العراقي بين وعود السفارة العراقية في النرويج والورقة
البيضاء من السفارة العراقية في السويد
8 / 03 / 2010
في النرويج
أذا لم اكن مخطئاً في تقديراتي فإنها السنة الثالثة التي نسمع عن فتح
سفارة عراقية في النرويج ، وحينما قدم الأستاذ فاضل العزاوي وهو القائم
بالأعمال استبشرنا خيراً وأبدى الرجل استعداده للتعاون وخدمة الجالية ،
وكان حضوره الدائم في المناسبات يدفعنا الى التفاؤل والى مسح الأفكار
القديمة عن السفارات العراقية في الخارج التي كانت ترصد تحركات
العراقيين وتراقبهم بدلاً من رصد مشاكلهم ومعاناتهم ، ولكن ما دام واجبنا
هو تشخيص السلبيات ، حسب رؤيتنا ، فلا بد ان نعبر عنها بصراحة وبعيداً عن
العلاقات الشخصية ، وهذا ما يصب في المصلحة العامة التي نزعم جميعنا
بالدفاع عنها .
إن وعود القائم بالأعمال بفتح السفارة وبشكل خاص الأعمال القنصلية التي
تمس حياة المواطن لم تتحقق الى اليوم ، وبقيت مشاكلنا قائمة لحد هذه
اللحظة .
الأنتخابات
ثمة مسالة مهمة اخرى وهي فتح مركز انتخابي في النرويج فقد اهمل حق آلاف
المواطنين العراقيين في هذه الدولة ولم يستجاب لطلبهم من قبل المفوضية
العليا للانتخابات ، وهذا مما دفع الألاف الى الأحجام عن التصريت لصعوبة
السفر الى السويد وحتى هذه المفوضية لم توافق على فتح مركز انتخابي قريب
من الحدود ، فكانت معاناة كثيرة لمن تجشم عناء السفر الطويل الى هناك
وكاتب هذه السطور واحداً منهم .
سافرنا
الى الى مدينة يوتوبوري وتبتعد حوالي أربعة ساعات بسيارة الباص ، وهنالك
مكثنا واقفين على الجليد وتحت حوالي 5 درجة مؤية تحت الصفر ، لكن
المفاجأة الأخرى كانت الفوضى الضاربة اطنابها في وضع نظام بسيط سلس لمرور
الناخبين ، فقد شاهدنا ان المعرفة والصداقة الحزبية وغيرها تلعب دورها
في إدخال الناخبين ، وشاهدنا التدافع وبكاء وعويل الأطفال ، فمن له (
واسطة ) لا ينتظر سوى خمس او عشر دقائق ويصوت قبل الذي انتظر اكثر من خمس
ساعات فوق طبقة من الجليد ، ومن جملة ما رأيت ان مراقباً يعطي ( الباج )
لاحد معارفه ويدخل ويصوت ثم يستلمه منه بعد خروجه ، وغير ذلك من الأساليب
، والمفوضية كان يجب ان تفكر وتخصص من يرتب الدخول بنظام وطرق حضارية
والأمر لم يكن صعباً بوجود تلك القوة من الشرطة السويدية ، ولابد من
الأشارة ان البعض امتنع عن التصويت وعاد الى النرويج بدون إدلاء
بأصواتهم وذلك احتجاجاً على تلك الحالة المزرية .
ونحن
كنا في المركز الانتخابي الأول في انكرد وأخبروني ان المركز الثاني في في
مركز المدينة لم يكن اقل فوضوية من المركز الأول . وقال بعضهم ان المركز
الأنتخابي في انكرد شغل فقط خمس غرف من اصل سبعة غرف متوفرة ، ولم تشغل
الغرفتين إلا بعد الثالثة والنصف مساءً . عموماً لم يكن اي مراعاة
للمواطن في تلك المراكز . يجب ان أشير الى حالة ايجابية وهي مراقبة
الهويات وإثبات عراقية الناخب ، فنحن نعلم وجود الفلسطيني والأيراني
والسوري والجزائري وغيرهم من الجنسيات يتقمصون الهوية العراقية بقصد
الحصول على اللجوء فكانت المراقبة في محلها ، ولكن هل نجحت تلك المراقبة
؟
السفارة العراقية في السويد
اعود الى موضوع معاناة العراقي بين السفارتين . سافرت في اواسط شباط
المنصرم الى ستوكهولم وكنت اطمح في منح وكالة لواحداً من اقاربي لينوب
عني في بعض المعاملات في العراق ، وقد رافقني احد اصدقائي الى السفارة
وهو الصديق الوفي حميد ابو آزاد ، وقال ان المسألة بسيطة ويوم الخميس
محدد لمثل هذه المعاملة وفعلاً كان يوم الخميس المصادف 11 / 2 / 2010
واستبشرت خيراً لان التفاؤل غالباً ما يودعني حين الدخول الى دائرة
حكومية . وبعد ان وصلنا الى السفارة ، وأردت الدخول اوقفني شاب في الممر
يسألني عن سبب دخولي ، أخبرته بأنني اريد ان اعطي وكالة لواحداً من
اقربائي في العراق .
فقال
لي : تحتاج الى جواز سفر وصورتين وهوية الأحوال المدنية وشهادة الجنسية
العراقية ونسخة من صورة للوكيل الذي توكله .
فسألته
عن مغزى صورة الوكيل وهو الذي سيحضر في المعاملة مع وثائقه ، فقال هذه
التعليمات ولا مجال للاطالة ، وقلت له : حسناً هل بإمكاني ان اقابل
مسؤلاً في السفارة ؟
فقال هل تريد ان تقابل السفير ؟
وهنا
سرحت في افكاري فقلت انت دائماً متشائم يا حبيب تومي ها هي مشكلتك قد حلت
، فأنا اعرف السفير شخصياً وهو إنسان يقدّر الأمور ، ولا بد ان يحل
المسألة وهي بسيطة جداً لا تحتاج الى اي تعقيد .
فقلت
للشاب الذي اوقفني في الممر ولم يسمح لي بالدخول :
نعم
اريد ان اقابل السفير ولي معرفة شخصية به حيث التقيت معه في مناسبات
كثيرة ، لكن الرجل اجابني بأن السفير غير موجود ، ولكن لكي يمنحني جرعة
من الأمل قال لي :
هل ترغب بمقابلة القنصل ؟ قلت نعم ( بارك الله بيك خليني ) اقابل القنصل
لانني جئت من اوسلو وهي تبتعد 8 ساعات بالباص ، ولا يمكن ان ارجع 8 ساعات
اخرى وأنا خالي الوفاض .
وهنا مد الرجل يده على أحدى الجرار في ((((( الممر ))))) وأخرج ورقة
بيضاء قائلاً : تفضل أكتب عريضة للقنصل لكي تقابله فإن وافق يمكنك
مقابلته ، وإلا ....
فأخذت
الورقة البيضاء من المسؤول الأول في السفارة الذي لم يسمح لي باجتياز
الممر ، لكنه سهل امري بإعطائي ورقة بيضاء وربما يعتقد الرجل ان العودة
بطريق 16 ساعة سفر بورقة بيضاء افضل من العودة خال الوفاض او كما يقولون
عاد بخفي حنين .
نأمل
ان تدرك سفاراتنا في الخارج مسؤولياتها امام المواطن وتحترم آديميته
كإنسان لا اكثر .
اضع هذه المعاناة امام الأستاذ الدكتور احمد بامرني سفير العراق في
السويد والأستاذ فاضل العزاوي القائم بالأعمال في النرويج . |