مستنقع
التماسيح ونظام الأسد
الثلاثاء,
24 يناير 2012
كان الرئيس الشهيد رفيق
الحريري ، يردد "نكتة" تختصر الطريقة التي يتحكم بها النظام السوري ببلاده
وببلادنا أيضا!
تقول هذه " النكتة" إن الرؤساء بيل كلينتون وجاك شيراك وحافظ الأسد، وعلى
هامش قمة جمعتهم، ساروا،معا،على جسر يعلو مستنقعا ممتلئا بالتماسيح.
وهناك قرر الثلاثة أن يتباروا، في من هو الأكثر طاعة، فانتزع كلينتون ساعة
يده ورماها في النهر، ودعا كبير حرّاسه الى أن يرمي نفسه في النهر ويعيد له
الساعة، فرفض هذا الأخير قائلا لكلينتون :"عفوك ، سيدي ، فأنا مسؤول عن
عائلة، ولا يمكنك أن ترمي بي الى الموت". هزّ كلينتون رأسه متأسفا ورسم
ابتسامة على شفتيه.
بعد الأميركي حان دور الفرنسي، فانتزع شيراك ساعته، بدوره ، ورماها في
"مستنقع التماسيح"، وطلب من حارسه أن يعيد له الساعة، لكن هذا الأخير اتخذ
موقفا مماثلا لنظيره الأميركي وقال لشيراك:" عفوك سيدي ، أطلب مني ما شئت
إلا ذلك، فأنا متزوّج ولدي أولاد، ومن أجل عائلتي يجب أن تعفيني من
المهمة." هزّ شيراك رأسه موافقا ورسم ابتسامة على شفتيه.
بعد ذلك ، انتزع حافظ الأسد ساعته ورماها الى التماسيح، فما كان من كبير
حراسه إلا أن رمى نفسه، فنظر كل من كلينتون وشيراك الى الأسد ليستفسرا عن
سر هذه التضحية فأجابهما، وبسمة المنتشي بالتفوق ترتسم على شفتيه:" الرجل
لديه عائلة".
تكفي هذه " النكتة" المستعادة من شريط الذكريات، للإجابة عن سؤال يتكرر منذ
اندلاع الثورة في سورية:" لماذا الإنشقاقات عن النظام قليلة جدا؟".
ووفق المعلومات المتوافرة ، فإن غالبية المسؤولين السوريين وضباط الجيش
والدبلوماسيين وكبار الموظفين تعاني من " أسر" أسرها، وتاليا فهي تفضل أن
ترمي بنفسها في مستنقع التماسيح القاتلة على أن تتعرض عائلاتها للخطر.
وفي الوقائع ، تعرّضت عائلات معارضين سوريين للتنكيل، وعانى أهاليهم الأسر
والتعذيب، ووصلت الحال بالنظام الى أن يمد يده الى لبنان، حيث جرى، على
سبيل المثال لا الحصر، اختطاف شبلي العيسمي إنتقاما من ابنه الناشط في
الولايات المتحدة الأميركية ضد النظام السوري.
وتهديد السوريين بعائلاتهم، ليس الأسلوب الوحيد في تعاطي نظام الأسد مع
معارضيه، بل هو ابتدع طرقا لم يفكر بها، قبله، أي ديكتاتور على امتداد
الأزمنة الظلامية!
ويندرج في هذا السياق، تحويل مجموعة كبيرة من الأطباء الى قتلة، وقد سجّلت
التقارير أن جرحى أودعوا المستشفيات، جرى قتلهم، فبدل أن يجري لهم الأطباء
عمليات جراحية، فهم يذبحونهم حتى الموت.
وقد بدأ الثوار يفضلون إقامة مستشفيات ميدانية، في الخيم أوفي المنازل، من
أجل إسعاف جرحاهم، حتى ولو بالوسائل البدائية، على اعتبار أن نجاة هؤلاء في
ظل طب بدائي ممكنة، في حين أن خروجهم أحياء من المستشفيات التي يشرف عليها
النظام، مستحيل.
ولم ينجح أي نظام آخر في تحويل " أتباع أبوقراط" الذين أقسموا على معالجة
المرضى ، من دون إعارة أدنى اهتمام، الى اللون والعرق والعقيدة والسياسة،
الى قتلة محترفين.
ولا تختصر الظاهرة الأسدية عند هذا الحد، بل تتعدّاها الى ما لم يسجل أن
إسرائيل اقترفته، فالنظام السوري لا يكتفي بقتل المتظاهرين، بل هو يعمد
أيضا الى قتل من يتجرّأون ويشيّعونه.
فقط لدى نظام الأسد هناك جريمة تستحق الإعدام هي جريمة تشييع الشهداء!
وكم من التقارير أفادت عن مقتل أفراد من عائلة شهيد في أثناء تشييعه!
وبفعل هذه الظاهرة المتوحشة، أخرج سوريون قولا مأثورا، يحدّد الفرق بين
حافظ الأسد وابنه بشار. قال هؤلاء: حافظ كان يقتل القتيل ويمشي في جنازته.
بشار يقتل القتيل ويقتل من يسير في جنازته.
|