بقلم : حبيب تومي / اوسلو

اقرأ المزيد...

 

habeebtomi@yahoo.com


واقعة منتظر الزيدي ايقظت امة العرب الغارقة في السبات

081226

الأمة العربية من المحيط الى الخليج غارقة في سبات عميق استيقظت فجأة على وقع حذاء طائر في بغداد اطلقه الصحفي العراقي منتظر الزيدي ، هذه الأمة لا تتحرك ولا تتوحد ولا تستيقظ إلا تحت وطأة احداث جسيمة عارمة ، والحدث الذي وقعت احداثه في القاعة التي شهدت المؤتمر الصحفي لرئيس الوزراء العراقي وضيفه الرئيس الأمريكي جورج بوش . الحدث يتلخص في ان الصحفي منتظر الزيدي قذف بفردتي حذائه مستهدفاً الرئيس الأمريكي ضيف جمهورية العراق . هذا الواقعة  في الغرب كان لها ردود فعل مختلفة ، منهم من اعتبرها إهانة لامريكا ، ومنهم من كان يحتفي بهذه الواقعة وتستغله بالسخرية من بوش . كما إن الرئيس بوش نفسه علق على ذلك بأنها حرية ، وإن رقم الحذاء هو 44 .

 لكن بدورنا نتساءل : ماذا لو كان رئيس عربي في مكان الرئيس بوش ، وماذا لو وقعت الحادثة في زمن صدام حسين ؟ فلا اعتقد ان شجاعة منتظرالزيدي كان بإمكانها ان تظهر في ذلك العصر ، لكن  الذي لا يختلف اثنان حوله هو ان ديمقراطية بوش فحسب يمكن ان تنظر الى الأمر بأنه تصرف فردي بعيداً عن مفهوم المؤامرة ، وهذه الديمقراطية هي التي اوحت لمنتظر ان يكون له هذه الشجاعة ، وأن يأتي بهذا العمل  ، وهذه الديمقراطية والحرية التي زرعها بوش هي التي اتاحت لمنتظر الزيدي ان يتصرف ذلك التصرف وأن يخرج من القاعة سليماً وان يقدم الى محاكمة عادلة .

في المنحى التاريخي سيكتب الخبر مع الأحداث التي كان للاحذية دوراً بارزاً ، فقد تعلمنا في المدرسة ان قاسم الطنبوري كان يعاني من حذائه المتهرئ ، وقرأنا عن لجوء نيكيتا خورشوف الى فردة حذائه لأسكات احد المندوبين المتحدثين في الأمم المتحدة ، واليوم نشاهد الواقعة التي يعبر عنها الصحفي منتظر الزيدي عن سخطه بواسطه حذائه بدلاً من الخيارات والبدائل الأخرى التي تدخل ضمن شرف المهنة  . وربما أراد الزيدي نيل الشهرة بهذا العمل غير المألوف وفي الحقيقة توصل الى هذه النتيجة بسرعة الصاروخ الذي كان ينطلق حذائه الطائر . لقد سيم الزيدي بطلاً عراقياً لدى شريحة عريضة في الأقطار العربية من المحيط الى الخليج ، واحداً ارسل لي رسالة بالبريد الألكتروني معلقاً على مقال كتبته سابقاً بهذا الخصوص يقول :

أنت شخص مأجور وعميل وحاقد خاصة بعد الذي كتبته عن البطل العراقي منتظر الزيدي ، وصديق لي تعرض الى التعنيف من قبل امرأة صديقة لنا حينما انتقد عمل الزيدي امامها .

إن السخط والغضب والنقمة وانتقاد سياسة الولايات المتحدة في العراق عمل مشروع لما حل  بعراقنا من كوارث ومصائب بعد 2003 م ، لكن من باب الأنصاف فإن امريكا  لم تتحمل وحدها وزر ما حل بالعراق من مصائب ، فقد كان الجيران في مقدمة من كان يرسل الأسلحة والأنتحاريين ويغذي الميليشيات للعمل على إغراق العراق في فوضى عارمة لا خروج منها .

نعود الى الأمة العربية التي ايقظها الزيدي بفعله الأستثنائي فهذه الأمة هي دائماً وأبداً مظلومة ومهضومة الحقوق ، وهي بانتظار المخلص البطل  الذي ينتشلها من واقعها المزري ، فالهند والصين واليابان وكوريا الجنوبية وروسيا ، وجميع هذه الأمم وغيرها تنهض اقتصادياً وثقافياً وسياسياً باستثناء افريقيا والأمة العربية التي لا زالت عجلة التقدم فيها تسير بسرعة السلحفاة .

لقد اخلصت الأمة لجمال عبد الناصر ونسجت حوله الأساطير وكان ينبغي عليه ان يوحد الأمة ويقودها من نصر الى نصر ، لكن الأمة لم تتوحد وكانت هزيمة حزيران عام 1967 ، وجاء صدام حسين وكان مبذراً لثروات العراق ، آملاً ان يقود أمة العرب بالتهديد والترغيب ، لكن صدام ادخلنا في حروب لا نهاية لها وتوّجها في دخوله الى دولة الكويت لارجاع القضاء السليب قبل إرجاع فلسطين .

 إن الأمة العربية هي بحاجة الى معرفة نفسها ، وكما يقول سقراط : اعرف نفسك ، نعم ينبغي ان تعرف الأمة العربية نفسها وان تعرف الأمة العربية ماذا تريد ؟

 كيف تتحرك هذه الأمة ؟ كيف تستيقظ ؟ كيف تثور ؟

هذه الأمة لا يحركها حرق الكنائس في العراق .

هذه الأمة لم يحركها  إبادة الآلاف من الشعب الكردي في عمليات الأنفال المعروفة في العراق .

هذه الأمة لا يحركها تفجير الأسواق والمطاعم وكراجات النقل والتجمعات السكانية في العراق ، وهذه الأمة ترى في تلك التفجيرات بأنها انتقام من العدوة امريكا ، فهي انتصارات للامة العربية .

 هذه الأمة لا يحركها تهجير آلاف العوائل من الموصل .

 هذه الأمة لا يحركها ان تزوج طفلة عمرها 8 سنوات على كهل عمره 47 سنة .

 هذه الأمة لا يحركها قيام مسلم يمني بقتل يهودي يمني لانه يمتنع عن دخول الأسلام فيشهر سلاحه في سوق عام ويجهز عليه امام الجميع .

هذه الأمة لا يحركها الأمية المتفشية ، ولا يحركها الفقر والتأخر واستهتار بحقوق الأنسان وحقوق الأقليات الأصيلة . انها امة  منساقة  وراء السيل الكبير من الفتاوي التي تبطل عمل الحكومات والدول .

إنه لامر عجيب ان تبقى هذه الأمة مغمضة العيون لا تفتحها الا على مستوى وقيعة رمي الحذاء على الرئيس بوش .

متى ستحتل هذه الأمة دورها في الركب الحضاري والتقدم التكنولوجي وحرية وحقوق الأنسان والديمقراطية والليبرالية ؟

فهل ستبقى أمة  العرب  ( ظاهرة صوتية )وكما يقول المفكر السعودي عبد الله القصيمي ؟

إن تقدم العرب نحو الأمام يكمن بالأهتمام ببناء الصناعة العربية وتوظيف ثروات البترول في البناء والتعمير والتكنولوجيا والبنية التحتية والخدمات الضرورية منها الأجتماعية والثقافية والصحية والتعليمية والتربوية .الأمة العربية تنهض حينما تنظر دولها الى شعوبها بمنظار العدالة والمساواة والقانون ، حينما تكون لدول امة العرب رؤية علمانية ديمقراطية ، في منأى عن الرؤية الدينية والقومية والمذهبية والمناطقية والعشائرية.. حينها سيكون لها رؤية واقعية صحيحة على التكوينات الأجتماعية برمتها دون وجود أي مجال للتفرقة مهما كان نوعها ولونها . وقتذاك ستدخل امة العرب في سباق مع الزمن للحاق بمسيرة النمو والتقدم في الركب الحضاري لمجموع البشر على اديم  كوكبنا الأخضر .

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها