قمة المؤتمر
الأسلامي والشهيد المطران فرج رحو
080315
افتتح اليوم في دكار عاصمة السنغال اجتماع قمة منظمة المؤتمر الأسلامي
والتي تمثل 1,3 مليار مسلم ، وفي هذا اليوم ايضاً اعلن عن استشهاد رئيس
أساقفة الكلـــدان في الموصل الشهيد بولس فرج رحو.
ركز في هذا المؤتمر على موضوع الأساءة للأسلام . ويبدو ان السادة
الرؤساء والملوك لا يرون ما يحدث امام أعينهم من ارهاب وقتل واختطاف
وتصفية جسدية على أيدي إرهابيين ، ويجتمع جميع الأرهابيين تحت هوية واحدة
وهي الهوية الأسلامية . فهؤلاء المسلمون أساءوا الى الأسلام قبل غيرهم ،
اللهم إلا إذا اعتقد هؤلاء الملوك والرؤساء ان قتل المطران المسيحي ليس
جريمة وليس إساءة الى الأسلام .
فهل يتكرم هؤلاء القادة الرؤساء باستنكار هذه الجريمة البشعة بحق رئيس
أساقفة الكلـــدان في الموصل الشهيد بولس فرج رحو ؟ ام ليس لهم وقت لسماع
مثل هذه الأخبار والتي اعتقد انها مسيئة للأسلام قبل غيرها من الأديان ،
الا يجدر بهؤلاء الملوك والرؤساء استنكار هذا العمل لأبعاد الأسلام عن
هذه الأعمال البربرية ؟
أقول :
كان يوماً
حزيناً وكان يوماً مؤلماً ان تهوي شجرة عملاقة باسقة تنشر الظلال والمحبة
في المجتمع العراقي فكانت خسارة كبيرة للقوى الخيرة المعتدلة في العراق
المنكوب .
المطران بولس
فرج رحّو ، فارس الكلمة والصوت الأمين ورسول المحبة وصديق الجميع وزارع
بذور التفاهم والوئام في بستان العراق ، اغتالته أيدي آثمة وهي واهمة ،
ان فرج رحو هو العائق الشائك لتحقيق الأماني . في 29 / 2 / 2008 اختطف
الأنسان فرج رحو وهو يخرج من الكنيسة ، وأغتيل مرافقيه الأبرياء فارس
جرجيس خضر ورامي حكمت بولص وسمير عبد الأحد .
وبعد مناشدة
منقطعة النظير لخاطفيه لأطلاق سراحه ، الا انهم استمروا في غيهم ، وهم
يعتقدون انهم سيسجلون بطولة ما بعدها بطولة حينما يقتلون إنسان أعزل ، إن
فكرهم المريض اوقعهم في وهم ان المطران فرج رحو يعرقل تحرير فلسطين ، وإن
فرج رحو يعرقل انسحاب القوات الأمريكية من العراق ، وإن فرج رحو هو سبب
تأخر العالم الأسلامي وغرقه في الجهل والأمية ، وهكذا تسلحوا بأحدث
الأسلحة لمقاومة فرج رحو ألأنسان .
الظلام يتبدد
وينهزم امام نور الشمس الساطع وهكذا كان هؤلاء الظلاميين يخافون هذه
الشمعة المشتعلة الوضاءة ، لقد كان فرج رحو ينير دروب المحبة والسلام ،
وينير القلوب ويطرد البغضاء ويمحي الكراهية والضغينة ، وهذا لا يقبله من
تحجرت قلوبهم بالحقد الدفين على كل ما هو جميل ومنير .
الصراحة
تدفعنا الى القول :
ان الجميع
يتحمل قسط من المسؤولية لما طال هذا الأنسان ، وما تجرعتة الأقليات
الدينية بصورة عامة في مدينة الموصل :
المحافظ
دريد كشمولة الذي قال عبر اتصاله بعشتار بأنهم سيتعقبون القتلة ، فلماذا
لم يتعقبوهم لمدة تسعة أيام والمطران رهينة بيدهم ؟
اين كانت
القوات الحكومية في هذه المدينة ؟
أين قوات
البشمركة ؟
أين القوات
الأمريكية التي تتعقب المجرمين عن طريق الهواتف النقالة ؟
لم نسمع
تحركاً مهماً وجدياً للبحث عن الخاطفين .
اما عامة
الشعب من المسلمين والمسيحيين واليزيدية والصابئة ، هؤلاء الناس
المعتدلين المساكين كانوا يناشدون القتلة لأطلاق سراحه وقدمت الصلوات
والتراتيل الدينية ولكنها لم تجد نفعاً مع من تحجرت قلوبهم بآفكار وأوهام
ظلامية . وهكذا استشهد فرج رحو على أيدي اناس يستمرؤن تعذيب البشر وقتلهم
بدم بارد .
إن الدوافع
والنيات النبيلة لا تكفي على حفظ النظام وبسط القانون وعلى رد المعتدين .
كان المرحوم
يصر ان الحياة لا يمكن ان تستمر بلا أمل وهو يدرك حجم التحديات ، وإن
الحالة التي تعيشها الأقليات الدينية في الموصل مرعبة ، لكنه يعتقد ان حق
العيش في هذه المدينة متاح وضروري ، وهو فخور بها وبأبنائها ولهذا كان
يحفظ بحبل المودة مع جميع الأطراف وسلاحه في هذا الطريق الملئ بالألغام
قلبه الطاهر ، ومحبته الواسعة ، وخصاله الحميدة وأحاديثه المليئة بالقيم
والعبر ، وقلبه الكبير ونبله الفريد ووده الصادق وصداقته المحببة مع
الصغير والكبير وأخلاقه السامية وعلمه الغزير وإخلاصه الذي لا حدود له
لوطنه العراقي .
فكيف يخاف
فرج رحو الأنسان الذي يحمل كل هذه الخصال ؟
الشهيد فرج
رحو .. الأنسان كان رجلاً شجاعاً ويرفع سوطاً على الجهل والعنف والتمييز
والتطرف ولا يهاب ، فالذين تصدوا له كانت قلوبهم متحجرة بسرطان الحقد
والكراهية والضغينة ، فتعامت قلوبهم قبل عيونهم ، فتمادت نفوسهم الدنيئة
للنيل من هذا القديس والذي من المؤكد استقبل فعلتهم الجبانة هذه بابتسامة
الأنسان المؤمن .
لقد أجدبت
صدورهم من معايير المحبة وتسلل الشيطان الى نفوسهم وكان عملهم يهدف إطفاء
شمعة كانت تضئ دروب الوئام والمحبة امام الجميع .
لقد نبتت في
دربه الأشباح وهي تترصده بالغدر لقد اختالوا رفاقه الناس الأبرياء ، ولم
يرتوي حقدهم على كل ماهو جميل في هذه الحياة ، إنهم سقط الأخلاق وسقط
الضمير وسقط البشر .
إن روح
الأسقف الشهيد بولس فرج رحو ووجدانه خالدان أبد الدهر لاستحضار الأمل
والنور من رحم العتمة وانتشار الفرح والمحبة من براثن الحقد وزراعة الخوف
.
التاريخ
سيذكر ويمجد فرح رحو وخصائله الدينية والأنسانية وسيلعن كل من تلطخت
اياديهم بالدماء الزكية للأبرياء من البشر .
المجد
والخلود والراحة الأبدية للشهيد الأسقف بولس فرج رحو ورفاقه الشهداء ،
ونحن جميعاً ننحني احتراما لك أيها الأنسان الكبير بولص فرج رحو . |