من يحمي المسيحيين من الذئاب البشرية ؟

 

 

بقلم : حبيب تومي / اوسلو

habeebtomi@yahoo.com

الأنسان .. هذا الكائن الفريد بقي لغزاً يطلق في  وصفه شتى المسميات . انه كائن اجتماعي ، وحيوان ناطق ، وحيوان سياسي ، وحيوان صانع الآلة ، وحيوان متديّن ... وفي الحقيقة إنه فيزيولوجياً كائن حيواني . لكنه استطاع بتفوق مداركه وعقله ان يتخطى المرحلة الحيوانية ويعبر جسر المرحلة الأنسانية  ، بإبداعاتها وثقافاتها ، وحينما وضع حدوداً فاصلة بين  الجسد والذهن ، وبتعبير آخر بين الحياة المادية والحياة الروحية ، فكان لكلا الحقلين المساهمة الفعالة في التطور الثقافي والحضاري في المسيرة الأنسانية .

إن الماديون وضعوا اسس وركائز التطور العلمي والتقني ، وها هو المجتمع البشري قد قطع شأواً عظيماً  في كل حقول العلم والمعرفة ، وبدا كل شئ متيسراً للأنسان بفضل التقدم العلمي الذي أحرزه في مطاوي القرون الثلاثة الماضية  .

اما الجانب الروحي فقد صاغ الفلاسفة واللاهوتيون المفاهيم الدينية التي تمجد الفضيلة والمحبة والتعاون بين البشر ، وهكذا ساهموا الى حد كبير في المحافظة على المجتمع البشري انسانياً ، وكبح جماح الأنحطاط والعودة الى جذور الطبيعة الحيوانية للأنسان .  

المجتمع البشري له قواعد محددة يتمسك بها لكي يتحرر من ظلم وظلام الغابة ويعيش في نور سيادة القانون والمساواة  والأديان والعقوبات وقواعد الأخلاق والشرف والكرامة والتسامح والمحبة ... الخ . رغم ان بعض الحيوانات كالقردة كما يظهر في ألأفلام لها بعض القواعد في الطعام وفي التزاوج ، إلا انها لا ترقي الى مرحلة الحالة الأنسانية  من التطور .

 لكن المعضلة تكمن في : ان الأنسان إذا أهمل القواعد التي تضبطه إن كانت قوانين سماوية او وضعية فإنه ينحدر الى درك بمستوى أسفل من مجتمع القردة والحيوانات الأخرى .

في العراق اليوم يسود نظام الغابة ، إذ لا حكومة تحكم ولا قانون يطبق ، والقوي يأكل الضعيف  ، وتسرح الذئاب البشرية معلنة هيمنتها على المجتمع العراقي . والشاطر(  يدبر أمره بيده ) كما يقال .

المسيحيون  من كلدان وسريان وآشوريين وأرمن ، يعملون تحت العلم العراقي ويخدمون العراق ، وهم السكان الأصليين في العراق وساعدوا المسلمين حينما فتحوا العراق من أجل  مياهه وثرواته  ، وأعتقدوا ان المسلمين سيكونون أرحم من الساسانيين المحتلين ، لكن مع الأسف خاب ظنهم .

وفي ضوء هذا الواقع العسير الذي نعيشه اليوم ، نتساءل :

ما العمل ؟

الأحتمال الأول :

 ــ هل نشكل ميليشيات مسلحة من أبناء شعبنا ؟ وتكون هذه الميليشيات مستقلة لا ترتبط بأية جهة .

 والأجابة قد يكون هذا القرار متأخر بسبب نزوح أعداد كبيرة من أبناء شعبنا لا سيما الشباب وسيكون من العسير تكوين ميليشيات في هذه الظروف .

 الأحتمال الثاني :

 ــ هل نشكل ميليشيات مسلحة ترتبط وتتعاون مع الميليشيات الأسلامية القائمة ، إن كانت ميليشيات مقتدى الصدر او ميليشيات عزيز الحكيم ، أو ميليشيات التابعة للمجاهدين السنة . إن هذه الفكرة قد تكون اكثر واقعية من الفكرة السابقة .

الأحتمال الثالث :

ــ ان تبنى منطقة آمنة للمسيحيين في سهل نينوى وتقوم الحكومة العراقية بالتعاون مع حكومة أقليم كردستان ،  وكذلك تصرف المبالغ التي يخصصها السيد سركيس آغاجان لبناء الكنائس والقاعات والخدمات ، وتخصيصها حصراً  ببناء مجمعات سكنية بغية أيواء  النازحين من المناطق العراقية الساخنة ، مع تقديم مساعدات مهمة للنازحين دون تفرقة .

ومن اجل هذه النقطة ينبغي تجهيز شبابنا البواسل بأسلحة من أجل الدفاع عن هذه المناطق ، وبالتعاون مع بيشمركة حكومة أقليم كردستان .

الأحتمال الرابع :

ــ السعي مع جهات دولية ، من أجل توفير أرض للمسيحيين العراقيين ، إذا ان هروبهم من العراق كان بسبب تدخل القوات الدولية في العراق ، وأن تتوفر هذه الأرض في أحدى المقاطعات الأمريكية ، او في اوستراليا او في إحدى الدول الأوروبية . فإذا قامت دولة أسلامية في العراق فمن المستحيل ان يستطيع المسيحيون أن يعيشوا في ظل مثل هذه الدولة .

إن الحكومة العراقية مشلولة لا تستطيع ان تمد يدها لمساعدة مواطنيها ، وقواتها الأمنية مخترقة من قبل الأرهاب بكل اشكاله . وإن الشئ الرئيسي الذي يشغل حكومتنا هو بقائها في الحكم ، والأسفادة من كعكة النفط قدر الأمكان ، ولا يدخل في برنامجها  أمن المواطن إن كان مسيحياً او مندائياً او سنياً او شيعياً او كردياً او يزيدياً او أرمنياً ، إنها محصورة في دائرة المنطقة الخضراء لا أكثر .

علينا نحن المسيحيين أن نتحمل المسؤلية ونفكر بطريقة : أن الحكومة غير موجودة وعلينا ان نطرق أبواباً أخرى ،  وجدراناً  نستند عليها ويأتي في مقدمة هذه الأسانيد شبابنا من أبناء شعبنا ، إنهم الطود الشامخ الذي يمكن الأعتماد عليه لكن بعد ان نلبي طلباتهم وما يحتاجون اليه في مهمة الحماية .

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها