هلّلوا لمُرشّح وليد جنبلاط!
إقدام النائب وليد جنبلاط على ترشيح – أو دعم ترشيح- النائب هنري
حلو، يستحق الثناء!
في الوقائع، لا يفترض أن يفاجأ أحد بأن جنبلاط لن يدعم ترشيح رئيس
حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، فموقفه لهذه الجهة، معلن حتى
قبل أن ينطلق جعجع في السباق الى القصر الجمهوري.
ولجنبلاط في موقفه اعتبارات كثيرة، تبدأ بنهجه الذي اعتمده، منذ
إعادة تموضعه الأخير، في الساحة السياسية اللبنانية، فهو لا يريد
أن يُعادي "حزب الله"، ويعمل لتطبيع علاقته بـ"تيار المستقبل"،
وتصل الى تفكيره بسيطرته السياسية على الشوف وعاليه، وهي نظرة
نابعة من مدرسة التاريخ، بحيث لا يُمكنه أن يتصوّر وصول كميل شمعون
آخر الى القصر الجمهوري، ومعه 10 آلاف صوت في الشوف متحالفة مع
غالبية سنية.
وترشيح هنري حلو، لا يصب، بالنتيجة، ضد سمير جعجع حصرا، ولو بدا
كذلك، للوهلة الأولى، لأنه، عمليا يحاول أن يُلغي بالتوازي ترشيح
منافسين لجعجع أيضا، وفي مقدم هؤلاء العماد ميشال عون.
إلا أن جنبلاط بترشيح حلو، لم ينضم الى مجموعة الورقة البيضاء، أي
مجموعة إسقاط جعجع في مواجهة "اللا أحد"، بل هو قدّم خيارا ثانيا،
ليس معاديا لخيار جعجع، فما أعلنه هنري حلو وجنبلاط في المؤتمر
الصحافي المشترك، قدّم، للمرة الأولى، "الوسطية" بطعم ولون.
والوسطي الذي قدمه جنبلاط – بصفته بيضة القبان في زمن الإنقسام
اللبناني- له حد أدنى ينطلق منه، وهو "إعلان بعبدا" الذي يُعاديه
"حزب الله"، ويناصره المسيحيون بمن فيهم العماد ميشال عون، وتنادي
به 14 آذار.
وهذا يعني أن وليد جنبلاط قدم الوسطية بصفتها تملك مؤهلات الإنطلاق
من حيث انتهت ولاية الرئيس ميشال سليمان.
وتميّزت نهاية ولاية سليمان برضى عارم لدى 14 آذار، وهي نالت ثناء
سمير جعجع في مقدمة برنامجه الإنتخابي.
والوسطية، وفق ما اختارها وليد جنبلاط، لا تعني الرضوخ لسلاح حزب
الله في الداخل، فهنري حلو، رفض الإلتزام بقرار جنبلاط التصويت
لنجيب ميقاتي في الاستشارات النيابية الملزمة، وفق ما فرض ذوو
القصان السود، بل ذهب مع مروان حماده وفؤاد السعد وأنطوان سعد الى
القصر الجمهوري، وسمّى سعد الحريري.
وبهذا الترشيح، يكون وليد جنبلاط قد أكمل المهمة الأولى التي
أرادها سمير جعجع في ترشيح نفسه للإنتخابات الرئاسية، وأرادتها 14
آذار في التوحّد حول ترشيح أبرز أركانها، وهي تحسين نسل رؤساء
الجمهورية، ليكونوا أكثر لبنانية، وليكونوا أكثر سيادية، وليكونوا
أكثر قربا من تطلعات شعب ساحة الحرية التي غيّرت معطيات كثيرة في
البلاد، قبل أن تتم الإطاحة بها.
في لعبة العواطف السيادية، يبرز سمير جعجع أفضل الخيارات، وهو عزّز
هذه العاطفة بموجة احترام للبنانيين، نوابا وقواعد، عندما عرض
لبرنامجه الإنتخابي، ونقله بوفود لمن أعطى هذه الوفود مواعيد.
ولكن، في لعبة الحسابات الدقيقة، فإن إمكان وصول جعجع، بالإنتخاب،
الى رئاسة الجمهورية، في ظل هذه العدائية اللافتة من "حزب الله"،
وفي ظل معطيات سياسية تفضّل التسوية على الصراع، تبدو صعبة للغاية.
ووقائع جلسة الانتخابات الأولى، بيّنت إستحالة وصول جعجع الى قصر
بعبدا، إذ إن أقصى ما يُمكن أن تعطيه إياه 14 آذار، تمنعه من
الوصول الى عتبة النصر، حتى في الدورات التي تنخفض فيها النسبة عن
الثلثين.
وهذه النتيجة، لن تُبقي 14 آذار، حيث هي في خياراتها الانتخابية،
بل ستنفتح الى تسوية مقبولة، وفّر جنبلاط معالمها، بترشيح هنري
حلو، وببرنامج هنري حلو المعلن، وبتأكيد هنري حلو، في معركة "حزب
الله" لمصلحة ميقاتي في مواجهة سعد الحريري، أنه في زمن الفرز، هو
في صف "اللا سلاح"، ولكن ليس في صف العداء للطائفة الشيعية، من
بوابة زمن رقيها السياسي المتمثل برمزية الإمام موسى الصدر.
إذن، ومع ثبات أن وليد جنبلاط هو بيضة القبان في حسم المعركة
الرئاسية، ومع إصرار وليد جنبلاط على عدم موافقته على ترؤس جعجع
وعون، وفي ظل الجزم بأن المعركة ستنتهي بتسوية، فإن الصفات التي
قدمها " اللقاء الديموقراطي" للوسطية، تُعتبر مكسبا كبيرا لـ14
آذار، التي يُمكنها، في وقت لاحق أن تنتقل الى إسم آخر،إن شاءت، مع
الإبقاء على هذه المواصفات.
من هنا، فإن عودة مروان حماده سياسيا الى منزل وليد جنبلاط، هي
عودة بالإتجاهين، إذ إنها عودة أيضا لوليد جنبلاط الى حيث يستقر
فؤاد مروان حماده السياسي، أي الى ...ضريح رفيق الحريري.
ودائما يقال، إن أردت أن تعرف موقع وليد جنبلاط دقّق في موقفه من
...مروان حماده! |