الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

       جورج سولاج اقرأ المزيد...

 

 

       جورج سولاج


إنه زمن الحرب؟

 

بدأ النزاع السوري يمتدّ في شكل خطر في اتجاه البلدان المجاورة. ولا يبدو واضحاً كيف يمكن للبنان ان يكون في منأى من الإعصار السوري، مع استمرار الاغتيالات وكل هذا الغليان السياسي والاحتقان المذهبي وهشاشة الشارع.

لا هدايا في السياسة، ولا مكاسب في الصدفة، ومن يحصل على شيء بالقوة لا يتخلّى عنه بالخِفّة.

من أتى بالرئيس نجيب ميقاتي الى رئاسة الحكومة بالقوة، ليس جمعية خيرية أو تجمّعاً لأصدقاء البيئة. من أتى به ووضعه في الواجهة، حصّن ساحة معركته في الداخل وانصرف الى الجبهتين الاسرائيلية والسورية.

هجّر أمنيّاً زعيم السنّة سعد الحريري ليخفّ وَهج الضغط وثقله عن ميقاتي والحكومة.

حَدّ من حركة اركان مسيحيين أساسيين، مثل سمير جعجع وبطرس حرب وسامي الجميل.

أرغم زعيم الدروز وليد جنبلاط على المشاركة وتغطية الحكومة.

دخل طرفاً في الحرب الدائرة في سوريا. وقد استشهد اللواء وسام الحسن في إطار هذه الحرب التي بدأت تهدّد السلم والاستقرار في لبنان.

لذلك انّ الاستقالة اكبر من ميقاتي وقدرته، وليس له القرار في البقاء او الرحيل، ومن اتى به وحده يذهب به.

وكل كلام عن نيّة في الاستقالة لا يعدو كونه مجرد محاولة لامتصاص غضب آنِي في الشارع، لأنّ نفَس القوى المطالبة بالاستقالة قصير، وامكاناتها في توفير وسائل التغيير محدودة، وبالتالي لا يمكن تصحيح الخلل في موازين القوى بالتمنيات.

إنه زمن الحرب، وفيه لا شفقة ولا رحمة. القتال يدور في سوريا حتى الموت، والمتورطون في القتال هناك منهم من يعمل لإغراق لبنان في الفتنة لحساباته ومصلحته، ومنهم من يفضّل إبقاء الوضع اللبناني على ما هو عليه في انتظار جلاء مسار الحرب السورية، وبالتالي لن يتخلّى من يُمسك بورقة الحكومة عنها ويقدّمها هدية لفريق لم يصمد نصف ساعة في مواجهة عفوية شبابية مدنية مع القوى الامنية، لم يجرؤ احد على تبَنّيها أو تصحيح حركتها.

أضِف انّ هناك التباساً في توقيت المعركة. فالرغبة المحلية لا تتقاطع مع الارادة الدولية على رغم عدم وضوح كيف ان هذه الحكومة هي ضامن للاستقرار، وان رحيلها الان يشكل خطراً لعدم التمَكّن من تشكيل حكومة اخرى.

صحيح ان مواقف الدول الخارجية مهمة لكنها لا تصنع العجائب. هي مع الاستقرار وعدم الفراغ في لبنان، والتركيز على الملف السوري في هذه المرحلة. لكن اذا أسقطت الحكومة فلن تبكيها أو ترثيها.

هذه الوقائع لا تعني انّ الستاتيكو الحالي ثابت وغير قابل للتغيير. فالشارع يغلي والاحتقان يغالب التعقل، ولا يمكن لأحد ان يضمن، او حتى ان يتكهن، كيف قد تجنَح الاحداث على الأرض وتجرّ القواعد قياداتها الى حيث لا يرغب أحد.

صحيح ان الجيش جدّي وحازم في التصدّي لأيّ محاولة فتنة او مَس بالامن، لكن لا يجوز رمي كل المسؤوليات عليه. فالمشكلة في الأساس سياسية وليست أمنية أو عسكرية، وبالتالي لا بدّ من حل سياسي لها.

في اللحظات الخطرة والمصيرية، تلجأ كل دول العالم الراقية الى حكومات وحدة وطنية او ائتلاف وطني لخلق مساحات مشتركة لمواجهة التحديات الكبرى. ما الذي يمنع لبنان من تحصين ساحته الداخلية المهدَّدة جدّياً بانتقال الحرب المذهبية من سوريا اليه؟

ولماذا المغامرة في استمرار ربط المسار والمصير مع القتال في سوريا؟

وهل اصبح تغيير الحكومة ورقة تريد ايران ان تستخدمها كوسيلة ضغط في المفاوضات الاقليمية الاوسع حول المرحلة الانتقالية لِما بعد الاسد؟

وهل اصبحت المعادلة: لا يمكن اسقاط الحكومة قبل اسقاط النظام في سوريا او تحقيق تسوية فيها. وبالتالي ما دام القتال حتى الموت في سوريا فسيتمّ الدفاع حتى الموت عن الحكومة في بيروت؟

لبنان في خطر الانغماس في الحرب الأهلية اذا لم يَرتق الجميع الى شراكة حقيقية في تحمّل المسؤولية من خلال حكومة تمتص الاحتقان وتوقف الجنون، لأنه اذا ما تفَلّت الشارع وعمّت الفوضى نتيجة عناد ومكابرة من يعاند ويكابر، فلن يبقى أخضر ولا يابس.

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها