شهداء صوريا علامة مضيئة في النضال
المشترك للشعبين الكوردي والكلداني
13
/ 09 / 2009
((( ما حل بكل من دكان وصوريا يعيد الى الذهن الفظائع التي ارتكبها
النازيون في الحرب العالمية الثانية . وستبقى هاتان القريتان الضحيتان
خالدتين في ضمير الشعب الكوردي وستحتلان في جبين نضاله رصيعته الكبرى
الى الأبد ))) .مسعود البارزاني : "(البارزاني والحركة التحررية
الكوردية ج3 ص215) "
هذا ما سطره الأستاذ مسعود البارزاني ولكن لكي تكتمل الصورة امامنا لا
بد من العودة الى الماضي التاريخي ليكون لنا تصور عن مكانة الشعب
الكلداني ومساهماته في التاريخ العراقي بشكل فعال والى
اليوم .
اجل ان شعبنا الكلداني قطن هذه الديار منذ سحيق الأزمنة وبنى وساهم ببناء
حضارات راقية في وقت كانت البشرية غارقة في غياهب الجهل والظلام ، وبهذا
الصدد نقتبس شئ عما يكتبه وول ديوارنت في قصة الحضارة يقول :
(( ما من احد ينظر الآن الى موقع مدينة بابل القديمة ويخطر بباله ان هذه
البطاح الموحشة .. كانت من قبل موطن حضارة غنية كادت تكون هي الخالقة
لعلم الفلك ، وكان لها فضل كبير في تقدم الطب ، وأنشأت علم اللغة ، واعدت
اول كتب القانون الكبرى ، وعلمت اليونان مبادئ الحساب وعلم الطبيعة
والفلسفة ، وأمدت اليهود بالأساطير القديمة التي اورثوها الى العالم ..
)) اجل هذا هو تاريخ شعبنا الكلداني منذ اقدم العصور .
المتتبع لمسيرة شعبنا الكلداني سيلاحظ محطات الزمن القاسي وتواتره على
هذا الشعب ، فبعد ان اختار هذا القوم المسيحية ديناً لهم توالت عليهم
الأضطهادات فقدم قوافل الشهداء ، ويمكن الأطلاع عليها بإسهاب في كتاب
شهداء المشرق لأدي شير .
ولكن علينا متابعة هذه المحطات في الراهن وسنلاحظ ان المشهد يظهر مساهمة
شعبنا الكلداني بدأب ومثابرة في المسيرة العراقية منذ انبثاق الدولة
العراقية الحديثة ، فعلى النطاق السياسي ، ساهم شعبنا بالأنخراط في
الأحزاب الموالية للحكومات ومنها الأحزاب المعارضة وأخرى سرية وممنوعة من
العمل وكان لشخصيات كلدانية حضور واضح في هذه المسيرة منهم يوسف غنيمة
الذي تسلم مراكز مرموقة في الدولة العراقية ، وفي الأحزاب السرية كان
يوسف سلمان يوسف المعروف باسم فهد وهو من شعبنا الكلداني وهو مؤسس
الحزب الشيوعي سنة 1934 م .
لقد قدم الكلدانيون شهداء ابرار نتيجة مساهماتهم في مقاومة الحكومات
المستبدة ، ولسنا في صدد ذكر القائمة الطويلة من قوافل الشهداء إن كان في
النضال الداخلي او في الدفاع عن العراق .
ولعل مساهمة شعبنا في الثورة الكردية واحدة من محطات وقوفه الى جانب
القوى الوطنية والقوميات العراقية للحصول على حقوقها وكانت الثورة
الكردية تقدر تضحية شعبنا الكلـــداني ونحن نتذكر الكاهــن الكلــــداني
بولص بيداري الذي كان يمثل مسيحيي كوردستان في مجلس قيادة الثورة
الكوردستاني .
لكن ينبغي الأقرار بصراحة : بأن شعبنا الكلداني اليوم يشعر بغبن لعدم
تمثيله وقواه القومية الكلدانية وبشكل صريح في حكومة اقليم كوردستان ،
وينبغي على القيادة الكردية ان تذكر نضال الشعب الكلداني ومساهمته في
الثورة الكوردية ولعل قرية صوريا كانت واحدة من اشكال التضحية الكبيرة في
مسيرة الثورة الكردية إذ يقول الأستاذ مسعود البارزاني :
( يوم 15 ايلول 1969 انفجر لغم تحت سيارة عسكرية بالقرب من قرية صوريا ..
في اليوم التالي تقدم فوج نحو القرية ولم يكن لاهاليها العزل البسطاء
فكرة او صلة بعيدة او قريبة باللغم ولم يبدر منهم اي عمل ضد النظام . كما
لم تكن لديهم اي فكرة عما سيحل بهم حتى ان مختار القرية الذي يدعى مروكي
خرج هو وكاهن القرية لاستقبال الجيش ليواجها رشقة من من الرصاص قضت
عليهما . ويضيف البارزاني :
دخلت فصيلة من الجيش بقيادة الملازم الأول عبد الكريم الجحيشي وفتكوا
بتسعة وثلاثين من اهل القرية بينهم عشورن من النساء والأطفال وبعدد مماثل
من الجرحى ).
بمتابعتنا لمسيرة شعبنا الكلداني ستصادفنا صروف الزمن القاسي الذي احاط
به بعد نيسان 2003 فالتاريخ يعيد نفسه ففي القرن الرابع عشر الميلادي إذ
كانت الهجمة على ابناء شعبنا في مدن العراق على يد قوات تيمورلنك الغازية
، ووجد شعبنا في ذرى جبال كوردستان المعاقل الحامية لوجوده ، فاليوم
يتعرض شعبنا الكلداني الى هجمات ارهابية من قتل وخطف وابتزاز وتشريد ..
وهكذا لم يبق امام شعبنا الكلداني وكل المسيحيين سوى ترك بيوتم وحلالهم
والهجرة الى البلدان التي تحترم كرامة الأنسان والى كوردستان التي رحبت
بالأقليات الدينية التي طالتها عمليات العنف الدموي .
لقد قدم شعبنا قافلة طويلة من الشهداء على ارض العراق في هذه السنين بعد
2003 وليس هذا فحسب بل طال شعبنا الكلداني التهميش السياسي على الساحة
السياسية العراقية وهنالك محاولات غير بريئة بألغائه من الخارطة القومية
العراقية ، ولقد كانت البداية في اقليم كوردستان مع الأسف حيث الغي اسم
القومية الكلدانية من الدستور الكردستاني وهذا مخالف لما ورد في الدستور
العراقي الأتحادي ، ونحن بهذه المناسبة نناشد القيادة الكردية ان تضع نصب
اعينها مصلحة الشعب الكلداني القومية والسياسية وان تكافئة بما يستحقه
ومكانته النضالية إن كان على نطاق الساحة السياسية العراقية او على نطاق
اقليم كوردستان الذي ينتهج منهجاً واضحاً في تطبيق الديمقراطية ومبادئ
حقوق الأنسان وحقوق الأقليات وفي مقدمتها ينبغي إنصاف شعبنا الكلداني بما
يستحقه ومقدار تضحياته الجسيمة .
المجلد والخلود لشهداء مجزرة صوريا ولكل شهداء الوطن العراقي . |