معظم اوساط شعبنا الكلداني ليسوا مع
إقامة محافظة مسيحية ؟
23 / 09 / 11
مبدئياً انا شخصياً مع إقامة كيان يكون لشعبنا الكلداني وبقية مسيحيي
العراق صيغة محددة من الأستقلالية وإدراة الذات بمنأى عن الإملاءات
وخارج نطاق مفهمومية اهل الذمة التي جعلت من هذا الشعب وهو في وطنه
بأنه مواطن من الدرجة العاشرة ، كما ان الكيان المقترح سيتيح لهذا
الشعب ان يهتم بتطوير الخدمات العامة والبنية التحتية وإيجاد فرص عمل
الى آخره من المنافع فيما إذا كان له نصيب محدد من ميزانية العراق .
في نفس الوقت رأيي يتلخص في الخروج عن الإطار الديني في مخاطبة الآخر
ومسالة الحصول على مطالبنا بمفهومية علاقة المسيحيين بالمسلمين ،
فالكوتا المسيحية في البرلمان العراقي والقبول بها من قبل الأحزاب
الآشورية المهيمنة على مصائر المسيحيين في العراق ، قد قبلوا بالإطار
الديني وبمنطق اهل الذمة . واصبحنا نتحرك في ذلك الإطار .
أجل انه وضع مشين ان يكون الذمي بحماية جاره المسلم ، إنه يحميهم كما
يحمي امواله وبهائمه ، إنه مسؤول عنهم ، وفي الحقيقة هذه مسالة تجر
وراءها المزيد من الأسئلة، الأسلام يحمون اهل الذمة ، فأين هو العدو
المتربص والذي يريد الأعتداء عليهم ؟ وهل هناك من يؤذي ويقتل المسيحيين
ويسلب اموالهم غير المسلمين ؟ من قتل وفجر الكنائس وهجّر اهل البلاد
المسيحيين غير المسلمين الذين هم معنيين بحمايتهم ؟ نحن نطلب الحماية
الأسلامية من الأسلام انفسهم وليس من غيرهم ، في التاريخ صفحات مؤلمة
غير إنسانية تلك التي عومل بها المسيحيين في بلاد الأسلام إن كانوا من
العرب او من الأكراد او من الفرس او من الأتراك بين قوسين ( الإسلام )
، هذا هو واقع الحال منذ قرون الى اليوم بل حتى المغول التتر بدأ
اضطهادهم للمسيحيين بعد ان اعتنقوا الأسلام وليس قبل ذلك هذه وقائع
تاريخية لا مجال لنكرانها .
لكن نحن نعيش في العشرية الثانية من القرن الـ21 وهنالك مساحة كبيرة
لمفاهيم حقوق الأنسان وحتى المسلمين اليوم اخذوا ينظرون الى الأمام وهم
يتطلعون الى حكومات ودول علمانية التي قطعت اشواطاً كبيرة في التقدم
العمراني والحضاري ، إذ بقيت الدول الأسلامية والدول العربية بشكل خاص
، رغم ثرواتها الهائلة ، بقيت هذه الدول في مؤخرة سلم التطور وينخر
كياناتها الفقر والتخلف والفساد الأداري والمالي ، وستبقى هذه الدول
هكذا ما لم تخرج من شرنقة الإسلام السياسي المهيمن على كل مفاصل الحياة
.
في المنطقة نشهد تقدماً باهراً في تركيا وحديثاً في اقليم كوردستان
والسبب يعود الى النهج العلماني لتركيا ولأقليم كوردستان .
اعود الى المحافظة المسيحية التي يدخلنا اسمها الديني في متاهات
العلاقات الدينية التي كانت نتائجها كارثية على هذا المكون العراقي
الأصيل ، ولقد ثبت من تحمس تجمع احزابنا السياسية بأنهم يريدون ، إمارة
حتى لو كانت على حجارة ، فقد هيمنوا على الكوتا المسيحية ولا يهمهم
تمثيل شعبنا بمكوناته من الكلدان والسريان والآشوريين بشكل منصف وصحيح
، فالمناصب واقتناص شريحة من الكعكة هي كل ما يصبون اليه ، إن هذه
الموجة ، مع الأسف ، يركبها بشكل غريب ومثير بعض احزابنا الكلدانية
التي خضعت للمجلس الشعبي واصبحت تأتمر بأوامره واصبحت ملكية اكثر من
الملك ما دام وراء ذلك منافع شخصية مادية ومناصب وزيارات للخارج وأبهة
. اجل ان الأحزاب الكلدانية المنضوية الى تجمع منظمات وأحزاب شعبنا
فقدت شخصيتها المستقلة واستجابت لابتزار اخلاقي رخيص ، بل اخذت تستغل
اسم الشعب الكلداني لتحقيق منافع شخصية بحتة .
إن الحزب الديمقراطي الكلداني كان حريصاً على عدم الأنزلاق وراء
الخديعة وهكذا انسحب من التجمع في الوقت المناسب ، ولم ينثني للمغريات
. وفي نفس السياق كان البيان الذي اصدره المنبر الديمقراطي الموحد حول
مشروع استحداث محافظة وتغيير تسميتنا القومية وجاء في البيان :
(فأنهم
حرفوا وصرفوا مسارهم الى الخديعة التي أسقطتهم بها أحدى زلات لسان
الرئيس
جلال الطالباني عندما صرح بأن (لا مانع لديه بأنشاء محافظة للمسيحيين
في سهل نينوى) فتبنوها وركبوا موجتها واصبحت شغلهم الشاغل والذي لا
يعلو عليه أي
شغل اخر).
ويستطرد بيان المنبر الى القول :
( أن
محاولة تمرير هذا المشروع الخطير والمصيري لشعبنا بكل مكوناته وتسمياته
الخالدة، يتم في ظل غياب الأرادة الحقيقية لهذا الشعب وخاصة شعبنا
الكلداني المعروف
بتاريخه الممتزج بكامل النسيج الوطني والأجتماعي العراقي وأفتراشه لكل
تربة العراق،
لذا فاننا نعتقد بان شعبنا الكلداني يرفض رفضاً قاطعاً كل محاولات
تقميطه وشرنقته
في حدود جغرافية محددة ومأزومة).
انتهى الأقتباس
من جانبها فإن مؤسسة الكنيسة الكاثوليكية لشعبنا الكلداني قد نأت
بنفسها عن مصطلح المحافظة المسيحية وهي تؤكد على الهوية العراقية
والوطن العراقي ، ولا تريد حصر الشعب الكلداني وبقية مسيحيي العرق في
رقعة محدودة ، ثمة كتاب ومفكرين يقفون بالضد من آلية طرح المشروع ، وإن
اخواني في الأتحاد العالمي للكتاب الكلدان ، يقفون بشكل عام بالضد من
مفهوم المحافظة المسيحية ، إذ ان تجربة الحاكم الأمريكي بول بريمر
بإقصاء شعبنا الكلداني من العملية السياسية ـ بحجة ان الشعب الكلداني
ليس له حزب سياسي ـ والى اليوم يجري نفس الأقصاء لشعبنا الكلداني من
العملية السياسية ، فاليوم لم يتغير الحال إذ نصادف امامنا محاولات غير
شريفة جارية على قدم وساق لألغاء القومية الكلدانية من الدستور العراقي
، فكيف نصدق اناس وضعوا هدفهم الأسمى دفن الهوية الكلدانية في وطنها
العراقي ؟ هل هؤلاء قادة يستحقوق ثقتنا لنضع مصائرنا مرهونة بقراراتهم
المجحفة ؟
ان تجمع منظماتنا واحزابنا ليس نزيهاً بتوجهاته ولا يمكن ان يكون مثل
هذا التجمع ممثلاً لشعب ، فالتجمع كيف يكون ممثلاً للكلدان مثلاً وهو
يعمل على إلغاء هويتهم الكلدانية من الدستور العراقي والدستور
الكوردستاني فهل هكذا تجمع يعتبر نزيه وشفاف ويدافع عن الكلدان ؟
تنبثق اسئلة على سطح الوقائع منها :
هل يحق للأحزاب الكوردية او حتى البرلمان الكوردي ان يغير التسمية
الكوردية الى تسمية أخرى؟
هل يحق للأحزاب العربية والنواب العرب هل يحق لهم تغيير اسم القومية
العربية وإلغائها من الدستور العراقي ؟
فلماذا يعمل هؤلاء المزورين على إلغاء اسم القومية الكلدانية وفرض
تسمية مفبركة من قبل الأحزاب الآشورية ؟ كيف يقبلون بهذا العمل المقرف
البعيد عن اي تفسير لعلاقات ينبغي ان تكون اخوية ، فهل هؤلاء يعلمون في
صالح وحدة شعبنا ؟ انهم ببساطة يزرعون الكراهية والحقد والضغينة بين
ابنا الشعب الواحد حينما يلجأون الى هذا الأسلوب الملتوي في التعامل .
إن المحافظة المسيحية او اي عمل يفيد شعبنا ينبغي ان يتم بشكل نزيه
وشريف دون إقصاء اي مكون من شعبنا ، ودون استخدام سياسية لوي الأعناق
وكسر العظام .
المحافظة المسيحية ستغضب الجيران ونحن الكلدان سنخلق لنا اعداء علماً
بأنه سوف لا يكون لنا اي شأن او صوت مسموع في هذه المحافظة ، سنبقى
خاضعين لأصحاب القرار وسوف لا نكون اسياد انفسنا ، فإن كانت هذه
المحافظة تحت رعاية اقليم كوردستان فإن حقوق الكلدان مهضومة مقدماً وإن
كانت بيد العرب فالعلاقة مع اهل الذمة تبقى مستمرة ، وإن كانت بقيادة
الآشوريين فسنكون نحن الكلدان عبارة عن مكون مذهبي كنسي تابع للقومية
الأشورية ، وسوف يستمر الأنتهازيون في مسلسل التملق والمداهنة للاحزاب
الآشورية لنيل شئ من فتات موائدهم . فلا اعتقد نحن الكلدان ان يكون لنا
حصة في هذه المحافظة فليس ثمة حاجة للتحمس لأنشائها ربما تكون مصيدة
للايقاع بشعبنا الكلداني لألغاء هويته الكلدانية وجعله تابعاً ـ على
الأقل ـ على مدى عقود قادمة .
إذا اريد للفكرة ان تنجح وتصبح شعبية بحق وحقيقي ينبغي اعتماد لغة
هادئة عقلانية تراعي مصالح الجميع ، مع مراعاة الواقع الحالي في
المنطقة لكي تدرس وتضع الحد لكل الهواجس التي تثار من قبل الأطراف بما
فيها هواجس شعبنا الكلداني الذي يعتبر مسالة المحافظة او الحكم الذاتي
هي مصيدة لدفن هويته ولتقويض تاريخه ومحو تراثه ولغته الكلدانية ومآثره
التاريخية . اجل ان اسلوب التفاهم خير من اسلوب شراء الضمائر واستعمال
اسلوب الجزرة والعصا السيئ الصيت . |