بصدق تـبـاً لهكذا ...مقاومة!
دائما هناك ما يريد السيّد حسن نصرالله حمايته!
هو حامي الجنوب، وهو حامي لبنان، وهو حامي الإستقرار، وهو حامي المقامات
الدينية، وهو حامي الأقليات، وهو حامي السلاح، وهو حامي اللبنانيين في
سوريا، وهو حامي المقاومة!
مهماته الحمائية هذه تدفعه الى شنّ حروب أو المشاركة في حروب أخرى، والتآمر
على أنظمة والإستقتال من أجل أنظمة أخرى!
والرسالة التي انتدب نفسه لها، لا تحتمل المزاح، فهو من أجلها يقدّم ضحايا
بالمئات وأحيانا بالآلاف!
هو يشخّص الخطر، وهو يتصدّى له!
لا شريك له في التشخيص، مهما كانت علاجاته باهظة الثمن!
طريقة الأطباء لا تعجبه. هم، عندما تواجههم حالات خطرة لا ينفردون
بالقرارات، بل يستدعون جمعية لدراسة الوضعية وتقرير مصير المريض جماعيا!
هو، لوحده أحكم الحكماء، وأشجع الشجعان، وأذكى الأذكياء، وغيره مجرد مقاتل
إما يُنفّذ من دون أن يعترض وإما يُرمى بنار محكمة ميدانية بتهمة الخيانة
العظمى!
بفعل إبداعاته الإستثنائية كقائد ملهم، نجح في ترفيع " المقاومة" على
الوطن. عندما تكون مصلحة الوطن في كفّة ومصلحة " المقاومة" في كفّة أخرى،
فالأرجحية لـ" المقاومة"، فالأوطان " على قفا مين يشيل". الوطن ليس فريدا
من نوعه. " المقاومة " كذلك!
وبفعل حكمته الطاغية، فلا قيمة لوطن إن لم تكن فيه " المقاومة". الوطن مجرد
ورقة في مهب الريح، إن لم تكن " المقاومة" جاسمة عليه!
ويوم قرّر الذهاب لمقاتلة الثوار في سوريا، فعل ذلك دفاعا عن ظهر المقاومة،
و تـبـاً بالوطن!
والرجل محق بما يفعله، فهو من دون "المقاومة" مجرد رجل دين لا يعينه علمه
على الإمساك بمناصب الإجتهاد، أو مجرد رجل سياسي، لا تسعفه الخطابة أن يكون
أهم من ميشال عون، ولا تسعفه الطائفة أن يكون أقوى من سعد الحريري، ولا
يسعفه الذكاء أن يكون أدهى من نبيه بري، ولا يسعفه الإيمان أن يكون أعمق من
سمير جعجع!
وحدها " المقاومة" تجعله إستثنائيا، في وطن عادي، فإن تنازل عنها للوطن
طحنه ...الوطن!
ولهذا سخّر كل إمكانياته وإمكانيات البلاد والعباد، من أجل " المقاومة"!
وها هو، وبعد جملة من التبريرات، يكشف أن ذهابه الى سوريا لمحاربة ثوّارها،
بعدما اختصرهم بتسمية "تكفيريين"، هدفه حماية " المقاومة"!
" المقاومة" التي تُنشأ عادة في وطن لتحريره من احتلال، أصبحت مع حسن
نصرالله مؤسسة فوق مهمة التحرير!
" المقاومة" تترك مزارع شبعا وجزءا من الغجر محتلة، وتذهب الى سوريا لتحمي
نفسها!
تحرير الأرض يمكنه أن ينتظر ، فحماية " المقاومة" أجدى، بها تفرض الشروط
على السلطة اللبنانية، وبها تجتاح العاصمة والجبل،وبها تسبى طائفة الى "
عقدة استوكهولم"، وبها تُحمى جزر الإضطراب في كل مكان من لبنان!
بالنسبة لـ" المقاومة" تحرير ما تبقى من أرض تفصيل. هذا الإحتلال مفيد، فهو
حجة لديمومة " المقاومة" !
" المقاومة" ، وفق إبداعات حسن نصرالله، أصبحت جلّابة ويلات!
هو يدرك، من الأساس، أن " المقاومة" هي التي جاءت بالإحتلال الى لبنان،
لأنها ، منذ اليوم الأول لتأسيسها، لم تكن لبنانية!
" المقاومة" الأم كانت فلسطينية. وجدت في لبنان لتحرير فلسطين، ولكنها بدل
أن تحرر فلسطين، أباحت احتلال لبنان، بعد أن أنتجت حروبا أهلية، وبعد أن
شرذمت المؤسسة العسكرية!
وعلى رماد " المقاومة- الأم" تأسست " المقاومة" التي يقودها حسن نصرالله
اليوم، بقرار إيراني وبرعاية إيرانية وبسلاح إيراني وبمال إيراني وبعقيدة
إيرانية!
ولأن " المقاومة" إيرانية الصنع والهدف، فهي لا صلة لها بمصلحة الوطن، بل
هي مرتبطة عضويا بمصلحة إيران، على حساب الوطن!
ولأن المصلحة الإيرانية فوق كل اعتبار عند حسن نصرالله، فالقصير أهم من
مزارع شبعا والغجر. هناك يوجد إسرائيليون بينما هنا يوجد تكفيريون. مثله
مثل بشار الأسد، فتحرير محافظات من التكفيريين يستحق تدمير سوريا والقضاء
على اقتصادها، بينما تحرير الجولان من الإسرائيليين لا يستحق كلفة رصاصة!
بفعل المصلحة الإيرانية، " المقاومة" كما " الممانعة" أصبح لها مفهوما
مختلفا، فـ" المقاومة" ليست لتحرير أرض من العدو بل لمساندة نظام من
السقوط!
وبفعل وطنية نصرالله، لا يهم ما سينتهي إليه لبنان من مخاطر ، فهذا تفصيل
صغير، في مقابل إمكان سقوط بشار الأسد، صلة الوصل بين " المقاومة" وإيران!
" المقاومة" هي الأساس، وكل ما تبقى مجرد تفصيل!
أن يتلقى الجيش اللبناني ضربات، هنا وهناك، على خلفية مطالبته بفتح كل
الساحات كما يسمح بفتح الساحة أمام "حزب الله"، فهذا لا قيمة له، فالمهم "
المقاومة"!
أن يزحف لبنان الى التشدد المذهبي والطائفي وتنشأ كيانات أصولية تطيح بكل
اعتدال، فهذا تضييع للوقت، فالمهم " المقاومة"!
أن تستعد إسرائيل ، ليلا نهارا، لاجتياح جديد للبنان، للتخلص من صواريخ
"حزب الله"، عندما تدعو الحاجة، فهذا يُرد عليه بالكلام، فالمهم "
المقاومة"!
أن ينهار لبنان وتُرجأ انتخاباته ويتعطّل نظامه وتهدر موارده وييأس شعبه،
فهذا ثانوي، فالمهم أن تبقى "المقاومة"!
" المقاومة" ، بعرف نصرالله، لم تنوجد لتنتهي، بل لتُنهي!
فهو يقود " مقاومة" من صنف مختلف عن كثير من المقاومات الطبيعية- الوطينة.
"مقاومته" مهمتها استبدال احتلال باحتلال آخر. تنقل العباد والبلاد من
عبودية الإسرائيلي الى مصلحة الإيراني.
بصدق تـبـاً لهكذا ...مقاومة! |