بقلم : حبيب تومي / اوسلو

اقرأ المزيد...

 

habeebtomi@yahoo.com

080921


البرلمان العراقي .. ما هذه الشِّدة مع مثال الآلوسي ؟

عرفنا الأستاذ مثال الآلوسي بانه شخصية عراقية علمانية وهو من شكّل حزب الأمة الديمقراطي العراقي الفيدرالي ،  ونشاهد ونسمع الآلوسي وهو يدلي بتصريحاته وأحاديثه الجريئة وانتقاداته الصريحة  لشخصيات حكومية وبرلمانية ودول الجوار وباسلوب صريح لا مواربة فيه ، وبعيداً  عن المجاملات لأي طرف من الأطراف إنه يسمي الأشياء بأسمائها ويفكر بصوت عال .

وهو العضو الوحيد في الجمعية الوطنية العراقية ( البرلمان ) ممثلاً لحزبه ، والمعروف عن الأستاذ الآلوسي انه ينهج منهجاً علمانياً ديمقراطياً وهو يعمل على تحالف وطني ديمقراطي ويدعو الى  التسامح الديني ونبذ التعصب بين مكونات الشعب العراقي  ويسعى الى عراق ديمقراطي فيدرالي .

إن تسييس الدين في العراق قد بلغ مداه بعد 9 نيسان 2003 وقد انعكس هذا التيار الجامح على مجمل المشهد السياسي العراقي ونجم عن هذا التسييس ، ومن ثم التمذهب ، برلمان مبني على اسس طائفية دينية اثنية ، وفي تيار الفكر الجمعي للمذهبية همشت الهوية العراقية وجرى تبخيس الأنتماء العراقي لحساب إعلاء شأن الأنتماءات القبلية والمناطقية والمذهبية والدينية والأثنية .

 لكن رأينا استثناءً لهذه الحالة المتمثلة في  فوز النائب مثال جمال حسين احمد الآلوسي والذي وصف بأنه شخصية سنية معتدلة، دخل قبة البرلمان العراقي بفضل الأصوات العراقية من سنة وشيعة ومعظمهم من المثقفين العراقيين الذين يحترمون الهوية العراقية والأنتماء العراقي بالدرجة الأولى قبل الأنتماءات الأخرى ، فسيكون الأستاذ مثال الآلوسي يتميز بأنه الوحيد الذي فاز بعيداً عن التأثيرات الدينية والمذهبية والأثنية ، وهذه حالة نادرة بعد هيمنة التيارات الدينية والمذهبية على الساحة السياسية للوطن العراقي .

في جلسة البرلمان العراقي ليوم 14 سبتمبر اثيرت قضية زيارة النائب العراقي مثال الآلوسي الى اسرائيل لحضور المؤتمر العالمي لمكافحة الأرهاب ، والذي حضره مئات الشخصيات من الباحثين والخبراء ومن شتى ارجاء العالم .

إطلاقاً في هذا المقام لا اروم المنافحة عن السيد مثال الآلوسي وتبرير سفره ، وهو يعرف جيداً اكثر من غيره بأن طريقه محفوف بالألغام ، والزيارة ستشكل ذريعة للأنتقام منه . أجل كانت زيارة شخصية أي انه مثل نفسه ولم يمثل العراق ، لكنها وضعت في قوالب أخرى وهي الأتصال بدولة معادية ، ومع كل هذه الأفتراضات لم يكن ثمة مبرر وسبب وجيه لاستعمال تلك الشدة مع الرجل . 

الأجراءات التي تنص على رفع الحصانة عن الآلوسي ومنعه من السفر وإحالته الى القضاء العراقي للتحقيق معه ، فضلاً عن منعه من حضور جلسات مجلس النواب لحين اكتمال التحقيقات معه ومحاكمته . وليس هذا فحسب بل ان احد النواب القريبين منه من قائمة الأئتلاف العراقي وحسب ( جريدة الشرق الأوسط اللندنية في 15 / 9 ) بادر توجيه لكمة الى وجهه واقترب نواب آخرين لفض النزاع الذي تطور الى عراك بالأيدي ، ثم كان قطع رواتب طاقم حمايته ليترك الى مصيره المجهول بيد قوى الأرهاب .

 أليست هذه شدة وقسوة مفرطة بالتعامل مع عضو من البرلمان العراقي بعد ان يكون قد حاز على اصوات وثقة الاف العراقيين؟ 

وإذا قارنا هذه الحالة بحالة مماثلة حدثت في ايران في بحر الأيام الفائته ، فيذكر : بأن اسفنديار رحيم مشائي وهو نائب الرئيس الأيراني احمدي نجاد قال  :

ان ايران هي صديقة للشعب الأسرائيلي ، ومع هذا التصريح ، الغريب في ايران ،  لا زال الرجل بموقع المسؤولية ويزاول عمله ودون ان تسلط الى وجهه لكمة من احدهم او تسقّط حقوقه ، وحتى ان الخامنئي مرشد الثورة الأسلامية في تصريحاته حول اسفنديار حسب وكالة فارس الأيرانية يقول : ( ان تضخيم مثل هذه المسألة الصغيرة يعتبر عملاً خاطئاً لانه يتسبب في توتير الأجواء ، فقد قال شخص ما كلاماً خاطئاً لا يمثل موقف النظام الأسلامي او الحكومة وانتهى الموضوع ) .

 وفي باب العلاقات بين الدول العربية والأسلامية مع اسرائيل فنلاحظ توطيد هذه العلاقات وتطويرها على كافة المستويات وهي معلومة بالنسبة للدول العربية ، وبالنسبة الى الدول الأسلامية فإن  تركيا التي يحكمها حزب اسلامي  فإن علاقاتها الواسعة مع اسرائيل تؤهلها لتكون الوسيط بين اسرائيل وسورية وهي دولة المواجهة مع اسرائيل ، وان علاقات الدول العربية الأخرى مع اسرائيل تتوسع باضطراد مع تقادم الزمن ، فإن كان العراق دولة اسلامية او عربية ، فلا مبرر لهذا الأجراء .

 ولنا ان نتساءل ، ما هو موقف البرلمان ممن اجرموا بحق شعبنا واشتركوا في عمليات ارهابية موثقة ، وما هو موقفه عما ينشر في الأعلام  من اعمال السطو على اموال الدولة ، وعمليات تهريب النفط العراقي والفساد الأداري والمالي والمحسوبيات وعمليات تزوير الشهادات و.. و .. وماذا عن انحطاط الخدمات العامة للمواطن ، ونحن في السنة الخامسة لسقوط النظام . نحن دولة مصدرة للنفط الى العالم ونحن نعاني من أزمة بنزين ونفط وغاز ، اما الحديث عن الكهرباء فالمرء يمكن ان تأخذ منه الدهشة كل مأخذ حينما يلاحظ توفر القوة البشرية والكادر الهندسي والفني ، وميزانية دولة غنية ، مع توفر النفط الذي تولد منه الكهرباء مع كل هذه الأمكانيات تبدو الحكومة العراقية عاجزة عن توفير الطاقة الكهربائية ، ونتساءل كيف توفر دولة فقيرة مثل الأردن الكهرباء لشعبها بصورة دائمة بيد ان العراق مع هذه الأمكانات عاجز ، فهل هنالك اسباب اخرى عصية على الفهم ؟  وإذا كانت الحكومة عاجزة حقاً عن القيام بهذه المهمة لماذا لا تخصخص الطاقة الكهربائية ؟

هنالك مهمات وطنية كثيرة امام الحكومة العراقية والبرلمان العراقي ينبغي القيام بها ، وكان على البرلمان العراقي ان  يصوت بالأجماع على تلك القضايا الوطنية العراقية الصادقة وليس الأنتقام من شخصية عراقية وطنية كالأستاذ مثال الآلوسي .

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها