استراتيجية حزب الله الدفاعية وارتباطها بالمحكمة الدولية
ليست
لحماية لبنان بل لحماية نفسه!
( دراسة
خاصة )
عبثاً
يحاول السياسيون استنباط انواع الإستراتيجيات التي تصلح للدفاع عن
للبنان،
وعبثاً
تُقـدَّم الحلول التي تحفظ ماء وجه حزب الله وفريقه باحتضانهم ضمن الدولة
وجيشها،
7 مارس
2009
حزب الله
يعلم يقيناً، أن دوره العسكري في جنوب لبنان انتهى مع القرار الدولي 1701
الذي أناط بجيش الدولة اللبنانية حماية حدودها بمساعدة جديّة من قوات
الأمم المتحدة، وأن الحرتقات التي قام ويقوم بها منذ انحساره إلى الداخل
ما هي إلاّ أبواب للحفاظ على ترسانة سلاحه جاهزة الاستعمال.. ظهر ذلك
جلياً طوال الفترة التي رافقت عمليات الإغتيال السياسي والتفجيرات التي
عمت البلاد وبما فيها محاولة الاعتداء على الجيش اللبناني في مخيم نهر
البارد ولاحقاً أثناء الاعتصامات والمظاهرات التي رافقتها واستطراداً إلى
محاولته الانقلابية المذهبية في 7 أيار للاستيلاء على السلطة؛ كل هذا
يتناقض مع جميع ادعاءاته الدفاع عن لبنان ومطالبته بوضع استراتيجية
دفاعية وأظهرته عدواً لأبناء وطنه وليس مدافعاً عنهم جميعها..
سؤال
يستوجب طرحه: استراتيجية حزب الله الدفاعية عن
مّن؟ هل هي دفاعاً عن وطن انتهك بنفسه جميع قوانين نظامه ودستوره أم
تراها دفاعاً عن نفسه ووجوده؟
العجب أن
حزب الله وحلفاءه يتناسون أن إسرائيل لم تبدأ أي هجوم على لبنان إلاّ
بسبب تعديّات مقاومته الإسلامية ومن قبله تعديات المقاومة الفلسطينية على
قرى حدودها، وبدعم مطلق من النظامين السوري للأولى والسوري والايراني
للثانية، الأمر الذي معه لم تترك وسيلةَ تهديد مباشرة أو رسائلَ دولية
إلاّ واستعملتها لوضع حد لتلك التعديات وعندما لم تكن لتجد تجاوباً
مجدياً من قبل هذه المقاومات كانت تجد نفسها مضطرة للقيام بحروبٍ وقائية
ضدهم، حروب جرّت الويلات ولم تثنيهم عن عبثياتهم .. كلامنا هذا ليس
دفاعاً عن إسرائيل بقدر ما هو تظهير بسيط لسخف منطق مَن يدعو إلى اعتماد
استراتيجية دفاعية هو المسبب الرئيسي الذي أوصل البلاد إلى حالة فرض
المطالبة بها..
لندخل
قليلاً في ذاكرة تاريخ الحرب اللبنانية
في حرب
اجتياح لبنان عام 1982، اقتلع جيش إسرائيل قوات المقاومة الفلسطينية التي
استشرى شرها وأخرجها قسراً من لبنان.. والجدير التذكير به أن النظام
السوري، الذي كان يملأ الدنيا ضجيجاً حول دعمه تلك المقاومة الفلسطينية،
لم يحرك ساكناً بل التزم صمت أهل الكهف وترك الساحة أمام جحافل الجيش
الإسرائيلي تجتاح الأرض وتصل ولأول مرة إلى عاصمة لبنان، منهزماً أمامها
إلى الداخل السوري وتاركاً وراءه جنود جيشه الجرحى القتلى متناثرة على
أطراف أراضي المعارك، ويا للعجب مدعياً الانتصار برفع شارات النصر
العرفاتية الشهيرة على أيدي جنوده الأشاوس..
وكأنما
هناك مؤامرة مدبَّرة سلفاً بين النظامين السوري وإسرائيل للتخلّص من
المقاومة الفلسطينية التي فقدَ السيطرة عليها، إذ ما أن ترك الجيش
الإسرائيلي لبنان، تحت الضغط الدولي، حتى أعادَ هذا النظام السوري جنوده
إلى لبنان وقام باستكمال مهمة إسرائيل في إخراج ما تبقى من قوات عرفات
مستتراً بالمنشق أبو موسى..
ويتمادى
هذا النظام بتعطيل الحياة السياسية في لبنان بعد اغتيال نسمة الحرية
الاستقلالية التي هبّت على لبنان في شخص الشيخ بشير الجميّل وبتكبيل حكم
الرئيس أمين الجميّل الذي أُعْجِزَ عن انتخاب خلفٍ له ما اضطره تسليم
إدارة البلاد إلى المجلس العسكري برئاسة عماد الجيش ميشال عون وتكليفه
رئاسة الحكومة الانتقالية بهدف تأمين انتخاب رئيس جديد للجمهورية..
حلم عون
أدى إلى خراب بصرانا،
وكأنما
هناك قطبة مخفية بين هذا النظام والجنرال ميشال عون الذي ربما خُدِعَ
بها، فقد اقتنص عون، الغر سياسياً، فرصة عمره لتحقيق حلمه في الوصول إلى
رئاسة الجمهورية مفتعلاً حروباً عسكرية داخلية وسياسية خارجية، في
محاولةٍ بائسة للسيطرة على الدولة وارتقاء سدة الرئاسة قادت البلاد إلى
شفير الهاوية..
تحقيق حلم
عون هذا سبّب كوارثَ هائلة في كافة الاتجاهات الوطنية، اسلامية ومسيحية
على حدٍ سواء، انتجت اتفاق الطائف الذي غيَّر هيكلية النظام اللبناني
بأسره وسمح للنظام السوري باستلام مقدرات البلاد السياسية والأمنية سيما
بعد أن أنهكت حروب عون كل مقاومة مسيحية أو إسلامية، باستثناء حزب الله،
لمنع هيمنة سوريا النهائية.. وكانت النتيجة إخلاء البلاد من قياداتها
المسيحية الفاعلة التي كانت سنداً معنوياً كبيراً للقيادات الاسلامية
المُحبطة أساساً..
وكأنما أيضاًً، هناك مؤامرة مدبرة بين عون والنظام السوري لتمكينه من
السيطرة النهائية على الوطن؛ مؤامرة انساق إليها عون بغباءٍ سياسي منقطع
النظير أوصل الجميع إلى الحائط المسدود وأنتجَ إحباطاً هائلاً عندَ جميع
السياسيين بانتظار حدثٍ ما يقلب الطاولة ويخلع الكرسي الذي اقتعده النظام
السوري قهراً واقتداراً..
نختصر
لنقول: قدّم حلم عون أغلى الدماء اللبنانية ثمناً، جنوداً ومقاومة مسيحية
ومسلمة، وأزال كافة العقبات أمام النظام السوري لتحويل لبنان محميةً
سورية بامتياز دامت حتى العام 2005 حين بلغ جبروت هذا النظام أقصى مداه
باغتيال رئيس حكومة لبنان الذي خطط طويلاً وباتقان، مع كوكبة من
المعارضين لهيمنة السورية، لإزاحة كابوس نظام كاد يودي بالكيان اللبناني
نهائياً..
إغتيال
رئيس حكومة لبنان يؤدي إلى ثورة!
وينهار
نظام المخابرات السوري أمام انتفاضة الشعب اللبناني، الغاضب لاغتيال رئيس
حكومته، في مظاهرة لو تشهد البلاد العربية مثيلاً لها سوى مسيرة وداع
الزعيم العربي جمال عبد الناصر، ويخرج من لبنان مجرجراً أذيال الهزيمة
الديمقراطية وحاملاً أحمال الحقد والضغينة الدكتاتورية التي أثقلت كاهل
رئيسه ووكلائه في لبنان بأوزار الجريمة الكبرى.. خرج واعداً متوعداً..
خروجه هذا استولد تكتلاً مقاوماتياً ايرانياً بقيادة حزب الله انضم إليه
صنائعُ ونتاج مخابراته المحليين ما أدى إلى فرزٍ وطني ساطع بين مَن هم مع
استقلال وطنهم وأولئك الذين ضده، متيحاً لنظامها تنفيذ وعيده في ارتكاب
سلسلة من الاغتيالات والتفجيرات تحت نظر وسمع العالم ومعرفة حزب الله إن
لم يكن بمشاركته أو بتغطية فعلية منه..
عودة
الجنرال،
بعد عودته
من منفاه الباريسي واستقباله استقبال الفاتحين الأمر الذي دفع بالمسيحيين
إلى انتخابه بطلاً مسيحياً وقومياً لاسيما في غياب أقوى قادتهم.. وهذا ما
أوحى له فرضَ رؤيته على قادة الانتفاضة الشعبية الأمر الذي يتعارض مع أسس
الديمقراطية، خاصةً بعد اتضاح مؤامرة عودته المُدَبَّرة إلى الوطن وزوال
الغشاوة عن أعين الجميع، فكان أن انفضَّ هؤلاء القادة من حوله، خاصةً بعد
استعادة القائد الأكثر شعبية مسيحية، الذي كان سُجِنَ من أجل معارضته
لنظام سوريا، وانضمامه إلى قادة الانتفاضة الشعبية التي صهرت الجميع في
بوتقة الوحدة الوطنية الاستقلالية..
مع تخلي
قادة الاستقلال الوطني ورفض انصياعهم له وتبريراً لمصداقية كان ينادي بها
طوال فترة غيابه في المنفى، وعلى الرغم من كل اتهاماته لحزب الله
بالارهاب وللنظام السوري بالاستبداد، وتحت شعار استعادة حزب الله إلى
لبنانيته، ينضمّ إلى هؤلاء جنرال الغفلة إلى تفاهمٍ غريب ومُستَغرب إلى
حزب الله وحلفائه ويصبح المدافع الأول عنه وعن سوريا التي بخروج جيشها من
لبنان لم تعد في نظره قادرة على إيذاء لبنان!
هكذا
فَرزَ الجنرال نفسه عن الجميع متشبثاً بنتائج انتخاباتٍ أفرزها العنفوان
الشعبي المتطيِّر خوفاً من انتقام نظام سوريا واضعاً نفسه في موازاة حزب
الله بدعوى تمثيله أكثرية مسيحية واسترداد حقوق المسيحيين إلى آخر
المعزوفة المعروفة..
وينشط
رديف المقاومة الفلسطينية، حزب الله، لاحتلال مواقع المقاومة الفلسطينية
تحت غطاء النظام السوري الذي لم ولن يحارب العدو القومي قط إلاّ بدماء
الشعبين الفلسطيني واللبناني وقبلهما الشعب المصري والأردني والعراقي
الخ..
كما ينشط
النظام السوري إلى تزويد حزب الله بالسلاح والمال ولكن على حساب النظام
الايراني الذي كشف الآن تحالفه معه وبات أشد التصاقاً بولاية فقيهه التي
أُسْنِد إليه اقتطاع لبنان تحت رايتها.. ويشتد ساعد هذا الحزب بمآزرة
الجنرال عون له، فللطرفين غاية واحدة وهدف وحيد هو السيطرة وحكم لبنان..
ومع
أطروحة إخراج إسرائيل من الجنوب وإنتصاره عليها والتي ساهم عدد لا يحصى
من السياسيين دون اقتناع حقيقي بل تحت ضغط الزخم السوري وتبنيه له، وهي
أكذوبة باتت مفضوحة تماماً، واستكمالاً لنهج فرض قوته على البلاد بادر
إلى استدراج إسرائيل إلى حربٍ مدمرة لا تمت إلى التحرير بصلة.. وكانت هذه
خطوة ثانية في محاولته الاستيلاء على السلطة لكنها فشلت بعد أن جرّ هذا
الحزب، مدعوماً بتشجيع الجنرال الكبير، جرّ البلاد إلى متاهاتٍ لا يعلم
إلى الله متى يخلص لبنان منها..
حرب " لو
كنت أعلم "
في حرب
تموز عام 2006، وبعد تمادي حزب الله في تعدياته وعلى الرغم من معرفته
المسبقة باستعدادات الجيش الاسرائيلي على حدود الجنوب اللبناني وانتظاره
أية فرصة قد تسنح، بادر حزب الله إلى عمل عسكري غير مبرر إطلاقاً الأمر
الذي أدى إلى دخول جيش إسرائيل إلى جنوب لبنان مدمراً كلّ ما صادفه في
طريقه، وبنتيجة ذلك هُجِّرَ سكان الجنوب ( ما يزيد عن مليون مواطن )
وانتشروا في العاصمة والمناطق اللبنانية كافة كما دُمِّرَت الضاحية
الجنوبية بأكملها على رؤوس أبنائها.. ولم تكتفي إسرائيل بذلك بل قامت
طائراتها بقصف البنى التحتية للبنان على كامل مساحته ملحقة الخراب
والدمار في جميع مناطقه.. كل ذلك كان فداءً لسجين اعتقلته إسرائيل إثر
عملية قام بها منذ أكثر من عشرين سنة..
وكما في
الاجتياح، أخذ النظام السوري المبادرة مجيِّراً الانتصار المزعوم لنفسه..
وعلى الرغم من إعلانه أن الحرب ضد حزب الله هي حرب عليه، لم يحرك ساكنا
ولم يطلق رصاصةً واحدة للدفاع عن نفسه أو عن هذا الحزب الذي شكل الدرع
الواقي لخاصرة لبنان الرخوة التي يدّعي دعمها دفاعاً عن نفسه..
وأيضاً
كانما كان هناك مؤامرة مدبّرة بين هذا الحزب وإسرائيل، إذ ما أن أبعد
القرار الدولي 1701 حزب الله عن الحدود الجنوبية، حتى انكفأ إلى الداخل
اللبناني محتفظاً بسلاحه الذي فُرِضَ عليه، بموجب القرار الدولي تسليمه
إلى الدولة اللبنانية، ومحاولاً فرض هيمنته على سياسة الدولة مستغلاً
اقتناءه السلاح ومهولاً بالعاطفة الشعبية التي أوقد سعيرها النظامان
السوري وحليفه الايراني كما بعض المهووسين دينياً وقومياً في البلاد
العربية..
حرب تموز
كلفت اللبنانيين، بالاضافة إلى الاف القتلى والجرحى والدمار عشرات الاف
ملايين الدولارات كان على الدولة استجداء العالم من أجل تأمينها فيما مَن
دعم حزب الله بالسلاح والمال النظيف، النظامين السوري والايراني، اكتفيا
باعلان انتصارهم على إسرائيل..
بعدها،
مارَسَ هذا الحزب اقذر أنواع نكران الجميل نحوَ حكومته التي قامت بعمل
المستحيل من أجل وقف القتال والتدمير على مصالح الشعب اللبناني، الذي
بمختلف فئاته وطوائفه اوسعَ أحضانه لاستقبال ورفع معانات أبناء الجنوب
المُغرر بهم حين، عوض الشكران غير المطلوب اتهم دولته بالعمالة واتهم
جميع اللبنانيين بالتخلي عنه..
وأُطْلِقَ عقالُ حزب الله، بدعمٍ سوري ورعب الاغتيالات والتفجيرات
لبنانياً، للاستيلاء على السلطة.. استغل هذا الحزب، ناكر الجميل، وجوده
وسلاحه وغوغائية رعاعية شعبية عاطفية، في الداخل اللبناني كي يفرض على
الدولة ما شاء من مهاترات سياسية بعيدة عن كل منطق، إن بواسطة انسحاب
وزرائه من الحكومة أو بالاعتصام الذي هدّم الاقتصاد اللبناني وعطل
المؤسسات خاصة مجلس النواب اللبناني بقيادة حليفيه رئيس مجلس النواب
والجنرال ميشال عون رأس حربته المسيحي، كما أخَّر انتخاب رئيس للجمهورية
لأكثر من ستة أشهر رغم تدخل الجامعة العربية ودول أجنبية صديقة كانت
ساهمت في وقف الهجوم الإسرائيلي عليه وأعطته فرصة الادعاء بالنصر..
ولم
ينثني عن غوغائيته إلاً بعد بلغَ سيلُ تعدياته الزبى وفشل في محاولة
انقلابه الفاشلة في أيار 2007 للسيطرة على الدولة وتنصيب حليفه رئيساً
للجمهورية.. تلك كانت خطوة ثالثة لإقامة دولته لكنها كسابقاتها أُفشِلَت
وانتصرت الدولة!
لماذا
كانت حرب تموز ولماذا المطالبة بالاستراتيجية الدفاعية؟
في نظر
المضطلع أن حرب تموز كانت لإضفاء مزيد من القوة على هذا الحزب، بعد
تحوّله إلى الداخل، كي يفرض هيمنتة على القرار لسياسي للدولة انطلاقاً من
مقولة الانتصار الالهي على رغم ما جرّت هذه الحرب من مآسي على لبنان،
وهذا ما حصل بالفعل، ثم تأمين الغطاء السياسي لحلفائه للانقضاض على
الشرعية اللبنانية وتحويل النظام إلى الدكتاتورية..
أما
الاستراتيجية الدفاعية فكانت إلزام الدولة اللبنانية باعتماد مقولة حزب
الله بعسكرة الشعب اللبناني كله لنصرة حزب الله في حال تعرضه مجدداً
للهجوم من قبل العدو الاسرائيلي.. وهذه المقولة لاقت دعماً فريداً من
رئيس المعارضة المموَّه الجنرال ميشال عون الذي بادر إلى اعتماد مبادئ
الحزب في استراتيجيتة الدفاعية التي قدمها إلى طاولة الحوار.. استراتيجية
ليست في واقع الأمر سوى هذيان عوني يتماهى في محصلّته مع ادعاءات حزب
الله..
استراتيجية حزب الله هي ملهاة طويلة الأمد من أجل إستمرار حيازته للسلاح
ليس لحماية لبنان كما يقول بل لحماية نفسه.. واستراتيجية، عون ( بطل ديان
بيان فو ) التي يعرف استحالة تطبيقها، هي أيضاً ملهاة جديدة يُراد منها
إعاقة الوطن من استرداد كرامة استقلاله إلاّ على طريقته الخاصة في محاسبة
الجميع على أخطائهم دون حتى المرور بأخطائه..
حماية
لبنان،،،
أولاً :
بدعة حزب الله مطالبته بوضع استراتيجية دفاعية يمكن للبنان أن يتصدى لأية
محاولة للهجوم عليه من قبل العدو الإسرائيلي تبقى مجوَّفة تماماً عندما
نتذكر أن هذا العدو لم يرغب يوماً بالاعتداء على لبنان إلاّ عندما كان
يستدرج بالاعتداء عليه..
ثانياً :
لم يعد من موجب لوجود حزب الله المقاتل بعد استلام الجيش اللبناني وقوات
اليونيفيل حماية الجنوب اللبناني وبالتالي لا حاجة إلى استراتيجية دفاعية
تجعل من لبنان دولة مقاتلة ومجابهة أكثر مما هي باقي الدول العربية
لاسيما سوريا التي تتمتع بكل صفات القوة والممانعة ولا تحرك ساكناً في
مجابهة العدو إلاّ مناظراتياً وإعلامياً، وها هي اليوم تفاوض هذا العدو
لتحقيق السلام معه..
\ثالثاً:
الاستراتيجية الدفاعية لأي بلد في العالم تتولى وضعها قياداته العسكرية
وتحاط بالسرية المطلقة ولا توضع تحت الأضواء الاعلامية وممحكات السياسيين
فيعلم بها العدو قبل الصديق فتصبح غير ذات فائدة إذ تتيح للعدو تحضير
نفسه لخرقها وتدميرها دون عناء يذكر..
رابعاً:
استراتيجية حزب الله الدفاعية باتت معروفة حتى منذ ما قبل تقديمها إلى
طاولة الحوار وما انتظار هذا الحزب استطلاع دراسات جميع السياسيين في
شأنها إلاّ مضيعة تامة للوقت والجهد الذي يُبذَل في غير محله خاصة بعد
تبلور مبادئ هذا الحزب ورفضه الاعلامي لكل مبادرات السياسيين الرسمية مما
يجعل الجميع يقعون في "حيص بيص" الاستراتيجيات التي ترضي هذا الحزب وتحفظ
كيان دولتهم.. وفي النتيجة سوف يرفض رسمياً أية استراتيجية قد يتوافق
عليها السياسيون ما لم تجعله مالكاً زمامَ استعمال قوته وقراره في الحرب
التي يرغب كما في السلم الذي لا يريد.. أليست هذه بعض من استراتيجية فارس
العقيدية الأصولية التي لن يهدئ لها بال قبل الاستيلاء على القرار
الإسلامي؟
ويتكرر
السؤال بعد تعليله : لماذا إصرار حزب الله
والجنرال عون على إجراء الحوار حول الاستراتيجية الدفاعية؟
الجواب هو
بكل بساطة، رغبة حزب الله في الابقاء على سلاحه في يده لأطول مدة ممكنة
من الزمن تتيحها له طاولة الحوار السياسي بانتظار ما سوف تؤول إليه
تطورات عمل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان..
السبب
الرئيس في ذلك ان حزب الله لا بدّ أن له اليد الطولى في كافة جرائم
الاغتيال التي ذهب ضحيتها نخبة من رجال لبنان السياسيين والاعلاميين.. إن
لم يكن بشكل مباشر فأقلّه بطريق غير مباشر كالتسهيل والتغطية على من قام
بتنفيذ هذه الجرائم.. ألم يقل قاضي التحقيق يوماً ما معناه:
إذا ذكرنا أسماء من توصل إليهم التحقيق فذلك
سيحدث زلزالاً في لبنان..
لذلك
رأيناه يناور في كل ما يصل إلى يديه أو يوفّره له تساهل السياسيين في
لبنان ودعم النظاميين السوري والايراني بالمال والسلاح الذي لم يعد له به
حاجة.. فمرة نراه يناور من أجل إخلاء البلاد من رئاسة جمهوريته ومرة يمنع
انعقاد البرلمان اللبناني ومرة أخرى يشلّ عمل الحكومة..
وكذلك
رأيناه، بعد تدخل جميع الدول العربية والأجنبية لم يوافق على أي حل سياسي
للأزمة المفتعلة إلاّ بعد أن ضمن قبول رئيس الجمهورية المتوافق عليه بغض
الطرف عن وجود سلاحه، لذا رأيناه يهرع إلى زيارة فور انتخابه كي يستدرجه
إلى إعلان أن وجوده ركيزة أساسية للديمقراطية اللبنانية.. وأيّة
ديمقراطية هذه التي يحكمها حزبٌ مسلح حتى الأسنان ويفرض استراتيجيته
الخاصة به على كامل الدولة ومواطنيها..
الأعجب
أن يجد هذا الحزب من يجاريه في ادعاءاته وطروحاته في شخص الجنرال عون
الذي، منذ تفاهمه معه، لم يترك وسيلة تهديمية لسلام الدولة واستقلالية
قرارها إلاّ واستعملها.. كل ذلك لأن الجميع بات يعلم أن قوة وجوده هي من
قوة بقاء حزب الله فاعلة على الساحة السياسية.. وإذا ما تعمّقنا قليلاً
في خط سيبر ومسيرة هذا الجنرال نجد أنه لا يناضل من أجل استرجاع حزب الله
إلى لبنان، وهو الهدف الأساس من تفاهمه معه، بقدر رعبه من تخلي المسيحيين
الذين يفاخر بتمثيلهم..
من هنا
رأيناه يندفع أكثر فأكثر في دعم حزب الله وحلفائه وداعميه الاقليميين هذا
عدا عن إظهاره عدائية مطلقة لكل من وما يخالفه الرأي وبالأحرى لكل من عمل
أو يعمل من أجل استقلال لبنان الحقيقي.. لذلك نراه لم يعد مقنعاً لا
بطروحاته عن محاربة الفساد الذي بات هدف الجميع بعد خروج الجيش السوري من
لبنان ولا في معاداته لقادة ثورة الأرز الاستقلاليين.. ويمكننا إضافة
معاداته المطلقة لكل الطاقم السياسي الذي كان مسئولاً أثناء الاحتلال
السوري وهذا أيضاً أصبح مسبحة دراويشه [ أزلامه ] اليومية..
في هذا
لم تعد مداركنا تستوعب عدائيته واستطراداً استجر عدائية المسيحيين لكل ما
هو مسلم، ولنقلها بصراحة كلية لكل ما هو مسلم سني بخاصة اولئك الذين
يقدمون الخير إلى أبناء وطنهم، إن من جيبهم الخاص أو من دولٍ عربية
وأجنبية صديقة للبنان.. ولنقلها صريحة واضحة: إن هذا الجنرال بات اليوم
يهاجم كل من يهاجمه النظامين السوري والايراني ويهادن من
يهادنهم..
وهكذا نرى الجنرال وحزب الله يستويان في مطالبتهما بالاستراتيجية
الدفاعية..
أوجه مقارنة سريعة بين تقديمات قطبي ما يسمى بالمعارضة [حزب الله
والجنرال عون ] وبين من كان يسمى موالاة:
تقديمات
حزب الله،
* قدم حزب
الله للبنان ضحايا حرب ينوف عددهم كل الأرقام التي رصدت بعد الحرب
التموزية "حرب لو كنت أعلم"..
* قدم حزب
الله فرص سياحة واكتشاف لأرض الوطن لحوالي مليون ونصف لبناني من سكان
الجنوب المناضل عنه..
* قدم حزب
الله عشرات ألاف فرص العمل في عملية أصلاح ما تهدم أثناء تلك الحرب..
* قدم حزب
الله عطلة أشهر طويلة لتجار وموظفي منطقة الاعتصام وضواحيها..
* قدم حزب
الله نصره الإلهي إلى النظامين السوري والنظام الايراني ثمن دعمهما له
بالسلاح والعتاد والمال النظيف..
* أخيراً،
قدم حزب الله فرصة العمر إلى الجنرال عون كي يحتل كرسي رئاسة الجمهورية..
ولِحَظ لبنان فشل!
تقديمات
الجنرال عون،
* قدم
الجنرال دعمه المطلق لحزب الله المقاوم – دراسات استراتيجية عسكرية
ومناظرات اعلامية..
* قدم
الجنرال دعمه المطلق لحزب الله في اعتصامه الشهير لساحات العاصمة وقطع
الطرقات إليها- دواليب محروقة..
* قدم
الجنرال دعمه المطلق لحزب الله في اعتكافه عن مجلس الوزراء وتعطيل أعمال
الحكومة والبرلمان اللبناني..
* قدم
الجنرال دعمه المطلق لحزب الله في منع انتخاب رئيس للبلاد – أنا أو لا
أحد..
* قدم
الجنرال دعمه المطلق لحزب الله في تهجّمه على البطريركية المارونية
وزعماء السنة تحت عنوان الحريرية..
* وأخيراً
قدم الجنرال دعمه المطلق لحزب الله قراره الوطني وسلام شعبه انتصاراته
الإلهية على ... الوطن!
هكذا إذن تلتقي استراتيجية حزب الله [ الأيرانية ] واستراتيجية الجنرال
ميشال عون في هدف واحد ووحيد ألا وهو السيطرة المطلقة على الدولة
اللبنانية وتغيير النظام الديمقراطي إلى نظام دكتاتوري توتاليتاري
بامتياز ولا هم إذا قبل الشعب اللبناني أم رفض..
وكي يفهم
الشعب العربي الذي هلَّلَ لانتصارات حزب الله الإلهية وطبل وزمر لمواقف
الجنرال عون، نختصر المقال على الوجه التالي:
-
كفاح حزب الله بكل الوسائل المتاحة من أجل
إبقاء سلاحه في حوزته هو فقط من أجل حماية نفسه من نتائج المحكمة الدولية
ولضطراره إلى المثول أمامها، إن للالاء بشهادةٍ ما أو للدفاع عن تهمةٍ
ما.. وهذا أمر مرفوض كلياً لأنه سيكشف كافة أوراقه المستوردة في خدمة
النظام السوري لإبقاء هيمنته على لبنان أو في خدمة النظام الايراني
الساعي لاقامة دولة الفقيه في لبنان..
- ليست
نبوءة هي إذا ما رأينا حزب الله يسعى بكل ما أوتي من حصافة وغوغائية
سياسة من أجل تغيير المعادلة اللبنانية الاستقلالية وذلك بتغيير موازين
القوى، في الانتخابات النيابية المقبلة، إلى مصلحة حليفه الجنرال عون
الذي، بمساعدة اجهزة النظامين السوري والايراني سوف يعرف كيف يحول نتائج
أحكام المحكمة الدولية إلى فراغ..
- أما إذا فشل في هذا فإننا نتوقع كارثة كبرى تحل في لبنان جراء رفضه
وحلفائه نتائج الانتخابات ولن يثنِه أحدٌ عن استدراج إسرائيل مجدداً إلى
حربٍ جديدة على أرض لبنان.. وربما حصل ذلك في أية لحظة يتأكد هذا الحزب
من فشل قوته الانتخابية أو فقدان توازنه جرّاء احتمال خسارة حليفه
الجنرال لقدرته النيابية..
- أما
الجنرال فإن موقفه لن يكون بعيداً عن موقف حليفه إذ بخسارته الانتخابات
وتحجيم دوره في المعادلة فهو سيزيد التصاقاً بحزب الله وقد يحمل سلاحه [
لا سمح الله ] ولكن،،، ثقتنا كبرى في مناصري الجنرال ووعيهم الكامل عما
سيجرّه عليهم هكذا تصرف بل ونتوقع إنفكاكهم عنه نهائياً بعد أن يلمسوا
لمس اليد خطل ما هم إليه منقادون.. نأمل ذلك قبل الوقوع في التجربة
المرّة التي وقع فيها أباؤهم وأصدقاؤهم..
- إن
تجارب السنوات الثلاث الماضية بكل ما حفلت به من أحداث عاناها مناصروا
الجنرال في انزلاقهم إلى مهاوٍ بعيدة كل البعد عن مناظرات جنرالهم الذي
ينادي بالاصلاح والتغيير بدءً طرد كل من لا يأخذ برايه معتبراً ذاته
رسولاً مُنزلاً لخلاص لبنان من تجار هو كان ولا زال أبرز متسوقيهم لذلك
نراه منصرفاً إلى استدراج عروض تجار الجملة لعل وعسى، وقبل أفول نجم
الدكتاتورية، يصل إلى تحقيق حلمه العتيد!
أما
المطلوب للخروج من المأزق المتوقّع لحزب الله والجنرال عون يبقى في
الخروج نهائياً من شباك أخطبوط الاستراتيجية السورية الايرانية والعودة
إلى أحضان الوطن الذي يدعون حمايته من عدوٍّ شرسٍ لا يعرف الرحمة
وينخرطون في مسيرة استرداد كامل سيادته واستقلاله وكفانا تجارب وصراعات
أخرّت نهوض وطنهم أضعاف الزمن الذي صرفناه في مناصرة حروب الغير أو
المساهمة فيها..
إننا
ندعوا الجميع إلى إعادة التفكير السليم فيما هم فيه سادرون فإن شعبهم
ومناصريهم باتوا أشد توقاً إلى الحياة الاجتماعية والمدنية أكثر من توقهم
إلى حياة العسكرة والقتال ولندع الغرب في غربه والشرق في شرقه وحيّدوا
لبنان عن مشاكل الطرفين بل اجعلوا منه واحة سلام دينية ومدنية وملتقى
حضارة نموذجية لعالم فقد الكثير من قِيَمه الانسانية في غمرة مدنية
وعلمانية مزيّفة باتت في مستهل عصر اعتمد، كما الاشياء، ترقيم الانسان
عوض تسميته..
ليسمح لنا
المضطلع انتقالنا، غير ذي وزن في السياسة ربما، لكنه في نظرنا ينتهي حيث
نريد ... في ميزان العقل والتعقّل..
إذ يبقى
العقل هو الحاكم الفعلي الذي يجب أن يُستعمل في بلداننا الشرقأوسطية حيث
فُقِدَت الثقة بين الجميع
وتشبثَ
الكل بعقيم نظرياتٍ أثبت فشلها طويل معاناة شعوبها..
آن لهذه
الشعوب أن تستريح اسوةً بشعوب العالم!
للبحث
صلة،
صانك
الله لبنان
لاحظ س.
حداد
|