بقلم : حبيب تومي / اوسلو/ عضو الهيئة العليا للتنظيمات الكلدانية

اقرأ المزيد...

habeebtomi@yahoo.com


العبرة من تكريم ناجي عقراوي في اقليم كوردستان

حبيب تومي / عنكاوا في 3 / 11 / 2009

كانت مبادرة إبداعية تلك التي اقترحها نخبة من المثقفين الكورد في في بلاد المهجر وفي اقليم كوردستان بتكريم الكاتب والمناضل الراحل ناجي عقراوي ، وفي الجانب الآخر كان تجاوب وزرارة الثقافة في اقليم كوردستان يتناغم مع ذلك المقترح لتقديم الدعم وللمساهمة في تلك الفعالية الثقافية التكريمية لانسان افنى حياته في خدمة شعبه بالنضال إن كان في سوح القتال ام في الكلمة التي يسطرها قلمه الحر .
وكعلامة للانسجام والتفاعل مع الثقافة والمثقفين كان حضور عدد من المسؤولين في حكومة اقليم كوردستان تلك التظاهرة الثقافية ، وبشكل خاص في الجلسة الأفتتاحية التي تصدّر فيها الحضور الأستاذ فاضل الميراني سكرتير المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني ، والأستاذ فلك الدين كاكائي وزير الثقافة في الكابينة الخامسة لحكومة اقليم كوردسا ن وهو من المثقفين الكورد المتضلعين باللغة العربية وباعتقادي انه يجد نفسه في الثفافة اكثر من السياسة ولهذا كانت وزارة الثفافة في اقليم كوردستان وهي وزارة حكومية لكنها تميزت بمهنية العمل الثقافي بمنأى عن رياح السياسة . وحضر حفل االأفتتاح الأستاذ جورج منصور وير الأقليم لشؤون المجتمع المدني في الكابينة الخامسة لحكومة اقليم كوردستان .
كما حضر هذه الأحتفالية وزير الثقافة والشباب في الكابينة السادسة في حكومة اقليم كوردستان الأستاذ هادي محمود وهو المعروف بتاريخه النضالي وبسعة ثقافته ومن انطباعاتي الشخصية عن هذا الأنسان هو تواضعه الجم وقد رأيته وهو يسوق سيارته المتواضعة حينما ذهبنا الى مدينة عقرة لرفع الستارة عن النصب التذكاري للعقراوي ناجي صبري الذي اقيم في مدخل مدينتة الجميلة مدينة العقرة . فيمكن إدراج ان جانباً من هذا التكريم هو للمدينة الكوردستانية مدينة عقرة التي يكتنفها التعايش والتسامح بين مكوناتها الدينية والأثنية .
نبقى في المهرجان الثقافي التكريمي لاشير الى حضور نخبة من الأدباء والكتاب والمثقفين والأكاديمين الكورد وفي مقدمتهم المؤرخ الكوردي المعروف الدكتور كمال مظهر .
إن كان شئ من السياسة قد جرى التطرق اليه في هذا الأحتفال كان ذلك الذي ربط بين نضال الشعبين الصديقين الشعب الكوردي والشعب الفلسطيني وكان ذلك ترحيباً لمقدم الأستاذ تيسير خالد ممثل منظمة التحرير الفلسطينية ورئيس لجنة المغتربين الفلسطينين في تلك المنظمة ، وكان من اجل الربط بين نضال ومعاناة الشعبين عبر الآشارات الواضحة في كلمتي الأستاذ تيسير خالد والأستاذ فلك الدين كاكائي .
وبكل صراحة وشفافية اقول ان انه لم يجري تمرير اي خطاب سياسي ، إنما كانت المهنية هي السائدة وكان محور الكلمات والمناقشات المحتفى به ناجي عقراوي والثفافة والمثققين والتواصل وقبول الآخر ...
قد يتساءل المرء لماذا كان تكريم ناجي عقراوي ؟ ما هي مكانته ليجري له هذا التكريم وتلك الأحتفالية الجميلة ؟
بنظري ان من يجري جولة في فكر ناجي عقراوي عبر ما سطره قلمه سيقرأ كلمات مضيئة فيها الدفاع المستميت عن قضية شعبه الكوردي والتي كانت المنارة التي يهتدي بها دون ان تثني من عزيمته المخاطر والملاحقات والسجون وبعد ذلك صراعه مع المرض .
إن الأعتزاز القومي ونصره شعبه المظلوم لم يشكل جداراً يمنعه من التحليق في الفضاء الوطني والأنساني ، وهو يعلم ان إبراز الوجه الأنساني لقوميته الكوردية تتجسد في قبول الآخر والتفاعل معه ، وهكذا نجد ناجي عقراوي مدافعاً مستميتاً عن الوطن العراقي ، مع دفاعه المخلص عن كل المكونات العراقية المظلومة والمهمشة في الوطن العراقي ، لقد كتب وناضل من اجل حقوق الكورد الى جانب دعواته الصريحة لمنح الحقوق الوطنية والقومية للمكونات الأخرى ، لقد جسد فكره الأنساني حينما دافع عن حقوق المكونات القومية والدينية الأخرى بما فيهم الكلدانيين والتركمان والآشوريين والسريان والأرمن والكورد الفيلية والشبك والكاكائيين والمسيحيين والأيزيدية .. كان يحلم بالوطن العراقي الواحد تسوده مبادئ الحرية والديمقراطية والتسامح والتعايش .
""واحب ان اشير بهذا الصدد ان الراحل ناجي عقراوي قد وقف مع شعبنا الكلداني ومع حقوقه القومية منذ الوهلة الأولى ، لكن مع الأسف جرى تهميش حقوقنا القومية الكلدانية في اقليم كوردستان وذلك ربما يكون استجابة للخطاب الآشوري المتزمت الرامي الى إلغاء القومية الكلدانية من الخارطة القومية العراقية "".
هذا هو الأنسان الذي بادر الى تكريمه المثقفون من مختلف الملل والنحل العراقية ، بتعضيد من وزارة الثقافة الكوردية . وبهذه المناسبة بودي ان اشير الى مسألة بنظري تحمل في طياتها اهمية كبيرة وهي تصب في مصلحة الشعب الكوردي ، وهي مسألة اللغة العرية في اقليم كوردستان .
اقول :
إن الشعب الكوردي طَرَقَ مختلف الأبواب ليجد من يسمع صوته ويشكو له همومه ، فكان عليه ان يتكلم الفارسية والعربية والتركية والأنكليزية وغيرها من اللغات ، ليقول لهذه الشعوب هنالك شعباً كوردياً له الحق في الوجود وفي الحياة وفي الأستقلال الذاتي وفي تقرير المصير اسوة بالشعوب الأخرى على المعمورة ، وكان ناجي عقراوي واحداً من تلك الأصوات التي استطاعت ان توصّل قضية الشعب الكوردي الى اوساط مثقفة عربية ، وهو يدرج في كتاباته سلسلة طويلة من اسماء الكتاب العرب الذين تفهموا قضيته .
هكذا اذاً يبقى الشعب الكوردي بحاجة الى تلك اللغات لايصال قضيته ، والشعب الكوردي لا زال قد خطا الخطوة الأولى من مسافة الألف ميل ، فأرى بضرورة تواصل المثقف الكوردي مع الأخر .. وأرى في هذا الصدد ان يكون هنالك فضائية للشعب الكوري ناطقة باللغات الأخرى وفي مقدمتها فضائية باللغة العربية ، التي تمد جسور التواصل مع العمق العربي ، وللتصدي لتراكم كبير من الأعلام السابق الذي اظهر القضية الكوردية بمقاسات الأعلام المعادي للقضية الكوردية وتطلعاتها المشروعة .
نحن اصدقاء كوردستان والشعب الكوردي نتطلع الى هذه الرقعة ان تبقى واحة المحبة والتسامح والتعايش بين مختلف الأثنيات والأديان والأعراق ، ولتكون تجربة فذة في التعامل الديمقراطي العلماني والذي يقف على مسافة واحدة من جميع هذه المكونات . وهذه ستكون تجربة جميلة في الوطن العراقي ليكون عراقاً ديمقراطياً علمانياً ولكي ينعم بالأمان والأستقرار والعايش والتسامح الذي يسود في اقليم كوردستان الجميل .

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها