الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

اقرأ المزيد...

 

 

بقلم الكولونيل شربل بركات

   تورونتو - كندا 


حلف الحرب وحزب الله

تورونتو في 23 كانون الثاني 2006

زيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد إلى دمشق سوف تكون إحدى محطات التاريخ الأساسية في مستقبل الشرق الأوسط، وسوف يحمّلها الكثير من المؤرخين، دون شك، نتائج التحولات الكبرى التي ستشهدها هذه المنطقة قريبا جدا. ويذكّرنا تظاهر الرئيس الإيراني، وتعنته "الطبيعي"، وقيام التحالف الذي يضم، بالإضافة إلى طهران ودمشق، مجموعة المنظمات الإرهابية في لبنان وسوريا وفلسطين، وعلى رأسها حزب الله وحماس وجماعة جبريل وغيرها من الفصائل الصغرى، بموقف سيد العرب، يومها، وأكبر الإستراتيجيين، الرئيس عبد الناصر الذي جر على العرب ومصر بالتأكيد، أكبر "نكسة" كانت تحلم بها إسرائيل (وهو اعتذر بعدها للشعب المصري)، فهو بادر يومها بإغلاق مضائق تيران وعزل إسرائيل في البحر الأحمر ومن ثم طرد قوات الأمم المتحدة من خط الحدود بين البلدين، كإشارة لسقوط الهدنة وإعلان الحرب. وما يقوم به نجاد اليوم لا يبعد كثيرا عما قام به عبد الناصر في 1967 وهو لم يكتف بمهاجمة إسرائيل الكلامية وتهديدها بالإزالة، ولكنه أيضا طلب عملياً من أوروبا أن تتحضر لاستقبال اليهود الذين سينزحون إليها بعد طردهم، ومن جهة أخرى راح يتحدى العالم بمشروعه النووي وكأنه أصبح يملك فعلاً سلاحاً نووياً يضعه بمصاف الدول القادرة على الحل والربط في قضايا العالم.

نجاد الذي يسعى لامتلاك القدرة النووية، يواجه العالم، خاصةً وأنه يهدد مراكز الطاقة ومصادرها في الخليج، وبينما تملك الولايات المتحدة أكبر عدد من الجيوش والعتاد في تلك المنطقة، بدأت فرنسا وغيرها من الدول النووية، خاصة الأوروبية منها، تستعد لحماية مصالحها ومواجهة أي اعتداء على أراضيها أو حقول النفط التي تغذيها.

فهل يخطط نجاد لضربة نووية تخاف منها فرنسا والعالم؟

وهل أصبح يتملك فعلاً سلاحاً نووياً؟

أم أن قدرته الصاروخية تطال أجزاء من أوروبا وتخيف البعض؟

لا نعلم حتى الآن، ولكننا نعرف بالتأكيد أن لإيران وسوريا وجماعات التخريب المتحالفة معهما خلايا إرهابية نائمة قادرة على القيام بضربات في قلب أوروبا بدون شك. فهل يكون حزب الله رأس الحربة في هذه الهجمات؟

وماذا ستكون ردة الفعل على اللبنانيين في أوروبا عندها، وبعضهم لا يزال يعتبر هذا الحزب "مقاومة" مشروعة لا بل يجاهر بالافتخار به؟

وهل تكون عملية مهاجمة اللبنانيين في أستراليا، والتي جرت على خلفية أقل بكثير مما نتخوف منه، مثالاً لما سيتعرض له اللبنانيون في دول العالم الحر ساعتئذن؟

لا شك بأن لإيران مشاريعها في المنطقة ولا شك أيضاً أن لنظام دمشق توجهاته وخططه، ولكن المنظمات والأحزاب التي انضوت تحت هذا الحلف، ومن ضمنها بكل أسف الرئيس بري، لن تكون إلا وسائل للتنفيذ، وهي قد دُربت بالفعل وجُهزت لمثل هذه الساعة، وما حزب الله إلا وحدة إيرانية متقدمة ترابط على المتوسط وتأتمر مباشرة بإيران يقودها طواقم الحرس الثوري وتمتلك فرق الصواريخ الموزعة هنا وهناك وأجهزة الرصد والمراقبة وخلايا التخريب وغيرها، ولها أيضاً جهاز إعلامي يهتم بالتوجيه، وكل هذه مُولت ودُربت وجُربت منذ وقت طويل وهي جاهزة لكل أمر.

 خطاب نصر الله الأخير يندرج في هذا السياق، وهو يريد التشديد على الوجه الداخلي للصراع ويحاول أن يخفي البعد الإقليمي بالإشارة إليه بتهكم، ولكن الأشهر القادمة تحمل دون شك توضيحاً لهذا الموقف، وما تغيير موقف السيد جنبلاط من حزب الله والتشديد على الابتعاد عنه بوضوح، إلا من قبيل تفهّمه لخطورة الأزمة التي تمر بها المنطقة، والتي لا بد ستفرض غالباً ومغلوباً. ولا بد لبقايا الإرهابيين، الذين أعطوا فرصة للتوبة والانضمام إلى الخط الوطني والتحول من حالة العمالة المؤقتة إلى حالة طبيعية يكون لهم فيها من الحقوق كغيرهم على أن يلتزموا حدود التساوي مع الآخرين ومعرفة الواجبات تجاه الشركاء في العملية السياسية وكيفية التواصل مع المجتمع الدولي واحترام قراراته، لا بد لهؤلاء من الخضوع لأحكام القانون الذي لن يغفر الجرائم التي ارتكبت بحق الإنسانية، ولن يسمح بأن يبقى هناك مدارس للحقد والتخلف، ولا مراكز لتحضير المتفجرات وقتل الأبرياء والقادة ووأد الكلمة الحرة.

كلام السيد نصر الله ولو تضمن نوعاً من المغالاة في تصوير صاحبه بأنه يملك القدرة على التحكّم بالأمور، إلا أنه يرشح رائحة التخوّف من المستقبل، وهو لا يملك على ما يبدو حرية القرار ولذا فهو يعود إلى لازمته القديمة في تصوير جماعته الإرهابية بأنها حررت الجنوب وأخرجت إسرائيل ليستدرج عطف اللبنانيين، وأن كل من كان بمواجهته هو مجرم يجب ملاحقته حتى في القبر، كما فعل يوم منع البطريرك الماروني من أن يرسل رقيما للتعزية باستشهاد العقيد عقل هاشم، وكأن له السلطان أن يمنع رجل دين من الصلاة على ميت كائناً من كان هذا الميت، فكيف إذاً ما كان شهيداً بطلاً، على الأقل بالنسبة لأبناء المنطقة الحدودية يومها.

لقد نسي السيد نصر الله بأنه وجماعته من قتل المدنيين في بيت ياحون وكفركلا وكفرتبنيت وكفرحونة وجزين، وهو يعتبر أبناء بيت ليف الذين قصفهم بالهواوين وأوقع 12 شهيداً منهم غالبيتهم من الأطفال والشيوخ من الإسرائيليين ربما. أو أنه تشجع من قول البعض بأن ليس كل الرعايا الأجانب الذين خطفهم قي بيروت كانوا أبرياء، فاعتقد بأنه أخذ شهادة حسن سلوك، وأنه لم يقم بجرم في عملية الخطف.

أو ننسى "تييري ويت" ممثل الكنيسة الأنغليكانية الذي كان يفاوض حزبه في موضوع الرهائن فخطفوه، أو الكولونيل هيغنز رئيس المراقبين الدوليين الذي خطفه حزب الله وقتله لأنه اجتمع بمسؤول أمل في صور، ولماذا خطف الدكتور كنعان وأين جثته؟

ولماذا ألقيت جثة مارون عتمه لتأكله الوحوش في وادي السلوقي؟

هل كل هؤلاء عملاء؟ أم أنهم مخربون؟

ومجزرة قانا هل هناك من تسائل حولها؟

صحيح أن القذيفة الإسرائيلية هي التي فجرت قوارير الغاز التي قضت على المواطنين المساكين المحتمين في مركز الأمم المتحدة، ولكن لماذا أصيب الجنديين الفيدجيين في اليوم الأول قبل الحادثة من رصاص عناصر حزب الله؟

ولماذا لم يصب أحد من الجنود في الانفجار المشؤوم؟

ولماذا أعطي الفيدجيون الأمر للنزول إلى الملاجئ؟

هل سأل أحد عن التفاصيل؟

وماذا تضمن تفاهم نيسان غير تحليل قتل الجنوبيين ومنع قتل الإسرائيليين؟

إن حزب الله هذا المتبجح بتحرير الجنوب حرره من أهله ليفرض سيطرته عليه عندما تخرج إسرائيل.

وحزب الله ينهب الدولة اللبنانية وهي تقع تحت الدين، بإجبارها على دفع ملايين الدولارات شهريا كمعاشات لعناصره، وقتلاه، وكل من سُجن من جماعته، وموظفيه في الدوائر ووزارات الدولة، الذين لا يعرفون حتى مكان عملهم، عدى عما يستولي عليه من عائدات المكالمات الخارجية والتي يعرف الجميع أنها تساوي مئات ملايين الدولارات، وهو يمنع شركة الكهرباء من استيفاء حقوقها من فواتير الكهرباء من جماعته في كل المناطق التي يحكمها، إن في الجنوب أو الضاحية أو البقاع، ثم يتكلم عن السرقات.

ليجيبنا السيد نصر الله عن صاحب الطائرة التي سقطت في البنين والذي هرّب من المستشفى في الضاحية الجنوبية وسُفّر إلى الخارج  كي لا يُحقق معه، وليقل لأهالي الضحايا لماذا قتل أبناءهم وماذا كان في الطائرة؟

حزب الله يوم ينتهي دوره قريباً جداً سيعرف اللبنانيون الكثير عن خفايا أعماله و"بطولاته" الفارغة، ولكنه قبل أن ينتهي سيحاول أن يجر لبنان إلى حرب جديدة وويلات لا نحب أن تستعاد، وعلى بعيدي النظر التنبه لما يقوم به، والتخلص من أسلحته قبل أن يزج بالبلاد في آتون الحرب التي يحضرها نجاد وبشّار والتي لن تكون نتائجها إلا زيادة في المآسي على لبنان وشعبه. فهل سيفيد التقرب من نصرالله بمنعه من الانسياق في رهان خاسر ومعركة غير متكافئة؟ أم أنه عبد مأمور لا يملك حق الاعتراض وأن ما كُتب قد كُتب، وسيشربها شعب لبنان مجددا كأساً مرة بسبب حماقة البعض وقصر نظر البعض الآخر؟  

 
المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها