بقلم : حبيب
تومي / اوسلو
070628
في أقليم كردستان الدين لله والوطن
للجميع
كم هو جميل ان
يعم الأستقرار والأمان " كردستان " هذه المنطقة الطيبة من الوطن العراقي ،
وكم هو مؤلم ان يسود الدمار والعنف والخراب جزء كبير من هذا الوطن . ولابد أن
نسأل أين يكمن الخلل في هذه الهوة الفاصلة بين عموم العراق ومنطقة أقليم
كردستان ، علماً انه وطن واحد له تاريخ مشترك وهي ارض واحدة اشترك شعبها في
الحلوة والمرة على مدى التاريخ .
في يوم 18 / 6
/ 2007 اجتمع رئيس اقليم كردستان الأستاذ مسعود البارزاني مع وجهاء ورجال
الدين من اليزيدية والمسيحيين ، وكان زبدة ما صرح به الأستاذ مسعود البارزاني
للوفدين ، أن كردستان
فخورة بثقافة
التسامح التي يزدهر بها مشهد أقليم كردستان إن كان على الصعيد الرسمي الحكومي
او على الصعيد المجتمعي بتنوع نسيجه الديني والأثني .
وقد أشار رئيس
أقليم كردستان الى ان القانون ينبغي ان يكون فوق الجميع ، وأن يأخذ مجراه
وهذا هو الطريق الأسلم لتحقيق العدالة في المجتمع .
ومن النقاط
الهامة التي أثارها الأستاذ مسعود البارزاني هو تأكيده على وجوب فصل الدين عن
الدولة والكل حر في تفكيره الديني الذي يعتقد به .
قبل أسطر في
هذا المقال كان السؤال عن السر الذي اوجد هوة سحيقة بين أقليم كردستان وعموم
العراق . لماذا يسبح العراق في أنهار من الدم والفوضى والخراب ؟
ولماذا تنعم
كردستان بالأمن والأستقرار ، وتواكب الركب الحضاري في مسيرة البناء والتنمية
والتقدم ؟
إن الواقع
المأسوي العراقي كان نتيجة الخلط بين السياسة ( الدولة ) وبين الدين (
الأسلام ) . لقد كان الجواب على هذا السؤال يبدو واضحاً من جملة واحدة قالها
الأستاذ مسعود البارزاني بانه (( يجب فصل الدين عن الدولة )) . إن القيادة
الكردية قد وضعت اصبعها على مكمن الداء ، وفي مقدورها ان توصف الدواء بلجوئها
الى طريق الأنتعاش الأقتصادي ، وغرسها شتائل ثقافة التسامح والمحبة والتفاهم
بين التنوع المجتمعي الفارض لكينونته على مساحة المجتمعات الأنسانية في شتى
الأقطار والدول . ان هذه الثقافة التسامحية هي التي تقطع دابر الحياة عن جذور
المد الأصولي الرافض للتقدم العلمي ، والداعي الى السادية والعنف بحق الآخر .
في أقليم
كردستان كانت النقلة الكبرى ، من أقليم متأخر تتفشى فيه الأمية والفقر والمرض
، وهو ساحة مشرّعة للمعارك والحروب لعقود متوالية ، ثم ميداناً وحقلاً لتجارب
الأسلحة وسماءً مفتوحة لرش الغازات السامة ، وشعب يحطمه الظلم والقسوة
والتشرد والتهجير القسري ووو .. الخ
بعد هذه
المآسي والمظالم والتأخر .. كان الوصول الى واحة العمل والزراعة والصناعة
والتجارة والبناء والتنمية والأستقرار ، وكان غرس قيم الأحساس بالواجب
والألتزام بالقانون وزرع التسامح الديني والأثني بين مكونات المجتمع . إن هذه
النقلة جاءت مع الأخذ بأسباب العقلنة ، ونبذ الخرافات التي تعمل على تقييد
الفكر عن العمل والأبداع . أضف الى ذلك نبذ الكراهية والثأر والعدوان رغم ما
طال الأمة الكردية من الظلم والقهر على مدى العقود الماضية على يد الحكومات
المتعاقبة .
لقد ولج
الأكراد الى العمل من الباب الواقعي الموضوعي ، ودخلت الحكومة العراقية اليه
من باب الطائفية وتسييس الدين ، فأوقعت الحكومة العراقية نفسها في مسلسل
العنف بيسر وسهولة ولكن من المتعذر عليها الخروج منه بتلك السهولة .
يقول الأستاذ
نوري المالكي للصحفيين يوم ذكرى تأسيس جريدة الزوراء وهي اول صحيفة عراقية
صدرت قبل 138 سنة يقول : " لا نهضة في العراق بدون صحافة نابذة لثقافة
الكراهية " حقاً انه كلام جميل مريح يبرد الأعصاب والقلب بقالب من الثلج في
حر الصيف العراقي . لكن كم هو هذا الكلام بعيد عن الواقع ؟
إذا كانت
الحكومة العراقية هي نفسها تزرع ثقافة " الطائفية والعنصرية الدينية
والكراهية " ماذا يجدي الصحافة ان تقول ما تقول ؟
إن الحكومة
العراقية بأحزابها الدينية ، إن كانت تريد ان تسير بالعراق بطريق التقدم
والأستقرار عليها ان تقتدي وتتعلم من كردستان ومن قيادتها ، نستطيع ان نزعم
ان كردستان تقود اصلاح سياسي وأمني وتخلق نموذجاً يمكن ان يحتذى به في
المنطقة . لقد كان حصر السلاح بيد الحكومة التي تدير قوات اليبشمركة المنظمة
الملتزمة ، هو سر الهيمنة على الوضع الأمني لأشاعة حالة من الأمن والأستقرار
وهي ضرورية لعملية البناء والتنمية ، وهناك الوقوف ضد قوى الفساد الأداري
والمالي إنها عمليات متكاملة لخلق نموذج مثالي لأقليم كردستان الذي يسوده
التآخي . وبعد ذلك نستطيع الزعم أن في أقليم كردستان يطبق الشعار الرائع بأن
" الدين لله والوطن للجميع " .
|