بقلم : حبيب تومي / اوسلو

اقرأ المزيد...

 

habeebtomi@yahoo.com


كيف نجعل من أكيتو البابلي الكلداني مُوحِداً لا مُفرِقاً لشعبنا ؟

090401

حديقة جميلة فواحة مكللة بأنواع الزهور والأوراد ، تلك هي الحديقة المجتمعية العراقية المتنوعة بالمناسبات والأعياد ، إنها موزائيك الذي يحوي أقلياته الجميلة ، الأول من نيسان للكلدان والسريان والآشوريين ، وعيدي الصوم وسري صال لليزيدية ، ونوروز للاكراد وعيد الشجرة او عيد الربيع لكل طبقات الشعب العراقي . أنه معنى لانبثاق الحياة وتجددها ، فنوروز تعني النهار الجديد او اليوم الجديد وسري صال  تعني رأس السنة وعيد الشجرة او الربيع تعني غرس الحياة وانبثاقها بعد هجوع الشتاء الكئيب ، وأكيتو في الأول من نيسان يعني انتصار الحياة والخير على قوى الشر ، وحتى عيد قيامة السيد المسيح او عيد الفصح فإنه يرمز الى تجدد وانتصار الحياة على الموت ، وانتصار الخير على الشر .

اكيتو والأعياد المذكورة الأخرى ، تشكل وسيلة بريئة للترفيه عن النفس وإدخال البهجة لشرائح المجتمع ، إنها ليست أعياد لاهوتية ولكنها اعياد مجتمعية تتأثل جذورها نحو عمق التراث والتقاليد والأوابد عبر مسافات الزمن وعبر التاريخ البينهريني حيث مهد الحضارات المشرقة ، إن هذه الأعياد ترمز  في مجملها الى انبثاق الحياة وانتصارها ، فالزهور تتفتح والأرض تكتسي بحلة خضراء جميلة ، وعلى اغصان الأشجار المتجردة  تنبثق البراعم وتورق مع الأيام ، وتتراقص العصافير ، والحيوانات تخرج من مخابئها بعد سبات الشتاء ، والأرض المزروعة بالبذور تنبثق البواكير الخضراء من أديمها لتعانق الشمس المشرقة .

كان القدماء يعزون موت الحياة وتجديدها الى حياة الآلهة نفسها حيث تموت هذه الآلهة ثم تقوم وهي علامة على انتصار قوى الخير على قوى الشر ، وهذه ميثولوجيا تؤمن بها الشعوب القديمة ، فهنالك آلهة السماء ، التي تعمل من اجل الخير ومنهم الأله مردوخ كبير آلهة البابليين وإن قصة الخليقة البابلية الموسومة : ( عندما كان في العلى : أينوما أيليش ) كان لها التأثير في ميثولوجيا الشعوب فيما بعد . كان ثمة آلهة الطبقات السفلى ومنها إلهة تيامة التي كانت تحاول تقييد الأله مردوخ والأمساك به ، لكن هذا الأخير يفلح في النهاية من التحرر والأنطلاق .

إن فكرة  قيام الآلهة وانطلاقها من جديد هي الميثولوجيا التي تشكل القاسم المشترك للشعوب القديمة  ولها مسميات مختلفة . ففي العالم الأغريقي كان ديونيسوس ، ومثرا في العالم الأيراني ، وآتس في آسيا الصغرى وآسيرس في مصر وبلدر في العالم الأسكندنافي وسيبل في الميثولوجية الرومانية وتموز وعشيقته عشتار عند الساميين وغيرها .

أما أكيتو البابلي الكلداني فقد كانت طقوسه تجري في العصر السومري ثم في العصر البابلي الكلداني ليمتد الى العصر الآشوري. واشهر هذه الأحتفالات كانت في بابل حينما اصبح الأله مردوخ كبير الالهة او كما يقول خزعل الماجدي في انجيل بابل ص32 :

ان صعود مردوخ الى قمة الهرم بعد ان استطاع ان يمد أطراف الدولة البابلية في عهد حمورابي الى أقاصي حدود عالم الشرق القديم وأصبحت بابل عاصمة الدولة الفتية ومركز أشاعها الحضاري ، وإن عبارة " ملك الآلهة " هي الأفصاح الدقيق عن مذهب التفريد الذي خطه الكهنوت البابلي ..

يا مردوخ أنت بالحق من يثأر لنا

وها نحن نبايعك على ملوكية الكون بأجمعه ..

وسوف لا تقهر اسلحتك ، بل انها ستحطم أعدائك

يا سيدنا ، أنقد حياة من وضع ثقته فيك ..

إن مراسيم الأحتفال بعيد أكيتو تستمر 12 يوماً على عدد شهور السنة وفيها اشياء طريفة منها الزواج المقدس وخلع تاج الملك ورتبه وصفعه بقوة من قبل كاهن المعبد .. الخ وفي الحقيقة تطرق الى هذا الموضوع كتّاب كثيرين وليس ثمة ضرورة للاعادة .

يبدو ان الآشورين أعني الأحزاب الآشورية قد اتخذوا تاريخاً غير الذي اتخذه الكلدانيون الذي يقع في 

سنة 7309 بينما الأحزاب الآشورية تكتب على ان التاريخ هو 6759 على ان الطرفين يتفقان على اليوم وهو الأول من نيسان ، وربما يكون هذا الأختلاف ومقداره 550 سنة الى زمن انتقال العيد الى الدولة الآشورية ، أو ربما يكون من فرضية خالف تُعرف .

والآن كيف نجعل من أكيتو موحداً لا مفرقاً ؟

هذا هو مربط الفرس

ثمة 550 سنة فرق في التقويمين ، لكن ذلك لا يشكل عائق ، فالمغزى ينحصر في طريقة الأحتفال ، فالآشوريون يهيمنون على كل الأمكانيات المالية والأعلامية والمناصب لدى شعبنا المسيحي ، ومع هذا تشتعل الخلافات بينهم ، وارى في المقترحات التالية سبيل قويم لجعل تلك المناسبة موحدة وليست مفرقة :

1 ـ تبادل التهاني بين المنظمات والجمعيات والأحزاب السياسية لشعبنا ، وتبدأ الزيارات المتبادلة لتقديم التهاني ، في مدننا وقرانا : الحركة الديمقراطية الآشورية ، حزب اتحاد الديمقراطي الكلداني ، المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ، المجلس القومي الكلداني ، الحزب الوطني الآشوري ، جمعية الثقافة الكلدانية ، المنبر الديمقراطي الكلداني ، حزب بيث نهرين... وجميع أحزابنا ، فتكون هذه المناسبة فرصة للتفاهم ولتبادل وجهات النظر بين مختلف الأطراف .

2 ـ تشكل لجنة لتحديد هذه الأحتفالات ، هل تكون في مدينة واحدة ام اكثر من مدينة وتقوم اللجنة المشتركة باستحصال الموافقات الأصولية لاجراء هذه الأحتفالات .

3 ـ تقوم اللجنة بتقديم بطاقات دعوة لمختلف القوى السياسية والمنظمات العربية والكردية والتركمانية للمشاركة بهذا الأحتفال.

4 ـ يوم الأحتفال ، تتوافد الوفود من مدننا وقرانا الى مكان الأحتفال ، ويكون على الصيغة الآتية :

 وفد القوش مثلاً ، ويتكون من الأحزاب العاملة في القوش ، حزب اتحاد الديمقراطي الكلداني ، الحركة الديمقراطية الاشورية ، جمعية الثقافة الكلدانية ، المجلس القومي الكلداني .. وهكذا دواليك ، حيث تتقاطر على مكان الأحتفال من كل مدينة ، ولا يقسم المشتركون الى احزاب بل الى المدن التي جاءوا منها ، ويشتركون ككتلة واحدة وكل منهم له شعاراته حسب ما يختار .

5 ـ في مسألة الشعارات المرفوعة يمكن للجنة الأحتفال ان تحدد الشعارات التي ترتأيها ويتفق عليها جميع اعضاء لجنة الأحتفال .

6 ـ يتكون وفد من قادة الأحزاب والمنظمات ، ليشتركوا في المسيرة ويتشابكون بالأيدي ويسيرون في مقدمة المسيرة .

7 ـ كل جهة ترفع العلم الذي تعتز به ، دون ضغوط او انتقائية .

8 ـ تقوم عشتار وفضاية آشور بتصوير ونقل احداث المسيرة مباشرة .

إن هذه الفكرة تمثل الشفافية والمنطق الصحيح لتعاملنا مع بعضنا بنفس ديمقراطي بعيدأ عن سلوك التعالي والنرجسية ، ومن يدعي الدفاع عن وحدة شعبنا ، والجميع يدعي الى ذلك دون استثناء ، فهذا هو الطريق القويم المستقيم للتعامل مع بعضنا ، دون ان يحاول اي طرف من الأطراف فرض اجندته على الأخرين .

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها