رصاصة "حزب الله" وعصّارة وليد جنبلاط
كتبها فارس خشّان
الاثنين, 24 سبتمبر 2012
تابعتُ باهتمام محاولة إغتيال العماد ميشال عون بـ...رصاصة كلاشينكوف !
الواقعة، في بعدها الجنائي، غير مهمة، حتى لو صدقت 100 بالمائة، فأمثال
ميشال عون، لا يمكن اغتيالهم، وهم في موكب، برصاصة!
في الوهلة الأولى، كان يمكن التفكير بأنّ غاضب "فشّ خلقه"، أو أن مجموعة
منزعجة من مواقف هذا الأخير، سوريا وطائفيا، قد قررت أن توصل إليه رسالة
تحذير!
لكن، هذه الفرضيات، سرعان ماسقطت، بمجرد الدخول السريع لـ"حزب الله" على خط
الحدث، في عملية إستثمارية، إحترفها بشكل مميّز، في السياسة اللبنانية!
أعطى السيّد حسن نصرالله، باتصاله الإستنكاري السريع، إشارة الإنطلاق
لـ"جوقة لا تستبقوا التحقيق"، حتى تقدم التوصيف الجرمي، بنقل التحقيق من
مجرد العمل على التثبت من حصول إطلاق نار الى عملية اغتيال محترفة نجا منها
عون "بأعجوبة"، وحتى تُحدّد الفاعل، وهو "تيار المستقبل" وقوى 14 آذار
"التي تحاول اغتيال الجنرال سياسيا"، وحتى تنشر الدوافع، ومن بينها أن
العماد ميشال عون "عائق أمام القوى التي تريد الهيمنة على البلد، بما له من
شعبية كاسحة في الوسط المسيحي".
أمام معطيات هذه الحملة، لم يعد مهما التثبت من حقيقة حصول واقعة إطلاق
النار، لأن الكذب، بما هو ركن من أركان التضليل الذي تعتمده الدعاية
السياسية، بدا أنه أب هذه القصة وأمها وحتى رحمها!
لا إطلاق رصاصة من بندقية كلاشينكوف على سيارة في موكب تأخّر تسليمها الى
الأجهزة الأمنية المختصة، يعني اغتيالا، ولا عون الذي يتنقل بسيارات مصفحة
نجا بأعجوبة، ولا هو كان يعود من زيارة ناجحة لجزين، ولا أحد يتفوّق على
عون وداعميه وفي مقدمهم النظام السوري و"حزب الله" في عمليات الإغتيال
سياسيا، ولم يعد عون يملك هذه الشعبية المسيحية الكاسحة، بل كل الإستطلاعات
الحديثة، بما فيها الإنتخابات الفرعية التي حصلت في الكورة تثبت أن تمثيله
الماروني تدنى الى حدود 30 بالمائة في حين أن تمثيله المسيحي العام، الذي
يضم اليه كل القوى المناوئة لـ14 آذار، تدنى الى ما دون الخمسين بالمائة،
والادهى من ذلك، أن من يراجع أدبيات جبران باسيل وغيره، في معركة مياومي
شركة كهرباء لبنان، يدرك أن عون وصحبه يحملون المسؤولية في هذا الإنهيار
الشعبي الى "حزب الله"، مطالبين إياه، بوجوب دعم العماد عون للتعويض عن
..تضحياته!
وفي حمأة لحظة سياسية مهمة، قرّر "حزب الله" دعم العماد ميشال عون!
جزين، بعد الكورة، وبعد استطلاعات الرأي "السرية"، أعطت إنذارا لـ"حزب
الله". غطاؤه المسيحي يتهاوى. "التيار الوطني الحر" يتناحر. القواعد
الشعبية، بين من نقل هواه الى قوى 14 آذار، وبين من أصابه القرف.
أتى الدعم برصاصة!
لكن، بما أن "حزب الله" لا يقدم شيئا بالمجان، إختار لنفسه صيدا، وتحديدا
محيط مسجد الحاج بهاء الدين الحريري. إسم الحريري، بذاته، مهم، ليس
للإستفادة من الخصومة، فحسب بل لإيصال رسالة الى سعد الحريري، على طريق
الوعد بالعودة قبل نهاية هذا العام.
ومحيط هذا المسجد، له مدلول آخر، وهو تسليط الضوء على حركة الشيخ أحمد
الأسير، الذي لم يجد، في كلمته في وسط بيروت الأخيرة، مسيئا الى النبي محمد
أكثر من حسن نصرالله وحزبه!
كل هذه الجولة التحليلية كانت ركيكة، لو أنها اتكأت على ما ينطق به
العونيون، من أمثال نبيل نقولا. هؤلاء "لا جمرك" على كلامهم. يتحدثون
لمستمع واحد، هو ميشال عون!
لكن، ما اعتُبر مجرد تأويلات وتخيلات، جاء نوّاف الموسوي، ليضعه على سكة
التفكير السليم!
الموسوي، ومنذ اغتيال عماد مغنية الذي لم يكن ينظر إليه بارتياح، أخذ دورا
متزايدا في "حزب الله". أُدخل إلى مجلس النواب. عُهدت إليه مهمة الترويج
للأفكار الوقحة. هو، مثلا، من طوّب المتهمين باغتيال الرئيس رفيق الحريري
قديسين، وانحنى يقبّل أقدامهم. هو من يتولّى إعلان لوائح "الخونة
والعملاء". هو من يصنع "لوائح فيلتمان" وينسى تعهداته بتقديم وثائقه
الثبوتية.
نوّاف الموسوي هذا، حدّد أهداف "حزب الله" من رصاصة ميشال عون!
حدّد الآتي:
- سعي الإدارة الأميركية وحلفائها الغربيين الى اغتيال الجنرال عون سياسيا
من خلال قانون الانتخاب.
- لن نسمح لأحد بأن يتيح للمجرمين والقتلة بأن يفلتوا من الملاحقة والعقاب
عبر تمييع محاولة الاغتيال.
- مطالبة الأجهزة الأمنية التوسع في التحقيق الذي يجب أن لا يقتصر على
المعطيات الأمنية الميدانية فحسب. بل ويأخذ في الإعتبار البعد السياسي لأن
هذه المحاولة ليست جريمة شخصية. بل جريمة سياسية يجب التفتيش عن مرتكبها في
الطبقة السياسية التي تحرض.
- يجب أن لا يقتصر التحقيق على الحدود السياسية بل يشتمل على الطبقة
السياسية ويستكمل حتى النهاية.
- انها منعطف في تاريخ لبنان وما قبلها ليس كما بعدها.
- أنها رسالة كبيرة قد فهمناها جيدا وسنتعامل معها. ولا يظنن أحد أنها قد
حدثت وستمر.
باختصار، فالموسوي يريد أن تكون رصاصة العماد ميشال عون، منطلقا لحرب
مفتوحة على 14 آذار. بالنسبة لـ"حزب الله" رصاصة كلاشينكوف تستهدف شخصا
يجول بسيارة مصفحة ويموّه نفسه بمواكب وهمية تصل في بعض الأحيان الى عشرة،
تملك صدقية مطلقة ، خلافا لمدفع قنص إستهدف سمير جعجع، ولعبوة ناسفة يزرعها
شخص من "حزب الله" في مصعد بطرس حرب، ولـ4 بينهم كبيران من جهاز أمن "حزب
الله" تقول الأدلة إنهم من المجموعة التي شاركت باغتيال الرئيس رفيق
الحريري بـ1800 كيلوغرام من مادة "تي.أن.تي"، وغير ذلك الكثير، ومنها عبوات
ميشال سماحة، والأفكار الإغتيالية لجميل السيّد!
رصاصة ميشال عون، يستعملها "حزب الله" مثلما استعملت إسرائيل في العام
1982، محاولة اغتيال السفير الإسرائيلي في لندن، لاجتياح لبنان. لاحقا،
تجمعت الأدلة أن هذه المحاولة كانت من صنع إسرائيل نفسها!
"حزب الله"، لمن يراقب ولمن يعرف، يستنسخ "الموساد"!
رصاصة ميشال عون لن ترفع من شعبية الجنرال الذي لا يُدرك أن كل من يلتقط
الهاتف ليهنئه بالسلامة، إنما يسخر منه قبل مكالمته وبعدها!
مسكين ميشال عون. مرة جديدة، يتوهّم أن "حزب الله" يخدمه، فيما يكون في
الواقع، يواصل استخدامه.
مسكين ميشال عون، لم يلتقط بعد تلك الحكمة البسيطة التي أطلقها وليد
جنبلاط، في حديثه ، قبل سنوات، عن أميل لحود وعمر كرامي وسليم الحص وغيرهم
. قال: النظام السوري، مثل العصّارة، وهؤلاء مثل ليمونة حامض. يعصرهم قبل
أن يرميهم."
مع الزمن ثبت أن لا فارق في نظرة بشار الأسد و"حزب الله" الى الناس!
"حزب الله" لا يزال يجد بعض العصير في ليمون ميشال عون. هو يجهز عليها! |