إنها قيامتنا ايضا

 السبت, 07 أبريل 2012

في البعد اللاهوتي لقيامة يسوع المسيح من بين الأموات، تبدأ القصة ولا تنتهي.

القيامة هي أمثولة الرجاء الى الإنسانية، وليست نهاية المطاف.

القيامة هي توكيد للإنسان أن سيره على درب الله، وإن تخللته آلام مبرحة، كآلام يسوع الذي يجر صليبه على درب الجلجلة الطويلة، لا ينتهي بالموت، بل يحوّل الموت الى مفتاح لباب الحياة الخالدة والأبدية.

ونحن في لبنان وسورية، أدركتنا أمثولة القيامة، فسار" اهل الرجاء" على دروب الإيمان بالحق الإلهي الممنوح لكل إنسان، بأن يعيش حرّا وكريما وشريفا!

في لبنان، وبعدما تخلصنا من تلك الوصاية التي يذوق السوريون مرارتها اليوم ، بدأنا مسيرتنا على درب التحرّر من عقد فرضها سلاح "حزب الله" علينا. مسيرة مقدمتها استعادة الحق بالتعبير وبالتوصيف وبكشف الحقائق وبفضح المستور. وهي مسيرة لن تتوقف إلا يوم يرتفع السلاح عن حقوقنا وعن دولتنا وعن رؤوسنا وعن خياراتنا وعن تطلعاتنا.

وفي سورية، وحده الإيمان بالقيامة يصنع معجزة صمود الثوّار، على الرغم من تواطؤ دولي هنا، ومن اختلال بميزان القوى هناك، ومن ثقافة قتل تتجذر بنظام طاغ هنالك.

ليست القبور نهاية الطريق، بل هي ، بتوافر الإيمان، بدايتها.

القبور الحقيقية هي تلك التي نقبل أن نسكنها ونحن أحياء، ونقبل بأوساخها ونحن أحياء، ونقبل بفتكها ونحن أحياء.

القبور لا تعود كذلك، متى انتفضنا على حفّارها، ومتى نظفناها من حشراتها، ومتى طهّرناها من روائحها !

أهل الرجاء لا يعترفون بالقبور. أضرحتهم عروش. وعروش قتلتهم قبور مفتوحة على الجحيم.

أهل الرجاء لا يُسألون عن موعد الإنتصار، فهم ، منذ اللحظة التي آمنوا فيها بحقوقهم ، إنتصروا . وحدهم ، أولاد الضياع، يعتقدون بأن قدرتهم على القتل تُحييهم، و بأن التدمير يُنصرهم.

نضال أهل الرجاء يدوم طويلا، كنضال المؤمن لاكتساب الفضيلة، فالأنظمة والميليشيات التي يواجهونها، تستمد قوتها من روح شيطانية لا تعرف حدّا وحدودا إلا باندثارها!

وحده الشعب السوري، حتى الآن، جسّد هذه المفاهيم النضالية المرتكزة على إيمان لا يتزعزع، إن لم يكن بالقيامة، فبيوم القيامة.

كل المفايهم الدينية، ولو اختلفت منابتها ومشاربها، ترفع ثوار سوريا عاليا!

في زمن استذكار القيامة، وفق الليتورجيا المسيحية، لا يغر المرء رئيس كنيسة أو إمام أو مفت أو شيخ عقل أو حاخام، فالقيامة حدث يفوق كل خائف على سلطة أو على رعية أو على منفعة.

في زمن استذكار القيامة، يثور المرء على كل هؤلاء، ويعبر بجسر روحه الى الحقيقة المطلقة، ليستمد منها النور وليستوحي منها الإنتصار!

في زمن استذكار القيامة، لا يُسمعنا الجلّادون روايات انتصاراتهم السيخفة، فالإنتصار يكون على مساميرهم وعلى مطرقاتهم وعلى جلّاديهم وعلى قبورهم!

في زمن استذكار القيامة، يُسحق بشار تحت أقدام أهل الرجاء.

في زمن استذكار القيامة، ترتجف أجهزته من بضعة نساء وأطفال.

في زمن استذكار القيامة، ينتصر الثائر، مهما اضطهدوه ونفوه وسجنوه وأخافوه!

في زمن استذكار القيامة، لا يحبطكم خائن، فغدا يشنق نفسه على تينة!

في زمن استذكار القيامة، لا يحبطكم متنكر، فغدا يمرمغ جبينه بالتراب ندما ويقود نفسه في نضال الى صليب آخر!