لا اريد ان اثير التكهنات او إطلاق احكام استباقية في مسألة من
سيفوز من ابناء شعبنا في الأنتخابات التي جرت يوم 31 / 01 / 2009
وفي الحقيقة ليس مهماً من سيفوز ، إنهم ابناء شعبنا ولا فرق بينهم
، إن كان من حزب كلداني او حزب آشوري ، فقط نقول لمن يفوز مهما
كانت وجهته السياسية او مستقلاً ، اولاً ، مبروك الفوز ، وثانياً ،
فإن واجبه ان يفي بما وعد به شعبنا في برنامجه الأنتخابي .
في الأنتخابات السابقة استحوذت الحركة الديمقرالطية الآشورية على
حصة الأسد من اصوات شعبنا ، وكانت الحركة تتماهى بتاريخها النضالي
اولاً ، وثانياً خلو الساحة من منافس ندّي لها ، بحيث يملك ما
تملكه الحركة من إمكانيات مادية وإعلامية . وهكذا احتفظت الحركة
عبر السنين المنصرمة وبالضبط من 2003 حيث تاريخ سقوط النظام ،
ولحد اليوم تكاد تكون اللاعب الوحيد كممثل قوي لشعبنا المسيحي من
الكلدان والسريان والآشوريين على الساحة السياسية العراقية عموماً
، إن المنافس الوحيد كان حزب الأتحاد الديمقراطي الكلداني الذي كان
يفتقر كثيراً الى مقومات مالية لتمشية أموره ، لكن من جانب آخر رغم
اواصر الصداقة التي تربطني مع الأستاذ ابلحد افرام وكوادر آخرين من
الحزب ، مع عدم اخفاء تعاطفي مع الحزب باعتباره اول حزب كلداني
ينهض في الساحة السياسية العراقية ، مع ذلك ارى من باب النقد
البناء ان الحزب عموماً لم يبذل مساع جدية للتوسع بين الجماهير
الكلدانيـــة ، وهذا تقديري ربما اكون مخطئاً في حساباتي او في
تصوري .
إن الأحزاب السياسية الكلدانيــــة لم تستطع مجاراة الحركة
الديمقراطية الآشورية ولم تقدر على التنافس الندي معها ، حيث
كانوا والى اليوم يفتقرون الى الدعم المادي المتوفر للاحزاب
الآشورية وفي مقدمتهم الحركة الديمقراطية الآشورية بالذات . أجل
كانت الحركة تستأثر بموقع الصدارة كلاعب سياسي رئيسي على ساحة
شعبنا السياسية ، إن موقعها قد تعزز حينما منحها بول بريمر المقعد
الوحيد المخصص للمسيحيين في مجلس الحكم الذي انبثق بعد سقوط النظام
، إن موقف بريمر هذا قد مهد للحركة ان تشق طريقها بسهولة ،
لتستحوذ على الساحة السياسية لشعبنا ولتشغل المقعد الوحيد لشعبنا
في البرلمان العراقي ، وطيلة تلك الفترة لم يكن ثمة تنظيماً ندياً
يصارع الحركة ، ومن هذا الأعتداد بالنفس كانت الحركة تنأى بنفسها
عن اية تحالفات مع قوى ناهضة لشعبنا ، وكان التعويل على مجدها
التاريخي وهو محور خطابها ، والدعامة التي تستند اليها في خوضها
مختلف الأنشطة السياسية بما فيها الأنتخابات .
الذي حدث هو انبثاق قوى آشورية أخرى بمساندة ودعم من رابي سركيس
آغا جان ، وهو المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ، ورغم ان
المجلس لا يختلف عن الأحزاب الآشورية الأخرى في القضاء على الأسم
الكلداني والقومية الكلدانية العراقية الأصيلة ، وتجلى ذلك حينما
ساهم رابي سركيس على إلغاء اسم القومية الكلدانية من مسودة الدستور
الكردستاني ، وليس ذلك موضوع هذه المقالة ، فأعود وأقول :
إن المجلس الكلداني السرياني الآشوري كان يحمل مقومات البقاء
والأستمرارية فمن ناحية له سند مالي قوي ، ورغم خطابه الآشوري
الواضح المتمثل في فضائية عشتار الآشورية 99 بالمئة ، فإنه اكثر
انفتاحاً وتساهلاً من الحركة الديمقراطية الآشورية مع بقية مكوناة
شعبنا من الكلدان والسريان .
من جانب آخر يقف على رأس المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري
رجل كلــداني ليبرالي هو الأستاذ جميل زيتو الذي يمتاز بأفقه
السياسي والقومي المنفتح ، وبفضل مثابرة هذا الرجل وتفانيه شق
المجلس طريقه نحو ايجاد تنظيمات فاعلة على الساحة السياسية لشعبنا
المسيحي عموماً ، واستطاع المجلس من استقطاب قوى آشورية وكلدانية
وسريانية لخطابه وتجلى ذلك في قائمة عشتار ، والتي تزعّم حملتها
الأنتخابية سكرتير المجلس القومي الكلداني وهو الرجل الكلداني
المثابر ضياء بطرس . وهكذا اتيح لهذه القائمة ان يتوفر فيها كثير
من عناصر القوة ، ونالت كثيراً من الأضواء بفعل الأمكانات المادية
المتاحة لها والعوامل المساعدة الأخرى التي مر ذكرها .
إن قائمة الحركة الديمقراطية الآشورية قد تفوز بهذه الأنتخابات وقد
يفوز غيرها من قوائم شعبنا او من المستقلين ومهما كانت النتائج ،
فإن الحركة لم تعد ذلك اللاعب الوحيد والرئيسي في ساحتنا السياسية
، وينبغي على الحركة كحزب سياسي ان تأخد هذه الحقيقة على محمل من
الجدية ، وإلا ستتزايد خسائرها مع مرور الزمن وعلى ضوء ما يجري من
تحولات على الساحة السياسية لشعبنا .
من باب الصراحة اقول : من خلال المناقشات النقدية التي كنت اثيرها
حول خطاب الحركة ، استنتجت ان الحركة تريد حصري في دائرة الأعداء ،
ولكي يكون في خطابها شئ من الأثارة كانت تقول ان حبيب تومي يعمل
على تمزيق الأمة ، على اعتبار ان الحركة هي ممثلة الأمة ونقد
الحركة هو نقد موجه للامة وبالتالي هو يعمل على تمزيق وحدة الأمة
وهذا إثم يصل الى تخوم الخيانة ، ولا اريد ان أذهب بعيداً في هذا
الموضوع لانني سأتطرق الى موضوع نقد خطاب الحركة الديكقراطية
الآشورية وردود الفعل الأنفعالية التي لا مبرر لها من قبل منافحي
خطاب الحركة ، وذلك في مقال خاص وأرجو ان يتسع صدرهم لقبول الخطاب
النقدي .
بالرغم إن الأنتخابات التي جرت يوم امس لم تكن انتخابات سياسية
عامة تقرر مصير القوى السياسية ، لكنها كانت بمثابة جس نبض الشارع
العائد لشعبنا إن صح القول ، لما سيؤول اليه الحال في انتخابات
البرلمان المقبلة ، وارجو ان تقتنع احزابنا السياسية بما فيها
الأحزاب الكبيرة ، بأن البساط سيجر من تحت أقدامها ، إن لم تراجع
نفسها وتنظر الى مرآة صافية وتمارس النقد الذاتي البناء ، وأمام
هذه القوى فكرة : طيبة مريحة مباركة حكيمة وهي الأنخراط في قائمة
مسيحية واحدة وتكون تحت اسم عراقي اصيل ، وعندها سنقول ان احزابنا
القومية ترجح مصلحة شعبنا على مصلحتها الحزبية الضيقة ، وستعزز
مكانة هذه الأحزاب في قلوبنا . وعندما اقول احزابنا الكبيرة اقصد
في المقدمة الحركة الديمقراطية الآشورية التي جعلتها عنواناً
لمقالي اليوم .