مسيحيو المشرق يتنفسون الحرية و
الموارنة يضعون القيود في ايديهم
18/11/2004
نعود و
نتذكر ما قاله سكرتير الخارجية الاميركية الراحل كورديل هال: ”إذا أردت أن
تلغي شعبًا تبدأ أولاً بشل ذاكرته، ثم تلغي كتبه و
ثقافته و
تاريخه، ثم يكتب له طرفاً آخر كتباً أخرى و
يعطيه ثقافة أخرى و
يخترع له تاريخًا آخر... عندها ينسى هذا الشعب من كان و
ماذا كان و
العالم ينساه أيضًا...“.
قصتنا تدور هذه المرة حول شعب عشق الله والحرية، قصة شعب
ذاع صيته في بقاع الارض كافة، انه الشعب الماروني و
نكتفي هنا بكلام للمستشرق النمساوي المونسنيور
مِسلِين عن هؤلاء: ”أين كُنّا نحنُ يومَ كان الموارنة يدافعون عن إيمانهم،
صادّينَ الغزوات عَن واديهم "قديشـا" وادي القديسين، و
جميع مغاوره لا تزال إلى اليوم، تَضُمُّ عظامَ شهدائهم أولئكَ في سبيل الدين
المسيحي...“.
اما الان و
هذا الشعب نفسه نراه في المرحلة الاخيرة من مسيرة الشعوب الواقعة تحت
الاحتلال و
المختصرة هذه المرحلة بقول هال: ”...عندها ينسى هذا الشعب من كان وماذا كان
والعالم ينساه أيضًا...“ نعم لقد نسوا من هم و
ماذا كانوا، و
بدأوا بكتابة تاريخ اخر لهم، فقالوا في البيان الختامي للمجمع البطريركي: ”إنّ
هويّة الموارنة هي كنسيّة و ليست قوميّة أو إتنيّة“ وايضًا ”وجود هذه الكنيسة
في العالم العربي“ و ”و اللغة العربيّة على هذه الأرض هي لغتهم“.
و
المؤسف في هذا كله، انه يحصل في هذا العصر بالذات، عصر اقل ما يقال عنه انه
عصر جديد، عصر انتشار الديمقراطية في منطقتنا و
لو بالقوة، عصر المراقبة والمحاسبة فلا شيء ”مارق“ بعد الان فدول العالم
المتحضر تراقب عن كثب، لقد ولّى عصر الابادات الجماعية و
تغيير المعالم، و
مثالاً على ذلك دارفور المنطقة السودانية التي حاولوا ابادة شعبها و
الاستيلاء عليها لما فيها من خيرات طبيعية فقام العالم و
وقف ضد ذلك و
لم يسكت، باستثناء جامعة الدول العربية التي وقفت و
كعادتها بالجانب الآخر عكس التيار و
المنطق، و
ماذا حصل لايران عندما حاولت انتاج اسلحة نووية؟ و
ما يحصل للبنان عندما تمادت سوريا في وضع يدها عليه لتسريع اجراءات ضمه، فكان
القرار الدولي 1559 و
الذي وضع النقاط على الحروف و
تضمن بنود تنفيذية، و
ما رضوخ ليبيا الجماهيرية الارهابية بامتياز الا الدليل الناصع للمصير الواعد
لبلدنا...،
و
ايضًا و
لاول مرة في التاريخ نرى العربان ينادون بالحرية و
الديمقراطية و
نراهم يعملون لهذه الاهداف، كما نراهم يتكلمون عن الآخر و
عن حقه بالعيش كما هو، فزمن
الشروط العمرية و
احكام اهل الذمة قد ذهب الى غير رجعة.
و
نعود الى البيان الختامي للمجمع البطريركي الماروني ”
تعلن كنيستنا عن تضامنها مع إخواننا المسلمين في هذا الشرق و مع الشعوب
العربيّة المظلومة في فلسطين و في العراق“ و كأن المسلمين فقط يحتاجون
للتضامن، و مسيحيي المشرق لم يعانوا الظلم والاضطهاد ابدًا و هم يعيشون اليوم
افضل ايامهم كأن ما يحصل لهم من اضطهاد و قتل و تهجير في العراق (و من قبل
العرب) لا يحتاج لتضامن، و الابادة التي يتعرضون لها في السودان، و المضايقات
التي تحصل بحقهم في سوريا، مصر ولبنان... هو افتراء و كذب، فتغيير الوقائع
خطيئة يجب الانتباه اليها، و القول بان الجلاد ضحية يؤدي تلقائيًا الى نتيجة
بأن الضحية جلاد او على الاقل كاذب و منافق، و تغطية الارهاب برداء المقاومة
يقضي على مصداقيتنا امام العالم، فهل نستطيع تحمل عواقب هذا التلطي و
التحوير؟
و نردد كلام الرب الذي يقول لنا ”فليكن كلامكم نعم نعم و لا لا“ مما
يعني بان التهرب و الخوف من الحقيقة و عدم تسمية الامور باسمائها خطيئة، اما
المطلوب و في هذا الوقت و من باب رد الجميل هو بعض التضامن والشعور مع اخوتنا
مسيحيي المشرق من سريان، كلدان، اشوريين، اقباط و ارمن فنحن ابناء كنيسة
واحدة ولم ننسى بعد التضحيات التي قدموها ذودًا عن وطننا و وطنهم لبنان
فكانوا معنا من سوريا و من العراق و من مصر و من بلدان اخرى فقدموا الغالي من
اجلنا، و ماذا ترانا نقدم لهم غير الخنوع و اللا مبالاة و خصوصًا بعد ان
بدأوا يتنفسون
الصعداء و
لاول مرة منذ قرون و
قرون، فنرى قضيتهم تطرح من على منابر العالم ويتكلمون بالحق ”وهذا ما
سيحررهم“.
واخيرًا نقول بانه يمكننا تكبيل ايدينا لكن
حذاري من تسليم اخوتنا. |