استشهاد القس رغيد كني والأسلام الأصولي ومحنة الأنسان العراقي

 

 

بقلم : حبيب تومي / اوسلو

habeebtomi@yahoo.com

الأسلام الأصولي : السني والشيعي ،  أثبت بجدارة أنه لا يملك اديولوجية واضحة في ادارة المجتمع بما تقرره القوانين الأنسانية ـ السماوية والوضعية ـ والمنطق السليم ، فطفقت كل المعضلات وفي مفهومية الأسلام الأصولي تحل ، بثقافة واحدة وفكر مطلق واحد لا يقبل التأويل ، ومفاده امتلاك الحقيقة المطلقة ، وقتل كل من تسول له نفسه في مخالفة هذه العقول المريضة .

ان تسييس الدين الأسلامي وحصره في قوقعة الماضي ، وأرضاع الطفل المسلم بأوهام التفوق والتعالي قد جعل حدود المسلمين في مختلف أقطار العالم ومع كل الشعوب والأديان جعل منها نقاط  ساخنة ، ويورد صموئيل هنتنغتون جملة حروب منها :

المسلمون واليهود في فلسطين ، قتال المسلمين في بوسنيا ضد الصرب الأرثوذكس ، قتال آخر مع الكاثوليك الكروات ، الشيشان ضد الروس ، الهند وباكستان بينهما ثلاثة حروب ، الأنفصاليون المسلمون قاتلوا الحكم الهندي في كشمير ، وفي الهند دخل المسلمون والهندوس في صراعات عنيفة ، ، في بنغلادش احتج البوذيون ضد التمييز العنصري الذي تمارسه الأغلبية المسلمة ضدهم ، في تايلاند الجماعات المسلمة قامت بعصيان ضد الحكومة البوذية ، في الفليبين المسلمون يقاتلون من أجل الأستقلال عن الحكومة الكاثوليكية ، في ماليزيا وأندنوسيا المسلمون دورياً يقومون بأعمال شغب ضد الصينيين ويحتجون على هيمنتهم على الأقتصاد ، وفي السودان هناك الصراعات المتنوعة بين الشمال العربي الأسلامي والجنوب الأسود المسيحي . وفي نيجيريا وفي تشاد وكينيا وتنزانيا هناك صراع كبير بين المسلمين والمسيحيين . ولكن الأمر لا ينتهي بذلك هنالك الصراع الأسلامي الأسلامي : منظمة حماس ، ومنظمة التحرير الفلسطينية ، الحرب العراقية الأيرانية ، حرب الحكومات العراقية ضد الأكراد ، احتلال الكويت ، وقبل الأخير الحرب الطائفية الدموية بين السنة والشيعة وأخيراً الحرب الأسلام الأصولي ضد المواطنين العراقيين من المسيحيين والأقليات الأخرى .

 هذا هو حال المسلمين حرب في حرب ، ومن حق الأنسان العراقي أن يسأل متى يجري بناء العراق ؟   كيف يمكن التعايش مع أشكالية الأسلام العنصرية ، هل يحق للأسلام ان يجرد الآخر من حقه الأنساني في العيش ، وما هي المسوغات التي تعطي للمسلم حق انهاء حياة إنسان آخر ومن بني وطنه والسبب أنه يختلف معه في الدين او العرق او اللغة او المذهب .

من حقنا ان نسأل المسلم القاتل ماذا تريد ان تفعل ؟

 ماذا تريد ؟

إن المسالة تدخل في سياق نظرة المسلمين الى البشر وكأن الآخر غير المسلم ليس بشراً  من لحم ودم وكأن الآخر بالنسبة للمسلم هو حيوان او نبات متى ما شاء المسلم يقتلعه من جذوره .

بأي شريعة قتل الأب الشهيد الشاب رغيد كني ، والشمامسة المرافقين له بسمان يوسف وغسان عصام ووحيد حنا أيشوع ؟

 ما هو الذنب الذي اقترفوه في ولوجهم الكنيسة وإقامتهم القداس والصلوات والتراتيل الدينية ، أين حقوق الأنسان والحريات الدينية التي تقرها كل الأديان والشرائع ؟

لقد قامت الدنيا ولم تقعد حينما صرح البابا ببعض التصريحات التي قيل أنها تسئ للدين الأسلامي ، ولكن ماذا يقول المسلمون عن هذه الأهانة التي الصقت بالدين الأسلامي بأن قتل المسيحيين هو جزء من هذا الدين ، أليست هذه أهانة لجوهر ومبادئ الدين الأسلامي ؟

 لم يسكت المدافعون عن الدين عن هذه الأهانة ؟ هل ان الدين يقبل بسفك الدم البشري بدون ذنب ؟

 ما هي المحكمة التي اعطت أوامرها لتنفيذ قتل أناس أبرياء ؟ لم يرتكبوا ذنباً سوى أنهم يعبدون الله ويقدسون اسمه .

إن الحكومة العراقية هي المسؤول الأول في هذه الجريمة لأنها تقف متفرجة من كل ما يلحق بالمسيحيين ، ولو كان لها ذرة من المصداقية ينبغي عليها ان تستقيل .

ليس من المعقول ان يصل الأنسان الى هذا الدرك من الحيوانية بحيث يقتل اخيه العراقي بدم بارد والدافع هو اختلافه عنه في دينه او مذهبه ، إنها حدود فاقت غريزة الحيوانات المتوحشة والتي لا تقتل الا في حالة إثارتها بغريزة الجوع فتلجأ الى القتل المحصور بهذه الغريزة  .

إن الأديان مكّنت كثير من الشعوب من إبداع وبناء حضارات ، فما هو السبب الذي يمنع شعبنا من بناء حضارته ؟

 هل يريدون أن يقولوا لنا أن الدين الأسلامي لا يسمح ببناء حضارة ؟

 إنه قول غريب عن الواقع التاريخي ، في القرن الأول من الحكم الأسلامي ، أيام الحكم الأموي والعباسي ، كانت الدولة تولي تعضيداً كبيراً لعمليات تحصيل العلوم والفنون من مختلف الحضارات لبناء الحضارة العربية والأسلامية ، فما بال هذه الحضارة انتكست اليوم وباتت تفكر بأن القتل وكبت الحريات هي السبيل لأحراز التقدم ؟

 انه مستنقع الأوهام ينبغي على الأمة العراقية تجاوزه والخروج منه لكي نبني عراقاً أميناً مشرقاً ، عراق المحبة والأخاء بين الجميع . عراق المسلمين والمسيحيين وليس عراق المسلمين فقط  .

حبيب تومي / اوسلو  

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها