الثورة
السورية:" التورط" مصلحة لبنانية
الخميس,
29 ديسمبر 2011
في ملفات مديرية المخابرات في الجيش اللبناني، حقيقة خطرة جرى إخفاؤها،
لأنها تمس بالنظام السوري مباشرة!
الكومبيوتر الشخصي لشاكر العبسي، الذي تمكن من الفرار من مخيم نهر البارد،
يشير الى أنه كان ، قبل انتقاله الى زعيم "فتح الإسلام"، بتصرف شخصية سورية
موالية للنظام السوري، ولها صلات عملية مهمة مع شخصيات لبنانية موالية لهذا
النظام!
بطبيعة الحال، لم يطرح هذا الكومبيوتر في السوق ليشتريه العبسي، بل هو
انتقل من عميل الى آخر!
هذه الحقيقة موثقة، ويمكن سؤال مديرية المخابرات عنها وعن تفاصيلها الكثيرة
!
لن نستفيض في تقديم التفاصيل المتوافرة عن هذه المسألة، لأن الهدف من سرد
هذه الواقعة يتجاوز هذه التفاصيل، وهو يتمحور حول الإرهاب المنظم الذي
دأبت المخابرات السورية على تصديره الى لبنان، مباشرة من "مخازن الإرهاب"
التي تأخذ من الإسلام شعارا لها!
ومن يدقق بسلوكيات المخابرات السورية ، يدرك أنها توسلت الإرهاب، من أجل
تحقيق الأهداف السياسية التي يتوخاها النظام الذي أقامته في سورية. إرهاب
هو في خدمة السيطرة على لبنان، وهو في خدمة إقامة تعاون استراتيجي متين مع
المجتمع الدولي!
وفي
هذه الحقبة، يحاول النظام السوري أن يستفيد مجددا من راية الإرهاب، من أجل
أن يدافع عن وجوده واستمراريته، في وجه الثورة السورية التي تهدف الى
إسقاطه ومحاكمة رموزه، على ما اقترفوه من جرائم على مدى عقود من السيطرة
على البلاد والعباد.
وإذا
ما توافرت فرصة إنقاذ النظام السوري، مجددا، فهو لن يتوانى عن تعزيز
الإرهاب لتحقيق أهدافه في لبنان، وهي أهداف تتحقق عبر تفجيرات واغتيالات
وتمكين المجرمين من التحكم بكل مفاصل البلاد، ليكونوا أدوات فعّالة في
خدمته
!
وقد
دأب النظام السوري، منذ اندلاع الثورة ضده، على تحديد قائمة بأهداف محتملة
له في لبنان، فهو أعلن المجموعات القيادية والسياسية والروحية والمناطقية
التي يريد أن يطيح بها مع إطاحته بالثورة السورية
!
وبفعل
ذلك، فإن دعم المجموعة المستهدفة، للثورة السورية، لم يعد لأسباب فلسفية أو
طائفية أو عقائدية، بل أصبح لأسباب وجودية، مما يستلزم تطويرا لآليات
الدعم، على اعتبار أن تميكن الثورة السورية من الإنتصار، يشكل بذاته درع
دفاع وقائيا عن الذات وعن الجماعة
!
ووفق
معارضين سوريين ، ليس مطلوبا من اللبنانيين المعنيين إيجابا بهذه الثورة
الكثير، بل هم يطمحون الى رؤية بيئة حاضنة لبنانية، بحيث يجدون مأوى لهم ،
من جهة أولى، ودعما معنويا، من جهة ثانية ، ودعما ماليا متواضعا، من جهة
ثالثة
!
ووفق أوساط شعبية لبنانية، فإن المحفّزات موجودة ، وبقوة في لبنان، للقيام
بهذه المهمة على أكمل وجه، إن جرى توفير التغطية السياسية اللازمة للجماعات
اللبنانية المتعاطفة مع الثورة السورية ، بحيث لا يتركون فريسة للتشفي
والإنتقام والتأديب، بل يتحوّلون الى عناوين وطنية كبرى إن جرى المس بهم!
ووفق
محللين سياسيين، فإن إقدام القوى السياسية المناوئة للنظام السوري، على
توفير الغطاء المطلوب، لن يكلّفها في السياسة شيئا، ذلك أن المواقف
التأييدية المعلنة عقوبتها لدى النظام السوري مماثلة لعقوبة الأفعال، في
حين أنه في ميزان الثورة السورية، فإن الثمار المرجوة من الدعم اللفظي،
ليست كالثمار التي يمكن أن ينتجها الدعم الفعلي
!
والمسألة
لا تقتصر عند هذا الحد، بل هي تتخطاه الى حدود فرض معادلات جديدة في الداخل
اللبناني.
حتى
الساعة، يقدم "حزب الله" وسائر القوى المتحالفة مع النظام السوري، كل الدعم
الذي يطلبه بشار الأسد، فبالإضافة الى الدعم اللوجستي والبشري الذي تتحدث
عنه المعارضة السورية، فهو يبقي حكومة على قيد الحياة، وهو يضع برنامج
الإلهاء اللبناني، وهو يقدّر المفاهيم الخاصة بمعادلة النأي بلبنان.
ولكن
هذه المعادلة تتغيّر بسرعة إن انتقلت القوى المناهضة للأسد في لبنان من
القول الى الفعل، لأنه حينها ، تستطيع أن تفرض نفسها معادلة قائمة بذاتها،
فلا يعود"حزب الله" ينظر اليها نظرة القوي الى "الكلمجية" ، ولا نظرة
المسيطر الى المنظرين، بل يتحوّل الى التعاطي مع هؤلاء، كشركاء حقيقيين في
الوطن ،على اعتبار أنهم يملكون قوة معنوية تعينهم على مطابقة القول بالفعل،
كما يملكون شراكة استراتيجية، تخرجهم من الحصار الكبير الذي تعرضوا له، منذ
العام 2005 حتى اليوم.
على
أي حال، إن تزخيم عداء النظام السوري لمكوّنات لبنانية أساسية في ظل سلطة
متواطئة ومحرضة، لا يرد عليه بالإنكفاء،بل بالهجوم الى الأمام، لئلا ينتقل
كومبيوتر آخر الى شاكر عبسي آخر!
|