عاشت الأمة الآرامية بجميع طوائفها حرة أبية
 

حميد عواد*

 

*مهندس و أكاديمي باحث في الشؤون اللبنانية


ثورة" البابا" تحت "القبّة" الميلاديّة

 حلول قداسة البابا فرنسيس في سدّة رئاسة الكنيسة الكاثوليكيّة كان حدثاّ "ثوريّاً" في تاريخ البابويّة، فسلوكه ينمّ عن إلتزام عميق بلبّ العقيدة المسيحيّة الأصيلة المرصّعة بمؤمنيها، لا بالجواهر ولا مظاهر الأبّهة المتبجّحة

لقد رفض العزلة في "برج عاجيّ" وشمّر عن ساعديه ونزل إلى معترك حياة رعيّته (بل لم يغادرها منذ خدمته السابقة) واختلط بأفرادها فاتحاً ذراعيه لهم ولكلّ أبناء البشر مثبتاً أنّ الإيمان النقيّ يتمثّل ويتقولب وينسكب بالمحبّة وأعمال البرّ، وأنّ القيادة الملهمة والهادية، أكانت روحيّة أم زمنيّة، تنبثق وتُستحقّ من الصدق والإخلاص والإنصاف والإجتهاد النشط في الخدمة

 شخصيّته الودودة تنضح حيويّة طافحة وتتألّق بمبادرات فريدة وجريئة، وتنطبع سيرته بالتواضع والزهد والعطف على الفقراء ونصرة الضعفاء والمهمشّين وكشف الحقائق وفضح الخبث واستئصال الفساد وكسر طوق التستّر عن الباطل وخرق جدران المُلك والألقاب

لقد اختار قداسته اجتماعه السنويّ والميلادي مع أعضاء الإدارة المركزيّة للكنيسة في الفاتيكان ليصليهم بانتقادات لاذعة تطال الخبث والانتهازيّة واللهاث في سباق شره لقطف النفوذ وفراغ روحيّ وانفصام وجوديّ و"خرف" إيماني غيّب الله من الوعي، داعياً الإدارة إلى التغيير والتحسّن لإنقاذ ذاتها ناصحاً بالنقد الذاتيّ  والعمل الجاد للتعافي

 تترافق حملة التطهير الروحيّ هذه بحملة تدقيق ونفض وتصويب لماليّة الكرسيّ الرسولي في الفاتيكان

 إنّ هذه الثورة البابوية البيضاء تستحقّ أن تكون قدوة ونموذجاً لأولياء السلطتين الروحيّة والزمنيّة في كلّ مكان لتنقيتهما من الأدران العالقة بهما والتي تتسبّب بالظلم الجائر والقمع الشرس والإفلاس الأخلاقي والمالي والتنازع الوحشيّ والأذى البليغ والكوارث الرهيبة للرعايا الواقعة تحت وطأة نفوذها

حمى الله الأنفس البريئة من جبروت المستبدّين الظالمين وجعل تدبيره الخلاصيّ "قبّة" ميلاديّة تكون ملجأً آمناً لهم

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها