وسط مخاوف من
تكرار "مجزرة حماه"
في مناطق سنية
ماذا يحدث في سورية?
لندن ¯ كتب حميد
غريافي:
قالت اوساط اعلامية غربية في العاصمة اللبنانية امس السبت انها تلقت من
مؤسساتها الصحافية والتلفزيونية في الولايات المتحدة وبعض العواصم
الاوروبية تعليمات ب¯ »الاستعداد لمواجهة احتمالات دراماتيكية في سورية«,
وسط تضارب معلومات غربية عن »موجة تغييرات ومناقلات واسعة في صفوف بعض
القطاعات العسكرية ذات الغالبية غير الحزبية, وعن اعتقالات شملت بعض قيادات
هذه القطاعات المتمركزة في المناطق الشمالية للبلاد ذات الكثافة السنية مثل
حماه وحلب وحمص واللاذقية وطرطوس«.
وذكر احد مراسلي صحيفة »الغارديان« في بيروت ل¯ »السياسة« قبيل انتقاله من
لندن اليها حيث يمضي اجازة قصيرة, ان التعليمات الواردة من المؤسسة
الاعلامية الغربية شملت مراسليها في كل من الاردن واسرائيل وقبرص, »وان
اعلاميين اضافيين ارسلوا على عجل الى عواصم تلك الدول ليكونوا على قرب من
سورية التي لم يتضح بعد ماذا يدور فيها بالضبط«.
وكشف المراسل النقاب عن ان موجة من الاعتقالات شملت الجسم الاستخباري
السوري »بعد اماطة اللثام عن فرار ضباط كبار عدة من الاستخبارات العسكرية
وجهاز الامن القومي خلال الثلاثين يوما الماضية الى الاردن والعراق ولبنان
والمملكة العربية السعودية ومنها الى عواصم اوروبية تعتقد قيادة حزب البعث
في دمشق ان الاستخبارات الاميركية والاسرائيلية والاردنية لعبت الدور
الاكبر في اقناعهم وتجنيدهم وتهريبهم الى الخارج«.
وذكر ديبلوماسي خليجي في واشنطن ل¯ »السياسة« امس ان وزارة الخارجية
السورية تضع اللمسات الاخيرة على حركة مناقلات واسعة في صفوف سفرائها في
الخارج, وقد استدعت بالفعل عددا ممن تشكك بولائه (للبعث) بحجة »التشاور«,
فيما »ضوعفت في السفارات السورية في عواصم القرار الغربية وفي بعض الدول
العربية الفاعلة الرقابات الاستخبارية المشددة على ديبلوماسييها من أعلى
القمة حتى اصغر موظف فيها, خوفا من معلومات امتلكتها حكومة بشار الاسد
اخيرا عن امكانية لجوء عدد من ديبلوماسييها الى دول غربية«.
وقال الديبلوماسي في اتصال به من لندن ان الايام القليلة المقبلة »قد تشهد
¯ حسب معلومات وردت الامانة العامة للامم المتحدة في نيويورك الجمعة الماضي
¯ صدور قرار حكومي سوري بمنع اي موظف مدني او عسكري او اقتصادي من مغادرة
الاراضي السورية من دون حصوله على تصريح مسبق, تماما كما اتخذ نظام صدام
حسين هذا القرار نفسه قبل فترة من سقوط نظامه«.
وذكر ان ادارات الاستخبارات والاجهزة الامنية السورية السرية التي يزيد
عددها على 13 جهازا, ضاعفت رقاباتها المضروبة اصلا على المؤسسات الحكومية
والعسكرية والامنية والمصرفية في البلاد »بعد تأكدها من وجود غزو استخباري
غربي داخل النظام السوري منذ مطلع يوليو الفائت, ورصدها تسلل عناصر مقاتلة
من العراق ولبنان وتركيا والمناطق الكردية العراقية والاردن الى سورية
معظمهم من فصائل سورية معارضة في الخارج تدربوا في الولايات المتحدة
وبريطانيا وبعض الدول الاوروبية الشرقية المنضمة حديثا الى الاتحاد
الاوروبي وحلف شمال الاطلسي, وكذلك في منطقة الحكم الذاتي الكردية وفي
معسكرات الجيش الاردني«.
ونقل الديبلوماسي الخليجي عن مصادر ديبلوماسية سورية في واشنطن اعتقاد
حكومتها في دمشق ان يكون ارتفاع حمى المواجهات بين اجهزة السلطة وجماعات
سلفية متشددة مثل »جند الشام« وما شابهها, »مرتبط بالحملة الاميركية لتفجير
الاوضاع الداخلية في البلاد وبهدف اسقاط نظام البعث«.
وبدورها, ذكرت جهات نيابية بريطانية منتمية الى التكتل اليهودي في مجلس
العموم (البرلمان) ان قادة سياسيين وعسكريين من حزب البعث الحاكم في دمشق
ومن غير الحزبيين المناوئين له سرا داخل مؤسسات الدولة, »يفاوضون دولا
اوروبية وغربية على الحصول على حق اللجوء السياسي فيها فيما لو تمكنوا من
الفرار الى الخارج, وان الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والمانيا على
الاقل اوصلت الى هؤلاء ردودا ايجابية لتشجيعهم على الانشقاق«.
ونقلت تلك الجهات عن معلومات استخبارية بريطانية واسرائيلية تأكيدها على
»ان المعارضة السورية الخارجية تمكنت من انشاء قواعد سرية قوية في قلب دمشق
والمدن السنية الاخرى, وان اسرائيل واميركا تبدي مخاوف كبيرة من لجوء نظام
بشار الاسد الى مجازر متفرقة في تلك المدن على غرار ما فعله والده وعمه
رفعت الاسد في مجزرة حماه في مطلع الثمانينات التي ادت الى مقتل نحو 30 الف
سني وفرار عدد مماثل الى الخارج«. |