إنها الفوضى
الخلاّقة تضرب البلاد العربية في شمال إفريقيا والشرق الأوسط
22 فبراير 2011
هل يؤدي
فقدان الدعم السوري الايراني للموالاة الانقلابية في لبنان إلى تخفيف
الضغط على الرئيس المكلّف فينطلق بحكومةٍ وَعَدَ بوسطيتها أم سيعجّل في
ترحيله واستبداله بمُغامرٍ ما يُقدِم على ما رفضَهُ هو حتى الآن؟ سؤالٌ
يجب طرحه والإجابة عليه من خلال مطالعة بسيطة للوضع المتفجّر في
المنطقة العربية.
... . ...
بوابات شمال إفريقيا فُتِحَت على مصراعيها للإنتفاضات الشعبية التي
نجحت أو تكاد تنجح في تغيير عدد من الأنظمة الحاكمة بدءً من السودان
وتونس الخضراء مروراً بالجزائر والمغرب وصولاً إلى أم الدنيا مصر
وليبيا وإنطلاقاً إلى البحرين وتهديداً لسوريا العروبة والسعودية
المالكة سعيداً بالإضافة إلى اليمن الذي كان سعيداً، ولن ننسى بلاد
فارس وضواحيها التي سبقت الجميع ولحقت بها العراق... كل هذا يعيد إلى
الذاكرة طروحات الفوضى الخلاقة التي انطلقت منذ سنوات لا تتجاوز
العقدين من الزمن، كما يؤكد تنفيذ نظرية الشرق الأوسط الجديد التي
نشرته مجلة القوات الأمريكية في عددها حزيران 2006 ضمن تقرير خطير كتبه
رالف بيترز وهو ليوتاننت كولونيل سابق في الجيش الأمريكي خدم في شعبة
المخابرات العسكرية .. وعلق عليه الكاتب علي حسين باكير...
تناول التقرير خرائط وتقسيمات وتغيير حدود لجميع الدول الشرقأوسطية
التي تجري عليها الأحداث الحالية... من هنا أتت أهمية ما يجري حالياً،
وإن في شكل مغاير قليلاً لا بد من انتظار نتائجه..
كل ما يهمنا اليوم هو ما يختص بلبنان الذي، على ما طالعناه في التقرير
المذكور، لن يطاله الكثير من التغيير إذ فقط يقدّم له جزءً من الأرض
السورية، علينا رفضه كلياً ، وجاء فيه ما يلي : << وسيتم إجبار سوريا
عن التخلي عن جزء صغير منها لضمّه إلى لبنان لتشكيل "دولة لبنان الكبير"
على البحر المتوسط لإعادة إحياء دولة فينيقيا ..>>
... . ...
التراجع الاقليمي وتأليف حكومة لبنان
لندع كل هذا ونعود إلى نتائج ما يجري على لبنان وبخاصة على مآل الحكومة
اللبنانية العتيدة، فنرى ما يلي :
السوريون، وهم اليوم، في رعبٍ مقيم من آتيات الأيام وامتداد الثورة
الشعبية، التي انطلقت فعلياً في خارج الديار السورية، إلى الداخل حيث
ظهرت بوادر تحركات شعبية خجولة حتى الآن لا تدعو إلى القلق الشديد
لكنها تنذر بالأعظم، وهذا ما يدفع بالنظام السوري إلى اتخاذ الاحتياطات
المُبكرة واستدعاء بعض المساعدات العسكرية الايرانية التي تنفذها
مليشيات حزب الله عبر الحدود، على تناولته الأنباء مؤخراً.
الايرانيون، المنهمكون في إنهاك قوى المعارضة الشعبية والسياسية في
بلادهم ويدفعون بمناصريهم للوقوف في وجه المدّ الشعبي المتعاظم
والمطالب بإسقاط النظام الايراني، وينشغلون ظاهرياً بمساندة الثورات
الشعبية في غير بلد عربي ولم يجدوا سوى تجنيد بعض القرضاويين لنشر
المزيد من الفوضى في غير مكان من العالم العربي من خلال فتاوى تصبّ،
ربما من غير إدراك، في خانة ولاية الفقيه بالذات؛ وهذا ما حدا بالوليّ
الفقيه نفسه إلى الظهور المباشر لدعم تلك الثورات وكأنَّ لا يشغله من
أمور بلاده شاغل.
إذن، هل علينا أن نتوقع إنكفاء للدور السوري الايراني المشترك المُعيق
حتى الآن موضوع تشكيل الحكومة اللبنانية بسبب من دعمهما الكامل
للموالاة الانقلابية فيحصل بعض التراخي المؤقت في شد الحبال التي
يتولاها حزب الله وربيبه، أم كما ذكرنا في مستهل هذه المقالة فيفرض
إزاحة الرئيس المكلّف ويعيد اختيار غيره؟ وهل يسمح الوقت والظرف الحالي
بذلك؟ أم أن الرئيس المكلّف بالتعاون مع رئيس البلاد سيتولان تشكيل
حكومة لا ترفض مطالب العدالة ولا تُرضي الانقلابيين فيتحول تصرفهم إلى
إنقلاب عملي يطيح بكل شيء؟
في مثل هذه الحالة ستدخل البلاد إلى حالة صدام حاد جداً قد يؤدي، لا
سمح الله، إلى تفكيك البلاد باستئثار حزب الله بالسلطة عنوةً وإسقاط
النظام اللبناني، الأمر الذي قد ينتج وضعين كلاهما مدمّر:
الأول : يدفع بإسرائيل إلى تنفيذ تهديدها باجتياح لبنان وما يجرّه ذلك
من مآسي،
الثاني: سيدفع بمجلس الأمن الدولي إلى اعتبار لبنان دولة ساقطة تستدعي
تدخلاً عسكرياً فتنهي حالة العصيان العسكري الانقلابي بكل ما يشمل من
أحلام حلفاء سوريا وايران معاً، بكل ما يعني ذلك من هدر دماء للأبرياء.
السؤال الكبير يبقى : ماذا ينال حزب الله أو حلفاؤه المحليين من كل هذه
السيناريوهات؟ أليس الأولى بهم جميعاً أن يعودوا إلى وطنيتهم وينقذوا
وطنهم من ويلاتٍ لن تقل عن ويلات الحرب اللبنانية الفلسطينية؟ وهل
يستحق النظام السوري أو النظام الايراني أو أي نظام آخر في العالم مثل
هذه التضحية؟
صانك الله لبنان
|