أفرقاء
الموالاة .. لكل فريقٍ حلمه!
11 نيسان 2011
تتحفنا الموالاة الجديدة وخاصة تكتل التغيير والإصلاح الذي يمثِّل
التيار الوطني الحر نصف عدده، بأن لديها برنامج إصلاحي تريد
الإستئثار بالسلطة من أجل تنفيذه ولهذا يتحدى اعضاء هذا التيار
الجميع في حقه بالتجربة دون تحديد برنامجه وكأن البلاد أمست حقل
تجارب لفتية السياسة بعد فشل المخضرمين..
إن ادعاء التيار الوطني الحر بامتلاك مشروع إصلاحي شامل يريد
تنفيذه في الجمهورية اللبنانية هو ادعاء كاذب بامتياز بعد انكشاف
نوعية التغيير والإصلاح الذي يرغبون فيه.. إن محاربة الفساد، الذي
يطلبه الجميع، بواسائل استفزازية لا ترقى إلى الإصلاح بصلة كون
محاربة الفساد ومعاقبة المفسدين هو من مسئولية الدولة ككل ولا يمكن
لأيّّ تكتلٍ نيابي الاستفراد به خاصة إذا كان الفساد يشمل التيار
وحلفائه الذين لا يمكن تجاهلهم وإلاّ أسقط البلاد في معمعة لا تحمد
عقباها.. ويكفي هنا التذكير بالفساد الذي باشروه مع مَن يدعي
التيار الوطني الحر أنهم أصل الفساد في البلاد.. فهل يتجرّأ رئيس
التيار بمساءلة حلفائه عن الهدر الكبير الذي مارسوه أثناء الوصاية
السورية مثلاً بل وأيضاً عن الأموال التي دخلت جوف أصحاب الكهف
المقاوم التي تبرّع بها الأصدقاء والأقرباء والحلفاء معاً؟ أليس
هذا هو الفساد بعينه؟؟
ونسأل: لماذ لا يقوم التيار الوطني الحر، إذا كان صادقاً، بطرح
مشروعه الإصلاحي الوطني على مجلس النواب لتشريعه واعتماده والسير
به وتنفيذه بواسطة السلطة التنفيذية، أليس هذا هو الطريق الشرعي
والقانوني؟ ثم... لو كان رئيس التيار والتكتل صادقاً وبادر إلى
اعتماد هذه الخطوة لاكتسب ثقة الشعب اللبناني برمته ولرفعه هذا
الشعب إلى مصاف المصلحيين التاريخيين ولَما كانت هناك حاجة
لاستثناء أحد من القصاص، ولَكان أي وزيرٍ أصبح مُؤهلاً لتنفيذ
الاصلاحات المطلوبة... هكذا يكون العمل الوطني الصحيح وليس
بالصراخ والاستهتار بأخلاق الناس والتجريح بهم صبحَ مساء..
لكن المخزي أن ادعاء رئيس التكتل والتيار ونوابه بوجود برنامج
إصلاحي دون الإفصاح عن مكنونه والزعم بتنفيذه تبيّن أنه في غير
محله إذ لو كان إصلاحاً حقيقياً يتخفى وراء بعض الآنيّات الحاليّات
وتربيح جميلة من جيب المواطنين، يثبت أنه وسيلة استفزازية للجميع
من أجل الإستيلاء والإستئثار بكامل السلطة لتحقيق غاياته الشخصية
وما تطاوله على رئيس الجمهورية وإصدار الفرامانات للرئيس المكلّف
والتهديد بتغييره ما هو سوى صورة مصغَّرة عن نوايا هذا الرجل
الاستعلائية..
لنرى إلى بعض التفاصيل:
1- يصرُّ رئيس تكتل التغيير والاصلاح على رفض حصول رئيس الجمهورية
على عدد من الوزراء، في الوزارة العتيدة، يكون قوة ردع لأي شطط في
تصرفات وزرائه..
إن تخبيص رئيس تكتل التغيير باتجاه رئيس الجمهورية، سلخَ عنه أي
تعاطف شعبي لطروحاته بعد أن أظهر تصرفه حقداً مقيماً على الرئيس لم
تشفع له شروحاته الدستورية البعيدة عن كل منطق دستوري كما أفقدته
مصداقيةً يدعيها عن تقوية موقع الرئاسة الخ...
2- يصرُّ رئيس التيار الوطني الحر وأتباعه من نواب مسيحيين، على حق
تمثيل عموم المسيحيين اللبنانيين في هذه الوزارة رغم أنهم مثّلوا
فعلياً أقل من نصف المسيحيين في الانتخابات النيابية الاخيرة، وأنه
لولا انعطاف النواب الجنبلاطيين نحو الموالاة الجديدة، لأسباب
القاصي والداني يعرفها، لَما كان لهذا التكتل موقع الموالاة في
نظام البلاد الديمقراطي..
إدعاء تمثيل المسيحيين اللبنانيين كلام أسقطته الانتخابات النيابية
ثم، من قال ان المسيحيين يرضون أن يمثلهم نواب التكتل إذ لا يكفي
قط أن يدّعوا التمثيل ما لم يحوزوا على الرضى والقبول من كافة
أطراف المسيحيين سيمّا وأن نتائج الوزراء التكتل المسيحيين شكلوا
أكثر من صدمة للرأي العام المسيحي في كل لبنان لما مارسوه من كيفية
وفوقية وعدم اكتراث بمشاعر الناس على كافة الأصعدة ولا يكفي أن
يكونوا منتمين لهذا التكتل كي يجيزوا لأنفسهم التكلم باسم
اللبنانيين المسيحيين.. في النتيجة فإن طائفية هؤلاء لن تلزم باقي
المسيحيين بنتائج أعمالهم بل هم وحدهم يتحملون وزرَ الإضرار
بالمجتمع ككل..
نذكر أنه،
عندما كانت الوحدة الوطنية تُمارس في العهود الاستقلالية السابقة،
أي قبل الحرب اللبنانية، كان الوزراء يُحاسبون عن تقصير في أعمالهم
بصفتهم الوطنية أي بتمثيلهم كل لبنان وليس بتمثيلهم الطائفي أو
السياسي، والرعيل الأول يذكر كم مرة جرت إقالة وزير أو سحبت الثقة
منه بسبب ذاك التقصير.. السبب الرئيس في هذا كان انتماء
الوزراء، جميع الوزراء، وولاءهم إلى دولتهم بالذات وليس تنفيذاً
لأحلام زعمائهم الطائفيين.. فهل يعمل وزراء التكتل لمصلحة كل
لبنان؟
صحيح أن الاعراف الديمقراطية تقول بمنح الموالاة حق توزير أعضائها
في الحكومة، لكن في الحال اللبنانية فإن الدستور يعطي رئيس الحكومة
المكلّف كامل الحق باختيار أعضاء وزارته كيما تأتي الوزارة منسجمة
تماماً، وليس من إشارة دستورية إلى حق فرض أي وزير على هذا الرئيس
إذ أن أية وزارة تأتي بمثل المنطوق القائم حالياً ستجعل من رئيس
هذه الحكومة باشكاتب لا يحل ولا يربط وربما سيُفرض عليه مستقبلاً
جدول أعمال جلسات حكومته ما سيُعجّل باستقالته بعد أول جلسة وزارية
أو ثانيتها..
نذكَِر أنه
لولا وجود رئيس الجمهورية في آخر مرحلة من مراحل الوزارة السابقة
ووقوفه فوق الاعتبارات السياسية الخاصة ومنع سوق الوزارة إلى نقض
تعهدات لبنان الدولية، ربما كان الضغط الهائل الذي مورِسَ
على رئيس الحكومة الذي كان ينأى عن الفتنة المصطنعة، التي لوّحوا
بها وقاموا بمناورات تنفيذية لها، ربما كان انهار أمام هذا الضغط
أو أقله بادر إلى الاستقالة درأً لتلك الفتنة لاسيما بعد الأحداث
التي أخذت تذر قرنها في البلاد!
يبقى القول
ان المعوِّق الرئيسي هو إصرار رئيس التيار التكتل على أن الحكومة
هي له وحده دون سائر اللبنانيين وأن وزراءَه سوف يعملون لديه
وينفذون ما يريده من مفاهيم خاصة به وحده دون العودة إلى المرجعية
الممثلة برئاسة الحكومة، من هنا كان فرض حصوله على الأكثرية
الوزارية ورفض إعطاء حق إبطال قرارات هذه الأكثرية إذا ما اعتماد
التصويت عليها..
وهذا
القول ينسحب أيضاً على حقوق رئيس الجمهورية الذي أقسم بالمحافظة
على الدستور وهو، بموجب هذا القَسَم، لن يصحّ أن يتخلى عن حقه في
مشاركة رئيس الحكومة في اختيار الوزراء الذين سيكون عليهم تنفيذ
مشاريع الدولة وإلاّ كان حانثاً لقَسَمه الدستوري.. من هنا، وحتى
لو ارتضى رئيس الحكومة المكلّف، تحت أي حجة أو عذر بتشكيل حكومته
حسبما تشاء هذه الموالاة، فإن من حق رئيس البلاد أن يتصرف بما
يفرضه عليه قَسَمه الدستوري ويمنع حصول مثل هذا الخلل..
بوجيز العبارة إن الحكومة المختارة، يجب أن تمثل عموم الشعب
اللبناني ومصالحه وليس مصالح الموالاة وحدها وإلاّ سقط الجميع في
وَحْلَة الاستئثار وانهار النظام الديمقراطي فوق رؤوس الجميع..
ويجب ألاّ ننسى أن رئيس الجمهورية يتولى، بموجب الدستور، رئاسة
جلسات مجلس الوزراء وحق إدارة الجلسات متى قرر حضورها.. وهذا هو
الضمان الوحيد الموجود الكفيل باستمرار عمل الوزارة..
ومن هذا المنطلق
فإن ما يسعى إليه رئيس التكتل والتيار ووزراؤه، إذ أنهم في حقيقة
الأمر لا يعترفون أساساً بنظام الدولة ورئاستها بل ينصبُّ مسعاهم
على إيصال رئيسهم إلى هدفه والاستيلاء على الدولة ونقض نظامها
بالكامل بالتضامن والتكافل مع شريكه الرئيسي، كل ذلك استكمالاً
للإنقلاب الذي بوشِرَ به والذي بات الآن، ومع تطوّر الانتفاضات
الشعبية واقترابه من حدود لبنان، يهدد مصير النظام الداعم لهؤلاء
مجتمعين، وفي غفلة من المماحكات السياسية وانخفاض الحميّة
الوطنية وتصاعد الاتكالية ربما يُسارع هؤلاء إلى القفز والانقاضاض
على الدولة والإطاحة بنظامها واضعين الجميع تحت أمرٍ واقعٍ جديد
غير مبالين بما يجرّ على البلاد من دمار ودماء.. ولنا أن نتساءل:
إذا ارتضى حزب الله ذو الانتماء الساطع والفاقع إلى ولاية الفقيه
الايرانية هل يرضى زعيم تيار الوطني الحر وتكتل التغيير والإصلاح
عن هكذا نتيجة ويتخلى نهائياً عن مبادئ مل الناس سماعها.. سؤال لن
يجيب عليه قط طالما ظل مهووساً بجنون العظمة الذي تملّكَ رأس هتلر
ألمانيا واستالين روسيا؟
3- يصرُّ رئيس التيار الوطني الحر على حقه في اختيار الوزارات التي
تخدم مصلحته الخاصة في الانتخابات النيابية المقبلة، ومن أجدر من
وزير الداخلية والبلديات في تأمين هذه المصلحة..
ثم... من قال أن الوزير الماروني الذي سيتولى وزارة الداخلية أو
المالية أو غيرهما، يجب أن يكون من تكتل التغيير والإصلاح و تياره
الوطني؟ وهل أصبح وزراء هذا التيار أكثر مارونيةً من غيرهم؟ لقد
أظهر الوزراء الموارنه في هذا التيار عن تصرفاتٍ مؤذية لمشاعر
الناس كما تبينت عدم كفاءتهم في إدارات وزاراتهم.. في هذا نسأل
وزير الطاقة عن مصير الكهرباء، وماذا عن خط التوتر العالي المار في
منطقة المنصورية وهل استهتاره بحياة الناس أقل كلفة من تحويل هذا
الخط أم أن تنفيذ الإصلاح يأتي بالقوة القاهرة للناس؟ ونسأل وزير
الاتصالات عن الأموال العامة التي يرفض تسليمها إلى الخزينة؟ فهل
كل هذه الأمور تبرهن عن صلاح وزراء التيار الموارنة؟
الغريب والأغرب أن التيار الوطني الحر ونوابه المسيحيين وكذلك
اولئك المنتمين لتكتل التغيير والإصلاح، ليس فيهم أي شخصية تستحق
التوزير سوى الساقط في الانتخابات النيابية وزميله المتخصص جداً في
أمور الاتصالات! هنا نرى بوضوح مدى بوشقة هذا الرئيس، رئيس التيار
والتكتل، على الجميع حتى باتوا أطوع له من بنانه! إنه غسيل دماغ
جماعي بات يشمل، ليس النواب المسيحيين وحدهم بل إنه يطال جميع
أعضاء التيار الوطني الحر ومُرتزقتهم !! فمتى يعي هؤلاء الأشاوس
لما هم إليه مُقتادون؟
ثم... من أوكل الموارنة بهاتين الوزارتين؛ أوليس من حق أي لبناني
كفؤ أن يتولى هذه الوزارات؟ ماذا لو طالب الأرثوذكس أو الكاثوليك
باستعادة وزارة الخارجية وقد أثبتوا للبنانيين مدى استقلاليتهم في
تنفيذ برنامج الدولة وليس تمثيل فريق من اللبنانيين، كذلك الأمر
بالنسبة للداخلية، ألم يتسلمها الزعيم الدرزي الكبير كمال جنبلاط
الذي من فرط استقلاليته أعاد الحزب القومي السوري الاجتماعي إلى
الحياة السياسية؟ على أية حال، في نظرنا أن الوزارات الهامة والتي
تمنع الشطط في باقي الوزارات مثل الداخلية والمالية يجب أن تبقى في
منأى تام عن المشاحنات السياسية إذ هي تخص وتحافظ على مصالح جميع
اللبنانيين، موالاة ومعارضة على حدٍّ سواء، وهذه يجب أن يتولاها من
يختارهم المسؤلان عن الدستور أي رئيس البلاد ورئيس الجهاز التنفيذي
فيها اللذان يبقيان صمام الأمان لكل ضرر مُحتمل..
بشهادة العالم، أثبت وزير الداخلية استقلالية رائعة في الانتخابات
الماضية وما القول بالمخالفات إلاّ ذراً للرماد في عيون المحازبين؛
فلو كان هناك انحياز من جانب هذا الوزير لما أتت النتائج متقاربة
في المناطق الانتخابية ولما نجح بعض أزلام زعيم التكتل والتيار في
الوصول إلى الندوة البرلمانية وأتحفوا الجميع بمناظراتهم المقتبسة
عن الجيران في كل صغيرة من الأمور وكبيرها..
ثم... نفهم ان اهتمام رئيس التكتل والتيار بالاستيلاء على وزارة
الداخلية لاحتمال استغلالها في الانتخابات النيابية المقبلة، لكن
لا نستوعب اهتمامه بوزارة المالية ورغبته في تسلُّم مهامها!..
شكواه الدائمه لإدارة هذه الوزارة واتهامها بالتقصير والفساد، في
نظرنا ليس له مبرر سوى استلام مقدرات البلاد ووضعها في يده كيما
يتصرّف بها على هواه، كما فعل وزير اتصالاته، ولو صدق فيما يدّعيه
من إصلاح لما كان رفض أكثر من إقتراح بانتداب لجنة مالية دولية
تتولى التحقيق في حسابات هذه الوزارة؛ ورفضه ليس سوى الابتعاد ما
أمكن عن فتح دفاتر فترة الوصاية التي ابتلعت ميزانية الدولة على
مدى سنوات طويلة، وأكبر برهان هو ما أُغلقَت عليه ملفات بنك
المدينة، وأيضاً انفضاح مآل الأموال التي استدرتها الدولة من الدول
الصديقة والشقيقة وأين انصبَّ المقدار الأكبر منها.. هذا إذا ما
تطور أمر التحقيق بالرجوع إلى فترة إنابته رئاسة الوزارة
الانتقالية وما انسكب في حضنه من أموال وتبرعات دعما لحروب تحريره،
قبل أن يهرب إلى منفاه الباريسي..
4- أحد أركان الموالاة الجديدة، أرسلان، يصرّ على تملُّك وزارة
الدفاع استعادةً لتقليد قديم يعود إلى أيام والده، أحد كبار رجال
الاستقلال اللبناني، حين كان المير مجيد أرسلان يتولى هذه الوزارة
دفاعاً عن استقلال كان هو بطل رفع رايته في بشامون، إلاّ أن الابن
ينظر بمنظار آخر وبعيد عن الاستقلال بل هو أقرب إلى رغبةٍ في
الدفاع عن المقاومة الاسلامية التي تهدده في عقر داره، واستحواذاً
على القوة في مقارعة جنبلاط في الانتخابات المقبلة..
5-
حزب الله، المرتاح إلى وضعه تماماً بسبب استغلاله شبق حليفه، زعيم
التيار الوطني الحر، نراه يناور في اتجاه آخر لتمتين مواقع حلفائه
في المقلب الشمالي استعداداً أيضاً لمستقبل أيامه في العاصمة
الثانية، كذلك الأمر بالنسبة لرئيس مجلس النواب، الحليف الدائم
وكبير الداعمين للإثنين السابقين، حزب الله والناطق باسم
الموالاة، لا يني يلعب على حوافز تعيق ولا تقدِّم سوى الحلول
الشاطرة للفرقاء بانتظار أمرٍ ما، ربما كان التخلًص من الحلفين
معاً فيسترجع التمثيل الكلّي الذي فقده إثر بزوغ شمس المقاومة..
6-
أما الرئيس المكلف، الواقع بين حجريّ الرحى، المسلم الطرابلسي
والمسلم البيروتي المتمثل بثوابت دار الافتاء، وبعد أن أُفـْقِدَ
زخمه للإتيان بوزارة إنقاذية، نراه راح يُراجع حساباته المحلية
الشمالية والاعتكاف إلى بيت الطائفة حيث استعاد ثقل وزنه الحقيقي..
له منّا نصيحة بألاّ يدع الاغراءات تأخذ سبيلها إلى قلبه الكبير
فتفقده مصداقية دعوى قبوله الترشيح!
7- أخيراً، حسناً فعل رئيس حكومة تصريف الأعمال في اختيار الوقت
الأنسب لإلقاء قنبلته الكبرى في وجه أصحاب الانقلاب باتهامه دولة
ما فتأت تناور، في السرّ والعلن، لوضع اليد بالكامل على الوضع
السياسي في البلاد بواسطة سلاح المقاومة الاسلامية الذي انتهى
مفعوله في محاربة العدو الاسرائيلي وبالتالي يصبح مركز ثقلٍ حقيقي
لاستكمال اختراق الطوق العربي ذي الصفة الاسلامية الأصيلة لمواجهة
تمدد أخطبوط ولاية فقيهه..
خطوة رئيس حكومة تصريف الأعمال،
رغم ابتعادها عن حيادية لبنان الناقصة حالياً، إلاّ أنها تنطلق
من أهم خاصية في الدستور اللبناني القائلة بأن لبنان بلد عربي
الهوية والانتماء ومن أولى واجباته الدفاع عن هذه الهوية وهذا
الانتماء ضد أية عقيدة قد تخلخلها..
لم ينص الدستور على أن دين الدولة هو الاسلام، ولو فعل، لما كان
هناك خوف من أية عقيده إسلامية، فقيهية أو غيرها، كونها تبقى من
أسس الاسلام.. لذلك أتاح النص الوارد في الفقرة " ب " من المبادئ
العامة، لأي رئيس حكومة أو رئيس جمهورية مجال رفض كل عقيدة تمس
بعروبة الوطن وانتمائه القومي.. وكون لبنان ينميّز بمكوناتٍ
طائفية متعددة عربية في معظمها، فإن أي خلل يصيب طائفةٍ منها يعرّض
المكونات الباقية إلى خطر جسيم ليس من السهل الخروج منه..
ليس من المبرَر إطلاقاً جرّ الطوائف إلى مماحكات سياسية لا طائل
تحتها لتبرير انتماء فئات عقائدية إلى غير هويته العربية تحت ستار
الصداقة لدول هي خارج نطاق الدول العربية وجامعتها والتي هو عضو
مؤسس لها كما لن يكن مستحباً قبول انتماء فئات أخرى إلى صداقة أو
إنتماء إلى عقيدة إحدى دول منظمة الأمم المتحدة التي هو أيضاً عضو
ومؤسس لها، الأمر الذي سيدفع غير فئات إلى مماحكات مماثلة..
لم يبادر رئيس حكومة تصريف الأعمال إلى تصريحه الأخير لولا
استشعاره بمخاطر التدخل الايراني الذي لم تعد تنفغ معه الدبلوماسية
الراقية خاصةً بعد استشرى شره في دول عربية أخرى، ذكرها في خطابه،
والتي لو سقطت تلك الدول لكان خطرها مداهماً للوطن ولجميع مكنواته
الطائفية والمذهبية ولكان سقوطه مدوياً..
خطوة رئيس حكومة تصريف الأعمال جاءت لتكشف أحلام جميع الساعين إلى
تحقيق أحلامهم ولو بمساعدة الشيطان!
صانك الله لبنان |