بقلم : حبيب تومي / اوسلو

اقرأ المزيد...

habeebtomi@yahoo.com

071025


تعيين الكردينال عمانوئيل دلي تشريف للعراق وللشعب الكلداني 

الفاتيكان اصغر دولة مستقلة في العالم تقع جنوب أوروبا في قلب العاصمة الأيطالية روما ، وكانت الى عام 1929 تشكل جزءاً من الدولة الأيطالية لكن في ذات العام تم الأتفاق على إنشاء دولة ذات كيان مستقل تدار من قبل بابا الفاتيكان مباشرة . وهو يعتبر الأب الروحي لنحو مليار مسيحي كاثوليكي منتشرين في بقاع الأرض ، ويتجمع تحت مظلة هذه الكنيسة عناوين مختلفة لشعوب أقوام فتجمع الكنيسة الكاثوليكية الجامعة كنائس مختلفة منها :

1 ـ كنيسة الروم الكاثوليك

2 ـ كنيسة السريان الكاثوليك

3 ـ الكنيسة المارونية

4 ـ كنيسة الأقباط الكاثوليكية

5 ـ كنيسة الأرمن الكاثوليكية

6 ـ كنيسة الكلــدان الكاثوليكية

7 ـ الكنيسة اللاتينية في القدس

 

 

                                          الكاردينال ـ البطريرك مار عمانوئيل الثالث دلي

كان الشأن العراقي من الأهتمامات الرئيسية لقداسة بابا الفاتيكان ، حيث يمر هذا البلد بمآسي ونكبات انسانية منقطعة النظير ، إن الشعب العراقي بكل تكويناته الدينية والأثنية والقومية والمذهبية قد تعرضت الى مسلسل ارهابي من قتل واختطاف وتهجير ، وكان كل الخيرين يقفون الى جانب الشعب العراقي

في محنته وفي مقدمتهم بابا الفاتيكان بندكتوس السادس عشر .

إن هذا الظلم والأرهاب كان أشد أيلاماً على الأقليات الدينية حيث يؤلفون الحلقة الضعيفة في البنيان الأجتماعي لمكونات نسيج المجتمع العراقي ، ويأتي المسيحيون من الكلدانيين والآشوريين والسريان والأرمن في مقدمة من طالهم هذا الظلم والأرهاب ، ويراد في هذا الأرهاب زرع الفتنة بينهم وبين اخوانهم المسلمين .  

ويشكل الكلدانيون النسبة العالية من مسيحيي العراق ، وينتشر الكلدانيون في انحاء المعمورة ويقدر عددهم بحوالي 2 مليون نسمة ، لكن  العراق يعد موطنهم الأصلي . ولهذا كان مقر البطريرك الكاثوليكي لكنيسة الشعب الكلداني في بغداد وسميت كنيسة بابل الكلدانية .

لقد تعرض الكلدانيون في العراق الى شتى صنوف الأرهاب والتطهير الديني والعرقي ، إنهم سكان هذه البلاد الأصليين ، وتقول موسوعة تاريخ الخليج العربي (محمود شاكر ج1 ص42 ) إن الدولة الكلدانية كانت مقسمة الى 23 ولاية أدارية وكل منها عليها مسؤول متصل مباشرة بالملك وكان وضع القطر البحري في رأس قائمة المقاطعات الكلدانية وهذا يدل على مكانة الخليج لدى الملوك الكلدانيين وقد طغى الأسم الكلداني حتى ان الخليج العربي اليوم سمي باسمهم وعرف بالبحر الكلــدانـي .

لقد خدم الكلدانيون وطنهم ومدوه بكثير من المفكرين والعلماء والمثقفين ، وعملوا في بنائه ودرسوا وتاجروا وعملوا في الزراعة والصناعة والفن والطب والعلوم وكان لهم الحضور الدائمي في بناء الحضارة العراقية على مر العصور .

لكن اليوم تطرق ابوابهم من قبل العصابات الأجرامية او من قبل الأسلام الأصولي  وتفرض عليهم اتاوات باسم الجزية او تغيير دينهم ،  او ترك مساكنهم ، وهكذا هجروا من بيوتهم وتعرضت كنائسهم الى التفجير والعبث والتدنيس وانتهكت اعراضهم وسلبت اموالهم واختطف قسّانهم ... كل هذا والحكومة لا تحرك ساكناً ، بل المضحك في امر الحكومة ( وشر البلية ما يضحك ) انها اعتبرت السكان العراقيين المسيحيين من الكلدانيين والآشوريين والسريان والأرمن انهم جالية مسيحية ، لا نقول اكثر من : عجيب أمور غريب قضية .

 كان قداسة البابا قد أدرك مدى الحيف والظلم الذي يتحمله الشعب الكلداني في العراق ، وما يقاسيه البطريرك عمانوئيل دلي ، وهو يقيم بين شعبه ، هذا الشيخ الوقور لا يدخر جهداً في التخفيف عن مصائب شعبه ، إنه يتصل بالمسؤولين والمنظمات والأحزاب ويرجو ويطلب ويناشد ويصلي من اجل التخفيف عن هذا الشعب لقد كان هذا الأنسان الذي يحمل على كاهله ثمانون عاماً يعمل من أجل شعبه بروح الشباب ، إنه قوي بضعفه ، شجاع لا يهاب الموت من أجل حقه وحق شعبه ، يكافح من اجل المحبة والسلام  .

 إن قداسة البابا بندكتيوس السادس عشر ، قد أدرك هذه الحقيقة وأراد من موقع الشعور بالمسؤولية ان يكافئ هذا الشعب ،الشعب الكلداني ورئيسه الروحي البطريرك عمانوئيل الثالث دلي والقوى المعتدلة والأنسانية في العراق وشعب العراق المظلوم وكان قراره بمنح منزلة الكاردينال للبطريرك الكلداني العراقي كامتياز للشعب العراقي الجريح  ووفاء للشعب الكلداني في محنته ، وتكريم لقداسة البطريرك في جميل صبره وعمق تحمله  .

لم يسبق للكنيسة الكاثوليكية للشعب الكلداني ان يتم اختيار بطريركاً ليكون كاردينالاً في الكنيسة الجامعة حيث كان اتحاد كنيسة المشرق مع الكنيسة الجامعة في مطاوي القرن الخامس عشر ويومها أعيد للشعب الكلداني اسمه التاريخي لتأخذ الكنيسة الكاثوليكية في العراق اسم شعبها التاريخي لتصبح الكنيسة الكلدانية ، وليصبح البطريرك بطريرك بابل على الكلدان في العراق والعالم .

البطريرك عمانوئيل الثالث دلي معروف بوسع ثقافته وببساطة معيشته وانسجامه مع شعبه ، وتقاسم المعاناة معه ، وسعيه لتوطيد العلاقات الأجتماعية والوطنية مع كل شرائح المجتمع وفي المقدمة تجسير روابط التفاهم مع المسلمين من السنة والشيعة والعرب والأكراد والتركمان واليزيدية وكل مكوناة الشعب العراقي  ، من كل هذا كان تقليده لدرجة الكاردينال وفاءً لهذا الأنسان المخلص ولشعبه الكلداني ولوطنه العراق .  

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها