صقر الحقيقي وشهاب المزوّر
في أوائل العام 2006 ، أصدر القضاء العسكري السوري مذكرات توقيف شملت
شخصيات لبنانية عدة من بينها وليد جنبلاط ومروان حماده وفارس خشان، بتهمة
العمل على قلب نظام الحكم في سوريا.
كان "السلاح" المرسل آنذاك الى سوريا، هو مواقف وعمل إعلامي.
وفي العام 2010، اصدر القضاء العسكري السوري 33 مذكرة بحق شخصيات لبنانية،
إتفق مع جميل السيّد على أنهم خصوم للنظام السوري، ومن بينهم وسام الحسن
الذي أصبح شهيدا، وقرر معه أن "سلاحهم" في ذلك كان " شهود الزور".
ومع انطلاق الثورة السورية، وجهت إتهامات الى لبنانيين ينتمون الى محيط
الرئيس سعد الحريري، ومن بينهم النائب عقاب صقر، بالعمل على قلب نظام الحكم
في سوريا، و"سلاحهم" في ذلك خلية إعلامية جرى إنشاؤها في عاصمة أوروبية،
وبناء عليه صدرت إيحاءات بوجوب إعدام صقر وغيره، من خلال شائعات عن مقتله
وجرحه في هذا المكان أو ذاك.
ومع ترسيخ الثورة السورية، اعلن الرئيس سعد الحريري إنحيازه التام ضد
النظام الذي كان يبادله عداء مبكرا، تجلى في حيثيات إيصال نجيب ميقاتي
-"زلمتنا" وفق توصيف بشار الاسد- الى رئاسة الحكومة اللبنانية!
إن هذا العرض السريع لهذه الوقائع، إنما يهدف الى تثبيت حالة العداء
الحقيقية التي تجعل النظام السوري في مواجهة مع فريق لبناني كبير واساسي.
وحالة العداء هذه، سلاحها ، للاسف، ليس كلمات ومواقف سياسية إنما قرارات
تفضي الى الإغتيال!
وبناء عليه، وبعد الهمروجة التي تدمج التزوير بالوقائع التي اعتمدتها صحيفة
" الأخبار" بقرار من "حزب الله"( وفيق صفا أبلغ قبل أسبوعين من نشر
التسجيلات وبثها، شخصية أمنية عن توافرها لدى الحزب)، سنسلّم جدلا أن عقاب
صقر، يشارك من تركيا، بمساعي تسليح ثوار سوريا، بما يدافعون به عن أنفسهم
ضد الهجمة غير المسبوقة بوحشيتها من نظام على شعب قرر أن ينتفض لحريته
وكرامته وحقوقه!
سنسلّم أنه بإعلان صقر أن ما قال إنه " كلماتي وصوتي" يعطي التسجيلات صدقية
الدليل على "التورط" في التسليح!
ولكن، لم العجب؟
إن الفريق الذي ينتمي اليه عقاب صقر، يرتبط مع الثوار السوريين، بوحدة عداء
للنظام السوري، فكلاهما مطلوب قتلهما وتصفيتهما، وبالتالي فإن المسار
العسكري الذي اتخذه الثوار في الدفاع عن أنفسهم وعن قضيتهم، بعد 8 أشهر من
القتل والقمع والنفي والإعتقال والتعذيب، يفرض على " الحليف" أن يقف الى
جانب حليفه، بكل ما أوتي من قوة ومن اتصالات ومن إمكانيات!
وهذا بالتحديد ما يبدو أن عقاب صقر، ممثلا لنفسه أم للرئيس الحريري،إن
سلمنا جدلا بصحة الترجمات التي أعطيت للتسجيلات، قد أقدم عليه!
لم يفعل ذلك، إنطلاقا من لبنان الذي نأى بنفسه ، بقرار سلطوي وسياسي.
لم يفعل بذلك، من خلال خرق سيادة دولة أخرى، فهو اتخذ من تركيا، وبموافقة
السلطات التركية، مقرا له!
لم يفعل ذلك، بانتحال شخصية أخرى وبتزوير جواز سفر لبناني وبإحداث أزمة
لبلاده مع بلد آخر مكتمل السيادة!
لم يفعل ذلك، بإرادة خلق اضطرابات طائفية واهلية في سوريا التي يثور شعبها
وينتفض ويواجه بما أمكن، وبقرار استشهادي، أعتى نظام قمعي في العالم!
ببساطة، لم يفعل ذلك على طريقة "حزب الله" الذي "يكره" السلاح وكل تورط
بالشأن السوري أو غير السوري!
لن نتحدث عن الدخول المبكر لـ"حزب الله" على خط قمع الثورة السورية، معللا
ذلك، بوجود مقاتلين له، يقيمون أساسا في الداخل السوري.
لن نتحدث عن اندماجه ، كجزء لا يتجزأ من " الحرس الثوري الإيراني"، في رسم
خطط القمع والمواجهة.
سنتحدث عن مسألة أخرى. عن سامي شهاب. هل تذكرونه؟
سامي شهاب، الذي ألقي القبض عليه في مصر، وظهر أنه مسؤول خلية "حزب الله"
فيها، كان يتنقل بجواز سفر مزور.
سامي شهاب الذي تحرك في مصر على أنه من الطائفة السنية هو الشيعي محمد يوسف
منصور.
كان منصور هذا ، الذي يقود خلية تسلح في مصر، بحجة تهريب سلاح الى غزة،
خلافا لارادة الدولة المصرية ، يخرق سيادتها الإقليمية.
كان منصور هذا، يتحرك في مصر بجواز سفر مزوّر، متجاوزا بذلك، القوانين
المرعية الإجراء في لبنان ومصر.
كان منصور هذا، يتلقى اوامره من لبنان وماله من إيران، بشكل تعاقب عليه
القوانين المصرية!
وحين كشفته السلطات المصرية، تسبب بأزمة بين بيروت والقاهرة.
وحين اضطر السيد حسن نصرالله أن يعترف بشهاب ( مخفيا اسمه الحقيقي، في
عملية تواصل فيها التزوير) برّر ذلك وفاخر به واعتبر أن الجريمة، في حال
كانت توجد جريمة، إنما يقترفها النظام المصري الذي يفرض حصارا على الشعب
الفلسطيني في غزّة!
ومع اندلاع الثورة المصرية، وتنحي حسني مبارك عن السلطة، هرب شهاب( منصور)
الى الضاحية الجنوبية في بيروت، حيث أطل في مهرجان كبير لـ"حزب الله".
لم يتحرك القضاء اللبناني لمتابعة ملف تزوير الهويات وجوازات السفر. لم
يطلب أحد من مجلس الوزراء أن تتم ملاحقة أحد. لم يعلن شخص واحد موقفا يقضي
بوجوب حل "حزب الله" قانونا، لأنه أساء الى العلاقات مع دولة عربية شقيقة
مكتملة المواصفات السيادية.
إسرائيل دول معادية. مصر ليست كذلك. أخذ مصرعبر " سامي شهاب" الى قرار
يناقض إراداتها كان عملا عدائيا بحق سيادتها.
النظام السوري نظام معاد. واقع عقاب صقر في تركيا ليس كواقع " سامي شهاب"
على الإطلاق!
مع عقاب صقر ، يريد "حزب الله"، على الرغم من اختلاف الوقائع، ما يرفضه
لنفسه!
سوريا اليوم، هي دولة مطرودة من جامعة الدول العربية.مصر كانت دولة المقر
لهذه الجامعة!
سوريا اليوم، هي دولة يبحث العرب عن كيان خاص بالثوار للتعاطي معه
والإعتراف به!
سوريا اليوم، هي سوريا الثورة وليست سوريا النظام!
سوريا اليوم، هي رؤية مستقبلية، لا تقوم على دعم نظام على خلفيات إيرانية
وطائفية، إنما على الوقوف الى جانب الثوار أصحاب المستقبل وعقدة الربط في
العلاقات المرتقبة بين دولتين جارتين وبين شعبين فرقتهما الممانعة ووحدهما
القمع!
"حزب الله"، الذي نعرفه قلبا وقالبا، يطالب بمحاكمة عقاب صقر ورئيسه سعد
الحريري، وفق معادلة الرئيس والمرؤوس، للأسباب المرتبطة بالثورة السورية.
إنها المسخرة!!!
|