بقلم : حبيب تومي / اوسلو/ عضو الهيئة العليا للتنظيمات الكلدانية

اقرأ المزيد...

habeebtomi@yahoo.com


رابي سركيس وسياسة الجزرة والعصا مع شعبنا الكلداني

7 / 7 / 2009

 

لكي نكون واقعيين ونعترف بالأمر الواقع بمنأى عن التخمينات والتخيلات ، فإن الأحزاب الآشورية دالت لها الأيام واصبحوا في حكم المستأثرين بالسلطات في تقرير مصير المسيحيين في العراق ، إن كانوا من الكلدان او السريان او حتى الأرمن . وطفقوا منذ نيسان 2003 يطبقون الأجندة الآشورية بحق شعبنا الكلداني  .

في البداية كان السيد يونادم كنا وحزبه " الحركة الديمقراطية  الآشورية هو اللاعب شبه الوحيد على الساحة السياسية ، فالقوى السياسية الكلدانية لم يتبلور رصيدها السياسي إلا بعد  حين .

 على مدى عقود بعد الحرب العالمية الأولى وبعد تهجير العشائر الاثورية من معاقلها في جبال هكاري وأورومية ، كان هذا القوم يسعى الى تشكيل تنظيمات سياسية واجتماعية تتخذ لنفسها بشكل عام الأسم الآشوري ، لكن طيلة عقود استمر القاسم المشترك لهذه التنظيمات في تقوقعها في التجمعات الآثورية حصراً ، إن كان في العراق او في بلاد المهجر ، وكانت هذه التنظيمات تتوسع عامودياً ، وتتراوح في مكانها وتبقى عاجرة عن الأمتداد الأفقي ، وظلت هذه التنظيمات محدودة التأثير على الساحة السياسية بشكل عام وبقيت تراوح مكانها محصورة في شرنقتها الآشورية .

فكانت البراغماتية السياسية الاشورية  تفكر في تأسيس حزب يختلف عن النمطية المتداولة تتوفر فيه ديناميكية مؤثرة يلائم التطور ويخرج من تلك القوقعة المتعصبة التي لم تعط  الثمار طيلة عقود من العمل ، فكان الأنفتاح والتوجه الى المسيحيين من غير الآثوريين ، وصادفت ان الساحة مفتوحة لدى الشعب الكلداني فهذا القوم في منأى عن التعصب والتقوقع ويعملون مع كل الأقوام العراقية وينخرطون في كل الأحزاب التي ترفع الراية العراقية وتعمل من اجل عراق ديمقراطي تعددي .

 وهكذا تأسس حزب اشوري لكسب ود الكلدانيين فعمد الى تكوين حركة ( زوعا )  ، وهذه الحركة يمكن ان ينخرط فبها شتى الأقوام . فالحركة الكوردية كان فيها العرب والأكراد والتركمان والكلدان وغيرهم ، فالحركة ليست حزب سياسي بالمعنى الحرفي ، وهكذا انطلقت الحركة الديمقراطية الآشورية ( الزوعا ) فاتحة ابوابها للكلدانيين .

وبعد عقود من العمل وانتكاسة الحزب الشيوعي العراقي ،بقيت شريحة من هؤلاء الشيوعيين يعانون من الفراغ السياسي في مطاوي التسعينات من القرن الماضي وكانت هذه فرصة ذهبية لاستمالة هذه الشريحة الى جانبها ، ولازالت تلك الشريحة باقية في صفوف الزوعا ومنهم من له مراكز قيادية .

ما يهم موضوعنا من هذه المقدمة الطويلة هو انبثاق حزب آشوري آخر بعد سقوط النظام ، وبعد ان كانت الحركة اللاعب الوحيد او الرئيسي في الساحة ، انطلق الحزب الآشوري الآخر في اقليم كوردستان ، وتموضع هذا الحزب في إطار ( المجلس ) فكان ( حزب ) المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ، إذ استفاد من نقطة الضعف للحركة الديمقراطية الآشورية ، باسمها الآشوري ، فانطلق هذا الحزب باسم مركب من تسميات شعبنا التاريخية ، لينأى بنفسه عن التسمية الآشورية المجردة ، وهو يرمي الى الأستفادة من الثقل الديموغرافي للكلدان والسريان لتمرير اجندته الآشورية الصرفة .

استفاد المجلس الشعبي من وضعه المالي ، إذ ان الثروة المخصصة للمسيحيين كانت تحت تصرف الأستاذ سركيس آغا جان وهو وزير المالية في حكومة اقليم كوردستان ، وإن هذا المجلس وفي المعنى التداولي نقول هذا الحزب طرح مشروح الحكم الذاتي لشعبنا ، وأنا شخصياً لا زالت مؤيداً بقوة لمبدأ حقنا في الحكم الذاتي فهو حق مشروع لشعبنا ، لكن هذا الطرح رغم مشروعيته ، كانت هنالك تحفظات من جهات اخرى حوله منطلقة من خلافات سياسية وأسباب أخرى ، وهذا ليس موضوعنا .

نأتي الى موضوع علاقة رابي سركيس بالشعب الكلداني وسياسة الجزرة والعصا ، فقد فتحت الأبواب للكلدانيين بالمساهمة في التنظيم الجديد ( لكن ) مع اعلان الايمان بالتسمية التي اختارها المجلس .

 اما التنظيمات الكلدانية السياسية والثقافية فكان عليها التفيؤ بظلال المجلس الشعبي للظفر بدعمه المالي ، وعلى الأقل تساعدها في دفع ايجارات مقراتها . فكان الخيمة تعرف بلجنة التنسيق .

 وكانت المساعدات التي تدر على هذه التنظيمات  بمستوى اقل مما كانت تعامل به الأحزاب الآشورية والتي كانت في نفس لجنة التنسيق .

 المهم أن القطيعة لاحت بوادرها حينما عكف الكلدانيون بالتململ في خطوة الى تنظيم الذات ، إذ بدأ المجلس القومي الكلداني بالتحضير لمؤتمره الثاني ، وهذا حق طبيعي ومشروع .

 كانت هذه الخطوة هي القشة التي قصمت ظهر البعير في تنفيذ القطيعة بل بدأت بوادر اختفاء الجزرة والتلويح بالعصا " فالعصا هي لمن عصى " .

وضعت عصا  في دولاب العربة لمنع عقد مؤتمر المجلس القومي الكلداني ، لكن المؤتمر انعقد بفضل تعاطف الجانب الكوردي مع الحق الكلداني ، فأقليم كوردستان يعطي حرية العمل للتنظيمات السياسية القومية لكل مكونات اقليم كوردستان وهذا جزء من لغة الديمقراطية التي يتعامل به هذا الأقليم .

فضائية عشتار التي ينبغي ان تكون لكل المسيحيين من كلدان وسريان وآشوريين او كما تقول هذه الفضائية الكلدان السريان الآشوريين ، فإنها لم تترجم شعاراتها على الواقع ، فهذه القناة تنقل الفعاليات من حفلات وغناء وقداديس ومؤتمرات وسلامات الأهل من اقاصي الدنيا ، لكنها عدستها غابت عن تصوير ونقل احداث مؤتمر المجلس القومي الكلداني الثاني الذي كان يبتعد عنها بضع مئات من الأمتار ، وحضرت فضائيات عراقية اخرى باستثناء فضائية عشتار وفضائية آشور طبعاً .

  كما لم يحضر اي مندوب من المجلس الشعبي لهذا المؤتمر الكلداني في حين هذا الحزب ـ حزب المجلس الشعبي ـ كان له مندوبين لحضور المؤتمر الآشوري العالمي عبر البحار في قارة استراليا .

وبعد هذه الخطوة اختفت كلياً الجزرة في الاعلام حيث كانت مقالات حبيب تومي تنشر في موقع عشتار تي في التابع للمجلس الشعبي ، بات حبيب تومي في القائمة السوداء ، وهذه ابسط حالة تتعارض مع التعامل الديمقراطي مع الكلمة الحرة مهما كنا مختلفين معها .

 وسنأتي في مقال خاص للتفرقة العنصرية التي تسلكها بعض مواقعنا اتجاه المثقفين والكتاب الكلدان .

هكذا من يهتدي فله الجزرة ومن يعصى فله العصا ، انسجاماً مع نسق سياسة التركيع وكسر العظم .

الى رابي سركيس :

 (( نحن شعب واحد ليس في حصر الكلمات وخلطها ، إنما نحن شعب واحد باحترام حرية كل الأطراف وتوجهاتهم ، ومن يخالفكم امراً من الكلدانيين هؤلاء ليسوا كفرة وشياطين ومفرقين ، هؤلاء بشر مثلكم لهم مشاعرهم ينبغي احترامهم وأخذ رأيهم ، فالحرية باتت من ضرورات العصر )) .

نحن جميعاً شركاء لنا مصالحنا وينبغي مراعاة هذه المصالح بتكافؤ وحيادية وشفافية ودون فرض قيود لمنح هذه المصالح ، نحن شعب واحد ينبغي ان يكون للجميع حصة في الوظائف وفي تقسيم الثروة وإن يسمّع صوت الجميع في الأعلام ، وليس صوت طرف واحد .

 حتى في موضوع التسمية ومهما كان الطرح كان يمكن تثبيته في دستور اقليم كوردستان بعد تفاهمنا بشكل صريح وديمقراطي ، وحتى لو كان التوجه نحو تثبيت التسمية الهجينة التي تم تمريرها ، كان يمكن التداول بشأنها بعد الحوار الديموقراطي البناء ، وليس بفرض العصا ومن لا يريد فالحيطان موجودة ، هذا هو اسلوبكم رابي سركيس ، لا يمت بصلة الى الحوار الديمقراطي الأخوي الذي ينبغي ان يسود بين الأشقاء في البيت الواحد .

إن سياسية كسر العظم وقطع الأرزاق ، والتلويح بالجزرة للترغيب ، ثم بالعصا للترهيب ، هذه العملية ليست بين ابناء الشعب الواحد ، إنها سياسة الراعي والقطيع والتي نحن الكلدانيين لا نقبل بها .

ينبغي ان يكون بيننا حوار ديمقراطي مبني على الأحترام بمنأى عن التلويحات المذكورة ، فنحن في العقد الأول من القرن الواحد والعشرين الذي يحتم احترام حقوق الأنسان مهما كان معتقده او دينه او جنسه او عرقه . ونحن الكلدانيين بشر كبقية الناس ينبغي ان تعاملونا كبشر لنا حقوق مثلكم وليس اقل منكم .

رابي سركيس المحترم

إن شعبنا المسيحي كان ينبغي ان يكون مثالاً حياً في التعامل الديمقراطي تسوده الصدقية والشفافية ، وكان ينبغي ان يكون هذا المجتمع مثالاً يحتذى به في المجتمع العراقي عموماً في التفاهم والحوار الديمقراطي ، لكن احزابكم الآشورية التي لا تعرف معنى الديمقراطية وحرية الآخر ، دأبت مع الاسف على جعل ساحتنا السياسية تقف دائماً على صفيح ساخن لا يركن الى الهدوء والسكينة هذه هي الحقيقة .

فهل نستمر نتلاكم على الحلبة لتوجيه الضربة القاضية ، ام نتعامل كشركاء انداد نراعي مصالح الجميع بشكل عادل ومتساو وبعيداً عن سياسة الجزرة والعصا .

ولكم جميعا خالص تقديري ومحبتي.

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها