شهود الزور
وشهادة ...التاريخ الخميس, 21 يوليو 2011
إحتفت العدالة الدولية بتوقيف آخر "مجرم حرب" من قائمة طويلة،
أصدرت المحكمة الدولية الخاصة بيوغوسلافيا مذكرات توقيف غيابية بحق
المدرجين عليها، قبل سنوات طوال.
إلا أن سنوات التخفي والحماية والصفقات والإستقواء لم تبيّض صفحة
مجرم واحد، ولم تُلغ حقوق ضحية واحدة ، ولم تلوّن حقيقة من
الحقائق.
كان ذلك كلّه بديهيا، فالعدالة، بطبيعتها، تُصحح القواميس البشرية:
من يصنع مجده بالعنف والقتل لا يُدرك أنه يكتب تاريخه بقلم العار
وحبر الذل، فبطل الجماعة يصبح عبءا عليها ومنقذها يتحوّل الى
مشلكتها.
قد تحتاج قصة كل "بطل" من أبطال حروب يوغوسلافيا السابقة الى مئات
الصفحات لتروي "أمجاده " الغابرة. كل واحد منهم كان يجد مائة نواف
موسوي من أجل "تأليهه". كل واحد كان لديه مائة علي عمار ليقبل قدمه
و"يمرمغ" جبينه بنعله. كل واحد منهم كان لديه حسن نصرالله "يجلجل"
الأرض وهو يجزم باستحالة تسليمه ، ولو بعد ثلاثمائة سنة. كل واحد
منهم كان يسلك معابر الى سورية ما ، ويجد ملجأ في إيران ما. وكل
واحد منهم كانت لديه عشرات جوازات السفر بعشرات الأسماء.
لم يسلم الشهود ، يوما منهم. هذا قًتل، وهذا نفى نفسه، وهذا خاف،
وهذا تردد، وهذا تراجع.
لم يبق مطالب بمحاكمتهم إلا ونُكّل به. قالوا فيه الكثير عن التآمر
والكثير عن التزوير.
لم تبق دولة إلا ودخلت على الخط، من أجل إيجاد تسوية، و التوصل الى
صفقة، على قاعدة أن الإستقرار يتقدم على العدالة.
كل ذلك حصل... ولكن كل ذلك فشل.
المجرم بقي مجرما والمطارد بقي مطاردا.
كان الزمن،
لانه وجد
فيه من أصر على رفع راية العدالة، كفيلا بأن يلغي
ألقاب البطولة وبأن يخلخل مفاهيم الحماية وبأن يسقط أسوار الحماية.
ولأن حركة التاريخ تتفاعل مع القيم ولا تأبه بالجغرافيا، فإن لبنان
ليس إستثناء، في حال توافر شرط "التواطؤ" بين الزمن وبين المصرّين
على العدالة.
يمكن للرئيس نجيب ميقاتي أن "يتذاكى"، فيدعي تأييدا للمحكمة الخاصة
بلبنان ، ولكن جرى تجاوزه "ديموقراطيا" في مجلس الوزراء، حيث
الكلمة الفصل للأكثرية!
ويمكن لوزير العدل شكيب قرطباوي أن يجعل مما يسمى شهود زور ملفا،
ليسمح لـ"حزب الله" بفتح بازار داخلي بهدف إسقاط كل المؤيدين
للمحكمة الخاصة بلبنان.
ويمكن للآخرين أن يقاوموا نداء العدالة بالطريقة التي يجدونها
مناسبة.
كل ذلك ممكن، ولكنّه جهد سيلحق اللعنة بالقائمين به ولن يحمي من
قتل ومن أمر ومن حرض ومن خطط ومن تآمر!
عفوكم يا سادة، فجماعة المتهم باغتيال قادة وسياسيين، لا يملكون
شرعية صناعة الحكومات وتنصيب الوزراء، فحكوماتهم ألعوبة ووزراؤهم
أضحوكة... فالعصابة المنظمة قوية وحاضرة وخطرة ولكنها تبقى عصابة!
عفوكم يا سادة، فجماعة المتهم بتفجيرات واغتيالات، يمكنهم أن
يرعبوا وطنا وأن يخيفوا بشرا، ولكنهم يعجزون عن تنصيب قاض.
عفوكم يا سادة، فجماعة المتهم ، يملكون مؤهلات لتطبيق شريعة الغاب،
ولكن شريعتهم لا تصلح لإقامة العدل.
بالأمس القريب، جرّبوا من خلال النظام السوري حظهم. أصدروا مذكرات
توقيف وأصدروا قرارات اتهامية وشنوا حملات إعلامية وهددوا
بالأنتربول الدولي، فكانت المحصلة ، تعميم السخرية منهم والغضب
عليهم والعدالة على رقابهم! |