اقرأ
المزيد...
جورج سولاج
ماذا تخبئ أميركا للأسد؟
الثلاثاء 24 أيار 2011
لا
تعكس المواقف الأميركية المعلنة من التطورات في سوريا حقيقة ما
يمكن أن تذهب إليه الأمور في المستقبل القريب.
فالإدارة
الأميركية تجنّبت حتى الآن توجيه دعوة صريحة للرئيس بشار الأسد
للتنحي، بسبب رهانها على "إمكان تحقيق اتفاق سلام بين سوريا
واسرائيل"، حسب ما ورد في تقرير نشر حديثاً في معهد مجلس العلاقات
الخارجية الأميركي للأبحاث.
أما
دوافع هذا الرهان وحظوظه فهي مبنية على نقطتين:
أولاً:
ليكون هذا الاتفاق بديلا عن "النسخة الفلسطينية"، مع انسداد أفق
التسوية الفلسطينية – الاسرائيلية، بعد اتفاق المصالحة الفلسطينية
بين حركة "فتح" و"حماس".
ثانياً:
في ظل الواقع الداخلي في سوريا اليوم، وما يمكن أن يصل إليه
مستقبلا، يسود رهان في واشنطن أن الرئيس الأسد قد يكون منفتحا على
التوصل الى اتفاق سلام مع اسرائيل، يبدأ بمفاوضات "كوسيلة للهرب من
العزلة الدولية" التي تشتد عليه يوما بعد يوم.
الا
ان هناك ثلاثة عوامل في غاية الأهمية يجب أخذها في الاعتبار قبل
التكهن ما إذا كان هذا الرهان قابلا للمضي به والى أي مدى:
1
-
إنّ اسرائيل التي دخلت في محادثات غير مباشرة مع دمشق في العام
1998، في وجود بنيامين نتنياهو نفسه في رئاسة الحكومة الاسرائيلية،
تضع شرطا أساسياً قبل أي اتفاق سلام، وهو ضرورة فك الارتباط بين
سوريا وإيران وبالتالي مع "حزب الله"، تحت عنوان "أن اسرائيل لا
يمكن أن تعيد الجولان ليصبح تحت سيطرة ايران".
2
-
إنّ حركات الاحتجاج الشعبي في سوريا قد تتمدد أكثر واسرع، وتشكّل
تهديداً جدياً للنظام، وهذا احتمال يستحيل على الإدارة الأميركية
تجاهله، وهي حتما وضعت "أجندة مخبأة" وأكثر من سيناريو لمعالجة كل
حالة، والبناء على الشيء مقتضاه.
3
-
مع اقتراب السباق الى انتخابات الرئاسة الاميركية، قد يجد الرئيس
أوباما نفسه مضطرا الى رفع سقف مواقفه لتفويت الفرصة على منافسه في
الضغط والمزايدة عليه، وهذا ما بدأ يظهر سواء في النبرة العالية
لأوباما من جهة، أو لمنتقديه من رموز "المحافظين الجدد" الذين
يطالبونه بمواقف اكثر تشددا وحسما في المسألة السورية، حتى ان
ايليوت ابرامز الذي خدم في إدارة الرئيس السابق جورج بوش كتب في
تقرير في معهد "مجلس العلاقات الخارجية" :على البيت الأبيض تجنب أي
أحلام، والتعامل مع الحقائق كما هي : "لن يكون هناك سلام مع الجزار
الذي يحكم سوريا اليوم".
في
كل الأحوال، إن متابعة دقيقة لتطور المواقف التركية من الأزمة
السورية، وإن بدت عصيّة على القراءة السهلة في بعض مدلولاتها، تبقى
المؤشر الأساس للتحولات في المرحلة الجديدة وفقا لقواعد مختلفة لا
يمكن رسم ملامحها منذ الآن، مع التأكيد على أن الحسابات والرهانات
التركية الجدّية أنهت مفعول نظرية "العمق الاستراتيجي" وحوّلت ربيع
العلاقات السورية-التركية الى خريف مبكر.
وعليه
، يبقى سيد الأسئلة: ماذا تخبئ أميركا للأسد؟
|