حبيب تومي / اوسلو/ عضو الهيئة العليا للتنظيمات الكلدانية حبيب تومي / اوسلو/ عضو الهيئة العليا للتنظيمات الكلدانية

اقرأ المزيد...

 

 

habeebtomi@yahoo.no


دور الأستاذ مسعود البارزاني في استقرار وتطور اقليم كوردستان

 19 / 05 / 10

 

 في هذه الأيام تثار حملة إعلامية على مقتل الطالب او الصحفي الكوردستاني هوالشهيد سردشت عثمان حيث خطف واغتيل بغدر من قبل قوى لا تريد لاقليم كوردستان ان ينعم بالأستقرار . ولسنا في هذا المقال بصدد التدخل في هذه المسالة البالغة الحساسية والتعقيد فمن الصعوبة تقديم رؤية خاصة لما قد يؤدي الى جرح إحساس عائلته الكريمة . لكن نمر على الموضوع في سياق الوضع العام في اقليم كوردستان .

 مع العقود الأولى من القرن العشرين كانت تطفو على ساحة كوردستان ملامح بروز العشيرة البارزانية كجهة ريادية في مسيرة النضال الطويل لنيل حقوقهم القومية أسوة بالقوميات الكبيرة الأخرى في المنطقة كالعرب والفرس والأتراك ، وكان القرن العشرين يحمل في طياته اسماء قيادات كوردية كانت تردد بشكل مضطرد على ساحات النضال امثال عبدالسلام البازاني ومحمود الحفيد ، واحمد البارزاني ومن ثم ملا مصطفى البارزاني الذي يعتبر اليوم رمزاً لنضال الشعب الكردي ويتفق على ذلك جميع التيارات السياسية والتنوعات الأجتماعية على الساحة الكوردية .  

وفي الراهن ايضاً فإن بصمات الشخصية الكارزمية لم تكن غائبة ، ولكن كأستحقاق ديمقراطي يتبوأ الأستاذ مسعود البارزاني رأس الهرم القيادي وهو منصب رئاسة اقليم كوردستان والذي كانت الحكومات العراقية المتتالية تطلق عليه لفظة الشمال او شمال العراق ، وبعد سقوط النظام في نيسان 2003 ، وبجهود قوى الظلام وأعداء العراق افلحوا في إغراق العراق في دهاليز الفوضى والعنف ، ومن الطبيعي فإن الرياح الصفراء التي هبت على العراق كان متوقعاً ان تهب على كل مناطق الوطن العراقي الواحد بما فيها اقليم كوردستان .

من باب المفارقة في اثناء وجودي في اربيل كنت برفقة الكاتب الأستاذ كفاح محمود كريم حينما تلقى مكالمة من بغداد فيشرح له الأخ كفاح بأن الرياح المحملة بالغبار تغطي اربيل ، فيجيبه الصوت من بغداد قائلاً : هذه حصتكم من الغبار ، اليست حصتكم 17% بالمئة من النفط وهذه ايضاً حصتكم من الأتربة ايضاً .

نعم يستلم اقليم كوردستان حصته من العراق ، لانه جزء من العراق الواحد ، وهو معه في سرائه وضرائه ، ويصيبه من افراحه وأتراحه ، لكن هذا الأقليم لم يقبل ولم يسمح بدخول حتى %1 من الفوضى المنتشرة والأرهاب المستفحل في العراق ، وشكل الأقليم سداً منيعاً امام الإرهاب الذي حاول ان يشق طريقه نحو هذه الأرض الطيبة ليزرع فيها القتل والتنكيل والتهجير القسري ، فظلت كوردستان تنعم بقدر كبير من الأمن والأسقرار وهذا الوضع المستقر كان حافزاً للمستثمرين للمساهمة في عمليات البناء وتطوير الأقليم ، ففي ظل  الأستقرار وسيادة القانون تنتعش الحياة المدنية وتزدهر الصناعة والتجارة وبناء المشاريع العمرانية والثقافية والصحية ... الخ .

 لاشك ان وراء هذا الأستقرار والتعايش منظومة سياسية فكرية وهي القيادة الكردية الديمقراطية العلمانية ، فقد كان هنالك جوانب ايجابية أخرى منها إجراء انتخابات ديمقراطية ، وتشكيل حكومة وتداول سلمي للسلطة ، وتعامل علماني ديمقراطي مع كل المكونات الكوردستانية ، بعقلية منفتحة على الجميع دون ان يكون هنالك مجال للتخندقات المذهبية او الدينية وبالتالي لم تنتعش الطائفية في هذا المكان وذبلت منابعها قبل ان تجد لها موطئ قدم على الأرض في هذا الأقليم .

في هذا السياق صراحتي تجبرني ان اقول :

هنالك استثناءً في معادلة التعامل مع المكونات ، فإن شعبنا الكلداني هو الوحيد من بين المكونات الكوردستانية حيث همش دوره كلياً على الساحة السياسية الكوردية ، وربط مصيره بمشيئة الأحزاب الآشورية المتنفذة في المنطقة ، وهذا امر مؤسف فعلى القيادة الكوردية ان تتفهم طموحات شعبنا الكلداني بشكل مستقل بمنأى عن وصاية اي طرف ، فالكلدانيون لهم كيانهم المستقل ولا يحتاجون الى وصاية ، ونتطلع الى القيادة الكوردية ، حكومة ورئاسة ، ان تنصف شعبنا الكلداني بما يستحقه .

وفي مسألة منصب رئيس الأقليم الذي افرزت عملية الأقتراع عن فوز الأستاذ مسعود البارزاني ، فقد بقي هذا الرجل اميناً لدوره كخيمة تشمل الجميع وأن يبقى حارساً اميناً لمصالح شعبه العليا دون تفرقة او تمييز . وبالعودة الى القرن الماضي سنلاحظ  أن العائلة البارزانية قد لعبت دوراً محورياً في المسألة الكردية ، وحتى بعد خمود الثورة الكردية في عام 1975 ومع الأحداث التي توالت على هذه المنطقة في عقد التسعينات من القرن الماضي وبعد ذلك بعد نيسان 2003 بعد سقوط النظام حيث برز اقليم كوردستان كقوى سياسية مؤثرة في الساحة السياسية العراقية ، وكان طيلة هذه الفترة لموقع العائلة البارزانية مكان مهم ورئيسي ، الى جانب الأقطاب الكردية الأخرى ومن بينها الأحزاب السياسية التي انتعشت وتفرعت اهتماماتها واهدافها وبرامجها السياسية ، ولعل انبثاق حركة التغيير كانت ابرز علامات التطور في المسرح السياسي الكوردستاني والعراقي عموماً .

 ما يلاك باستمرار بحق العملية السياسية في هذا الأقليم هو الوجه العشائري لمفردات التطور في هذا الأقليم والمتمثل بالذات بالعائلة البارزانية ، وفي رأيي الشخصي ان هذا الطرح لا يستند على الواقع التاريخي والأجتماعي .

اقول :

إن العشيرة او القبيلة واحدة من اواصر القرابة التي امتدت من العائلة ولـتكون لحمة اجتماعية وسياسية في هذه المنطقة (اقليم كوردستان ) وفي مناطق اخرى من دول العالم الثالث ، وقد ظلت العشيرة على مدى آلاف السنين تلعب دوراً اجتماعياً وأمنياً وقضائياً ومعيشياً ، انها ببساطة سلطة سياسية ، وهي الأطار لحماية الفرد والأسرة الصغيرة ولتنظيم الحياة بما يحمي حقوق الأفراد داخل كيان العشيرة وما يحمي العشيرة من الغزاة الغرباء .

إن اقليم كوردستان لم يشكل استثانية لمنطق العشيرة وفي اوج تطوره السياسي كانت العشيرة تشكل العنصر المحوري في قيادة النضال من اجل الحقوق القومية التي تبلور مفهومها في العصر الحديث .

إن الأنتماء البارزاني للاستاذ مسعود البارزاني ورئاسته لأقليم كوردستان لم يشكل عائقاً ليكون كخيمة حاضنة للمصالح العليا لهذا الأقليم ، وكحاضنة لتعزيز الموطنة ، لقد كانت الرئاسة بحق تشكل مفهوم دولة المؤسسات ، وهي ( الرئاسة ) كانت الحارس الأمين للمصلحة العليا لكوردستان ، فكان هنالك تداول سلمي سلس للسلطة من تشكيل وزارات ومؤسسات لا يقوض عملها تبدل وتناوب السلطة او تبديل وزير او حتى رئيس وزراء ، فالرئاسة كانت بحق تشكل صمام امان للحؤول دون إلغاء دور الدولة ( الرئاسة ) وتجريدها من محتواها وانتهاك لوائح الدستور . كما هو اليوم في الراهن العراقي ، حيث ان الدولة قد اختزل دورها كراعية للمؤسات فاستحوذت الحكومة العراقية على مكانة الدولة العراقية ، وهكذا اصبحت الحكومة هي المصدر الرئيسي وفقدت الدولة مكانتها في صيانة الدستور والمصالح العليا لدولة العراق وتداعيتها ظاهرة على ارض الواقع .

إن مسألة الشهيد سردشت لا يمكن ان تكون خارج اهتمام السلطات المختصة ورئاسة الأقليم في كوردستان ، ولا بد ان يأخذ القانون مجراه ، ولابد من تطبيق العادالة بحق مرتكبي الجريمة ، فزراعة الفوضى في هذا الأقليم المستقر لا يمكن ان تقبله السلطات الحكومية الكردية ورئاسة الأقليم على حد سواء .

إن التوجه العام والذي ترعاه رئاسة الأقليم برئاسة الأستاذ مسعود البارزاني كفيلة بتجاوز هذه المشكلة والتفرغ لعملية البناء والتطور في اقليم كوردستان هذا الجزء العزيز من الوطن العراقي .

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها