طروحات الأخ ابرم شبيرا والقوش ومأساة
الآثوريين عام 1933( 1ـ 2 )
يبدو من العنوان اننا امام مسألة عويصة ستأخذ مساحة كبيرة لكن سأحاول
جهدي اختصار الموضوع قدر الأمكان .
كتب الأخ ابرم شبيرا مقالاً تحت عنوان القوش في القلب والوجدان ثم عزز
طروحاته حول القوش بمقال ثان وأضاف الى العنوان الأول .. والفكر أيضاً ،
لقد اعقب على المقال الزملاء مايكل سيبي ونزار ملاخا وفي اكثر من مقال
بقلم الصديق صباح ميخائيل برخو . وفي مقالي هذا لا اروم التطرق لما طرحه
الزملاء ، لكن هذا المقال سيكون بمثابة اضافة لما ورد في هذه المقالات
بغية توضيح الحقائق كما هي بعيداً عن التوجهات الأديولوجية الأقصائية
التي باتت رائجة .
الكاتب ابرم شبيرا يقع تحت خداع حواسه حينما يريد ان ( يرى ) الأشياء دون
ان يقدم لنا قرينة مدونة او مكتوبة ويروم ان يكون شاهداً بالوهم والرغبة
ويريد ان نشهد معه ايضاً ، إنه يرى ما يريد ان يراه فحسب ، وان يحبس
القارئ في شرنقته ولا يقبل الأفلات منها . إن الكاتب أبرم شبيرا يدعونا
لرؤية الأشياء عبر العدسة الخادعة التي تحتوي سلفاً صورة الشئ الذي يريد
الناظر اليها ان يراه خلالها . وبهذا يضمن الأخ شبيرا تمرير فكرته بعد
صياغتها في القلب والوجدان لأزالة كل الشكوك والشوائب عما ترمي اليه
رسالته اللابريئة .
نحن امام حاجة اديولوجية غايتها اسباغ واقع سياسي مطلوب وينبغي اختراع
تاريخ ملائم لأمرار تلك الحاجة ومنحه مسوغاً تاريخياً ليكتسب الشرعية ،
واعتقد أن هذا السلوك سلكه صدام يوم أراد إعادة كتابة التاريخ والسيد
أبرم شبيرا ورهطه يعيدون نفس النغمة . فالكاتب ابرم شبيرا تتجلى طروحاته
الأديولوجية عبر كتابه المعنون " الآشوريون في الفكر العراقي المعاصر "
الذي اراد ان يضرب عصفورين بحجر ، من ناحية يخاطب الفكر العراقي ، ولكن
المهم عند أبرم شبيرا هو تمرير فكره الأديولوجي الأقصائي قبل مخاطبة
الفكر العراقي ، وفي القوش نقول : ( كمحكي امد بلاّ تشامي كَاري ) ، أي
يخاطب الباب ليسمع السطح . إنه يعاتب الحزب الشيوعي والأستاذ مسعود
البارزاني وغيرهم لأنهم صرحوا بعبارة الكلـــدان والآشوريين ، فكان عليهم
ان يصرحوا بالآشوريين فقط ، او كان عليهم ان يميزوا بين الأسياد من
الآشوريين والعبيد من الكلـــــدان . وإنهم لم يلتزموا بالمبدأ الذي
اخترعه السيد شبيرا وبعض الكتاب العنصريين بأن الأشورية قومية والكلدانية
مجرد مذهب كنسي لا غير .
ومن باب الأنصاف القول ان الأستاذ ابرم شبيرا وبقية الكتاب الاشوريين ولا
اريد ان اذكر اسماءهم فهم معروفون ، هؤلاء جميعاً يقرون ويعترفون بحقوق
الأقليات والأكثريات العراقية ، يعترفون بالعرب والأكراد والتركمان
والأرمن ، لكن حينما تصل الأمور الى حقوق الكلدانيين القومية يبرزون لنا
وصايتهم على هذا القوم ، فالكلدانيون بعرفهم ليس لهم حقوق الأقليات
الأخرى ولا تشملهم حقوق الأنسان وليس لهم حق الأختيار فأبرم شبيرا ورهطه
اوصياء عليهم ، فحينما يسألني أحدهم عن قوميتي سأرسلة الى ابرم شبيرا
ليجيب عني .
يقول الأستاذ شبيرا
( .. أسم الحركة الديموقراطية
الآشورية أو الحركة الآشورية أو تسمية الآشوري وحدها حسبما يتطلبها
السياق التاريخي
والمنطقي لهذه التسمية. أقولها صراحة وبلمئ الفم والعقل بأن كل من يعتقد
بأنه عندما
ذكرت كلمة الآشوريين أو الأشورية في المقال السالف الذكر هو إلغاء وإمحاء
لبقية
تسميات أمتنا الكلدانية والسريانية فهو غبي وأن كل من يحاول بالأسم
الآشوري بلع
وهضم بقية تسميات أمتنا الكلدانية والسريانية فهو أغبى .. ) انتهى
الأقتباس
والآن نعود الى ما يكتبه شبيرا في كتابه المطبوع الآشوريون في الفكر
العراقي المعاصر ص15 يقول :
يعد من نافلة القول والأطناب تكرار التأكيد في كون الآشوريين هم ، من
الناحية القومية ، تقريباً ، معظم ابناء الطوائف الكلدانية والسريانية
والمشرقية ( النسطورية ) في العراق ، فبغنى عن التسمية الآشورية العامة
والشاملة لجميع هذه الطوائف ، سواء اتفقنا معها ام اختلفنا .. كونهم
شعباً واحداً او مجموعة قومية واحدة ، برغم الأختلاف الطائفي والكنسي
بينهم وتعدد تسمياتهم ..
هل ان السيد شبيرا يعترف بالقومية الكلدانية ؟ ام أنه يعترف بالكلدانية
كذيل مهين للاشورية العظيمة ، هل يعتقد شبيرا اننا بهذه السذاجة لأنه
يتكرم علينا حينما يصرح ويدعو الشخصيات والأحزاب السياسية بجعل الكلدانية
طائفة من الطوائف الآثورية ، إن مكرمتك يا سيد شبيرا لسنا بحاجة اليها ،
ومرجوعة اليك فنحن قومية كلدانية عراقية أصيلة وإننا جزء من المجتمع
العراقي وجزء من شعبنا المسيحي ولسنا جزء من الآشورية .
سنكون شاكرين للسيد ابرم شبيرا لو تكرم وأحاطنا علماً بالمذهب الكنسي
الكلداني ، معلوماتنا وصلت الى معرفة المذهب الكاثوليكي والمذهب
البروتستانتي والمذهب الأرثوذكسي ، والمذهب النسطوري الذي طويت صفحته ؟
وسيبقى
هذا السؤال مطروحاً لكل من ينادي بهذه الفرضية التعبانة والتي تصل الى
تخوم السخف في عرضها كمقولة استفزازية لا أكثر .
إنها كنيسة كلدانية كما هي كنيسة ارمنية او آثورية او انكليزية او عربية
او كردية ، وهذه كلها تدل على الأقوام والشعوب وليس لها معاني لمذاهب
كنسية ، وكفاية ترديد الكذبة التي لم تعد تنطلي على أحد .
لقد بات كل من هب ودب وتعلم القراءة والكتابة في مدارس مكافحة الأمية
وتربى في الأحزاب الآشورية القومية بتعبيره السقيم الذي يصل حد السخافة
بقوله : الآشورية نعني بها المذاهب الكنسية ( الكلدانية والسريانية
والكنيسة الشرقية أو الآشورية بمذاهبها ) . هذه المقولة تدل على فكر
شوفيني عنصري وسياسة طفولية ساذجة تدل على سذاجة وضحالة مطلقيها دون
تمييز .
يقول
الأستاذ ايبرم شبيرا في مقاله :
( ..فالعثمانيون كان يحقدون
أشد الحقد على هذه البلد لأن أهاليها كانوا من المؤيدين للحركة القومية
الآشورية .. ) انتهى الأقتباس .
إنها فرضية ساذجة لا يصدقها تلميذ في الصف الأول الأبتدائي ، عن اية
مشاعر آشورية يتحدث الأستاذ أبرم شبيرا ؟ وهل كانت مآسي الآثوريين انفسهم
لكونهم آثوريين ام لأنهم مسيحيون ؟ ما ارتكب بحق الآشوريين اشترك فيه
الأتراك والأكراد والفرس والعرب ( المسلمين ) والجانب الآخر هم من (
المسيحيين ) فمن السطحية ان نقول ان الآثوريين تعرضوا لتلك الأحداث
الدامية لكونهم يحملون مشاعر قومية آثورية وهل كانت القوش بوضع لكي
تسحرها الأفكار الآشورية ومن كان يحمل تلك الأفكار وينادي بها ـ إنه
تفكير غريب عجيب ان نخلق شئ من لاشئ . سأحمل الأخ شبيرا قليلاً من التعب
بأن يفتح كتاب هرمز أبونا ( صفحات مطوية من تاريخ الكنيسة الكلدانية ص273
) والتي ورد فيها نص وثيقة بريطانية باللغة الأنكليزية ومترجمة الى
العربية وهي عبارة عن عريضة استرحام مرفوعة الى السفير البريطاني وكتبها
45 من الوجهاء في حكاري وبوتان وبرور وتاريخها في 8 / 8 / 1857 يقولون
نحن وجهاء النساطرة وفي اللغة الأنلكيزية أيضاً يقولون :
.. up in the name of the Nestorian nation ..
وبالعربية يختمون مذكرتهم يقولون : لكي تحصلوا لنا على فرمان باسم "
الأمة النسطورية " او باسم ايرميا .. لماذ لم يكر هؤلاء الأمة الآشورية
او الآثورية إن كان مثل هذه المشاعر القومية كما تدعون .
وسأكلفك ايضاً انت والكتاب الآشوريين الآخرين ان تفتحوا كتاب رحلة متنكر
الى بلاد ما بين النهرين وكردستان تأليف سون والذي اتخذ اسم ميرزا غلام
حسين شيرازي ، وهو يصف كل المسيحيين في المنطقة ومن ضمنها جبال حكاري
بأنهم كلدان ، وحتى البططريك النسطوري الى سنة 1930 كان يكتب البطريرك
الكلداني ، وها هو المنشئ البغدادي وهو ايراني واسمه السيد محمد بن احمد
الحسيني المنشئ البغدادي يقول في رحلته التي كانت سنة 1822 يقول عن رحلته
حيث وصل الى وغيرها من المدن يقول ص85 ـ 86 ) :
ومن دير الربان هرمز الى القوش فرسخ واحد وهذه القرية نفوسها نحو الفي
بيت كلهم من الكلـــــــــدان وجبلهم هذا في حكم باشوات العمادية ، وغن
القوش نصف منها يعد من الموصل والنصف الآخر يعتبر من العمادية .
ومن القوش الى تلسقف اربعة فراسخ .. وفيها الف بيت كلهم كلـــدان .
ومن تلسقف الى تلكيف فرسخان وهذه تبلغ الفي بيت كلهم كلـــــــــــــدان
، فانا اطلب اخواني الكتاب الآثوريين ان تقرأوا قبل ان تكتبوا .
يقول الأخ شبيرا في مقاله :
( أما المناضل توما توماس فقد ألتقيت به عشرات المرات وعقدنا سوية
جلسات سياسية وقومية وحزبية طويلة وكانت أخرها في دمشق وقبل رحيله ببضعة
أيام. وفي
جميع الحالات، خاصة عندما كانت اللقاءات في مقر الحركة الديمقراطية
الآشورية في
دمشق كانت المناقشات تدور عن نضال شعبنا وسبل نيل حقوقه وكانت زوعا محور
مناقشاتنا
سواء بالنقد أو الإرشاد ونحن نستمع إليه ونناقشه وكانت علاقته الرفاقية
مع زوعا
قوية سواء كانت محتكرة لساحة النضال أم لا ) انتهى الأقتباس
يا اخي الفاضل ابرم شبيرا كانت حوارتكم مع المناضل العراقي الكلــــداني
توما توماس تريدون منه ان يؤمن بتنظيراتكم الأقصائية الشوفينية وتريدون
ان تلغوا تاريخ شعب وهكذا قال لكم المرحوم توما توماس كلام كثير وهذا غيض
من فيض وهو اقتباس من مقال للأخ نبيل دمان حول رسائل توما توماس . يقول :
(( إن من هم كلــــــدان لا يمكن تبديلهم بجرة قلم الى آشوريين كما يحلو
للاخوة الآشوريين ذلك ، إنه تعقيد للعمل القومي والوحدة وإنها آمال
البعض بإحداث انقلاب في التاريخ . إن إصرار الآشوريين على التسمية كما
قلنا هي استحالة العمل ووحدة الشعب )) انتهى الأقتباس من رسالة تنوما
توماس . ومن حقنا ان نتساءل فمتى ترجعون عن افكاركم الأتاتوركية العنصرية
؟، وإن لم تكن هذه الأفكار الأقصائية عنصرية اتاتوركية ، فهل نقول عنها
انها افكار ديمقراطية ليبرالية ؟
(عندما تقدمت قوات الليفي في بداية العشرينيات من
القرن الماضي إلى مدينة الموصل ودخلتها كان لا يزال العادات والسياسات
العثمانية
الظالمة تمارس ضد المسحيين، حيث لم يكن للمسيحي الحق ركوب الحمار أو
الحصان والمرور
في شوارع أو أسواق المدينة كما كان مطلوباً منه أن يحمل على كتفه منشفة
لكي يمسح
بها المسلم المار به يده أو وجهه وعندما سيطر قوات الليفي الآشورية على
المدينة
أوقفت هذه الممارسات اللاإنسانية بحق المسحيين... هذه حقائق تاريخية
وليست حكاية
جدي!!! ولا هي نزعات طائفية مقيتة ؟؟؟ ) انتهى الأقتباس
اجل كانت ثمة معملة لا انسانية بحق المسيحيين ولأقليات الدينية الخرى
ومنهم اليهود واليزيدية ، ولكن حينما قامت الدولة العراقية الجديدة وأسس
حكماً ملكياً دستورياً باتت هذه الظاهرة بالأختفاء وكان للأقليات الدينية
حضور ملحوظ في الحياة السياسية والأجتماعية والسياسية ـ ولم يكن جيس
الليفي في موقع ان يدافع عن هذه الأقليات وكلامك يجانب الحقيقة والمقولة
التي تذكرها ليس لها نصيب من الصحة ارض الواقع ، قوات الليفي الاثورية
لم تكن بموقع مساعدة مسيحيي العراق من كلدان وسريان لا سيما بعد احداث
واجواء العداوة التي تولدت في الموصل بعد احداث 15 آب 1923 والتي كان
سببها مشادة كلامية والتي ذهب
ضحيتها 18 إصابة بين قتيل وجريح ( عبد المجيد حسيب القيسي 27 ) . ونقرأ
في المصدر السابق والكتاب هو بحق منصف للاثوريين من بين كل المصادر التي
تتحدث عن القضية الآثورية ومنهم المورخ عبد الرزاق الحسني ، وعبد الرزاق
محمد اسود ( موسوعة العراق السياسية ) ، وعبد الرحمن البزاز وغيرهم. يقول
القيسي عن تلك الأحداث ص 96
( الآثوريون قوم وافدون وإن ادعوا لهم ماضياً وتاريخاً سابقاً في العراق
وهم اقلية مسيحية نسطورية المذهب لا يتفق جميع المسيحيين على تخريجاتهم
حول طبيعة السيد المسيح . ويضيف الكاتب :
كمجتمع لا ينظر اليهم المسلمون بعين الود والأرتياح . وما يزال العرب
والأكراد والتركمان في الموصل وكركوك يذكرون اخبار صدامهم معهم .. كما لا
يزال الرأي العام العراقي يذكر مواقفهم المتشددة في عصبة الأمم لعرقلة
اكتساب العراق عضويته استكمالاً لاستقلاله . وفوق كل هذا فإن وثيق صلتهم
بالأنكليز اوضح من ان تحتاج الى بيان وبالتالي فالآثوريون قوم لا ينتصر
لهم عرب ولا اكراد ولا سنة ولا شيعة بل ولا مسيحيون ) . فسؤالي للاخ
شبيرا هل يكون بمقدور هؤلاء ان يساعدوا الكلــــدان او السريان في الموصل
او غيرها من المدن العراقية وهم بالأساس يبحثون على موطئ قدم للأستقرار ؟
في تمريرة اخرى يقول الأستاذ شبيرا :
( وهل ننسى الإستاذ المرحوم
أبرم عما أبن ألقوش البار والأب الروحي للحركة الديمقراطية الآشورية
(زوعا) الذي
لعب دوراً أساسياً في البناء الفكري والتنظيمي للحركة لتجد طريقها نحو
المسار
القومي الشامل لكل طوائف أمتنا ).
يا سيد شبيرا نحن الكلدانيين لسنا طائفة من طوائف امتك ، نحن قوميتنا
كلدانية وإن شئت ان تحترمنا حقاً عليك ان تحترم مشاعرنا وتحترمنا كما نحن
وليس كما تريد ان نكون .
في فقرة اخرى يقول الزميل ابرم شبيرا :
( وفي كانون الأول من العام الماضي أحتقل الألقوشيون في ألقوش وأقاموا
دورة في كرة القدم بمناسبة إستشهاد البطل هرمز.... لماذ أحتفل الألقوشيون
بهذه
المناسبة ولم تحتفل قرية كوريكفانه، قرية الشهيد هرمز وقرية يونادم كنا
ايضاً؟؟؟؟
الجواب معروف ولا لبس فيه ) . انتهى الأقتباس .
الشهيد هرمز ملك جكو مع مجموعة من المقاتلين وأنا شخصياً عملت معه في هذه
الفترة في جبل عقرة ودشتة دنهلة ولدي بعض الشكوك الضعيفة بأنني على يمين
هرمز والصورة قد مضى عليها اكثر من 45 سنة فمن الجالسين الثالث على
اليمين هو صديقي صبحي وكنا سوية مع هرمز .
يا
اخي ابرم ابرم شبيرا أنا اقول لك الجواب وأنا ابن القوش وعملت مع المرحوم
الشهيد هرمز ملك جكو وكنت معه فوق جبل عقرة وفي دشتة دنهلة وفي .... ويوم
استشهد كنت من ضمن من حملوا المرحوم والشهداء الآخرين الى سينان وشيخ خدر
، لقد عملنا مع هذا الرجل وكان يحمل فكر ديمقراطي لم يكن مثلكم يحمل
افكار عنصرية وكان هرمز ملك جكو يحب القوش كما هي وليس كما يريدها ان
تكون ولهذا القوش تحترم هرمز ملك جكو لشجاعته ولنكران ذاته حيث كان له
بدلة واحدة وقميصين ، كان هذمز نموذجاً بالأخلاق والأفكار ولم يعمل يوماً
الى ما يفرق شملنا لكن جئتم انتم المفكرين واخترعتم لنا افكار قومية
اديولوجية استخدمها كمال اتاتورك وصدام حسين بحق الأقليات وأنتم تريدون
الأقتداء بهؤلاء ولا تريدون الأقتاء بالأفكار الديمقراطية والليبرالية
ومبادئ حقوةق الأنسان وحقوق الأقليات .
لا اريد التطرق الى كل ماء من مغالطات في مقال الأشتذ شبيرا لأنه الزملاء
قد ردوا على تلك الفقرات بالتفصيل .
لكي لا ابتعد عن الموضوع اعود الى عنوان المقال وبالذات عن المآسي التي
حلت بالآثوريين عام 1933 واخص بالفترة التي كان لألقوش دوراً في هذه
الأحداث .
إن التطرق الى المسألة تأخذ مساحة كبيرة وحتماً سوف اعود الى المسألة
الآثورية لأعرضها في مقال خاص بكل حيادية وتجرد . لكن في هذا المقال
ساتناول الأحداث التي احاطت بألقوش في هذه الأزمة .
كتمهيد للأحداث الدموية كانت عوامل لعبت دورها ، اول هذه العوامل سفر
الملك فيصل الأول الى لندن ومن هناك سفره الى جنيف لتلقي العلاج .
العمل الثاني استلم رئاسة الوزارة رشيد عالي الكيلاني وهو رجل ميكافللي
لا يعدم وسيلة مهما كانت وضيعة لتحقيق اهدافه ، والى جانبه كان الأمير
غازي وهو شاب ليس له خبرة في الحياة وافي التجربة السياسية وكان منخدعاً
بالشعارات الالقومية الثورية .
من جانب آخر فإن مار شمعون ايضاً كان شاب طموح ويقول القيسي 105: وقد
جاءته الزعامة وهو في مدارج الصبا فتشبث بها وأعد نفسه لها وقرر ان يخلص
لها ويدافع عنها ، وهو شديد الأعزاز بها وشديد الأعداد بنفسه وببني قومه
وتقاليدهم وما ورثه عنهم بحكم مركزه من حقوق وامتيازات وواجبات تاريخية
مدنية ودينية .
كان وزير الداخلية في هذه الفترة حكمت سليمان المعروف بثقافته
الاتاتوركية وهو يعتبر كلامه اوامر لا يمكن مناقشتها ، هذا على الرغم ان
مار شمعون كان في منتهى الكياسة والأدب والأخلاق حينما كتب له عن موضوع
تقديم تعهد بعدم قيامه بأية اعمال تخل بأمن العراق ، فيبدو للوزير انه
مجرد اجابته يعني انه اعلن العصيان وكما يصف المؤرخ الحسني رسلة مار
شمعون بأنه وجه الى شخص الوزير كتاباً سليط اللهجة كان اشبه منه بقنبلة
بوجه وزير دولة ـ . فأصدر وزير الداخلية امراً باعتقال المار شمعون وبعض
اهل بيته في بناية جمعية الشبان المسيحيين ببغداد وبمعنه من الخروج منها
ما لم يقدم التعهد المطلوب منه ( بالنظر لتشعب الأحدات في تلك الفترة
ساتناول هذا الموضوع كما وعدت القارئ الكريم ونتطرق الى كل جوانبه ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر :
1 ـ عبد
المجيد حسيب القيسي " هوامش على تاريخ العراق السياسي الحديث ( ألاثوريون
) " مركز الموسوعات العالمية ، لندن سنة 1999
2 ـ رحلة
المنشئ البغدادي ، نقلها الى العربية عباس العزاوي المحامي . بغداد 1948
3 ـ حبيب
تومي " القوش دراسة انتروبولوجية اجتماعية ثقافية " مطبعة الديوان بغداد
2003
4 ـ هرمز
ابونا " الآشوريون بعد سقوط نينوى ، م 8 صفحات مطوية من تاريخ الكنيسة
الكلدانية " كاليفورنيا 2004
5 ـ ابرم
شبيرا " الآشوريون في الفكر العراقي المعاصر " دار الساقي ، بيروت 2001
6 ـ عبد
الرزاق محمد اسود " موسوعة العراق السياسية " المجلد السابع ، حركات
التمرد والسياسة النفطية في العراق ، الدار العربية للموسوعات ط1 1986
7 ـ غازي
دحام فهد الموسوي " البلاط الملكي في العراق ودوره في الحياة السياسية "
الدار العربية للموسوعات ، بيوت ، 2002
فائدة
فائدة ممن اتصلت بهم مباشرة او عن طريق الهاتف وهم السيدات والسادة :
عبد الرحيم اسحق قلو / كندا
عبد يوسف بولا اسمرو / النرويج
فرج يوسف بولا اسمرو / النرويج
يوسف شامايا / استراليا
مكّو
يوسف بولا اسمرو / النرويج
سالم تولا /
امريكا
حنا كوكّي /
المانيا
وهنا نهمش حوادث كثيرة لكي نصل الى الاحداث الدامية في الصدام المسلح
بين الجيش العراقي واللاثوريين والذي لم يستغرق سورى عشرين ساعة ، لكن
اعمال الأنتقام والتقتيل دامت اكثر من اسبوع ويقول عبد المجيد القيسي
ص261 بأن هذه الأحداث كانت من الضخامة والبشاعة بحيث افزعت القائمين بها
وعلى رأسهم بكر صدقي نفسه فأصدر اوامره الى ضباطه وأفراد جيشه بعدم
التحدث عنها او رواية اخبارها , انكرت الحكومة ضلوع الجيش فيها وألقت
تبعتها على العشائر .
بشان التحركات التي سبقت المذبحة نعتمد على ما كتبه عبد الرزاق محمد
الأسود في موسوعة العراق السياسية المجلد السابع .
بديات المشكلة ان 1350 مسلح اثوري عبرو ا الحدود العراقية السورية الى
يوم 21 تموز 1933 واصدرت الحكومة العراقية بان لا يسمح للمسلحين
الأثوريين بالعودة الى العراق ما لم تنزع اسلحتهم . ووافقت السلطات
الفرنسية في سورية على تجريد اسلحة الذين عبروا الى سورية . كانت قوة
عماد التي
انيطت قيادة قوة عماد القائمة بتمارين الحروب الجبلية بالزعيم الركن بكر
صدقي وكانت القوة تأخذ مواقعها في ديره بون وباستيكي بالا والموصل .
نقرأ عن سير المعركة ص154 ـ 156
ليلة 30 ـ 31 تموز 1933 حاولت مجموعة من الآثوريين عبور ضفة دجلة اليسرى
فتصدت لها ربيئة من رتل الحاج وبعد مناوشات دامت ساعتين ونصف ارتد
الاثوريون .
وعن معركة ديره بون ورد ان مختار قرية سميل راجع القوة الموجودة في مخفر
خانك ( قرية سورية على الحدود ) حول قبول 150 مسلح اثوري والسماح لهم
بدخول العراق .
وافق قائد قوة عماد على الدخول بشرط تسليم اسلحتهم بعد العبور .
ارسلت قوة قيادة قوة عماد سرية مشاة بالسيارات الى منطقة العبور لملاقاة
الآثوريون واستلام سلاحهم .
في الساعة ( 1845 ) جوبهت القوة بنار شديدة من قبل الآثوريين الذين عبرو
النهر وبإسناد من الذين لا زالوا في الطرف السوري من النهر .
في الليل بلغ عدد المسلحين الذين عبرو النهر 800 مسلح .
يوم 5 آب 1933 شرع الآثوريون بمهاجمة المعسكر وعلى الربايا 2 و3 و4 و6
لكنهم فشلوا ( الأقتباس دوماً من عبد الرزاق الأسود ) .
هاجم الآثوريون الربية السابعة في الساعة ( 1400 أي الثانية بعد الظهر )
وقتل آمرها وجرح معظم جنودها وقتل آمرها . تقدمت قوة عسكرية أخرى في
الساعة ( 1100 ) فاحتلتها . وانهزم الآثوريون . فاضطر قسم منهم على
الرجوع الى الحدود السورية وتشتت الباقون في جبل بيخير .
في الساعة ( 1300 ) انتهى القتال .
بلغت خسائر الآثوريون 130 قتيلاً و156 جريحاً وكانت خسائر الجيش 37 قتيل
و43 جريح .
يوم 11 آب اصدرت وزارة الداخلية بياناً بانتهاء الحركات .
وفي يوم انتهاء الحركات ( 11 / آب ) وقعت حادثة قرية ( سميل ) بين
الآثوريين المتمركزين فيها مع الذين وفدوا اليها وبين العشائر التي كانت
تراقب حركات المتمردين ولم يشارك الجيش فيها ، وكانت النتيجة وقوع 25
قتيلاً من العشائر و( 315 ) قتيلاً من الآثوريين . وفي الساعة 1200 من
يوم 12 آب 1933 انذرت الحكومة العصاة بعرض دخالتهم وتسليم اسلحتهم خلال
مدة 60 ساعة فقط .
فأذعن للامر ( 249 ) شخصاً استسلموا للقوات حتى غاية 14 آب وأما الباقون
صاروا يعرضون دخالتهم على مراكز الحكومة .
في 16 آب 1933 اصدرت الحكومة العراقية قراراً بإسقاط الجنسية العراقية عن
كل من ( أيشاي مار شمعون ـ داود مار شمعون ـ تيادور مار شمعون ـ سرمة
خانم ) .
في 18 آب قامت طائرات القوة الجوية البريطانية بنقل مار شمعون وأتباعه
الى الى جزيرة قبرص .
يتبين مما اورده الكانب انه اختصر المأساة بعدة اسطر من الكلام الذي لا
يمكن ان يصدقه من له ذرة من العقل .
لماذا تقوم العشائر بمراقبة تحركاتهم ، وإذا كانت المعركة بين الآثوريين
المتمركزين بمواقعهم وبين العشائر المهاجمة ، على حد زعم الكاتب ، كيف
تقع هذه الخسائر الكبيرة في الآثوري المتحصن في مواقعه . وما مصلحة
العشائر في هذا الهجوم أصلاً ؟
من شهود عيان لهذه الحوادث الدموية كان لونكرك الذي كتب كتاب العراق بين
1900 ـ 1950 ونقرأ عنه بما اورد الكاتب عبد المجيد القيسي ص 313 يقول :
أدت اعمال نهب الدور وقتل سكانها الى هجر فلاحي المزارع المجاورة لقرية
سميل ، وبدأت منذ يوم 8 آب اعداد منهم تدخل قرية سميل والألتجاء الى مركز
الشرطة طلباً للأمن والسلامة ، لكن اللاجئون تساورهم الشكوك في نية
الشرطة .. في صباح يوم 11 آب دخلت القرية سرية رشاشات من الجيش العراقي
ما لبثت ان فتحت نيران رشاشاتها وحصدت جميع المجتمعين في القرية حتى إذا
انتهت مهمتها عند الظهرة .ز عادت القوة أدراجها تاركة الأرض سابحة في
الدماء ومغطاة بالجثث الملقاة في العراء .
في اليوم التالي عادت قوة عسكرية أخرى وحفرت قبوراً جماعية القت بها جثث
القتلى وكان عددهم 305 رجلاً وأربع نسوة وستة أطفال ولم يخسر الجيش أحداً
. ولم تكتف القوات الحكومية بهذه الجريمة إنما اقدمت على قتل اسرى فبعد
ان قبضت إحدى الوحدات العسكرية على مجموعة كبيرة من الآثوريين لا يقل
عددها عن المائتي شخص بحجة سوقهم الى المعسكر لاستجوابهم هناك ولكنهم ما
ان صاروا في الطريق العام حتى فتح الجند وضباطهم النار على هذه المجموعة
سيئة الحظ فأبادوها عن آخرها ( السابق ص225 ) . إن حملات التضليل
والتهريج وإثارة المشاعر الوطنية كان لا بد من وضع هؤلاء البؤساء بمنزلة
العصاة المتآمرين مع الأستعمار ضد السيادة الوطنية ، واستطاع الأعلام
المؤيد للحكومة من ان يقلب هذه المجازر الوحشية من انها انتصار وطني باهر
على الأستعمار وعملائه ، فاسكرت الجموع المهتاجة هذه الأنتصارات فأقيمت
اقواس النصر في شوارع بغداد والموصل .. إن هذا النصر هو من الأنتصارات
الكبرى .
ولنا ان نتساءل هل كان الملك فيصل الأول موافقاً لتلك الأحداث ؟
ويرى غازي دحام فهد المرسومي ان موقف الملك فيصل من التمرد كان يحمل طابع
الأزدواج فقد ايد فعلاً ما قام به رشيد عالي حتى تموز 1933 ولكن بسبب ضغط
البريطانيين .. طلب من رئيس الوزراء ان يستخدم اللين مع المتردين وهذا ما
يؤيده نوري السعيد الذي يلقي المسؤولية في تلك الأحداث على الملك مؤكداً
ان ما جرى في هذه القضية كان نتيجة توجيهاته ، وقد استمرت العلاقة الطيبة
بين الملك فيصل ووزارة رشيد عالي حتى وفة الملك في الثامن من ايلول 1933
( غازي المرسومي ، الدار العربية للموسوعات : البلاط الملكي في العراق
ودوره في الحياة السياسية ص 312 ـ 313 ) . إن هذا الزعم يكاد يكون بعيداً
عن الواقعية فالملك فيصل استخدم النفس الطويل والأناة والصبر في علاج
القضية لكن غيابه كان قد سبب في تلك الأحداث الدامية . وهذا يحتج الى
تفاصيل لا تدخل ضمن هذا المقال .
القوش واحداث 1933
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر :
1 ـ عبد
المجيد حسيب القيسي " هوامش على تاريخ العراق السياسي الحديث ( ألاثوريون
) " مركز الموسوعات العالمية ، لندن سنة 1999
2 ـ رحلة
المنشئ البغدادي ، نقلها الى العربية عباس العزاوي المحامي . بغداد 1948
3 ـ حبيب
تومي " القوش دراسة انتروبولوجية اجتماعية ثقافية " مطبعة الديوان بغداد
2003
4 ـ هرمز
ابونا " الآشوريون بعد سقوط نينوى ، م 8 صفحات مطوية من تاريخ الكنيسة
الكلدانية " كاليفورنيا 2004
5 ـ ابرم
شبيرا " الآشوريون في الفكر العراقي المعاصر " دار الساقي ، بيروت 2001
6 ـ عبد
الرزاق محمد اسود " موسوعة العراق السياسية " المجلد السابع ، حركات
التمرد والسياسة النفطية في العراق ، الدار العربية للموسوعات ط1 1986
7 ـ غازي
دحام فهد الموسوي " البلاط الملكي في العراق ودوره في الحياة السياسية "
الدار العربية للموسوعات ، بيوت ، 2002
فائدة
فائدة ممن اتصلت بهم مباشرة او عن طريق الهاتف وهم السيدات والسادة :
عبد الرحيم اسحق قلو / كندا
عبد يوسف بولا اسمرو / النرويج
فرج يوسف بولا اسمرو / النرويج
يوسف شامايا / استراليا
مكّو
يوسف بولا اسمرو / النرويج
سالم تولا /
امريكا
حنا كوكّي /
المانيا
وإذا
كان التاريخ القديم لا يسعفنا
بمعلومات وافية موثقة إلا أن وقائع من التاريخ القريب يعطينا إدلة على
مواقف الوقفة
البطولية لهذه البلدة والهجمات والاضطهات التي تعرضت لها. فالعثمانيون
كان يحقدون
أشد الحقد على هذه البلد لأن أهاليها كانوا من المؤيدين للحركة القومية
الآشورية
التي كانت بوادرها قد بدأت قبل نشوء الحرب الكونية الأولى، وهناك معلومات
تشير إلى
أن الألقوشيين كان قد قدموا طلباً إلى الباب العالي مبينين فيه رغبتهم في
التخلي عن
الكاثوليكية والإنظمام إلى كنيسة المشرق (النسطورية) كتعبير لتأييد
ومساندة هذه
الكنيسة التي كانت الأمواج والعواصف تعصف بها وتهددها بالدمار، غير أن
بسبب تدخل
فرنسا والضغط على السطان العثماني رفض طلب الألقوشيين وهددوهم بالقمع إذا
رفضوا
قرار السلطان. أملك مصدر عن هذه المعلومات ولكن من المؤسف أنني لم أستطيع
العثور
عليها أثناء كتابة هذا الموضوع بسبب إستمرار تنقلي من بلد إلى آخر ووعداً
للقراء
بأن أعثر عليها وأكتب عنها في فترات لاحقة.
1 |
الحوار
والراي الحر /
المنبر الحر /
ألقوش
في القلب والوجدان... والفكر أيضاً |
في: مارس 09, 2008, 09:35:12
pm |
ألقوش في القلب والوجدان... والفكر أيضاً
أبرم شبيرا
للكتابة والبحث العلمي أصول وقواعد تهدف بالأساس إلى غاية
جمالية معرفية
تخدم الإنسان بشكل عام والمجتمع المعني بالبحث بشكل خاص.
وعندما يشذ الكاتب، إذا صح
هذا التعبير لمن يكتب وينشر، عن هذه القواعد تفقد الكتابة
جماليتها وغايتها
الإنسانية وتصبح مفسدة للعقول ومضيعة للوقت ونحن في هذا
العصر الذي تعصف بنا
العواصف من كل الجهات خاصة في الوطن الأم أحوج ما نحتاج إلى
الكتابات السليمة
الهادفة إإلى خدمة مجتمعنا. فهذه رسالة سامية من رسائل
مثقفينا جميعاً لا بل هي
مسؤولية أيضاً تقع على الكاتب والناشر سواء أكان موقعاً
ألكترونياً أو مجلة أو
جريدة أو نشرة .. إلخ. وما يزيد من جمالية الكتابة وغايتها
الإنسانية ليس فقط رصانة
الكاتب ومضمون الموضوع ومدى واقعيته وفائدته للمجتمع بل
أيضاً الردود الفعلية التي
يتركها الموضوع لدى القراء من إنتقادات بناءة وتعليقات مبهرة
ومعلومات إضافية تصبح
في التحليل الأخير جزءاً مهماً في بناء وتكامل الموضوع نفسه
ومفيداً للكاتب والقراء
أيضاً. أما ما يفسد جمالية الكتابة ويخرجها عن طورها الأصولي
والإنساني والإخلاقي
هو التهجم الشخصي والطعن بالكاتب بتهم لا تمت بصلة بالموضوع
المطروح إطلاقاً وتخوين
الكاتب ونسج أراء وطروحات وتصورات وتأويلات وتحميلها عليه في
الوقت الذي لم ينطق أو
يدعي بها.
إنني أورد هذه البديهية النطرية ليس فقط كمدخل للموضوع الذي
كتبته
تحت عنوان (ألقوش في القلب والوجدان) ونشر على موقع عنكاوة
والردود المختلفة الذي
تركه على القراء والتي نشرت بعضها على موقع عنكاوة والبعض
الآخر كانت بواسطة رسائل
ألكترونية أو إتصالات هاتفية، وإنما بالأساس كتوضيح لكل من
يستحق لقب "كاتب" أو
“باحث" أو "مؤرخ" في ضرورة الإلتزام بالقواعد الأصولية
والاخلاقية للكتابة والنقد.
وأود هنا أن أوكد بأن الردود التي وردت على الموضوع تعكس
بشكل مباشر الأهمية التي
تركها عند القراء وأن هذه الردود والتوضيحات والإضافات
المعلوماتية كلها أغنت
الموضوع لا بل وأقولها بصراحة أسعدتني وتقبلتها بروح رياضية
ولكن بالتأكيد كانت
ستكون سعادتي وتقبلي لها أكثر بكثير لو لم تنحرف بعض هذه
الردود في بعض جوانها عن
الأصول الصحيحة للكتابة.
من المؤسف أن أقول بأننا، كشعب شرق أوسطي، تعلمنا
عادات سيئة من العرب خاصة في المسائل السياسية والقومية. لقد
أصبح الكثير من
نشاطاتنا المجتمعية وتحديدا السياسي والقومي رد فعل أكثر مما
هو فعل مباشر. كما وأن
نظرية المؤامرة تهيمن على عقول الكثير من كتابنا ومثقفينا
وسياسيينا، وتخوين الفاعل
وفقدان الثقة أصبحا منهجاً في معظم ردود الأفعال. والأسوء من
كل هذا ضعف أو صعوبة
أو خطأ فهم مغزى الموضوع وبالتالي بناء تصورات وردود خاطئة
وتأويلات لا تمت بصلة
بالموضوع والكاتب نفسه. وهنا أود إأن أعلق على بعض وليس كل
الردود التي وردت على
موضوع (ألقوش في القلب والوجدان) ولكن من دون أن إنسى شكري
وإمتناني الكبيرين
للمعلومات القيمة والردود الإيجابية التي أغنت الموضوع
كثيراً لأن بالتأكيد ما
كتبته لم يكن بمستوى الكمال بل كان موضوعاً تمهيديا بسيطاً
يتطلبه معلومات تاريخية
كثيرة يستوجبها بحثاً منفصلا ومسهباً، فما كتبته كان تعبيرا
عن مشاعري وأحاسيسي
تجاه هذه البلدة عند زيارتها والتي كان يستوجب بيان شهامة
أهاليها ووقفتهم البطولية
تجاه أحداث تاريخية مهمة وموقفهم الحالي في مقارنة مع القرى
والقصبات الأخرى التي
زرتها والتي تتعرض إلى تجاوزات تأثر تأثيراً عميقاً على
طبيعة ديموغرافيتها
التاريخية والقومية.
يتهمني أصحاب بعض الردود بأنني "غرزت سهامي في قلب
ألقوش وفي وجدان كل ألقوشي أصيل" ... وإنني "كاتب مفخخ بكل
الأساليب الملتوية
والمستفزة لتمريري غايات دعائية لتوجيه السياسي والطائفي
.... وأنني خبير في دس
السم بالعسل ... والتدليس على التاريخ والحقيقة ... وإنني
جلبت الضرر للألقوشيين...
لأنني أستخدم عنوان ومفردات المدح المبطن ... وحطيت من قدر
وشأن الألقوشيين في
سبيل الترويج للبضاعة الآشورية وأنني ناكر الجميل ... وجردت
الألقوشيين من الفضائل
والمفاخر عن طريق التلاعب بتاريخ وهوية ألقوش وشعور أهلها
واستخدمتها للدعايات
الحزبية والطائفية أو لغايات وأهداف رخيصة" وهكذا تهم
وتخوينات ومشاعر قائمة على
نوع عجيب وغريب من سوء النية لما كتبته عن هذه البلدة
العريقة. بالله عليكم هل هذا
منطق ؟؟!!!... لو كان أصحاب هذه التهم قد قرأوا الموضوع بشكل
عميق وفهموا المغزى
بقلب نظيف وعقل منفتح لما استنتجوا مثل هذه التخريفات
السوداء تجاه ما كتبته. فإذا
كان لأصحاب هذه الردود قصر في الفهم وضعف في إدارك المغزى من
الكتابات الصادقة
فإنني أطلب منهم أن يقرؤا المقال مرة أخرى بقلب صادق وبنظرة
منفتحة لا حاقدة وأن
يسألوا أنفسهم لماذا كتبت عن ألقوش ؟ هل هي قوجانس أم
كوريكفانه أم بختمه؟ طبعاً
الجواب معروف إلا إذا كانوا هؤلاء لا يستطيعون التمييز بين
ألقوش وهذه القرى
والمغزى المراد من التمييز بين طرفي المقارنة.
هذا من حيث منهج التخوين
والتأويلات التي تشتهيها مخليتهم ... أما من حيث فكرة
المؤامرة التي تعلموها من
العقول العربية السياسية العاجزة عن العيش في هذا الزمان
فالحديث عنها غريب وعجيب
تثير في كثير من الأحيان الإشمئزاز وأيضاً الأسف من سؤء
النية تجاه أفكار وأراء
يعجزون عن فهم المغزى. أن العقل المكبل بنظرية المؤامرة هو
نتاج أو صورة عاكسة
لحالة تعرف في علم الاجتماع النفسي بـ (الفوبيا) أي الهلع
أوالخوف الشديد من ظاهرة
أو أسماء أو أشياء معينة.. فمن خلال قراءتي لبعض الانتقادات
لموضوعي السابق الذكر
عن ألقوش يظهر بأن أصحابها قد أصابوا في جوانب معينة من
كتاباتهم بهذا المرض وفسروا
الأمور بما تتلائم مع حالتهم النفسية. وأود أن أشير هنا إلى
ظاهرتين: سياسية
وطائفية. وفي البدء أقول لهم أقرأوا الموضوع مرة أخرى
وأنظروا إليه بعين وقلب وعقل
مفتوحة لا منغلقة مطوقة بنظرية المؤامرة والهلع عند ذكر أسم
الحركة الديموقراطية
الآشورية أو الحركة الآشورية أو تسمية الآشوري وحدها حسبما
يتطلبها السياق التاريخي
والمنطقي لهذه التسمية. أقولها صراحة وبلمئ الفم والعقل بأن
كل من يعتقد بأنه عندما
ذكرت كلمة الآشوريين أو الأشورية في المقال السالف الذكر هو
إلغاء وإمحاء لبقية
تسميات أمتنا الكلدانية والسريانية فهو غبي وأن كل من يحاول
بالأسم الآشوري بلع
وهضم بقية تسميات أمتنا الكلدانية والسريانية فهو أغبى. لقد
زهقنا من هذا الموضوع
الذي يشبه قتال الصلعان على المشط ولا أريد الدخول فيه وأرجو
أن يكون المقصودين
بهذا الموضوع قد فهموا... والإشارة تكفي اللبيب!!!
فعندما
ذكرت علاقة
المناضل توما توماس والمعلم أبرم عما، وكلاهما من ألقوش، كان
بهدف أخذ نماذج معاصرة
لدور الألقوشين في الحركة القومية لشعبنا وليس مدحاً بزوعا.
أما إذا كان زوعا لم
يأخذ بنصائح المناضل والمعلم فهذا أمر يعود إليهم ولو كنت
عضوا في قيادتها ربما كنت
قد بحثت عن الجواب لهذا التسائل وأعطيته لهم ولكن يظهر بأن
لهؤلاء "الفوبيين" جواب
مسبق أصبح في أيامنا هذه بحكم الإسطوانة المشخوطة.
لم ألتقي بالمعلم أبرم
عما إلا ثلاث مرات، مرتين في السليمانية مع مجموعة من الطلاب
الآشوريين الجامعيين
ومرة أخرى في النادي الثقافي الآشوري في بغداد أثناء أحد
المهرجانات الشعرية وكلا
الحالتين كانتا في السبعينيات من القرن الماضي ولم نتطرق في
حينها إلا إلى قضايا
قومية وسياسية عامة حيث لم يكن زوعا قد تأسس بعد ولكن كانت
له علاقة قومية ببعض
اللذين أسسوا زوعا. أما المناضل توما توماس فقد ألتقيت به
عشرات المرات وعقدنا سوية
جلسات سياسية وقومية وحزبية طويلة وكانت أخرها في دمشق وقبل
رحيله ببضعة أيام. وفي
جميع الحالات، خاصة عندما كانت اللقاءات في مقر الحركة
الديمقراطية الآشورية في
دمشق كانت المناقشات تدور عن نضال شعبنا وسبل نيل حقوقه
وكانت زوعا محور مناقشاتنا
سواء بالنقد أو الإرشاد ونحن نستمع إليه ونناقشه وكانت
علاقته الرفاقية مع زوعا
قوية سواء كانت محتكرة لساحة النضال أم لا. على العموم أود
أن أقول بأنني كنت أتوقع
أن يأتي الرد على مقالتي عن ألقوش من أعضاء في زوعا لأنه
يظهر من خلال تقيمي الكبير
للمناضل والمعلم كأنه تهميشاً لزوعا ولكن أخوتنا في الرد
فهموا الصور مقلوبة فجالوا
وصالوا في إعادة وتكرار الاسطوانة المشخوطة التي ينشرح في
سماعها أعداء أمتنا
والمتعطشين لدولارات كردستان. إضافة إلى المناضل والاستاذ
المذكورين كنت أود أن
أذكر أيضا أسم المناضل فرنسوا الحريري وهو في السنوات
الأخيرة وقبل إستشهاده وموقفه
من زوعا ولكن لأنه أولا: ليس من ألقوش، وثانيا: خشيت أن أتهم
بـ "النسطورية
والطائفية" من المنتقدين لذلك تجنبت ذكر أسمه. فالغريب
والعجيب عن هؤلاء المنتقدين
هو حشر أسمي بمناسبة أو بدون مناسبة بالحركة الديمقراطية
الآشورية وأقولها صراحة
هذا شرف لي لا بل ويزيدي شرفاً أكثر وأكثر أن تكون لكل
حركاتنا وأحزابنا القومية
الشريفة مكاناً في قلبي إلى جانب ألقوش.
أما الظاهرة الثانية التي فسروها
المنتقدون للموضوع وفق نظرية المؤامرة، هي الظاهرة الطائفية.
أن المصاب بهذا المرض
يتصف بالارتباك والتخبط وخلط الأمور ببعضها ويتصور بأن
العالم كله ضده و
“المؤامرجية" يحيطون به من كل الجوانب. فمن خلال قراءة
الردود يظهر بأن هؤلاء يصعب
عليهم التفريق بين الآشورية والنسطورية كما كان يفعل نظام
البعث المقبور في العراق
وتلاميذه وينظرون إلى الآشوريين وفق العقلية العراقية
التقليدية في تخوينهم وربطهم
بالنسطورية. أنصح هؤلاء في قراءة كتابي المعنون (الآشوريون
في الفكر العراقي
المعاصر – دراسة حال في العقلية العراقية تجاه الأقليات) نشر
عام 2003 من قبل دار
الساقي في بيروت ولندن فهو حتماً سيكون مفيدا لهم في فهم هذه
الحالة ومفيدا لي
وللقراء في عدم الإطناب في هذا الموضوع.
وأخيرا لم يبقى إلا أن أقول شيئاَ
آخر عن المنهجية في القراءة والكتابة والتي تظهر بوضوح في
المقالات التي ردت على
مقالتي، أن الإطلاق والعمومية شيئان مرفوضان في القراءة
والكتابة. فالمطلق منهج
مثالي ميتافيزيقي لا وجود له في عالم الواقع. فالقارئ
والكاتب يجب أن يضعا النسبية
أو الأصح مصطلح "بشكل عام" موضع نظرهما قبل قراءة أي موضوع
أو الكتابة عنه. فعلى
سبيل المثال عندما قلت بأن الألقوشيين كانوا يجلسون في
المقاهي ويلعبون الورق أو
القمار ثم مايلبث أن يدق ناقوس الكنيسة حتى يهروا للقداس ...
بالله عليكم هل هناك
متعلم يفهم بأن المقصد هو كل الألقوشيين... هل كل الألقوشيين
لا شغل لهم ولا عمل
إلا لعب القمار؟؟؟؟ أم يكون مثل هذا اللعب لبعض الرجال وأيام
العطل والأحاد؟؟؟
والحالة نفسه بالنسب للألقوشيين الذين قدموا طلباً للإنظمام
إلى الكنيسة النسطورية
فالمقصد كان بعض وبالأخص المعنيين بشؤون الأمة وليس كل
الألقوشيين.. موضوع لا أريد
الإطالة فيه لأنه ساذج لا معنى له.
هذا من حيث النظرية والمنهج، أما من حيث
الوقائع التاريخية التي حاولت من خلالها بيان شهامة
الألقوشيين فهي مواضيع ووقائع
تاريخية معروفة وتفسير تفاصيلها قد لا يتفق أثنان عليها، وهي
حالة صحية لا غبار
عليها ولكن مع هذا لا يقلل أختلاف التفسيرات من أهمية الحدث
التاريخي أو يمحوه.
فإذا كنت قد قصرت في ذكر تفاصيل مسبهة لهذه الحوادث فهو أمر
كان يتطلبه سياق
الموضوع وحسناً فعل المنتقدون عندما اسهبوا فيها سواء أكان
ذلك ضرورياً للموضوع أم
غير ضروري ولكن من دون شك كان ذو فائدة لي وللقراء أيضا.
وعلى العموم يمكن أن أشير
إلى بعض من هذه الحقائق التاريخية المتعلقة بألقوش.
موضوع تعاطف أو تأييد
الألقوشيين للحركة القومية الآشورية وهي في بدايتها في أوائل
القرن الماضي طبعاً
ليس القصد هنا كل الألقوشيين 100 بالمائة فلا مطلق في الحياة
وإنما الحديث هو بشكل
عام ويخص المعنيين بالشؤون القومية والسياسية والفكرية، وما
العيب فيما إذا كان كل
الألقوشيين أو قلة منهم أو حتى نفر واحد منهم يتعاطف ويساند
الحركة القومية
الآشورية خاصة في ظروف ماحقة وصعبة، أليس هذا فخراً لهم؟؟؟.
ذكر هذه الحقيقة
التاريخية، سواء أكان كل الألقوشيين أم بعضهم، ليس فيه
أبداً تنقيص من قيمة
الألقوشيين، كما يتصورها أحد المنتقدون... وكيف تصورها ؟؟؟
الله أعلم... بل كان
المغزى بيان شجاعة الألقوشيين في تلك المرحلة الصعبة. وهنا
أود أن إذكر رموز من
ألقوش سطرت أسماؤهم من ذهب في تاريخ نضال قوميتنا. فالأسقف
مار توما الألقوشي (أسقف
ألقوش) كان جنباً إلى جنب مع الشهيد مار بنيامين بطريرك
كنيسة المشرق (النسطورية)
في جميع جولاته وصولاته المميتة. أما مار توما أودو مطران
الكنيسة الكلدانية
الكاثوليكية في أورمي (حالياً رضائية في شمال شرقي إيران)
يعتبر رائد من رواد
الحركة القومية ومفكر كبير في تاريخ أمتنا وكان من أكبر
مؤسسي المجلس القومي قبيل
الحرب الكونية الأولى ومن بين الذين دعوا إلى إحلال تسمية
(آشوري - أثورايا) بدلا
من (سورايا) باعتبار الأولى لها دلالات قومية تاريخية أكثر
من الثانية وساند
الجنرال إغا بطرس وقواته الكلدوآشورية في حروبها التحريرية
التي باركها بابا روما
في تلك الأزمنة. أستشهد المطران من أجل قضية شعبه وسطر أسمه
من ذهب في سجل شهداء
أمتنا. فلا أدري إن كان المنتقدون يعرفون أسماء هؤلاء
الأبطال ويفتخرون بهم؟؟؟ هل
ذكر هذه الرموز العظيمة هو تقليل من شأن الألقوشيين وإهانتهم
أم هو تبجيل لهذه
البلدة التي أنجبت (التؤمان) ...توما أودو وتوما توماس؟؟؟
ظاهرة تاريخية
أخرى يظهر بأن المنتقدين يعممونها كثيراً ولا يميزون المقدصد
منها أو فهم المغزى.
صحيح أن الظروف الصعبة أثناء الحرب العالمية الأولى كانت
تهدد معظم الشعوب في
منطقتنا وبالأخص المسيحيين منهم بسبب معتقدات العثمانيين
وسياستهم تجاه الأقليات
المسيحية ولكن الظروف المحيطة التي عصفت بأبناء أمتنا من
الطائفة المشرقية
“النسطورية" كانت مدمرة ومميتة بحيث أقلعتهم من أماكنهم
التاريخية وهجرتهم كلياً من
مناطقهم وفقدوا نصف عددهم فصب العثمانيون نار حربهم عليهم
لأنهم كانوا إلى جانب
الأرمن، الوحيدين من الأقليات المسيحية الذين شاركوا إلى
جانب الحلفاء ضد الدولة
العثمانية ومقاومة ظلمها. وحتى بعد إنتهاء الحرب وتوقيع
إتفاقيات السلام وتسويات
الحدود منعهم العثمانيون من الرجوع إلى مناطقهم التي أصبحت
ضمن الحدود الجديدة
للدولة التركية حيث وصفتهم بـ "الخونة". في حين بقى بقية
أبناء شعبنا من الكلدان
والسريان في مناطقهم ولم تفرغ منهم إلا في السنوات القليلة
الماضية. من هنا أقول
بأن التهديد المهلك لـ "النساطرة" لم يكن من الكاثوليكية
إطلاقاً، كما يؤوله أحد
المنتقدين ويحملني نتائجه الطائفية. فالإنتقال من مذهب إلى
آخر ليس هلاكاً لشعب أو
أمة بل هلاكاً للطائفيين المتزمتين فقط. من هذا المنطلق كان
الألقوشيون .... طبعاً
ليس كل الألقوشيين ... بل المعنيين بشؤون الأمة كانوا قد
قدموا طلباً للإنظمام إلى
كنيسة المشرق "النسطورية" كتعبير عن تضامنهم مع أخوتهم في
الدم، وما العيب في ذلك
طالما نحن أبناء أمة واحدة، كما يقول أحد المنتقدين !!!
الموضوع
التاريخي
الآخر الذي أطنب فيه المنتقدون هو الحاكم التركي المدعو
صقيلي ودور قوات الليفي
الآشورية في قتله، هذا
واقع تاريخي يعرفه الكثير من الألقوشيين وغيرهم وليست حكايات
جدي فقط. كنت أود أن يكون قد قرأ المنتقدون كتابي المعنون
"الآشوريون في السياسة
والتاريخ المعاصر" نشره إتحاد الأندية الآشورية في السويد
عام 1995 وعرفوا حقيقة
هذه القوات.... فإختصار أقول لهم أن العقلية العراقية
التقليدية القائمة على تخوين
ورفض المختلف هيمنت على عقولهم بخصوص هذه القوات فإعتبروها
قوات "مرتزقة" أستعملوها
الأنكليز في ضرب الحركة الوطنية ... اية حركة وطنية ؟؟؟؟
ثورة العشرين ... قاومها
قوات الليفي العربية المعروفة بالشبانة ... حركة المجرم بكر
صدقي أم حركة رشيد عالي
الكيلاني المعروفين بميولهم النازية؟؟؟ إن قوات الليفي التي
تأسست رسمياً بعد ثورة
العشرين كانت تضم رجال من الكلدان، ومنهم المناضل توما توماس
الذي أنخرط فيها في
الأربعينيات من القرن الماضي، إضافة إلى بعض التركمان
واليزيديين ولكن كانت تسمى
(Assyrian Levy )
لكون معظمهم من الآشوريين. لقد لعبت هذه القوات دورا كبيراً
ومهماً في ضمان إستقرار الدولة العراقية الفتية وليس العكس
كما يتصورها "الآخر"
خاصة من الناحية الشمالية عند الحدود مع تركيا. فبعد إستسلام
الدولة العثمانية وفق
معاهدة فيرساي 1919 – 1920 عاد الرجل المريض قوياً بعد وصول
الكماليون القوميون إلى
السلطة وضربوا عرض الحائط المعاهدات التي كانت موقعة مع
الحلفاء فتغلغلوا داخل
الأراضي العراقية الشمالية واحتلوا مناطق واسعة حتى عام 1923
حيث لم تتمكن القوات
الإنكليزية ولا جيش العراق الفتي من طرد القوات التركية إلا
بعد أن تقدمت قوات
الليفي الآشورية وتمكنت من دحر القوات التركية وطردهم خلف خط
بروكسل الحدودي. هناك
المئات من الوثائق في " معهد الوثائق البريطانية" في لندن
تتطرق إلى الدور الكبير
الذي لعبته هذه القوات بعد الحرب العالمية الأولى وأثناء
الحرب العالمية الثانية.
وأود أن أشير بهذه المناسبة إلى رسالة الماجستير والدكتوراه
التي قدمها الدكتور
(يونك)
التي كتبهما عن شجاعة هذه القوات وقدمهما إلى جامعة لندن
(مدرسة لندن
للدراسات الأسيوية والأفريقية) المعروفة بـ (سواس). شخصياً
ألتقت بالدكتور (يونك)
الذي كان في الثمانينيات من العمر عدة مرات ودعيته إلى
النادي الآشوري في لندن حيث
ألقى محاضرة عن هذه القوات وألتقى ببعض كبار السن الذين
كانوا أفرادا في قوات
الليفي.... هذه حقائق تاريخية وليس حكايات جدي .... ألم يطم
ممكنا لهذه القوات أن
تقتل المجرم صقيلي وهو شخص واحد في الوقت الذي قاتلت وطردت
جيش أسياده من شمال
العراق؟؟؟؟ ليس هذا فحسب وإنما عندما تقدمت قوات الليفي في
بداية العشرينيات من
القرن الماضي إلى مدينة الموصل ودخلتها كان لا يزال العادات
والسياسات العثمانية
الظالمة تمارس ضد المسحيين، حيث لم يكن للمسيحي الحق ركوب
الحمار أو الحصان والمرور
في شوارع أو أسواق المدينة كما كان مطلوباً منه أن يحمل على
كتفه منشفة لكي يمسح
بها المسلم المار به يده أو وجهه وعندما سيطر قوات الليفي
الآشورية على المدينة
أوقفت هذه الممارسات اللاإنسانية بحق المسحيين... هذه حقائق
تاريخية وليست حكاية
جدي!!! ولا هي نزعات طائفية مقيتة ؟؟؟
أما بالنسبة لحوادث عام 1933 لم أسمع
كما لم يتداول الناس بأن أبناء شعبنا من الطائفة المشرقية
"النسطورية" أحتموا في
القرى الأخرى عدا ألقوش وحكاية توصيل الخبر إلى المثلث
الرحمات مار عمانوئيل بطريرك
الكلدان من قبل الأشخاص الثلاثة ورد البطريرك عليهم هي
معروفة وسمعتها من مصادر
عديدة وكان آخر من مطران في الكنيسة الكلدانية. وقد يكون
ممكنا أن تدخل البطريرك
ولعب دوراً في رفع الحصار عن ألقوش بعد تدخل فرنسا وتأثيرها
على الحكومة العراقية،
وهنا لايسعني إلا أن أشكر جميع الألقوشيين ... وبشكل مطلق
هذه المرة ... وعلى رأسهم
البطريرك على حماية جدي وبالتالي بقائي في الحياة. وهناك
حقيقة تاريخة معاصرة أخرى
تتعلق بالشهيد هرمز ماليك جكو... هناك شهود عيان لا زالوا
أحياء يذكرون تفاصيل قصة
هجوم الشهيد مع قوته الصغيرة لمركز شرطة ألقوش في اليوم
الثاني من شهر كانون الأول
عام 1963 وخوض معركته مع الحرس اللاقومي واللاأخلاقي وجحوش
النظام ثم بعد ذلك تقدم
إلى منطقة ألوكه قرب دهوك حيث أصطدم مع دبابات تابعة لكتيبة
من الجيش السوري
وأستشهد هناك. وفي كانون الأول من العام الماضي أحتقل
الألقوشيون في ألقوش وأقاموا
دورة في كرة القدم بمناسبة إستشهاد البطل هرمز.... لماذ
أحتفل الألقوشيون بهذه
المناسبة ولم تحتفل قرية كوريكفانه، قرية الشهيد هرمز وقرية
يونادم كنا أيضاً؟؟؟؟
الجواب معروف ولا لبس فيه.
وأخيراً أود أن أعتذر للقراء وأصحاب الرد عل
الإطالة كما أود أن أشكرهم على المعلومات التي زادات من
معلوماتي عن ألقوش وبالتالي
زادت من عمق مكانتها لا في قلبي ووجداني فحسب وإنما في فكري
أيضا وإنني مزمع على
زيارتها مرة أخرى في نيسان القادم لأزيد من مكانتها وعزتها
وتاريخها في تفكري سواء
رضي البعض أم لا. ولا يسعني هنا أيضا إلا أن أشير إلى الكرم
الذي منحني أحد
المنتقدين وعلمني بأن للألقوشيين جمع تكسير هو "الألاقشة" في
الوقت الذي أعرف بأن
الأسماء غير العربية لا تخضع لقواعدها المعروفة رغم أن
معرفتي باللغة العربية
وقواعدها ضعيفة وأعلى درجة حصلت عليها في السنة النهائية
للدراسة الثانوية كانت 58
من المائة.
|
|
|
آب دخلت
2 |
الحوار
والراي الحر /
المنبر الحر /
ألقوش
في القلب والوجدان |
في: فبراير 13, 2008, 05:43:23
pm |
ألقوش في القلب والوجدان
أبرم شبيرا
زرت
موطني آشور شمال بلاد مابين النهرين العديد من المرات ولكن
لأول مرة وبعد عقود في
الغربة أتيحت لي الفرصة أن أزوره خلال أعياد الميلاد ورأس
السنة وأن أعيد مع
إصدقائي وأتناول القربان المقدس في أحدى كنائسنا في نوهدرا
المعروفة حاليا بـ
(دهوك)
وأن أزور الكثير من القرى والقصبات في مناطق صبنا وبرواري
بالا وسهل نينوى
رغم البرودة القارصة جداً إلا أن حرارة اللقاء مع الأصدقاء
وأبناء أمتي من مختلف
التوجهات والأفكار جعلتني قادراً على مقاومة البرودة لفترة
زادت عن10 أيام التي
قضيتها هناك. أتصل بي بعض الأصدقاء مستغرباً عن عدم كتابة
بعض الملاحظات عن هذه
الزيارة كما كنت أفعل في الماضي بعد كل زيارة للوطن، فذكرت
لهم بأن الأمر ليس بهذه
السهولة لأن الواقع الذي تعيشه أمتنا هناك مليئ بالتناقضات
والأحداث قد يصعب المسك
برأس الخيط والإنطلاق منه لفهم الواقع بشكل منهجي معقول.
ولكن مع هذا حزمت أمري أن
أكتب بعض السطور لعل يزيل إستغراب أصدقائي المتسائلين ولو
إنني تأخرت بعض
الشئ.
ليس لي أقارب أو أفراد من عائلتي الصغيرة يعيشون هناك ولا
قرية أنتمي
إليها ولكن كل أبناء أمتي هم أفراد عائلتي الكبيرة هناك وكل
القرى كانوا قريتي
وبيتي لهذا كان الواجب والحنين يلزمانني أن أزور كل من
أستطعت زيارتهم والتعايش
معهم عن كثب وأحس بمعاناتهم وأفراحهم وأحلامهم. وكالعادة فإن
المسائل القومية
والسياسية تبقى دائماُ في قمة أهتماماتي ولكن مع هذا لم
تثنيني من قضاء أوقات ممتعة
ومثيرة مع أبناء أمتي في القرى والقصبات التي لازالت بعضها
صامدة في وجه الزمن
الغادر، وهنا سأكتفي ببلدة ألقوش في هذا الجزء أملاً أن يليه
جزءاً آخر عن المسائل
القومية والسياسية.
لا أنكر بالقول بأن مشاعري ووجداني الذاتي قد سيطرت على
جوانب من موضوعيتي عندما زرت بلدة ألقوش العريقة وأن أبدأ
الحديث عنها وأن أضعها
عنوانا لمقالتي هذه. ولكن مع هذا أن الموضوعية التاريخية
لأصالة هذه البلدة معروفة
للداني والقاصي ولا يستوجبها أية مشاعر وجدانية خاصة لكي
نزيد من قيمتها. ألقوش
البلدة التوراتية العريقة القدم في التاريخ. ويكفي أن تكون
بداية إسمها (إلـ )
المصغر للكلمة البابلية/الآشورية (إيل) لتكون مصدراً لعظمة
قدسيتها منذ أقدم العصور
وأن تنجب خيرة بطاركة كنيسة المشرق وعظماء كتاب الأمة
ومفكريها وسياسيها. هذه الصفة
الفريدة لألقوس وشهامة رجالها جعلتها أن تكون موضوع حقد
وكراهية وعداوة من قبل
الآخريين الحاقدين على هذه الأمة منذ العهد الفارسي مروراً
بالعهد العثماني
فالحكومات العراقية وحتى عصر صدام المقبور وذلك بسبب صلابة
رجالها وتمسكهم بقيم
أجدادهم العظماء ورفض الإنصهار والخضوع رغم قوة الظلم
والإكراه والاستبداد الذي فرض
عليهم وإستطاعوا مقاومته حتى يومنا هذا.
وإذا كان التاريخ القديم لا يسعفنا
بمعلومات وافية موثقة إلا أن وقائع من التاريخ القريب يعطينا
إدلة على مواقف الوقفة
البطولية لهذه البلدة والهجمات والاضطهات التي تعرضت لها.
فالعثمانيون كان يحقدون
أشد الحقد على هذه البلد لأن أهاليها كانوا من المؤيدين
للحركة القومية الآشورية
التي كانت بوادرها قد بدأت قبل نشوء الحرب الكونية الأولى،
وهناك معلومات تشير إلى
أن الألقوشيين كان قد قدموا طلباً إلى الباب العالي مبينين
فيه رغبتهم في التخلي عن
الكاثوليكية والإنظمام إلى كنيسة المشرق (النسطورية) كتعبير
لتأييد ومساندة هذه
الكنيسة التي كانت الأمواج والعواصف تعصف بها وتهددها
بالدمار، غير أن بسبب تدخل
فرنسا والضغط على السطان العثماني رفض طلب الألقوشيين
وهددوهم بالقمع إذا رفضوا
قرار السلطان. أملك مصدر عن هذه المعلومات ولكن من المؤسف
أنني لم أستطيع العثور
عليها أثناء كتابة هذا الموضوع بسبب إستمرار تنقلي من بلد
إلى آخر ووعداً للقراء
بأن أعثر عليها وأكتب عنها في فترات لاحقة.
عشية إنتهاء الحرب العالمية
الأولى كان هناك في ألقوش لا يزال حاكماً تركياً طاغياً
وفاسداً جداً معروف بأسم
صقلي تحميه قوات عثمانيه قوية التسليح فكان يعبث بالبلدة
وبأهاليها فعندما وصل خبر
هذا الطاغي إلى قوات الليفي الآشورية فتقدموا إليه من الجنوب
فدخلوا ألقوش فقتلوا
كل حراسه وحاشيته ثم أمسكوا بالصقلي وأخذوه إلى الجبال
المحيطة بالبلدة وربطوه
بالحبل من قدميه ورموه في الوديان ثم سحبوه ورموه مرة أخرى
حتى أصبح كتلة من اللحم
فإنتقموا من هذا المجرم ونال العقاب الذي كان يستحقه. سمعت
هذه القصة من جدي وبعض
كبار السن في ألقوش.هذا الحادث كان قد ترك أثر في نفوس أبناء
البلدة وأصبح دينا على
رقابهم بنتظرون بفارغ الصبر لإيفاءه. وفعلاً ففي عام 1933
لجاً عدد كبير من أبناء
شعبنا من أتباع كنيسة المشرق "النسطورية" إلى هذه البلدة
هرباً من المذبحة التي
أرتكبتها القوات العراقية وبعض العشائر العربية والكردية
المتحالفة معهم بحقهم في
سميل والقرى الأخرى فأحتموا في بيوت أهاليها وحموهم خير
حماية وعلى أثر ذلك قامت
القوات العراقية والعشائر المتحالفة معها بمحاصرة البلدة
مهددين أهاليها إما بتسليم
“النساطرة" لهم أو بهدم البيوت على ساكنيها بالمدافع
وإجتياحها ونهب ممتلكاتها. غير
أن جميع الألقوشيين وقفوا وقفة رجل واحد وأبوا التنازل لقرار
الحكومة وتسليم أخوتهم
في الدم حتى تم فتح الحصار بفعل التأثير الفرنسي على قرار
الحكومة العراقية. هنا
يفرض السؤال نفسه لماذا لجأ الآشوريون من أتباع كنيسة المشرق
إلى هذه البلدة دون
سواها؟؟؟ الجواب واضح لانهم كان يعرفوا شاهمة الألقوشيين
وشجاعتهم في مثل هذه
المواقف وأمكانية حمايتهم ومساندتهم في مثل هذه المواقف
الصعبة.
وهناك قصص
عن هذا الحصار تتصف إلى جانب مأساويتها نوع من الطرافة، وهي
الصفة التي يتصف بها
الكثير من الألقوشيين. سمعت من جدي الذي كان من بين
المحاصرين في البلدة (من الطريف
تزوج جدي من المرأة التي كان يحتمي في بيت أهلها) بأن ثلاثة
من رجال ألقوش تمكوا من
إختراق الحصار والوصول إلى مقر مار عمانوئيل يوسف في الموصل
الذي كان بطريركا على
الكنيسة الكدانية الكاثوليكية في تلك الفترة لكي يستخدم
نفوذه لدى السلطات العراقية
أو الفرنسية لفك الحصار، ويقال أن البطريرك قال لهم "إرجعوا
إلى بلدتكم فأن مريم
العذراء ستحميها" فقفلوا راجعين مؤمنين بأن الحصار سيتم
إنهاءه غير إن الحصار إستمر
والتهديد بقصف البلدة توعد وتصاعد أكثر فأكثر. فعادوا ورجعوا
مرة أخرى إلى البطريرك
شاكيين عن قساوة الحصار وصعوبة العيش في البلدة المحصورة بعد
أن نفذ المؤن والأرزاق
عنها. فعاد البطريرك وقال لهم مرة أخرى "أذهبوا يا أولادي
إلى بلدتكم وكما قلت لكم
سابقاً فإن مريم العذارء ستحميها" فصعد الدم إلى رؤوسهم
وملئوا يأساً وإحباطاً
فردوا على البطريرك قائلين "يا سيدنا البطريرك لقد شاهدنا
مريم العذراء وهي تهرب من
الألقوش ولم تستيطع حمايتها"... العهد على الراوي.
لقد أشرنا في مناسبات
سابقة عن ألقوش التي أنجب أبطال عاصرونا في هذا الزمان...
فمن لا يعرف توما توماس
(أبو
جوزيف) سوف لا يعرف شيئاً عن شهامة وبطولة هذه البلدة فهو
عنواناً للنضال
المستميت من أجل الحرية والكرامة وعزة النفس. فنضال هذا
المناضل تجاه شعبه واضح
وملموس لأبسط مطلع على شؤون هذه الأمة وهي كثيرة جدا بحيث لا
يسعها حتى المجلد
الضخم. وللاستشهاد أعيد وأكرر ما سبق وأن كتبته في مناسبة
سابقا، لأن مثل هذا البطل
يستحق أن نشيد به دائماً وأبداْ وفي كل مناسبة تتعلق بنضال
شعبنا. أشير هنا إلى
واحدة منها، إلى الوقفة البطولية الشهمة التي وقفها في معركة
ألقوش عام 1963
واصطفافه مع القائد الشهيد الشجاع هرمز ماليك جكو في نصرة
أهل هذه البلدة والدفاع
عنها من هجوم قوات الحلف الشيطاني الذي كان قائماً بين مصاصي
دماء الشعوب "الحرس
القومي" التابع لحزب البعث الحاكم وأحفاد هولاكو و تيمورلينك
من الفرسان المعروفة
بـ "الجحوش" والمدعومة من قبل قوات شرطة وجيش النظام البعثي
الحاكم في العراق
وقتذاك وغيرهم من الحاقدين على هذه البلدة العريقة وعلى
أهلها الشهماء، فكانت وبحق
ملحمة بطولية أعجز شـخصيا وصف البسالة التي تميز بها هذه
المواقف، فغيري من أبناء
هذه البلدة كتبوا عنها في مناسبات عديدة وفي أماكن أخرى. ومن
المآثر القومية الأخرى
لأبي جوزيف، والتي لي معرفة خاصة بها ، تتمثل في دعمه الكبير
واللامحدود للحركة
الديمقراطية الآشورية (زوعا) في العراق، فعندما التحقت هذه
الحركة بركب الكفاح
المسلح واصطفت مع بقية الحركات الوطنية من كان غير توما
توماس الشهم والمعلم الأول
في هذا الأسلوب من النضال أن يمد لها يد العون والإرشاد في
وديان وجبال آشور
العاصية وظل كذلك وعلى الدوام بحيث لم تمر فرصة وألتقي شخصيا
بقياديي هذه الحركة
إلا وأمطروا أبا جوزيف بوابل من المديح والامتنان مكررين
وعلى أسماع الجميع الدعم
الكبير الذي قدمه لهم هذا المناضل الكبير في هذا المجال. وهل
ننسى الإستاذ المرحوم
أبرم عما أبن ألقوش البار والأب الروحي للحركة الديمقراطية
الآشورية (زوعا) الذي
لعب دوراً أساسياً في البناء الفكري والتنظيمي للحركة لتجد
طريقها نحو المسار
القومي الشامل لكل طوائف أمتنا. وعندما زرت مقر زوعا في
ألقوش وجدت في أعضاءها نفس
روح توما توماس وأبرم عما ومدى إصرارهم على الصمود والنضال
في وجه التحديات التي
تواجها أمتنا في المرحلة الحالية. وكانت فرصة جيدة أن ألتقي
بمدير ناحية ألقوش عند
الأستاذ يونادم كنا في أربيل وأن أجد فيه حرصه الكبير على
الأهتمام والحفاظ على
بلدة الأباء والأجداء وحمايتها من غدر الزمان والحاقدين.
ولا أنسى أن أذكر
شيئاً عن حقد نظام البعث المقبور على هذه البلدة التي كان
يكرهها كثيراً لأنها
أولاً كانت بلدة الكثير من قادة وزعماء الحركة اليسارية
والماركسية وكذلك الحزب
الشيوعي العراقي ومؤسسه وأول سكرتير عام للحزب يوسف سلمان
يوسف (فهد)، ثم كانت
نموذجاً للبلدة المتمسكة بتراثها وعراقتها وأصالتها التي لم
تكن سهلاً لبلعها من
قبل النظام وهضمها ضمن منهاجه في تعريب القوميات العراقية
غير العربية. أتذكر كيف
أن أزلام النظام ومن لف لفهم قد قاموا بنهب وسرقة المتحف
التراثي في دير سيدة
الزروع (ديره خثايا) ليس بسبب غلاء ثمن موجودات المتحف لأنها
مادياً لم تكن تساوي
شيئاً وإنما تدميراً وإمحاءاً للشواهد والمأثورات التراثية
والقومية لهذه البلدة
التي كانت جزء من هويتها القومية.
ألقوش، جغرافياً ليست كما كانت في عهد
طفولتي.... فالطريق الطويل من البلدة إلى دير سيدة الزروع
"ديره خثايا – الدير
التحتاني" لم يعد طويلاً وموحشاً كما كان في السابق بل غزى
العمران هذا الطريق
وأضحى بيوت البلدة مرتبطة ومتواصلة حتى الدير. أما الطريق
إلى دير علايا (دير ربان
هرمز) فالطريق الجبلي الوعر الذي كان يستغرق قطعه للوصول إلى
الدير ساعات عديدة
أصبح اليوم قصيراً بعد أن أصبح سالكاً بالسيارات غيرأن "شجرة
الأماني" التي يربط
الزائرون للدير عليه قطعة من القماش (اليوم كان الكثير منه
كلينكس) طلباً لتحقيق
الآماني والشفاء من الأمراض هو نفسه وفي مكانه يتحدى الزمن.
أما دير ربان هرمز رغم
بعض التغييرات التي طرأت عليه فأن هبيته ورهبته باقية كسابق
عهده يعكس تاريخ كنيسة
عانت من الاضطهادات لم تعانيها أية كنيسة في العالم...
السلسلة التي تشفي الأمراض
كانت في مكانها بدون تغيير ولكن لا ادري إذ كانت لاتزال لها
قوة خارقة في عمل
المعجزات وتطهير الأرواح والأجساد؟؟؟ أفهل بقى لنا نفس
إيمان إجدادنا الذين كان
يؤمنون بالمعجزات والقوى الخارقة؟؟؟ هناك شواهد لازالت تركن
في زوايا ذكرياتي وكنت
أمل أن أراها على الواقع لأعرف فيما اذا كانت باقية أم لم
يعد لها وجود أو أهمية
تذكر عند الألقوشيين... تذكرت "كبه د مايه" أي كهف الماء
الذي كان في قلب جبل ألقوش
والذي كان يحرسه رجل طاعن في السن، فهو كهف كبير وكان في
وسطه حوض كبير للماء يجري
من ينبوع في الجبل. وكانت هناك قصة شبيه بالأسطورة تقول بأن
هناك أفعى كبيرة تشبه
التنين تأتي كل يوم لتشرب الماء من الحوض ويقال أيضا بأنها
كانت أليفة وصاحبة لحارس
الكهف. تذكرت، وأنا أسير في شوارع ألقوش، البيادر والتي نطلق
عليها "بثراته" وكيف
كانت العربة التي يجرها ثور أو حمار، وأعتقد كانت تسمى "جنجر
أو ما شابه ذلك" تسحق
بالفؤوس المركبة على عجلاتها حبوب الحنطة وتفصلها عن قشرتها
وكنا نستمتع كثيرا
بركوبها والتباهي بشجاعتنا في ركوب هذه العربة الخطرة...
تذكرت المقاهي التي كان
يجلس الألقوشيون فيها يلعبون الورق وفي أحيان أخرى القمار ثم
ما أن يدق ناقوس
الكنيسة الذي كان يهز بيوت البلدة حتى يسرع الجميع إلى
القداس والصلاة ثم بعد
الانتهاء منها يعودون للعب القمار. تذكرت كيف كان الناس عند
غروب الشمس يصعدون على
السطوح لتناول العشاء، وفي كثير من الأحيان كان يتكون من خبز
الرقاق مع الجبن
الأبيض المصنوع في البيت ومع البطيخ (الشمامه) المشهور في
ألقوش بـ "بشيله"...
تذكرت أشياء وأشياء كثيرة بعضها كانت لازالت قائمة وبعضها
الآخر زالت والبعض الآخر
لم يسمح وقتي للبحث عن مصيرها فيما إذا كانت قائمة أو
إضمحلت؟
ألقوش منذ
القدم كانت بلدة مستقرة في أهاليها وبيوتها وكانت بالنسبة
للقرى الأخرى كبيرة بعض
الشئ وكانت من الناحية الإدارية ناحية تابعة لقضاء الشيخان
(عين سيفني) أو تكليف
بعد أن أصبحت هذه الأخيرة مركزاً قاضياً (لست متاكداً من هذه
التبعية الإدارية بسبب
التغير المستمر في الحدود الإدارية للمنطقة) لهذا كانت تستحق
أن تكون مركز قضائيا
غير أن الألقوشيين رفضوا أن تكون بلدتهم مركز قضاء لأن ذلك
كان سيؤدي إلى دخول
“الغرباء" البلدة والسكن فيها ومن ثم تغيير معالمها التراثية
والديموغرافية ولا
زالت ألقوش لحد هذا اليوم صافية مصفية لا يملك "الغرباء"
أملاكاً أو بيوتاً فيها.
كنت أمل أن أشتري بيتاً في ألقوش التي ولدت فيها وتعمذت أنا
وأخوتي وأولادي جميعاً
في دير ربان هرمز "ديره علايا" ولكن عرفت من أهاليها الذين
ألتقيتهم بأنه بالرغم من
أن هوية الأحوال المدنية العراقية التي أحملها تبين ألقوش
كمكان للولادة فأنهم
قالوا "أنت لست ألقوشي "أصلي – فصلي" ولا يحق لك شراء بيت في
ألقوِش فهذا ينطبق على
كل الذين ليسوا من عوائل ألقوشية أصيلة"!! توقف تفكري برهة
ثم سألت نفسي أهذا نوع
من النزعة القريوية القاتلة والمفتتة لوحدتنا القومية أم
نوع من الإصرار على
الحفاظ على الهوية القومية ... هوية البيت فالقرية فالبلدة
فالمنطقة ... فسهل نينوى
ثم الأمة؟؟؟؟ بكل صراحة أنا من الرأي الثاني ومتحمس له...
فالكل يجب أن يحافظ على
جزئه الخاص الذي بالأجزاء يتكون الكل ويتكون الوطن الذي هو
أساس كل أمة. |
|
|