الحمرونولوجيا والحرامولوجيا
دمشق 12-5-006
الحمرونولوجيا:
كما كنا نرى في الأفلام والمسلسلات ، أن المخبر السوري ، كان يثقب الصحيفة
، ويطل من (البخواش) الثقب، كما يطل الجرذ من البالوعة. ولكن بسبب انتشار
الكمبيوتر، وقلة قراء الصحف، أصبح الأمر مكشوفا ومفضوحا، فالصحف السورية،
لم تعد موجودة غير لدى باعة الشاورما والفلافل، أو لدى اللفايات، والدهانة.
وهنا وقع الأمن في مشكلة عويصة، فمن غير المعقول، أن يُحضروا معهم الى
الحديقة جهاز كمبيوتر ، ويقوخون يثقبه من أجل مراقبة الناس. وبما أننا من
الدول النايمة، والتي تتطور بسرعة السلحفاة، فقد استعاضوا عن مخبرين
البلاليع، بمخبرين الموتوسيكلات. ولن تتعب كثيرا أخي المواطن، فعندما ترى
اثنين من المخلوقات الترابية، يضعان نظارات سوداء، ويمتطيان حصان بخاري،
ويحملان دفترين، بالمقلوب، أي الفتحة للأسفل، وطبعا أقصد فتحة الكتاب، وليس
المخبر، فاعلم عندها أنك وقعت في شر أعمالك، وسارع الى الأعتراف، بكل ما
كنت تُفكر به بالأمس ، أنت وزوجتك وأولادك.
الحمرنولوجيا، وهي فئة من المخبرين، أو معلميهم، لا يُريدون، أن يبذلوا
جهدا كبيرا في المراقبة واللف والدوران، فيُقدمون على تجنيد أتباع لهم .
في المدينة التي أعمل فيها، يبدو أنه لم يبق شخص لا يُراقبني، من عمال
البلدية، الى طلاب المدارس، الى الفرق الحزبية ، الى المكاتب العقارية ،
وحتى أصحاب النوفوتية، والملابس الداخلية، بفرعيها النسائي والرجالي.
في الفرقة الحزبية قالوا لهم: انتبهوا هناك شخص ليبرالي في المدينة،
وباعتبار جميع الحضور من الذين لا شغلة ولا مشغلة، فقد سروا بهذا التكليف
السامي، كيف لا وقد أصبحوا مهمين، وانطلقوا كل بأسلوبه الجيمس بوندي ،
يُراقبون هذا الليبرالي، عميل أمريكا والإمبريالية والصهيونية.
أغلبهم جاؤوا الى المحلات والمكاتب المجاورة لمكان عملي، وطلبوا منهم أن
يراقبوني، ويُراقبوا خاصة من يدخل الى عندي مرتديا بدلة المارينز، ويقود
سيارة همر. أحدهم ظن الهمر نوع من الهمبرغر، لذلك سارع بالابلاغ عني، يوم
طلبت همبرغر .
الفتح بينهم، جاء الى المكتب العقاري المجاور، (رجل أمن سياسي) وقال له:
عليك أن تراقبه بشكل جيد، نحن نراقبه 24 ساعة باليوم ،ما عدا الساعات
الاضافية. وكل أجهزته مراقبة. الحقيقة لم أهتم بأي جهاز، لا بالهاتف ولا
بالخليوي ولا بالكمبيوتر. الذي أرعبني وأخافني ، هو مراقبة المحمول الخاص
بي. وكما تعلمون ، لم يبق لنا في هذا الوطن شيء نفتخر به سوى المحمول وحزب
البعث.
معلم صحية قال لي: لقد طلبوا مني في الحزب أن أراقبك. بربكم هل هذا حزب أو
مركز لتأهيل المعاقين نفسيا واجتماعيا.
ونسأل أنفسنا : هذا الكره والحقد والعنف، واللصوصية والحقارة والنجاسة. هل
هي من سمات الشعب السوري، أم هي من المنجزات؟
يسلك ما تبقى من هؤلاء الأوغاد الذين يُراقبوني اليوم (الطريق السهلة) .
لأن السبيل الى كل نجاسة ورزيلة أو عمل لا أخلاقي تتجه نزولا، وعبورها لا
يحتاج الى جهد كبير والإنحطاط الأخلاقي ليس أكثر من أن يهبط المرء بنفسه. و
بفضل التوجيهات السامية، على امتداد سلم الأنسانية، بدون أن يُدركا ذلك
وباتباع هذا المسلك ، يمكن أن يجد كل حقير نفسه وقد نكص الى مرحلة السير
على أربع ، مزودا بذيل (خليوي) و حوافر (دواسات الحصان البخاري) .
أرثي لكم يا أبناء وطني، وأرثي لهؤلاء الذين حولوكم الى أعداء وحيوانات،
وأرثي لهذا الوطن المبتلي بكم وبهم، يا بهم.
الحرامولوجيا:
جارة وزير قالت لزوجته: غريب لم نعد نراكم تسافرون خارج البلد، مع العلم
أنكم كنتم (ما تتكنسوا من باريس) غالبا خارج البلد.
آه ثم آه، تأوهت زوجة الوزير بحسرة، و قالت: نعم اشتقنا الى باريس و
الشنزليزية.. آه ابو فايز كان لا يحلو له السهر الا في الحي اللاتيني، هناك
حيث درس طه حسين، والطهطاوي والجرباوي.
ولكن يا جارتي ، منهم لله، هؤلاء الذين أدخلوا هذا الجهاز الجديد الى
البلد. وهنا ازداد فضول الجارة، وأرادت أن تعرف سر الجهاز، والذي كان سريا،
مثله مثل المطارات السرية في بلادنا، والتي يبعق معاون الباص عندما يصل
اليها: مطار سري مين نازل.
سأخبرك قصة هذا الجهاز وأرجو أن يبقى الأمر سرا بيننا. هذا الجهاز اسمه
(اوتو حرامولوجيا)، وهو يفحص دم كل مسؤول، وفي حال زادت النسبة (نسبة النهب
والسلب) عن العيار المُحدد يجري سحب جواز سفر المسؤول ومنعه من السفر،
واجباره على صرف سرقاته داخل الوطن، يعني على مبدأ (من دهنو سقيلو) . و تمت
معايرته بحدود المئة مليون ليرة، ولكن بسبب ارتفاع أسعار النفط،
وتطور طرق الشفط ، زاد اللغط، وتقرر رفع المعيار الى الخمسمائة مليون، وتم
الاتفاق على النسبة الجديدة بين الجميع، وظن البعض أنهم قد يكتبون أموالهم
بأسماء أولادهم أو زوجاتهم أو صديقاتهم. ولكن هذا الجهاز، و لأنه صناعة
أمريكية لئيمة، فهو يكشف كل قرش حرام حصل عليه المسؤول، منذ كان يبيع جبنة
ولبنة، أو يمارس العتالة في سوق الهال، حتى انتسابه الى الحزب، أو دخوله في
زمرة اللي ما بيتسموا.
قالت الجارة: وبعدين.
- لا قبلين ولا بعدين كما ترين، لقد تم سحب نصف مليون جواز سفر، وطالعين
على بلودان هالصيفية. |