انطلاق معركة اسقاط النظام في سوريا
الثلاثاء 15 تشرين ثاني 2011
أصيب النظام السوري
بانتكاسة قوية، ليس بسبب تعليق عضويته في الجامعة
العربية فقط ، بل لسقوط نظريته بأن القوى الدولية
والاقليمية لا تجرؤ على اتخاذ اجراءات قوية ضده، لما
له من دور استراتيجي مهم، وما قد يحمل سقوطه من مخاطر
على الاستقرار في المنطقة.
فالجامعة العربية التي اتخذت قراراً مماثلاً في آذار
الماضي يوم شرّعت التدخل الدولي لحماية المدنيين في
ليبيا، أفتت أن لا مجال بعد اليوم لتغيير سلوك النظام
في سوريا، وبالتالي فتحت الأبواب الاقليمية والدولية
على مصراعيها للانطلاق في مهمة تغيير النظام.
صحيح ان سوريا ليست ليبيا، ولكن مسار الأحداث فيها
يجري وفق النموذج الليبي. فالجامعة لا يمكن ان تبلغ
هذا الحد في مواقفها ما لم تكن على اطلاع بما هو مقرر
في الغرب لسوريا وبما يحضّر لها، وبقرارها تعليق عضوية
دمشق تمهّد الطريق الى محاصرة سوريا، تحت عنوان توفير
الحماية للمدنيين السوريين.
ولا تخفي روسيا والصين اللتان تسعيان للحيلولة دون
تكرار السيناريو الليبي ، عدم قدرتهما على الاستمرار
في دعم النظام السوري الى ما لا نهاية، في الأمم
المتحدة ومجلس الأمن الدولي.
وقد لمّحت موسكو بطريقة غير مباشرة الى انها ستتقيد
بقرارات العقوبات على دمشق، وانها ستوقف شحن الأسلحة
اليها إذا ما صدر قرار دولي بذلك. كذلك لا يبدو ان
إيران وحلفاءها مستعدون لفتح جبهة عسكرية في المنطقة
دفاعاً عن النظام السوري، الذي قد يضطر الى دفع ثمن
تحالفه الاستراتيجي مع طهران، خصوصاً بعد الموقف
اللافت للعراق الذي ينسق سياسته الخارجية مع إيران،
والذي اكتفى بالامتناع عن تأييد قرار الجامعة ولم
يعارضه كلبنان واليمن.
أما الخطوات العملية التي ستتخذ قريباً، فهي:
- شن حرب اقتصادية على سوريا بإشراك أكبر عدد من
الدول، لأن الاقتصاد هو نقطة الضعف الرئيسية في نظام
الرئيس بشار الأسد. فمجرد تشديد العقوبات الأوروبية من
شأنه ان يحرم سوريا ثلث عائداتها من العملة الصعبة،
اضافة الى ان استمرار تعطيل الاستثمار والسياحة قد
يدفع الطبقة البرجوازية الى البحث عن حماية مصالحها،
والتفكير في التخلي عن دعم النظام.
- دعم المعارضة وتوحيدها وتشجيعها على رسم خريطة طريق
تحفظ دور الأقليات وتزيل مخاوفها من الاضطهاد والقتل
والتهميش، وذلك بهدف عزل النظام أكثر فأكثر.
- تشجيع الانشقاقات داخل الجيش السوري الذي ما زال
متماسكاً حتى الآن. وهنا كُلفت تركيا التواصل مع كبار
الضباط القريبين من النظام وإقناعهم بأن الدفاع عنه
بات مستحيلا، وبالتالي من الأفضل ان يكونوا جزءاً من
الحل، وان يحفظوا أدوارهم ومصالحهم وعائلاتهم في
المستقبل، بدل أن يكونوا ضحايا الحل.
- إيجاد مناطق عازلة على الحدود السورية انطلاقاً من
الأراضي التركية، لحماية المنشقين والمدنيين، وإصدار
قرار دولي بحظر الطيران فوقها.
وهذا من شأنه ان يشجع الراغبين في الإنشقاق من الجيش
السوري على اللجوء الى هذه المناطق المحمية لتنظيم
صفوفهم، وبالتالي شن الهجمات المسلحة على "حراس
النظام".
بالتزامن مع هذا السيناريو، كشف خبير روسي انه ربما
تجري الآن محاولة للتوصل الى اتفاق وسط، ينص على
انتقال تدريجي للسلطة يمنح من خلاله الرئيس الأسد فرصة
الحفاظ على منصبه لفترة ما، من أجل ضمان أمنه الشخصي
ومحيطه وطائفته.