حبذا لو أرَحنا المغارة ورشّحنا لبنان
الخميس, 03 نوفمبر 2011
قد يجد لبنان صعوبة في جعل مغارة جعيتا، واحدة من عجائب العالم،
لأن إقناع غير اللبنانيين بأن روعة المغارة الكسروانية هي من عجائب
الدنيا، أمر صعب بعض الشيء، لأن في كل دولة في العالم، تقريبا،
مغارة، والأميركيون يحدثونك عن عشرات "جعيتا" في ولاية فرجينيا.
ولكن صعوبة تتويج مغارة جعيتا، كان يمكن أن تنقلب الى مسألة سهلة
للغاية، لو تمّ ترشيح لبنان، ككيان، ليندرج ضمن عجائب العالم.
إقناع
غير اللبنانيين بالتصويت للبنان، من ضمن العجائب، سهل للغاية، إذ
يكفي أن تروي لهم قصة هذه الدولة، التي لم تجد، في حاضرها ما
تتباهى به، إلا الحروف الأبجدية التي روّجت لها في الماضي السحيق،
وسط عجز كبير عن استعمالها، بالطرق السليمة، في حاضرها المأزوم،
بفعل أرعن يعد نفسه زعيما، وتافه يعتبر نفسه ثورويا، وقاتل يعتبر
نفسه إلها، وسخيف يسوّق نفسه على أنه الأفهم، وقبيلة من السنافر
مجتمعة في الطبقة السياسية تلعب مع ساحر يأكل الوطن فيما يوحي
لسنافره بأنه يستهدفهم كأشخاص.
فعلا،
يمكن إقناع العالم أجمع بأن لبنان يستحق أن يكون ضمن عجائب العالم.
حسن
نصرالله، وحده يكفي، ليحقق لبنان انتصاره في هذا السباق الى لائحة
العجائب.
هذا
الرجل أقنع من يريد أن يقتنع بأن الملائكة نزلت الى الأرض لتحارب
معه، في العام 2006، وتحقق له انتصارا إلهيا، ولكنه عند البحث في
الإستراتيجية الدفاعية للدولة، يترك العناية الإلهية جانبا، ويسرق
المعادلة المسيحية التي تقوم على الثالوث المقدس، ليتحدث عن ثالوث
آخر، هدفه إبقاء السلاح في يد فئة واحدة من اللبنانيين.
هذا
الرجل أقنع من يريد أن يقتنع بأن فرادة لبنان بوجود حزب مثل حزبه
الأمني- المسلّح. وهذا الفرادة هي علامة من علامات القوة، وليس
عاملا من عوامل إنهاء الدولة وإنهاء السلطة وإنهاء الكيان وإنهاء
وحدة الشعب.
هذا
الرجل أقنع من يريد أن يقتنع بأن إيران دولة ديموقراطية في عالم
إسلامي مستبد، والولي الفقيه فيها الذي تتمركز كل السلطات في يده،
هو صانع التنوّع، والمعتقلات التي يموت فيها السجناء السياسيون هي
مصدر الحريات العامة.
هذا
الرجل الديني، الذي يفرض أنموذجا إيرانيا على الطائفة الشيعية،
يحدثك بلا كلل عن بغضه للطائفية.
والصفات
التي يتمتع بها نصرالله لدفع لبنان الى مصاف الدول العجائبية،
تستحق مجلدات.
ومع
نصرالله يمكن استدعاء نموذج العماد ميشال عون، لتقوية حظوظ كسب
لبنان لهذه المسابقة العالمية.
هذا
الرجل، في أي دولة تحترم نفسها في العالم، يجري عرضه على لجنة طبية
لقياس أهليته العقلية، فهو يستسهل اتهام الناس وشتمهم واختيار
الموبقات من الألفاظ ليميّز بها منابره، وينقلب على طروحاته 100
مرة في اليوم، ويبيع المناصب الوزارية والنيابية ليحقق من خلال من
يشتري الجاه أو جواز السفر الدبلوماسي، التغيير والإصلاح، ويرفع
الدعاوى على من ينشر وثائق تنال منه، في حين أنه يغرق البلاد في
الوثائق التي تنال من غيره. علماني هو ولكنه المدافع الأول عن حقوق
المسيحيين.
هذا
الرجل ، بكل موبقاته العقلية واللفظية والسلوكية، ينجح في أن يثبت
نفسه زعيما، وفي أن يجد له أتباعا.
نموذجان
كافيان لتأكيد تفوق لبنان على أي عجيبة من عجائب الدنيا.
ولكن
المسألة لا تتوقف هنا، بل تتعداها الى أمور كثيرة.
في
لبنان وحده، توجد ميليشيا تتهم الأحزاب السياسية المأكول حقها بقوة
السلاح، بأنها ميليشيا.
في
لبنان وحده، توجد منابر سياسية لرجال دين، لا يفقهون في السياسة
شيئا.
في
لبنان وحده، توجد حكومة قراراتها تتخذ خارجها.
في
لبنان وحده، تصنع فرقة ترتدي القمصان السود، أكثريات نيابية.
في
لبنان وحده، لا تصنع المؤسسة العسكرية استقلالا إنما رؤساء
للجمهورية.
في
لبنان وحده، تتحوّل القوى الأمنية الى وكيلة للمخابرات السورية.
في
لبنان وحده، يوجد رئيس حكومة يقول عنه بشار الأسد أنه من "أتباعه".
في
لبنان وحده، يُحدّد المتهم مصير المحكمة التي أُنشئت لمحاكمته.
في
لبنان وحده، تتحول الضحية الى مجرمة ويتحوّل الإرهابي الى مقاوم.
في
لبنان وحده، تدفع الخزينة مائة مليون دولار لتتمكن ميليشيا من
تمديد شبكة اتصالات خاصة بها.
في
لبنان وحده، لا قيمة لكلام رؤساء الجمهورية ومجلس النواب ومجلس
الوزراء، إنما لأمين عام حزب مرتبط قراره ومصيره وتمويله وسلاحه،
بدولة أخرى.
في
لبنان وحده، يعتبر تدمير البلد وتهجير شعب وتفقير مؤسسات واحتلال
أرض، إنتصارا.
في
لبنان وحده، محكمة عسكرية صلاحياتها أوسع من صلاحيات المحاكم
العدلية العادية.
في
لبنان وحده، كبار الفنانين يشحذون على أبواب الديكتاتوريات.
في
لبنان وحده، نخبة أثرت منتجعات التنحيف وأطباء التجميل والبصارين
والبرّاجين.
في
لبنان وحده، شعب ينتقل من انتخابات الى انتخابات بلا قدرة على
المحاسبة.
في
لبنان وحده، العاطلون عن العمل يقودون أفخم السيارات.
في
لبنان وحده، ينهزم المثقف وينتصر الأزعر.
بلد
بهذه المواصفات، يمكن أن يفوز، وبفارق كبير على منافسيه في مسابقات
عجائب الدنيا.
حبذا،
لو أَرحنا مغارة جعيتا من هذه المغامرة ورشّحنا لبنان! |