بقلم : حبيب تومي / اوسلو/ عضو الهيئة العليا للتنظيمات الكلدانية

اقرأ المزيد...

habeebtomi@yahoo.com


بعض مواقع شعبنا الألكترونية وسياسة تكميم الأفواه المعارضة

 9 / 9 / 2009 

الرقابة على ما ينشر تقليد جرى تداوله في العراق في مختلف العقود التي نتذكرها وربما كان هذا لتقليد متوارث من العهد العثماني حيث اتسمت هذه الأمبراطورية بتفخيم وتمجيد اصحاب السلطة والجاه والمال ، فكانت الألقاب الباشا ، البيك ، الفخامة ، السعادة ، الجلالة .. الخ وكان المس به

ؤلاء يعتبر من المحرمات وتؤدي بصاحبها الى التهلكة والمنافي .

ومن جميل ما كتب بهذا الخصوص ما سطره الدكتور علي الوردي في كتابه لمحات اجتماعية من تاريخ العراق ، يقول :

 أن مراسلاً فرنسياً وجد مقالاته كثيراً ما تمزق من قبل الرقابة ، فذهب الى رفعت بك مدير الرقابه يسأله عن الحدود التي يستطيع ان يكتب دون ان تمزق مقالاته ، فأجابه الرقيب قائلاً :

تستطيع ان تكتب عن اي شئ .

 ووسط دهشة واستغراب المراسل الفرنسي أضاف الرقيب قائلاً :

تستطيع ان تكتب عن اي شئ ماعدا الحكام والحكومات الأجنبية والفوضوية والأشتراكية والثورة والأضطرابات والفوضى والحرية وحقوق الشعب والسياسة الخارجية والسياسة الداخلية والدين والكنائس والمساجد والأنبياء والإلحاد والتفكير الحر والسلطات والأنوثة والحريم والوطن والأمة والقومية والعالمية والجمهورية والنواب والدستور والمؤامرات والقنابل ومدحت باشا وكمال بك والسلطان مراد ومكدونية وأرمينية والأصلاحات والجراد وشهر اغسطس وبعض المواضيع الأخرى المتصلة الى حد ما بهذه المواضيع .

 وهنا انتفض المراسل الفرنسي متسائلاً : سبحان الله فماذا بقي ؟

فأجابه رفعت بك مدير الرقابة قائلاً :

ماذا بقي ؟ كل شئ : المطر الطقس الحسن على ان لا تذكر المطر في شهر  أغسطس ،  او ضوء القمر . وتستطيع ان تتكلم عن الكلاب في الشوارع على ان لا تطلب إبادتها وتستطيع ان تكتب عن السلطات ما دمت لا تشير الى الفساد . بالأختصار لك الحرية التامة الكاملة في التكلم بما يروق لك .

نحن في القرن الواحد والعشرين وفي عصر الأنترنيت والموبايل والفضائيات ، فما هي القدرات التي يمكنها ان تحد من حرية الفرد في التعبير عن رأيه ؟

في الأنظمة الشمولية وهي انظمة تعتمد على الحزب الواحد او الحزب القائد ، والحقيقة محصورة فيما تطلقه ابواق النظام الأعلامية ولا وطنية إلا الموالاة لهذا النظام ، فلا سؤال ولا مساءلة ولا محاسبة تطالهم ، وكل من يجرؤ على الأخلال بهذا النظام مصيره معروف في غياهب السجون في احسن الأحوال وفي غيرها هنالك الأعدامات او رميه في احواض تحتوي على حوامض تذيب جسده وتلغيه من الوجود .

لكن نعود الى احزابنا والى قنواتها الأعلامية ، فالذي تتمكنه هذه القنوات هو اضعف الأيمان وهو ان تعلّب الحقيقة حسب مفهومها ووفق مقتضيات مصالحها ثم اسكات الأصوات المعارضة وتكميم افواهها ، إما بالترغيب وإلا فالمقاطعة . . ويبدو ان إعلام احزابنا الاشورية متناغم مع هذا السياق بشكل كبير مع الأسف ، لانهم ببساطة لا يصغون الى المختلفين معهم .

والمبررات لهذه المقاطعة كثيرة منها تمزيق اوصال الأمة ، وأخرى انها افكار انفصالية وثالثة انها تصل الى تخوم اتهامهم بخيانة الأومثا ، لأنهم يتجاوزون على مقدساتها ، فالكتاب الذين لهم نزعة قومية كلدانية متهمون بتمزيق الأمة ، وخيانتها ، كيف وهم يتجاوزون على المبادئ ويخونون الأمة بوضع الواوات الأنفصالية بين مكونات هذا الشعب ، فهم بوضعهم هذه الواوات لا يختلفون عن اي عدو لدود . 

هكذا تعاني هذه الأحزاب ( الآشورية ) ومواقعها الألكترونية وفضائياتها ( عشتار وآشور )  تعاني  من نقص فادح في ثقافة الحوار وقبول الرأي الآخر والتسامح معه ، وقد سادت لسنوات طويلة ثقافة الإقصاء والإلغاء والعزل،  التي تحولت إلى صوت واحد ورأي واحد، لا تقبل الجدل والحوار أحيانا، ناهيكم من الاختلاف والرأي الآخر،  فالاختلاف والتنوع من طبيعة الأشياء، ولا يوجد مجتمع دون اختلاف أو معارضة . هذا هو حال إعلامنا الموجه ، في حين يدعي انه يؤمن بالحرية وبالرأي الاخر .

((احيط علماً القارئ الكريم ان رأيي هذا هو منوط بتجربتي الشخصية مع هذه المواقع )) .

 لكي لا نذهب بعيداً سنبقى في دائرة المواقع التابعة لشعبنا والتي نعتبرها منابر  نرفع من خلالها اصواتنا  وندون فيها أفكارنا لكي ترى النور عبر منابرها ولنعرض فيها همومنا وتطلعاتنا ..

 ومن خلالها ايضاً نفكر بصوت عال لكي يسمعنا العالم ، ومن الطبيعي ان ما نكتبه بشؤون شعبنا وهمومه لا يمكن ان تسترعي انتباه الآخر لانها لا تدخل في دائرة همومه ، فحينما اكتب عن القوش او عنكاوا او مانكيش او كرملش .. فإن ابن دبي او وهران او مسقط او نواديبو او بورسعيد او مقاديشو .. لا يهتم بما ينشر عن هذه البلدات ، وهكذا فنحن نكتب للقراء من ابناء شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين ، وهم بدورهم يفتحون مواقعنا للاطلاع على ما يجري في هذه الرقعة الجغرافية، فإن كانت مواقعنا لا تنشر لنا فأين نذهب نحن الكتاب ؟

 إن ما نكتبه من آراء وتحاليل ونقد ومدح .. في مواقعنا هو لكي يقرأ من قبل ابناء شعبنا ولا نطمح ان ينال اهتمام قراء كثيرين خارج دائرة شعبنا من الكلدان والسريان وألاشوريين .

إذا استثنينا موقع عنكاوا والذي ليس بحاجة لكيل الأطراء والمديح ، وبعض المواقع القليلة الأخرى لشعبنا منها موقع نركال كيت وموقع باقوفا وكرملش لك وكرملش يمي وكلدايا نت وموقع تلسقف وموقع القوش كوم ، والتي تتميز بموضوعية وحيادية واضحة ، فهنالك الكثير من المواقع تسلك بما يمكن ان نقول عنه تفرقة عنصرية لقوم معين ، والسبب يعود الى تبني تلك المواقع خطاب إقصائي لكل ما لا ينسجم وطروحاتهم السياسية والأديولوجية  .

وكما قلت وجهة نظري منطلقة من تجربتي الشخصية مع هذه المواقع فهنالك مواقع حزبية لها اجندتها ، المواقع الآشورية والمواقع التي تسير في ركبها او تخشى سطوتها تسلك نفس السلوك لا اقول مع كتابنا ولكن اقول معي ، وبهذا السياق يسير موقع زهريرا الآشوري وهو كمثال غير حصري ينشرون للكتاب العراقيين والكتاب الآشوريين والكتاب الكلدان الذين يفتخرون بكتاباتهم بالنيل وتبخيس القومية الكلدانية .

اما من يفتخرون بقوميتهم كبقية البشر الذين يحق لهم الأعتزاز والأفتخار بقوميتهم فليس لهم مكان في تلك المواقع، وفيها نوع من التفرقة العنصرية ولماذا اقول التفرقة العنصرية لان التفرقة تكون بتشخيص اسم الكاتب وليس ما يكتبه ، فلأن اسمه حبيب تومي ويفتخر بانتمائه الكلداني فيمنع نشر ما يكتبه حتى لو كانت صلوات للسيد المسيح .

 وموقع عشتار تي في كنا نتأمل ان يكون له مساحة من الحرية ، فتبين انه يفتقر الى النفس الذي كنا نتأمله فيه  ـ خاصة في الآونة الأخيرة ـ  بعد تحول المجلس الشعبي الى حزب سياسي لايقبل اي شكل من اشكال النقد . ولم يعد فيه مساحة  لنشر مقالات حبيب تومي ، وهو الأن يسير بخط اي حزب آشوري يحمل افكار قومية اديولوجية ، فسيّس القومية ، وأدخلها في النفق الضيق المتزمت .

مواقع كلدانية ايضاً تفلتر ما يكتبه الكتاب الكلدان ، لكي لا يزعل هذا الحزب او تلك الحركة . بل ان بعضها لا يقبل بكتاباتنا استجابة لخط المقاطعة من قبل حزب الحركة الديمقراطية الآشورية وكمثال غير حصري على ذلك موقع القوش نت  .

سياسة تكميم الأفواه

إنه امر يؤسف له ان يدعي الجميع اننا شعب واحد لكن يسعون الى إخماد انفاسنا نحن الكتاب الكلدان باعتبارنا نحمل بيدنا معول للهدم ولنا فوق ذلك افكار هدامة كما كان يقول نوري السعيد رحمة الله عن الأفكار الشيوعية . ان هذه الأحزاب ومواقعها قد فقدت المصداقية وفقدت معها الأخلاقية في تعاملها مع كتاب شعبنا على اختلاف آرائهم وانتماءاتهم . فهؤلاء ليسوا حاملي الأفكار الهدامة انما هؤلاء هم ابناء شعبنا يحملون فكر مستقل ولا يحملون معاول تهديم .

إن إسكات الآخر هي من مخترعات الأنظمة والأحزاب الشمولية الأديولوجية فالى اي طرف تنتمون انتم إن كنتم احزاب شمولية فالف مبروك لكم ، وإن كنتم احزاب ديمقراطية وتمثلون الشعب ـ وسؤالي هذا هو لحزب الزوعا والمجلس الشعبي ـ إن كنتم حقاً ديمقراطيين فينبغي ان تعاملون الجميع بمفاهيم الحرية ، للموالين لكم ولمعارضيكم ، هذه اسمها الديمقراطية ، وليست الديمقراطية في تكميم الآخر وإسكات صوته ، هذه بالعربي الفصيح دكتاوتورية ايها السادة التي تعمل على قمع المفكرين والكتاب فالى اي معسكر تنتمون ؟

 سؤال مطلوب منكم ان تجاوبون عليه ان كنتم تتجرأون على الأجابة .

نحن شعب واحد حتى رفعتم الواوات بين تسميات شعبنا وهكذا تذيعون في اخباركم وبياناتكم فهل ينبيغي للشعب الواحد ان يكون جميعهم موالين لاحزابكم ؟ ومن يعارضكم هم خونة انفصاليين وتقطعون المساعدات عن احزابهم وتسكتون كتابهم أهكذا تكون الديمقراطية ايها السادة ؟

 تحياتي لكل مواقعنا وارجو ان ينفتحوا للكتاب الكلدان مساحة من الحرية إنهم ابناء هذا الشعب المسكين ، صحيح ان الكلدان ليس لهم حصة من الكعكة فعلى الأقل اسمحوا لهم ان يعبروا عن رأيهم بالمقالات ، والكعكة برمتها هنيئاً مريئاً لكم .

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها