميتهم وفقيهيتهم إلاّ استمرار في تطوير نهج
الاندفاع الهجومي التخويفي والتهويلي غير عابئين بأي وطن أو قومية أو
عنصرية-فقيهيّة وما قد تسببه من مآسي لكل هؤلاء طالما أدَّت إلى تحقيق
مبتغى زعماء حلفائهم..
من
عطّل تسوية س س؟
بعد إعلان رئيس الدبلوماسية السعودية عن سحب يد العاهل السعودي من
التسوية المسمّاة س س تأكد للجميع أن رئيس الحكومة اللبنانية كان جاداً
وصادقاً عند إعلانه أن السبب في تعطيل تلك التسوية هو الطرف الآخر الذي
تبيّن أنه النظام السوري بالذات وليس فرقاء 8 أذار كما صوّروه وبنوا
عليه تحركهم الانقلابي بإسقاط الوزارة.. تلبسوا خدعة سوريا!
سوريا ترفض معالجة التسوية إلاّ على طريقتها!
بدعم فرنسي واضح، تداعى العرب والاتراك لعقد اجتماع قمّة في دمشق مع
الرئيس السوري الذي رفض مشاركة صاحب العلاقة
الرئيسي بالأزمة، الرئيس البناني، رفضاً قاطعاً، على ما ذكرته
وكالات الأنباء، معلناً بصراحة مذهلة أن
الرئيس سليمان لن يدخل دمشق إلاّ بصحبة رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس
الوزراء اللبنانيين وأن دمشق لن تستقبلهم إلاّ لإبرام التسوية التي سوف
يتم تتويجها بتشكيل حكومة وفاق وطني ترضى عنها المعارضة.. هكذا يكون
التركيع وإلاّ فلا!
إذن، حتى رئيس الجمهورية أنتأوا به جانباً كي يتأتى لهم الإمساك بكافة
مفاصل الأزمة السياسية وإدارتها بما يُرضي المعارضة، أي بمعنى أن
النظام السوري سوف يضع الشروط التي تناسبه تماماً كما حصل في اتفاق
الطائف تعيس الذكر..
بهذا تكون المعارضة وحلفاءها الإقليميين قد حققوا نتائج الانقلاب
دون تعب، وان النظام السوري قد استعاد دوره الكامل في إدارة السياسة
الخارجية والداخلية لدولة مستقلة ذات سيادة،
وعادت حليمة لعادتها القديمة!
همروجة
حزب الله وحلفائه في بيروت وغير منطقة
البروفة التي أتحف الشعب اللبناني بها بانتشار عناصره الموسولينية في
بيروت ودواليب أُعّدت للحرق وقطع الطرقات، إثر أيداع المدعي العام
الدولي بلمار لمسودّة قرار الاتهام، لم تُخف اللبنانيين بقدر ما أرعبت
أصحابها من تسريبات حتماً ستحصل من كواليس المحكمة الدولية ستتهم
مباشرة حزب الله وتكشف شركاءه في عمليات الاغتيال الرئيسي واللاحقة..
تبعات
الانقلاب السوري
لقد فات النظام السوري ان خبرته الكبرى في الانقلابات وطول باعه لن
تفلح بالاطاحة بالنظام اللبناني وان على نفسها سوف تجني براقش، فالشعب
اللبناني بتعدد طوائفه ومذاهبه، وبعد المعاناة العظمى التي صهرته أثناء
الاحتلال السوري، قد زادته مناعة وحصانة كل ما هو مُخلّ بالتعايش
الوطني الذي مارسه بعد حقبة الاستبداد السوري ولم تعد مغريات القومية
والطائفية أو المذهبية التي اعتمدها النظام السوري طوال فترة وجوده في
لبنان تعنيه بل على العكس، متّنَت ولاءَه وانتماءَه لدولته وأبناء
وطنه؛ ولم يبقى سوى قلة موتورة ووصولية أو حالمة، تؤيد طروحات النظام
السوري والنظام الايراني الفقيهي الآن. وعلى هؤلاء مجتمعين تقع تبعة أي
فتنة تفلح سوريا أو ايران، في افتعالها فهل يستطيع هؤلاء أو أولئك
تحمّل المسئولية أمام الشعب اللبناني وأمام سعاة الخير أو حتى أمام دول
العالم؟
ماذا بعد؟
بعد أن تكشّفَت النوايا عن الجميع، وخاصة النظامين السوري
والايراني، وما يرغبون تنفيذه على أرض الوطن الصغير، لم يعد
مقبولاً عند اللبنانيين أن تُُفرَض عليهم
أية تسوية تأتي من الخارج وخاصة من إنتاج ومشاركة هذين
النظامين، حتى لو قبلت كافة دول العرب والاتراك والعالم بها، لأنه بات
من المؤكد أن تلك النتائج المتوخاة من هذين النظامين لن تختلف كثيراً
عن نتائج اتفاق الطائف. وإذا ما كانت سوريا قد نجحت في الطائف بأن تمسك
بتلابيب الوطن الصغير وتمنع تنفيذ بنوده مثل حل الميليشيات اللبنانية
ومن ضمنها ميليشيا حزب الله وتمييع مواعيد خروج جيوشها من لبنان، فإنها
اليوم، وإذا ما أُتيحَ لها، لن تترد بالتعاون مع النظام الايراني من
تغيير النظام اللبناني كله والسيطرة على مقدرات البلاد واستعماله رأس
حربة في تحقيق توازن قواها العسكرية الكلاسيكية السورية والعسكرية
النووية الايرانية وفتح لبنان ساحة حرب مع إسرائيل دون أن يكون للبنان
أي رأي فيها..
هذا بالتأكيد ما يرمي إليه النظامان المذكوران تهرّباً، أولاً من
محاسبة العالم لهما، على الاغتيالات التي نُفّذت في لبنان وعلى
مساهمتهما في تعطيل عملية السلام وقيام دولة فلسطينية قبل تحقيق
مآربهما الخاصة التي باتت معلومة ومكشوفة تماماً بالإضافة إلى مساهمات
النظامين في حماية الإرهاب الدولي وانتشاره في العالم تحت شعارات
معادات الشيطات الأكبر أميركا والصهيونية العالمية..
لكل هذه الأمور، يجب على لبنان، ممثلاً بقياداته الحقيقية الانطلاق إلى
الأمام واعتماد الديمقراطية الحقيقية والتخلي عن الديمقراطية التوافقية
التي أوقفت حال البلاد وأضرت بالعباد طوال الفترة المنصرمة من عهد
الرئيس سليمان واختيار رئيس جديد للحكومة دون مشاركة المعارضة، أيّاً
كانت، ولتُحكم البلاد فتعالج الفساد وتحاسب المسئولين أيّاً كانوا،
ولتَنطلق عجلة الدولة ..
أما فيما يتعلق بالمحكمة الدولية
على المُتّهمين من عداد أفراد حزب الله، حتى وإن كانوا من المجنسين
الايرانيين، أن يمثلوا للمحاكمة كأي فرد من الشعب ولا يكون فوق رأس احد
مظلّة تقيه العقاب الذي يستحقه وكفى الناس تبجّحاً بألوهية هذا الحزب
الذي إن تمادى في حماية المجرمين فلن يتمكن لاحقاً من إيقاف عناصره عن
اغتيال كل مَن تقع عليه أعينهم، وكفى اللبنانيين هرطقة وتكفير فلن يهجر
لبنان شعبه بل الجميع إليه عائدون..
وعلى المتهمين من عديد الجهازين الأمنيين السوري واللبناني، اللذين
كانا يحكمان البلد، فعلى الدولتين اللبنانية والسورية أن تتصرف
بتحويلهم إلى المحكمة كي ينالوا عقاب مؤامرتهم على الوطن الصغير
واغتيال رجاله، وفي ذلك إرضاءً لضمائر الجميع فلن يكن بعد هذا أي داعي
لانقلاب سياسي أو عسكري..
وعلى النظام الايراني الذي بات يتدخل سفيره في كل شاردة وواردة من
الأمور اللبنانية، عليه الانكفاء عن لبنان ونظامه ونحن نشكر جهوده
العونية للمساعدة فشعبنا تعوّد العتمة على مدى سنوات الحرب التي أججها
النظام الصديق في وطنّا، وإذا ما تبين أن له ضلع في مآسينا التي تسببت
بها الاغتيالات فعليه أن يواجه النظام الدولي ولكن في بلاده وليس
عندنا..
أخيراً، نداء نوجهه إلى الجميع بأن يتقوا الله فيما هم فاعلون فليس
هناك فرد أو جماعة أغلى من الوطن فالجميع ذاهبون، إن عاجلاً أو آجلاً
أمّـا الوطن فهو باقي أبداً.. |