بقلم : حبيب تومي / اوسلو

اقرأ المزيد...

 

habeebtomi@yahoo.com


الأحزاب القومية المسيحية تحت المجهر ج2

 5 1/ 3 / 2009  


 
المهم ان الحركة الديمقراطية أفلحت في استمالة نخبة مثقفة من الألاقشة الى خطابها ولا اعتراض على ذلك فكل إنسان له مطلق الحرية في اختيار انتمائه السياسي والقومي والديني ، ومن ارضية هذه الحرية نطالب ان يكون لنا نحن ايضاً الحرية في اختيار قوميتنا الكلدانية دون وصاية او تخوين او اتهام بالعمالة وما الى ذلك من أساليب التخويف والأرهاب اللفظي والفكري.

 كان هذا المنحى للحركة الديمقراطية الآشورية  يختلف عن الخطاب القومي الآشوري التقليدي عموماً ، وتغلب على خطابها التوجهات السياسية على التوجهات القومية ، واستطاعت الحركة بحدسها ان تعبر المعوقات التي عانت منها الاحزاب الآشورية الأخرى ، وأصبحت الحركة رقماً أساسياً في المعادلة السياسية لشعبنا بعد ان تبوأ سكرتيرها العام السيد يونادم كنا المقعد الوحيد المخصص للمسيحيين في مجلس الحكم الذي كان مخصصاً للكدانيين وفق التقليد المتبع في العراق ، وبعد هذا التاريخ انفتحت الأبواب امام الحركة لتستقطب حصة الأسد من اصوات شعبنا في الأنتخابات
 
النيابية التي اسفرت عن فوز مرشحها في عضوية البرلمان العراقي . أما الأحزاب الآشورية الأخرى لم تتمكن من إحراز مكانة قريبة من تلك الأصوات التي احرزتها الحركة في مسيرتها السياسية .

الأحزاب الكلدانية  ورد في مقال للاب قرياقوس مخنوق تحت عنوان " حال الخلف بازاء من سلف " وهي نبذة في اصل الكلــــدان النصارى ، واتساع ملتهم ولغتهم ، وذلك في مجلة المشرق العدد 3 وبتاريخ الأول من شباط سنة 1899 م ، يقول :

وأما سبب تسميتهم بالكلــــدان وكان ذلك بختم اوجيانوس الرابع فكان من أجل اصلهم وأرضهم ، وهي العراق ، المعروف ((( بديار الكلـــــدان )))  لدى القدماء وهناك كانت كنيستهم العظمى لقدميتها وأهميتها عند آثار بابــــل ...

لقد قرأنا عن دعوة المرحوم توما توماس في مطاوي التسعينات لتشكيل اتحاد ديمقراطي كلــداني ليكون ممثلاً  سياسياً  قومياً للكلدانيين . لكن هذا القوم لم يحاول الأستفادة من الظروف المواتية التي اتيحت للجميع في منطقة كردستان بعد عام 1991 ، فقد انخرط الكلــدان في الأحزاب الأخرى دون ان يبادروا الى تأسيس حزب قومي كلــداني ، وهكذا حينما تشكلت في اقليم كردستان حكومة كردية وبعد ذلك انبثق البرلمان الكردي ، ولم يكن للكلدانييــن تمثيل فيهما بسبب غياب تنظيم كلــداني مطالب لحقوقهم وتمثيلهم  .

إن الكنيسة كانت قد نقلت التراث الكلـــداني عبر القرون لكنها لم تكن في موقف يحث الشعب على استخدام الأسم الكلـــداني في فضاء التعامل السياسي فبقيت الكنيسة الكاثوليكية الكلدانيــة تنأى بنفسها عن الجوانب السياسية للمسألة القومية لشعبنا الكلداني بعكس الكنيسة الآشورية التي لا تألوا جهداً للمساهمة الفعالة في تنمية الروح القومية لشعبها .

كانت البداية في انبثاق التنظيمات الكلدانيــــة في تأسيس المركز الكلداني للثقافة والفنون في دهوك سنة 1996 وعمل على نشر الوعي والثقافة والتعريف بتاريخ الكلدانييــن . وفي عام 1999 كانت هنالك جهود حثيثة لتأسيس حزب سياسي قومي للشعب الكلـــداني وفي 1 / 10 / 2001 تكللت تلك الجهود في انعقاد اجتماع موسع ضم 35 شخصية كلدانيـة ، وتم الأتفاق على وضع النظام الداخلي لحزب سياسي كلـــداني . وقد كانت ولادة حزب اتحاد الديمقراطي الكلداني المعروف . كان العائق الوحيد هو الإمكانيات المادية ورغم ذلك فقد أفلحت الجهود المشتركة في فقد تأسيس  التنظيم السياسي امام رغبة وإرادة وتصميم المؤسسين من الكلدانييـــن .

في سنة 2003 زرت مقر حزب اتحاد الديمقراطي الكلداني في بغداد وتعرفت على بعض الأصدقاء هناك ومنهم الأستاذ أبلحد أفرام ، ولمست لدى الرجل الأرادة القوية للعمل وعمق ثقافي وغيرة قومية كلدانيـــة . وسوف يلعب ابلحد افرام دوراً كبيراً بتحالفه مع القائمة الكردستانية ويحتل مقعداً في البرلمان العراقي ، وسيلعب دوراً مهماً في تثبيت اسم قوميتنا الكلدانية في الدستور العراقي .هنالك المجلس القومي الكلــداني الذي كان له بدايات جيدة ، واستمر في العمل ، وتعثرت أحواله بعد مغادرة السكرتير الأول فؤاد بوداغ لارض الوطن ، واستلم السكرتارية الأستاذ ضياء بطرس مسؤولية التنظيم وتميز هذا الرجل بالحيوية والنشاط وأعاد الدماء الى التظيم وعمل على توسيعه في مدننا وقرانا الكلدانيـــة . الجدير بالذكر ان التنظيم لا زال يعاني  من بعض المشاكل كما هو ظاهر من بعض الكتابات على المواقع ، والخلافات بين هذه الأطراف ليست خلافات مبدأية إذ ان كل الأطراف يؤمنون بمبدأية أحقية شعبنا الكلداني في ان يكون له وجود قومي في وطنه العراق ، لكن هنالك اختلافات تنظيمية وفي آلية انتقال المسؤوليات ، هذا على الأقل ما ظهر حسب بعض الأتصالات التي أجريتها مع هذه الأطراف .  نتمنى ان توضع نهاية لهذه الخلافات التي لا تخدم أحداً ، وأنا متفائل بنهاية تلك الخلافات في المستقبل . اما المنبر الديمقراطي الكلداني فقد اسسه نخبة مثقفة من ابناء شعبنا في الولايات المتحدة ، وبعد ذلك انيطت مهمة تنظيمه في العراق الى الأستاذ سعيد شامايا، ولم يفلح التنظيم بتوسيع قاعدته في العراق ، وإن المنبر الديمقراطي الكلداني والمجلس القومي الكلداني وحزب اتحاد الديمقراطي الكلداني ومعظم النوادي ومنظمات المجتمع المدني الكلدانيـــة تعاني من ضائقة مالية ، ولحد الآن لم تحظى هذه التنظيمات بأية مساعدات ملحوظة ، إن كانت من حكومة اقليم كردستان او من الحكومة المركزية .

في نهاية هذه السنة سينعقد مؤتمر كلــــداني عالمي ، ونأمل ان يكلل النجاح جهود هذا المؤتمر في توطيد وحدة الأحزاب الكلدانيــة وفي إعلاء اسم الهوية الكلدانيـــة العراقية الأصيلة ، وسيكون امام المؤتمر ســؤال هل نحقق رغبة المناضل توما توماس حينما حث الى تأسيس أتحاد ديمقراطي كلـــداني ؟

التنظيمات السريانية  في صيف 2008 كنت في العراق وبرفقة الأستاذ جميل زيتو  ومسؤولين آخرين في المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ، زرنا مقر مجلس اعيان بغديدة ، في هذه المدينة العراقية العريقة يتركز وجود السريان من أبناء شعبنا . نقرأ في مقدمة الاب الدكتور بهنام سوني عن النصوص التاريخية عن بغديدا ص 3: إنه من الصعوبة بمكان ان يكتب المرء تاريخاً كاملاً وشاملاً لمثل هذه القرية التي يسميها أهلها " قرية المؤمنين " والقرية الشهيرة والقرية المباركة وقاسطرة الكنائس والقرية المحروسة بالله وبقديسيه ، والقرية المحمية بكنائسها السبع ( التسع) كما بأسوار منيعة ، والقرية ذات البيعة التي تفتخر بكثرة الكتب . نعم هذه القرية المدينة رأيت فيها تنظيما مثابراً نشيطاً اسمه مجلس أعيان بغديدا ، يتناكف أعضائه على العمل والمثابرة ، ولهم تقدير وأحترام بين أبناء شعبهم . وبما اننا نتكلم بلغة السياسية فهل ان التظيم المذكور هو حزب سياسي ؟ ومهما كان الجواب فإن للمجلس تأثير سياسي ويمكن الأستدلال بما احرزته قائمة عشتار في هذه المدينة من أصوات والتي كان لها الأثر الراجح في نتيجة الأنتخابات بين قوائم شعبنا في محافظة نينوى .

سؤالي هو : هل لهذا القوم هوية قومية يريدون لها موطئ قدم في خارطة العراق القومية ؟ وكما يسعى الى ذلك الكلدانيون والآشوريون ؟

كان الأستاذ المرحوم يشوع مجيد هداية يرأس حركة تجمع السريان ، والتي جاء في التعريف بأهدافها : وحدتنا القومية .. ضمان لحقوقنا القومية . ورد في مادته الأولى :

الأسم ، تجمع السريان المستقل ، وهو تنظيم سياسي ديمقراطي قومي ينتمي أعضائه الى مختلف فئات وطبقات شعبنا السرياني الآرامي " خاصة " ومن الآشوريين والكلدان وغيرهم ، يؤمن بحقوق الأنسان  ويراعي العدالة الأجتماعية . وفي المادة الثالثة عن الأهداف الخاصة ورد : في اولاً : توحيد الخطاب السياسي القومي وإقامة تحالف او صيغة للعمل المشترك بين كافة الأحزاب ( الكلدانيــة والآشورية والسريانية الآرامية وغيرها (.

مع هذه التلميحات ليس هنالك خطاب قومي واضح لشعبنا المسيحي من السريان ، وينبغي تقديم إشارات واضحة من قبل رواد القومية السريانية للاعتماد عليها في تحديد الأهداف .

بعد هذا السرد الموجز لبعض جوانب احزابنا السياسية القومية نشير الى مكانة هذه الأحزاب بين ابناء شعبهم .   لقد حصدت احزابنا القومية في الأنتخابات الأخيرة بحدود تربو قليلاً على 30 الف صوت ، والجدير بالملاحظة ان الأستاذ المهندس نامق ناظم جرجيس المرشح المستقل أستطاع بجهوده الشخصية ان يحرز 531 صوت في مدينة بغداد رغم عدم توفر الأمكانيات المادية لترويج حملته الأنتخابية قياساً بتلك التي تملكها الأحزاب لا سيما قائمة عشتار الوطنية .  في هذا السياق نلقي نظرة على الأنتخابات البرلمانية السابقة والتي استطاعت فيها احزابنا السياسية القومية من إحراز أصوات بحدود 50 ألف ناخب ، وتأهل نائباً واحدا من شعبنا لاحراز مقعد في البرلمان . يتضح من كل ذلك ان أحزابنا القومية لا زالت تحبو في ساحة شعبنا السياسية ، ولم يقوي عودها لخوض انتخابات بالمستوى المطلوب .
 
عندما يعزف حوالي 50 بالمئة من شعبنا عن التصويت ولا يتجشم عناء الذهاب الى مراكز الاقتراع لاتفه الأسباب ، دلالة على عدم تثمينه لدور هذه الأحزاب ، وربما لفقدانه الأمل بحيويتها وقدرتها عن التعبير عن آماله وتحقيق مطالبه ، وتتكر هذه الحالة حينما تلجأ شرائح من شعبنا لمنح أصواتها لقوائم عراقية أخرى غير قوائم شعبنا  .
اعترف بأن إمكانيات قوائم شعبنا لا يمكن مقارنتها بإمكانيات قوائم أخرى ، وإن كانت لبعض الأحزاب الآشورية بعض الأمكانيات المادية ، فإن الأحزاب الكلدانيــة تفتقر بشكل كبير على أية إمكانيات مالية ولا يوجد جهة تنقذهم من الأزمة المالية ، وحين ملاحظة ما احرزه الأستاذ نامق من اصوات يحملنا على الأعتقداد بأن المستقلين من أبناء شعبنا يمكنهم ان يحرزوا المزيد من الأصوات إذا توفرت اولاً مكانة اجتماعية ، وثانياً يملكون  بعض القدرات المالية لتمشية الدعاية لحملاتهم الأنتخابية .

أزعم وأجزم : فيما إذا توحدت هذه الأحزاب في قائمة واحدة فإنها ستنال اصواتاً اكثر من الناخب الكلداني والسرياني والآشوري، فهل يفعلون ذلك ؟

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها