غبطة البطريرك عمانوئيل دلي هل يرضيكم تغييب الكلدان عن برلماني العراق
وكوردستان ؟
22
/ 04 /2010
إنها مرحلة حرجة يعيشها شعبنا الكلداني في وطنه العراقي ، إن كان من جهة
العمليات الإرهابية التي استهدفته واستهدفت رموزه الدينية من الأكليروس
وفي مقدمتهم الشهداء المطران فرج رحو ورفاقه والأب رغيد كني ورفاقه ،
ناهيك عن مسلسل تفجير الكنائس الكلدانية وعمليات اختطاف وابتزاز ومنع
ارزاق واغتيال من أبناء شعبنا المسيحي بشكل عام ، لكن على خلفية كون
الشعب الكلـــــداني يمثل الأكثرية من شعبنا المسيحي فقد كانت ضحاياهم
يشكلون الأكثرية الساحقة من بين المسيحيين .
ومن جانب آخر ثمة مكامن خلل في مؤسسة الكنيسة نفسها فالمعلومات الراشحة
لا تخبرنا بأنباء سارة بالنظر الى التيارات التي تهب عليها من شتى الجهات
، وما يعنينا نحن في هذا المقام هو العملية السياسية وما لحق بشعبنا
الكلداني من اهمال وتهميش وبشكل خاص في مسألة تمثيلنا في البرلمانين
العراقي والكوردستاني ، وما اصاب ذاكرتنا الجماعية من نسيان لماضي شعبنا
الكلداني وحضوره الدائم في العملية السياسية .
بعد سقوط النظام عام 2003 كان موقف الكنيسة المتمثلة بتحركات غبطة
البطريرك عمانوئيل دلي على الساحة العراقية ، انطلاقاً من جهوده في تثبيت
قوميتنا الكلدانية في الخارطة السياسية القومية العراقية ، إذ كان له
حضور ملحوظ في التحرك مع المسؤولين وعلى نطاق أعلى المستويات لتحقيق آمال
شعبه الكلداني ، وقبل ذلك كان قد راجع الحاكم الأمريكي بول بريمر يسأله
عن حق الكلدانيين التاريخي الشرعي في التمثيل بمجلس الحكم باعتبار
القومية الكلدانية ثالث قومية عراقية ، لكن هذا الحاكم يبدو حسب الأجندة
المرسومة له تنكر بوقاحة لهذا الحق ، وسلم امور شعبنا الكلداني بيد غلاة
التعصب من الحزب الآشوري والذي لم يكن يوماً عادلاً او منصفا بحق شعبنا
الكلداني .
وتجلى ذلك بقيام ومحاولة هذا الحزب ( الاشوري ، وأقصد بالحزب الآشوري
الحركة الديمقراطية الآشورية والمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري
والحزب الوطني الآشوري وغيرهم من الأحزاب الآشورية التي يقضي مضاجعها
نهوض قومي كلداني ) بتنفيذ سيناريو سياسي وإعلامي ومالي لتهميش كل ما
اسمه كلداني وتفريغه من محتواه القومي وجعله مسألة دينية محضة ليس أكثر .
في وقتها نُظمت الحملات الأعلامية الظالمة للنيل من مكانة البطريرك ،
وهذه الحملة تكررت ضد الأساقفة وبشكل مقرف ، حينما وقف الأساقفة الأجلاء
مع شعبهم الكلداني بشكل مشرف وصريح في اجتماع السنودس المنعقد في عنكاوا
في اواخر آذار من عام 2009 .
لكن هذا الدور مع الأسف بدأت تدب في اوصاله عوامل الهوان والتململ
والضمور لا سيما بعد ان بدأت اموال مؤسسة المجلس الشعبي بالتدفق الى
مسؤولي الكنائس بشكل شخصي وانفرادي ومنها في مشاريع لترميم الكنائس
والأديرة او بناء اخرى جديدة ، وكأن شعبنا كل مطالبه تنحصر في بناء
الكنائس والأديرة . في الحقيقة ان هذه الأموال وكما اقول مراراً بأنها لم
تصرف بشكل مؤسساتي مدروس لكي تؤدي الفائدة المرجوة منها وليكون لها دور
في إنهاء معاناة الشعب والحد من عوامل الهجرة ، لاسيما في اقليم كوردستان
.
وهكذا اخمدت ، تلك الأموال ، جذوة اندفاع الكنيسة الكلدانية للوقوف مع
شعبها في السراء كما في الضراء ، فانحصر دور مؤسسة الكنيسة الكلدانية في
جدرانها الأربعة وانطلت عليها مسألة التدخل في السياسة فتقوقعت الكنيسة ،
بل اكثر من ذلك كان للكنيسة موقف يمكن وصفه بالسلبي إزاء قوائم شعبها
الكلداني وهم يخوضون الأنتخابات وعاملتهم بريبة وشكوك وتوجس ، طبعاً مع
وجود بعض الإستثناءات ، وبعد ان حصل تجريدهم من كل الأمكانات اللوجستية
والمالية والإعلامية كانت النتيجة تهميشهم في برلمان اقليم كوردستان ومن
ثم برلمان العراق .
وفي المقابل كان موقف الكنيسة الآشورية ، بشقيها ، الموقف الشجاع والمشرف
للوقوف مع شعبها في تلك العملية المهمة دون ان تهاب او تتوجس من قول قائل
، وكان النصر حليفها ، فيما كانت النتيجة مخيبة للامال ومخالفة لمجريات
وسياق الواقع التاريخي والأجتماعي والديمغرافي للشعب الكلداني الأصيل في
وطنه .
كم كان يشرفك غبطة البطريرك لو كان لشعبك الكلداني على اقل تقدير ثلاثة
مندوبين في برلمان اقليم كوردستان .
الم يكن شرفاً لك ولشعبك لو كان لنا ثلاثة مندوبين في برلمان العراق على
اقل تقدير ؟
لكن نصيب شعبنا الكلداني غبطة البطريرك كان الخروج من المولد بلا حمص .
كان يجب ان تقف وتدافع عن شعبك في المحافل العراقية والكردستانية في
تمثيل حقيقي للشعب الكلداني ، وذلك بكوتا خاصة للشعب الكلداني اسوة بتلك
التي حصل عليها الارمن واليزيدية والمندائيين والشبك ، كان يجب ان يكون
لنا كوتا قومية كلدانيـــــة ، لا ان نكون ذيول مطيعة لإخواننا في الحزب
الآشوري بحجة اننا جميعاً مسيحيين ، لقد جرى الإلتفاف على حصة شعبنا
الكلداني تحت ذريعة الكوتا المسيحية من قبل الأحزاب الآشورية ، إنهم
يمسكون بأيدهم ناصية الأمور والأمكانيات المادية والسلطوية والإعلامية
وجرد شعبنا الكلداني من اي سلاح في يده ، واصبح شعبنا الكلداني كمن
كُبّلت يداه ورجلاه بالقيود ورمي في عرض البحر وقيل له هيا اسبح .
مع الأسف اقول ان الكنيسة تنظر الى شعبها وهو يصارع في البحر الهائج ولا
تحرك ساكناً ، والذريعة ان الكنيسة لا تتدخل في السياسة . واسمح لي غبطة
البطريرك ان اورد معلومة وهي ان البطريرك مار يوسف عمانوئيل الثاني شغل
منصب عضو مجلس الأعيان من سنة 1925 حتى استقالته عام 1945 وكذلك شغل
البطريرك مار يوسف السابع غنيمة عضوية المجلس المذكور من 15 تموز 1951
وحتى وفاته في 8 تموز سنة 1958 أي قبل اسبوع من قيام ثورة تموز ، فهل كان
ذلك تدخلاً بالسياسة ام ماذا ؟
واليوم كانت النتيجة متوقعة وهي تغييب الكلدانيين العراقيين الأصلاء من
برلمان اقليم كوردستان وبرلمان العراق . في حين للأيزيدية والأرمن
والمندائيين والشبك والآشوريين جميعم ممثلون في البرلمانين في حين الشعب
الكلداني الأصيل ليس له من يمثله وليس لنا الآن اي ممثل في اي محفل سياسي
مهم إن كان في اقليم كوردستان او في الحكومة العراقية ونحن نقتات على ما
يتصدق به علينا الحزب الآشوري الحاكم على مقدرات شعبنا الكلداني .
ودعني اقول لكم غبطة البطريرك عمانوئيل الثالث دلي الكلي الطوبة :
إنكم لم تحركوا ساكناً ، وكأن شعبكم الكلداني يقف في مكان وانتم تقفون
في مكان آخر .إن الأنكماش في دور كنيستنا وامتداد الكنائس الأخرى على
حسابها فتح المجال لكتابات كثيرة تتسرب وتنشر في مواقع الأنترنيت والتي
اصبحت اداة فعالة في كشف جميع الأسرار ، وإننا لم نكن مع كثير من تلك
الكتابات لكن بشكل عام لم تكن خالية كلياً من حقائق ، وينبغي على الكنيسة
ان تدرسها بشجاعة وجرأة وشفافية .
بمنهى الصراحة غبطة البطريرك اسمح لنفسي ان اقول لكم :
بأن عليكم ان تقفوا بصف شعبكم الكلداني فالشعب هو عضيدكم وهو الحليف
الدئم والقوي ، وعليكم التفاعل معه ليس عن طريق القداس فحسب ، وإنما
التفاعل والتواصل معه للاستماع الى صوته ،
وفتح قنوات تواصل معه للأطلاع والمشاركة في همومه .
أدعوكم لمشاركة العلمانيين في اجتماعاكم للاستماع اليهم عن كثب ، ووضع
حد للتقولات المتسربة بصدد آلية صرف الأموال ومشاركة العلمانيين المختصين
في الأمور المالية التي تكون محل الشكوك ومجال لتسريب التهم فالشفافية
مطلوبة في مؤسسة الكنيسة .
مؤسسة الكنيسة ستكون منيعة إن وقفت مع شعبها وما دمنا في سفينة واحدة
فمسألة سلامتها ووصولها الى مرافئ السلام تهمنا جميعاً .
ولنا امل في ان مؤسسة الكنيسة ان تساهم وتهتم ببناء البيت الكلداني
عموماً وليس ببناء بيت الكنيسة فحسب . |