خيمة الوطن وبقرة الوطن
خيمة الوطن
الوارفة الظلال، ( يتلطى) في ظلها صبايا وشباب الوطن. يرفعون الأعلام
والشعارات البراقة، ويهتفون بحناجر تشق عنان السماء، عاش الوطن، عاشت
سوريا.
لوحة
سريالية تحتضنها بعض الساحات والمفارق في دمشق، ولا أعلم إذا كانت هذه
العدوى قد وصلت إلى بعض المحافظات الأخرى.
هذا الجيل
الشاب الضائع، على ماذا يعتصم؟ ومن اجل من يتظاهر، وما نتيجة ما يفعله؟ هل
يستطيع هؤلاء الشباب الاعتصام بسبب غلاء الأسعار الفاحش. من الأغذية إلى
مئات السلع التي ضرب سعرها إلى السماء الثالثة، وكل ذلك بسبب الدولار
الحقير، الذي أبى إلا أن يساهم في حصار سوريا وضربها من الأسفل إلى الأعلى.
هل يستطيع
هؤلاء الشباب الاعتصام بسبب سوء مستقبلهم المتوقع، وعدم تمكنهم من الالتحاق
بالجامعات العامة وشقيقتها الخاصة، واضطرارهم إلى اللجوء إلى مهن، هي في
الأساس تضج بأعداد مريديها.
هل يستطيع
هؤلاء الشباب أن يقولوا كفى. نريد أن نساهم معكم في قيادة البلد، لما
تحتكرون قيادتها منذ وقت طويل؟ ولما لا تتنازلوا حتى على منصب مختار حي؟
وما هي النتائج التي حصلتم عليها؟ والى أين أو صلتم الوطن؟ كلها أسئلة لا
يستطيع أحد أن يسألها. هل يستطيع هؤلاء الشباب الاعتصام احتجاجا على الحياة
الفارهة التي يعيشها أبناء المسئولين في الخارج؟ يتنعمون بأموال هؤلاء
الشباب؟ يدرسون في أرقى المدارس، و((يعتصمون)) في أرقى البارات؟
هل يستطيع
هؤلاء الشباب الاعتصام ، لأن لا منازل لديهم؟ ولأن لكل مسئول هناك عشرات
المنازل في الخارج والداخل.
ما دام الحديث
عن خيمة الوطن ، ماذا عن بقرة الوطن؟ هناك أمر غريب عجيب، يلفت النظر
والبصر وكل الحواس. لا بد لكل مسئول أو ابن مسئول من زيارة أمريكا وان طال
الزمن، والمتواضع منهم يزور كندا واستراليا، على أساس أن زيارة لندن وباريس
هي روتينية، وبالتالي يجب عدم حسابها.
أقول غريب
وعجيب، لأنني لا استطيع أن اتصور مقدار المعاشات التي يحصل عليها الوزير او
المدير العام خلال فترة
وجيزة،
تتيح له ولأبنائه فتح الحسابات المرقومة، والحصول على جنسيات دول تطلب مهر
مقدم يتجاوز الثلاثمائة ألف دولار، وقد يصل إلى المليون، والعريس المسئول
أو ابنه، يفديها بروح الشعب وبأموال المعتصمين في الخيمة، خيمة الوطن.
أيها
المعتصمون الكرام: اسمحوا لي أن أحدثكم من خيمة الوطن عن بقرة الوطن.
واقعيا يتحقق السعي إلى الحلب العادل لبقرة الوطن في أنه يسمح لأكبر عدد من
المعتصمين في الخيام الوطنية، بالوصول إليها وبالاستفادة من الخدمات
المطروحة من حلبها - من صحة وتعليم وسكن ووسائل اتصال. هل وصلتم إلى حقكم
من التعليم أو من الصحة أو من السكن أو من وسائل المواصلات والاتصالات?-
وبتوفير عمل لمن هم في سن العمل، وعدم تمييز فئة على حساب فئات، والحفاظ
على علاقة عادلة بين المرتبات والأسعار. هل تعملون أيها المعتصمون؟ هل أنتم
من الفئة المنعم عليها أم من الفئة التي يقولون لها نعيما، طبعا بعد أن
يحلقوا لها.هل مرتباتكم تكفيكم، حتى اليوم السابع الثامن من الشهر؟ وسعار
الأسعار؟؟؟
ويفيد
الحلب العادل لبقرة الوطن بالتالي التصدي لأشكال التمييز بين شرائح المجتمع
المختلفة, وتنمية المساواة بين أفراده, فلا يتنعم القليلون بالحليبات ويرزح
الكثيرون تحت وطأة الفقر.
ويعني أيضا
الحلب الصحيح لبقرة الوطن على مستوى الجماعات، أن لا تحددها إيديولوجية أو
نظرية بحتة, بل أن تؤخذ في الاعتبار حاجات الجماعات التي تكون معتصمة في
ألخيام, وتقدير حقوق الأشخاص والمجموعات الدينية والعرقية التي تساهم في
تكوين النسيج الاجتماعي، ولا تكون معتصمة في الخيام..
وبالتالي
فعلى الأشخاص والجماعات من خلال الأطر والنظم السياسية أن يشاركوا في تحديد
ماهية الحلب الصحيح لبقرة الوطن وأولويته تحديدا عادلا ومنصفا.
وهذا
يتطلب من الرعاة أن يضعوا نصب أعينهم الغاية التي من اجلها تولوا
مسؤولياتهم، إلا وهي خدمة حقوق الأفراد وخير جميع المواطنين، ويعني ذلك
احترامهم الدستور والقانون والسلطات التشريعية والقضائية، ولا تتحول
رعايتهم إلى خدمة مصالحهم الخاصة أو مصالح فئة بعينها على حساب سائر
الفئات.وإذا وعى الراعي الصالح دوره الأساسي داخل مجتمعه, فعليه أن يولي
اهتماما خاصا للشرائح الفقيرة والمحرومة والمهمشة لأي سبب كان.
صديقي مصطفى
دائم التحدث عن اعجابه بعنترة العبسي، وبالكلام الذي قيل له من أجل الدفاع
عن ((عبس)) : كر وانت حر يا عنترة!!!
وهؤلاء
الشباب الذين يكرون ، متى سيصبحون احرارا؟ |