عاشت الأمة الآرامية بجميع طوائفها حرة أبية

فارس خشّان

 تعريف: فارس خشّان كاتب ومحلل سياسي لبناني

 


ميشال سماحة : سيرة ..مجرم

كتبها فارس خشّان الجمعة, 10 أغسطس 2012  


في تجربتي الشخصية، ميشال سماحة، سواء كان متورطا ميدانيا، في مخطط سوري لتفجير الشمال اللبناني طائفيا أم لم يكن، هو نموذج يمكن تقديمه عن المفتنين وعن الكذّابين وعن قتلة سمعة الآخرين!

أنا أدرك ماذا فعل ميشال سماحة ضدّي وضد مجموعة من السياسيين والإعلاميين والأمنيين والقضاة!

لم يترك موبقة يقترفها بذاته إلا وألصقها بنا. لم يترك جهاز مخابرات كان يتعامل معه إلا وأتحفه بملفات مفبركة عنّا.

بدا لنا، في فترة طويلة، بأنه هو من يضع اللائحة السوداء التي منها يتم اختيار الأشخاص المطلوب إلغاؤهم جسديا!

في السنوات الأخيرة، وبعد صعود نجمه كمعاون لبثينة شعبان لشؤون العلاقات الأوروبية عموما والفرنسية خصوصا، سقط ميشال سماحة سقوطا مدويا.

بداية السقوط، كانت عندما وزعت أجهزة الأمن الأميركية أسباب وضع ميشال سماحة على لائحتها السوداء. قاوم الفرنسيون الأميركيين، وكان السبب إرتباط سماحة الوثيق، عبر سنوات طوال، بمن أصبح مسؤول المخابرات لدى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، لكنهم لاحقا، تجاوبوا مع الأسباب الأميركية، عندما اكتشفوا أن ميشال سماحة عميل لم يعد يملك صدقية، لأنه لم يعد ينقل إليهم معلومات، بل ملفات يفبركها مع المخابرات السورية!

ومع سقوط سماحة فرنسيا سقط في أوربا كلها، وبذلك بدأ يخسر مواقعه الإعلامية التي حققها في عدد كبير من وسائل الإعلام الأجنبية. صحافيون كبار إكتشفوا أن ميشال سماحة حرقهم، بعدما ثابر على تزويدهم بمعلومات كاذبة ومزوّرة بخصوص الشؤون اللبنانية والسورية.

ومع تأكيد سقوطه هذا، لم يعد سماحة ذي جدوى، لأن من وظفه عميلا، كان يطمح الى قطف ثمار العمالة وليس الى الإحتضان.

في هذا التوقيت بالذات، وبحثا عن الجدوى، وضع ميشال سماحة كل طاقته التزويرية في اختراع السيناريوهات المفيدة لكل من "حزب الله" وبشار الأسد!

نظرية ميشال سماحة، إنطلاقا من ادعاء فهمه للعقل الغربي، كانت تركز على وجوب تسويق بشار الاسد كما لو كان الوجه النقيض للاصوليات السنية في الشرق الأوسط عموما وفي بلاد الشام خصوصا!

وتطبيقا لهذه النظرية، سعى مبكرا لدى سيد بكركي الجديد، بعدما كان قد نبذه سيّدها السابق، الى تعظيم أهمية بشار الأسد كحام للمسيحيين في وجه المد السني الأصولي، وراح يزوّده بمقالات كتبها هو عبر أقلام أوروبية وأميركية، ويبعث إليه موفدين مسيحيين من سوريا من أجل أن يقنعوه بالحاجة الى بشار الأسد.

قبل أسابيع قليلة، إنكشف دوره الميداني في سوريا، فقد كشفت المعارضة السورية أنه، بالتعاون مع الأب طوني دورة، بدأ بتشكيل ميليشيا مسيحية موالية للنظام السوري. أمّن لها الأموال والسلاح والدوافع.

وقبل سنوات، كان له دور رائد في "أدلجة" تنظيم "فتح الإسلام". رعى دخول هذا التنظيم الى لبنان، بحملة تمهيدية عن خطر التطرف. ثم رعى ظهور التنظيم بالحديث عن خطة لإنشاء إمارة إسلامية في الشمال، قبل أن يزوّر الحقائق لاتهام "تيار المستقبل" بتشكيل هذا الفصيل الذي شكلته فعليا المخابرات السورية. سيمور هيرش، صاحب المقال الشهير حول الموضوع في مجلة "نيويوركر" لم ينف دور ميشال سماحة في ما كتبه.

في السنة الأخيرة، وبمواكبة صعود نجم الثورة السورية، لم يبق صحافي أجنبي إلا وتحدث عن معلومات ميشال سماحة عن انفجار طائفي في لبنان سيتسبب به إضعاف بشار الأسد في مقابل "الإرهاب السني". كان هؤلاء يتحدثون عن سيناريوهات كثيرة من بينها سيناريو قتل المسيحيين في عكار وقتل العلويين حيث لهم وجود في الشمال.

في هذا التوقيت، قرر البطريرك الماروني بشارة الراعي التوجه الى عكار. سارع "تيار المستقبل" الى الترحيب بهذه الخطوة، واتخذ الرئيس سعد الحريري، شخصيا ترتيبات لإنجاح الزيارة وطنيا، ولكن، منذ هذه اللحظة، بدأ الحديث عن الوضع المسيحي في عكار يتخذ بعدا لم يسبق أن اتخذه. للمرة الأولى، رحنا نقرأ مقالات عن "الإضطهاد" وعن "تهجير محتمل". ولاحقا، وبصورة مفاجئة، تذكّر بتمهيدات تفجير كنيسة سيدة النجاة في الزوق، ظهر منشور يهدد المسيحيين في كنيسة عكارية. جميع العارفين، أكدوا أنه نتاج لعبة مخابراتية. وحدهم جماعة 8 آذار أعطوه أبعادا وصدقية.

ولكن من كان يظن أن دور ميشال سماحة يقتصر على التمهيد السياسي والإعلامي لما تخطط له المخابرات السورية، تفاجأ بمعلومات التحقيق، عن تورطه الميداني، في صناعة هذه الخطة وتوفير لوجستياتها.

ميشال سماحة الذي خسر مراكز نفوذه في المخابرات الأوروبية، إنتقل الى أن يقدّم نفسه رجلا ميدانيا عند علي مملوك الذي يرتبط به، ومنذ مدة طويلة، بعلاقة تنسيق إستثنائية.

ميشال سماحة رجل سقط قبل توقيفه. توقيفه أسقط الفتنة التي كان يسوّق لها ويخطط لها.

ميشال سماحة هذا لعب دورا رياديا، في محاولات اغتيال المحكمة الدولية. تجسس عليها. جنّد له ناسا فيها. هدد قضاة وموظفين. فبرك روايات. سرّب محاضر. جعل الأدب الخيالي في خدمة الدفاع عن القتلة. "قاتل" العدالة أصبح سجينها!

أمثال ميشال سماحة لا علاقة لهم بالسياسة. إنه من نماذج التآمر والعمالة وبيع بلاده لأنظمة معروفة بسلوكياتها الإجرامية!

سيدافع عن ميشال سماحة من هم مثله. في لبنان مجموعات لا تحتمل أن يسقط من هو شبيه لها، بموقعه وباستعداداته وبسلوكيته.

سيغرق البلد بموجة الدفاع عن ميشال سماحة. سنسمع عظات الفاسدين. سيحدثنا مشوّهو السمعة عن وجوب احترام السمعة. سيتحفنا مسربو المحاضر السرية عن وجوب احترام سرية التحقيق. سيخبرنا مفبركو الإتهامات عن فبركة ملف ميشال سماحة. سيخبرنا القتلة عن براءة ميشال سماحة الساطعة. سيتعرض الأمن الداخلي الموثقة خطوته بالأدلة لحملة قاسية. سيوضع القضاء تحت التهديد.

كل ذلك سيحصل، لكن ميشال سماحة سقط الى غير رجعة والإفراج عنه، من دون وجه حق، سيسقط تركيبة الدولة اللبنانية، لأنها ستكون، بنظر المجتمع الدولي الذي سيحصل على الوثائق، مجرمة، ولن تتمتع بعد ذلك، بالأسباب التخفيفية، بصفتها ملحقة وعاجزة.

بعد انكشاف مخطط علي مملوك، بسقوط ميشال سماحة، يمكن للخائفين على المسيحيين في هذا الشرق أن يدركوا أن أحفاد المصلوب في مؤامرة الخائفين على سلطتهم، هم ضحايا حتميون لديكتاتورية، تتقن، تكتيكات الإطفائي..الهووس!

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها