رسائل قصيرة (1)
13 حزيران 2008
حكومة وحدة وطنية أم حكومة طائفية؟
ما يُحاك اليوم من مؤامرات ظاهرة ومستورة لتعطيل تشكيل حكومة العهد
الأولى التي من خلالها يُصار إلى تنفيذ خطاب القسَم، لا يمكن وصفها
بالوطنية بل الأحرى وضعه في خانة الابتزاز الوطني..
ليس في الأعراف الديمقراطية قط أن تشارك المعارضة السياسية في إدارة
الحكم في أي بلد في العالم، إذ أن دورها المفترض به التصحيح والتقويم
لأعمال الحكومة يفقد قيمته الحقيقية وسوف يتطلب وجود معارضة أخرى خارجية
تحل محلها..
إن المشاركة في الحكم التي طالبت بها المعارضة، بعد خروجها منه، عطّلت
الكثير من أعمال الحكومة السابقة وساقت البلاد إلى حافة التفجير الكلي
وكادت تطيح بكافة مقومات الدولة.. ومع ذلك، وتحت تهديد السلاح وخوف تحلّل
الكيان إلى كيانات طائفية، وبغيةَ حقن الدماء البريئة واستدراك وقوع
الجميع في الشر المستطير الذي تنبأ به رئيس المجلس النيابي، استجابت
السلطة الرسمية [ الحكومة ]، التي كان في يدها القرار واستعمال حقها
الدولي، استجابت لوساطة الأمة العربية ممثلةً في قطر، وتخلّت عن مجابهة
المعارضة الثائرة وارتضت مشاركتها تيمناً لوضع حلٍّ مرحلي يقي البلاد
والعباد مغبة السقوط في بركان الفتنة المذهبية والطائفية ونكاد نقول
العنصرية.. بهذا، قدمت للوطن أفضل ما يمكن من أيمان وولاء..
كنّا نتوقع من المعاضة أن تدخل في المعادلة الانقاذية الجديدة، لا سيما
بعد انتخاب رئيس الجمهورية، لكننا فوجئنا بها تفاخر بانتصارات وهمية لا
تمت إلى الوطنية بصلة.. وها هي، ومنذ تكليف السيد فؤاد السنيورة تشكيل
الحكومة العتيدة، نراها تحاول فرض وهم انتصاراتها من جديد للاستيلاء على
قرار الحكومة وواضعةً موقع رئيس الجمهورية في خواء من السلطة استدراجاً
له إلى الاشمئزاز فالإعتكاف أو التخلي.. بذلك تثبت مجدداً أن لا أحد
سيحكم البلاد إلاّ من خلالها..
إن السيد فؤاد السنيورة مدعو اليوم ودون تلكأ، أكثر مما مضى، أن يحافظ
على حق رئيس البلاد في اختيار معاونيه لإدارة دفة البلاد بحسب
الاستراتيجية الوطنية التي أعلنها في خطاب قسَمه والاحتفاظ بحقوق
الموالاة التي ضحت بالغالي من دماء أركانها أبناء الشعب اللبناني الذي
دعم مسيرتها.. عليه التوافق مع الرئيس على تشكيلة إئتلافية، خليط من
التكنوقراطيين والقضاة وبعض مخضرمي السياسة، فيقطع الطريق أمام جميع
المستوزين، موالاة أو معارضة فيضع الجميع تحت الأمر الواقع.. ويقطع
الطريق أمام قوات الأمر الواقع المتمثلة بأفواج المقاومات الحزبية،
الأصيلة والهجينة، لفرض أمراً واقعاً يلبي مطالبها في السيطرة أو التحك
بالوطن وسياسته..
إن مجرّد تقديم وزارة الخارجية إلى المعارضة التي لن تكن مهمتها سوى
تمثيل ذاتها دولياً، في حين أن وزير الخارجية بالذات هو دوماً من كان
يتمنطق بسياسة العهد وينطق باسمه.. وفي بلدان العالم الحر يدعونه ناظر
الخارجية أو وكيل الخارجية والناطق باسم الرئيس.. لذا نتمنى عليه أن
يكِلَ وزارة الخارجية إلى مخضرم سياسي مستقل يمكنه تمثيل رؤى الرئيس
والنظام الديمقراطي في لبنان..
من تلحّفَ بالوطنية عباءةً يجب عليه العمل من تحت أردانها وليس تغطية
تحقيق أهدافه الانتخابية من خلالها..
هنا نتمنى على شعبنا اللبناني إلى ما وصلت إليه سياسات الزعماء الطائفيين
من انكشافٍ لعوراتهم الوطنية وبالتالي الاستعداد التام، دون وجل، لفرض
رأيه الانتخابات المقبلة فيقيل من أولاهم ثقته فأحبطوها ويمنحوا من شككوا
في أمره فأهملوه فينصروه.. فلتكن أنت المعارضة الحقيقية!
صانك الله لبنان |