عاشت الأمة الآرامية بجميع طوائفها حرة أبية

فارس خشّان

 تعريف: فارس خشّان كاتب ومحلل سياسي لبناني

 


إسألي بيروت عن الطاعون يا دمشق

الخميس, 09 فبراير 2012

يذهب المدافعون عن نظام الرئيس السوري بشار الأسد، في سياق تقديم الأدلة على أن العاصمة السورية لا تعاني من أي خلل أمني، إلى حد التباهي، بأنهم يسهرون ، حتى الفجر في مطاعمها أو في مقاهيها أو في علب الليل المنتشرة فيها !

يعلنون ذلك وهم يبتسمون، فمطاعمهم وسهراتهم ولياليهم الصاخبة ، كافية باعتقادهم لتسجيل نقاط سجالية على من يحاورهم، ترويجا لاستمرارية نظام حكم !

عندما أستمع الى هؤلاء وأشاهدهم وأقرأهم، أصاب بالغثيان !

على فرض أن نار الثورة السورية لم تصل الى دمشق ، بطريقة يمكنها أن تعطل دورة الحياة الطبيعية فيها، فكيف يمكن لعاصمة على بلاد تحترق وتنزف وتدفن شبابها وشيبها وأطفالها ونساءها، أن تسهر وأن تطرب وأن يعربد فيها المعربدون؟

إلى أي طينة من البشر ينتمي هؤلاء الذين تنفتح شهيتهم ، وهم يرون أطفال ريف دمشق في العراء وشبابها في المدافن، ونساءها في الدموع وشيوخها في الخيبة؟

ضمن أي فئة من الكائنات يفترض تصنيف هؤلاء، وهم يقتلون الليل سهرا في المقاصف والملاهي، فيما حمص تُدك وترتكب فيها المجازر، وكذلك إدلب وحماة ودير الزور وغيرها وغيرها؟
ما هي الإنسانية بنظر هذه المجموعة ، التي إن بررت ما تقوم به بعدم اهتمامها بالثوار وقواعدهم الشعبية، فكيف تراها تبرره ، وهي التي تبكي في الإعلام والمنتديات ومراكز القرار 3 آلاف جندي قد قتلوا وذبحوا ؟

بالنسبة لهؤلاء، كل البشرية محلل موتها باستثناء بشار الأسد. بالنسبة اليهم، كل يوم يكون فيه بشار الأسد على قيد الحياة، هو يوم عادي، حتى لو وقعت كل الكوارث، وكل يوم يعيشه بشار الأسد في السلطة يكون يوم احتفال، حتى لو عمّت المآتم كل دار.

لم يسبق لعاصمة أن أوت مثيلا لهؤلاء.

العواصم تقف متهيبة الموت والدمار والصراخ والتفتيت.

العواصم لا تسمح لمخلوقات جلدها من جلد التماسيح أن تمسح عنها وجهها الإنساني وإطلالتها الوطنية !

مسكينة دمشق بحياتها الطبيعية. مسكينة دمشق بروادها !

قبل أن يستمع المرء لهؤلاء، تأخذه النظريات الى البعيد، فيتيه في نقاشات حول الطوائف وحول علميانية المجتمع، ولكنه حين يرى سهراتهم وبطونهم وأفواهم ، يدرك المأساة العميقة التي تخلقها الديكتاتوريات، فهي لا تكمن في أنها تسلب حقوق عبيدها، بل في أنها تقتل الإنسانية فيهم !

قبل أن يلتقي سمعك وبصرك بهؤلاء، لا تدرك كيف تولد الأصوليات، ولا كيف يصبح العنف وسيلة حياة!

بعد رؤيتهم وسماعهم ، تتضح كل الأمور.

بسببهم تصبح المطاعم وكر وحوش !

وبهم تصبح حياة الليل مرتع الرذائل!

ومعهم تصبح العلمانية غطاء ديكتاتورية !

عفوك دمشق...أنت ، بفعل هؤلاء، في بؤرة الخطر!

إطرديهم قبل أن يأذوك!

إنبذيهم قبل أن تُنبذي!

بأمثالهم تصاب المدن بالطاعون!

إسألي عنهم بيروت التي لم تعد أم الدنيا!

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها