المراقبون
..مجرد "مزحة" عربية سمجة
الأربعاء,
21 ديسمبر 2011
يشوب
المهمة العربية في سورية خطأ تأسيسي، وما بُني على خطأ سينتهي ... خاطئا!
المراقبون،
في لغة القانون الدولي، هم جماعة منتدبة من أجل مراقبة وقف العمليات
العسكرية بين طرفين متحاربين، إلتزما بهدنة!
الواقع
السوري ليس كذلك، على الإطلاق، لأن هناك فئة واسعة من الشعب إنتفضت على
النظام الحاكم، فرد هذا النظام بأن توسل العنف المفرط لقمع الثورة
الشعبية، مما أنشأ انشقاقات في القوى العسكرية، ونتجت عن هذه الإنشقاقات
مواجهات قاتلة، إستقطبت أنصارا من هنا وهناك!
وهذا
يفيد بأن نظاما ارتكب مجازر بحق شعبه، مما جعله مسؤولا عن توليد العنف في
مجتمعه، لا يُرسل إليه مراقبون، إنما لجان تحقيق تتمتع بالخبرة والدراية
والوسائل العلمية المتقدمة، حتى إذا ثبت ما يروى عن جرائمه، أحيل على
المحاكم المختصة، وتعرّض لعقوبات تدريجية، تصل الى حد إستعمال القوة!
وفي
مطلق الأحوال، ماذا سيراقب هؤلاء ؟ مجازر سبق وحصلت؟ أم إعدامات سبق
ونُفذت؟ أم مدن سبق ودُمّرت؟ أم نساء سبق واستشهدت؟ أم أطفالا سبق
وشوّهوا؟ أم كرامات سبق وهُدرت؟ أم شيوخا سبق وقطعت رؤوسهم؟
إنها
تسمية، تعبّر فعلا، عن "مزحة" عربية ...سمجة!
ولكن،
إذا افترضنا أن جامعة الدول العربية، ومن أجل توفير شبه إجماع على قرارها،
إستبدلت عبارة "مراقبين" بـ"محققين"- والدليل على ذلك ما يتضمنه
البروتوكول من صلاحيات للمراقبين- فإن الموظفين العرب، بذاتهم، لا يصلحون
لهذه المهمة، لأنها تحتاج الى معايير لا تتوافر، موضوعيا، فيهم!
فـ"المراقبة
التحقيقية"، تحتاج الى مواصفات عالية، ومن بينها عمق الخبرة وصحة القياس
والحيادية!
فأين
هي هذه الخبرة التي تتوفر في المراقبين الذين يرسلون الى سورية؟ وأين سبق
لهؤلاء إن عملوا؟ وكيف يمكن أن يترأس الوفد شخص سوداني، ينتمي الى نظام
متهم ، حتى رأس الهرم فيه، باقتراف جرائم ضد الإنسانية؟
وأين
هي المعايير الراقية، في موظفين ينتمون الى أنظمة تبتدع ديموقراطيات على
قياسها، وقوانين عقوبات على قياسها، وسلّم قيم على قياسها؟
وأين
هي الحيادية، في موظفين ، يخضعون لتوجيهات حكومات مشكو منها، ويرتبطون
بجامعة دول عربية، بدأت المساومة، حتى في إطلاق التسميات ، وفي تحديد
المهمات؟
ولأن
الواقع هو كذلك، فإن النظام السوري لا يتردد، وهو ينتظر وصول هؤلاء
المراقبين، في أن يتوسل القوة المفرطة، من أجل تغيير الوقائع، الأمر الذي
أدى الى سقوط عشرات القتلى والى تدمير عشرات المدن والبلدات والى اعتقال
مئات الثوار!
وبناء
عليه، وفي ظل مهمة عربية بلا أي "هيبة"، فإن المسؤوليات الملقاة على عاتق
المعارضة السورية ، إن كانت صادقة في مطالبها وفي تطلعاتها، جسيمة وتاريخية!
إن
النوم على حرير المراقبين العرب هو الطريق المؤدية الى الجحيم، بعدما جرى
ترصيعها بالنيات الحسنة!
وإن
الإنكباب على تعداد الشهداء والبكاء عليهم، قبل تحقيق الأهداف المرجوة، لن
يكون سوى دفن للقضية التي استشهد هؤلاء من أجلها، ولعل هذا بالتحديد ما
يطمح اليه نظام الأسد، عندما قرر استباق وصول المراقبين العرب، بمجازر
موصوفة
!
وإن
المسارعة الى فتح مواضيع خلافية ذات أفق طائفية وفلسفية ونظامية، في هذه
المرحلة، هي عملية "غبية"، تشبه ذاك الإختلاف على جنس الملائكة، في بيزنطيا
المحاصرة!
ليس
أمام ثوار سورية، في الأيام القليلة المقبلة، سوى مهمة واحدة، وهي التصعيد
الثوري ،بافتراش الساحات والسير وراء صور الشهداء!
حينها
فقط يمكن للثورة السورية أن تستفيد من المراقبين العرب، لأنها ستريهم بأم
العين شعبا ينشد التغيير، في ظل نظام يدافع عن وجوده الأبدي.
هؤلاء
المراقبون لا ينفع معهم كشف المستور، إنما إبهارهم بما هو قائم وموجود!
|