بقلم : حبيب تومي / اوسلو

اقرأ المزيد...

 

habeebtomi@yahoo.com


هل هذا برلمان عراقي حقاً ؟

081107

المراقب لمسيرة البرلمان العراقي تأخذه الحيرة والعجب ، بالدور الذي يلعبه  في المسيرة السياسية العراقية ؟ ويتساءل ، ماذا قدم للناخب العراقي الذي اوصله الى قبة البرلمان ؟ وهل انهم يمثلون هذا الشعب ( الشعب العراقي) أم يمثلون شعباً آخراً ؟

 هنالك من افحمني بتساؤلي حينما ذكرني بالموافقة بالأجماع على الماكسب المادية لأعضاء البرلمان ومساواتهم من حيث الحقوق بالوزراء ، وبما ان اعضاء البرلمان هم عراقيون ولهم شهادة الجنسية العراقية ، ويعني ذلك ان البرلمان يدافع عن حقوق العراقيين لكن حصراً بأعضاء البرلمان انفسهم .

لكن نفس البرلمان ماشاء الله صوت بالأجماع يوم تعلق الأمر بالمكونات العراقية الأصيلة  الصغيرة عددياً ، لأن الأرهاب هجرها قسراً من العراق ، وإن الباقي من هذه المكونات يعتقد اعضاء البرلمان بأن هؤلاء  قدموا من كوكب المريخ وليس لهم أي حقوق بالوطن العراقي ، فكان تكاتف وتضامن البرلمان العراقي ضد العدو المشترك وهم هؤلاء الغزاة القادمين من العالم الخارجي .

 كما يبدو ان اعضاء البرلمان لم يقرأوا التاريخ العراقي ، وإنهم معذورون في هذه الحالة ، لأن قراءاتهم تمتد الى الفتح الأسلامي للعراق فحسب ، وقبل هذا التاريخ حسب معلوماتهم لم يكن هنالك سكان لقد كانت ارض الرافدين جرداء قاحلة وكانوا ينتظرون الفتح الأسلامي ليبدأ تاريخهم ولتبدأ البركات تنهال عليهم من السماء  .

دي مستور ( الأجنبي )  مندوب هيئة الأمم المتحدة يدافع عن حقوق الأقليات العراقية ( والبرلمان العراقي جداً جداً ) يقزم تلك الحقوق ويرى في ان ما منح لتلك الأقليات الدخيلة القادمة من المريخ لا تستحق كل تلك الأمتيازات ويعتقد البرلمان ان منح هذه الحقوق هو اعتداء وسلب حقوق الأكثريات .

وقد كان اعضاء البرلمان كرماء جداً حينما وافقوا على مقعد واحد في كل من البصرة والموصل وبغداد  فقد حدد التصويت الذي جرى أمس في مجلس النواب على مقعد واحد للمسيحيين في  البصرة ومثله في محافظة بغداد وإلى جانبه مقعد وحيد للصابئة المندائية ، ومقعدا واحدا لهم في الموصل مع واحد للإيزيدية وآخر للشبك ، وهذا يعني في حقيقة الأمر تحجيم قانوني  لتمثيلها في المؤسسات الدستورية للدولة العراقية وتهميش دور أبناء هذه الأقليات في صناعة القرار المتعلق بمصيرهم على مختلف الأصعدة ، في الوقت الذي كانوا يعانون من إقصاء حاد ، خلال الفترات الماضية على مختلف الصعد .  

بارك الله بهكذا برلمان الذي يستكثر على المكونات الأصيلة للشعب العراقي عدة مقاعد فمن اصل حوالي 450 مقعداً في مجالس المحافظات اقترح  دي مستورا ان تخصص 12 مقعد للأقليات ، فكان من البرلمان العراقي جداً ان يعمد الى تخفيض العدد الى النصف ، لقد عارض هذا القرار المجحف بحق الأقليات الدينية والعرقية كل من القائمة الكردستانية والحزب الشيوعي والتيار الصدري ، بارك الله بهذه القوائم العراقية الأصيلة .

لو كنتم تؤمنون بالهوية العراقية الأصيلة ايها السادة كان عليكم ان توافقوا على اقتراح دي مستورا وتزيدوا على اقتراحه ثلاثة اعضاء لتقولوا له ان هؤلاء ابناء شعبكم خاصة وإن دي مستورا الذي يدافع عن الأقليات العراقية هو رجل اجنبي ، فكيف تقبل عراقيتم ان يكون دي مستورا مدافعاً عن المواطن العراقي وأكثر وطنية منكم  ؟

في الحقيقة إنها معادلة تبعث على الحيرة والأسف في عين الوقت .

 كان ينبغي ان تتعلموا قليلاً من دروس الديمقراطية والشفافية والعامل الأنساني البعيد عن التعصب الديني والقومي ، وذلك بقراءة أخبار فوز باراك حسين اوباما بمنصب رئيس الجمهورية في الولايات المتحدة اقوى دولة في العالم وهو مهاجر افريقي اسود تشكل اقليته 13% فقط  في الولايات المتحدة الأمريكية  .

 كان على البرلمان يقرأ اخبار تفجير الكنائس وعمليات  الخطف والأغتيال والأبتزاز والتهجير القسري للمسيحيين ولغيرهم من الأقلية غير المسلمة ، وباتت هذه ألاقليات مهددة بالأنقراض من وطنها ، لكن يبدو ان البرلمان يبارك هذه العمليات وهو اليوم يحاسب هذه الأقليات لماذا اعدادها قليلة ؟

 الا تعلمون ايها السيدات والسادة في البرلمان العراقي ، ان الأرهاب انتقم من هذه الأقليات ام انكم تحاسبون الضحية وتباركون الجلاد ؟

هل قرأتم يوماً ان العراق يشغل المركز الثاني ( في العالم نعم في العالم ) في الفساد الأداري والمالي ، فإن كنتم قرأتم هذا الخبر ، هل استدعيتم الوزير المسؤول او الوزراء المسؤولين الى  البرلمان للمساءلة والأجابة عن مليارات الدولارات التي تختفي من الأموال العامة ؟

هل حاسبتم وزيراً او استدعيتم وزيراً مسؤولاً عما تتعرض له الأقليات الدينية في الوطن العراقي ؟

 هل حاسبتم وزير التربية الذي لا يقبل بأي مسيحي بالتعيين بمهنة معلم للتعليم المسيحي مالم يأتي بالتزكية من حزب الدعوة ؟

 المصيبة إن كنتم لا تعلمون وإن كنتم تعلمون ولا تفعلون شيئاً فتلك مصيبة المصائب .

نسمع عن وجود مناقشات في البرلمان عن مناقشة القانون الفلاني والفقرة الفلانية ، ولكن لم نسمع يوماً عن قرار برلماني عن سحب الثقة عن وزير او مسؤول لقيامه بعمل ضد المصلحة العامة .

أما حينما يتعلق الأمر بمعاقبة احد الساسة العلمانيين كالأستاذ مثال الآلوسي فقد كان الأجماع والقرار الفوري ، وكما كان الغاء المادة 50 التي تمنح بعض الحقوق اليتيمة للآقليات كان اجماعكم ، وهل تعلمون إن ذلك كان خدمة للارهاب الذي يحاول النيل من هذه الأقليات وتشريدها ؟

فيكون ذلك حلف غير معلن بينكم وبين فصائل الأرهاب ، أنتم تحرمونهم من الحقوق وهم ينتقمون منهم بالعمليات الأرهابية .

 فهل نقول هذا برلمان عراقي الذي يأبى الدفاع عن المكونات الضعيفة في شعبه ، ألا يمثل البرلمان كل مكونات الشعب العراقي ؟ وهذه الأقليات اليست مكونات من الشعب العراقي أم انكم لا زلتم تؤمنون انهم قدموا الى العراق من المريخ ؟

لقد جاء في جريدة الشرق الأوسط اللندنية بتاريخ 5 نوفمبر : ان الحزب الأسلامي والأئتلاف العراقي الموحد هما من وقفا ضد المادة 50 ، وأشار البرلماني الذي فضل عدم ذكر اسمه ، الى ان اهدافاً مذهبية دفعت الحزب الأسلامي والأئتلاف العراقي الموحد الى الوقوف ضد ان يمثل الأيزيديون والصابئة والشبك خاصة في مجالس المحافظات .

 أما الدكتور فؤاد معصوم فقال للجريدة عبر الهاتف : إن وقوفنا ومعنا الحزب الشيوعي العراقي الى جانب المسيحيين خلال التصويت على المادة 50 أدى الى تمرير هذه المادة الى مجلس النواب ، ويؤكد معصوم : موقفنا هذا يؤكد وقوفنا الى جانب المسيحيين باعتبارهم مكوناُ مهماً من مكونات الشعب العراقي ، ويدحض كل الاتهامات التي تحدثت عن مضايقة الأكراد لهم في نينوى .

 أقول للسادة اعضاء البرلمان : إن الشعب السويسري له جذور مختلفة ، منها الأيطالي والألماني والفرنسي ، ولكن حينما يتعلق الأمر بهويته السويسرية ، يثبت انه شعب واحد مخلص لهويته السويسرية فقط .

 وأقول ايضاً : اجل إنكم عراقيين ولكم هوية الأحوال المدنية العراقية وشهادة الجنسية العراقية ولكن ينقصكم شئ عراقي واحد وهو تفضيل الهوية العراقية على هوياتكم الدينية والطائفية والقومية حينذاك ستتحمل عقولكم قبول باراك حسين اوباما عراقي صابئي او يزيدي او مسيحي ، حينذاك فقط  ستكون هويتكم العراقية اصيلة دون شائبة ، ونقول لنا برلمان عراقي قلباً وقالباً .

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها