الإسلامُ،
اسمٌ ومعنى!
www.annaqed.com
بسام درويش
يبذل المسؤولون عن الدعاية الإسلامية في هذه
الأيام جهوداً عظيمة لتقديم الإسلام للمجتمع الغربي بصورة تختلف عن صورته
الحقيقية، وذلك بإظهاره على أنه دين يرفض العنف ويدعو إلى السلام. ومن بين
الدعايات الجديدة التي أخذنا نسمعها مؤخراً بكثرة، تلك التي تقول بأن إحدى
الدلائل على دعوة الإسلام للسلام، هو اسمه المشتق من كلمة السلام!
ربما يمكن لدعاية كهذه أن تنطلي على الذين
لا يتكلمون العربية ولا يعرفون الكثير عن تعاليم الإسلام، ولكنها لا يمكن ولا
يجوز أن تنطلي على من يعرف اللغة العربية حتى ولو لم يكن متضلعاً في قواعدها.
إن "الإسلام" و "السلام" كلمتان متنافرتان
مختلفتان كل الاختلاف، سواء كان ذلك في الاسم أو في المضمون. ولنبدأ بادئ ذي
بدء في الحديث عن مصدر الاسم لننتقل فيما بعد إلى المضمون.
للبحث عن معنى كلمة من الكلمات في معاجم
اللغة العربية، لا بد من الرجوع بها إلى الفعل الأصلي الذي اشتُقَّت منه، والذي
يتكوَّن دائماً من ثلاثة حروف. هنا يجدر التنويه إلى أن هناك كلمات كثيرة تشتق
من أصل ثلاثي واحد، ولكن اشتقاقها من هذا الأصل الواحد لا يعني بالضرورة
اشتراكها في المعنى.
كلمة "إسلام"، التي تعني "الخضوع أو
الانقياد أو القبول بأمر من الأمور"، قد اشتقَّت من الأصل الثلاثي "سَـلَـمَ".
ومن هذا الأصل الثلاثي نفسه، اشتقَّت أيضاً كلمة "سلام"، والتي تعني عكس الحرب.
منه أيضاً، اشتقَّت كلمة "سَـلِمَ" التي تعني نجا وخلص، وكذلك كلمة "تسلَّمَ"،
التي تعني تناول أو قبض . وإنه لأمر يبعث إلى الابتسام أن نقول بأننا إذا عدنا
إلى معجم اللغة لوجدنا أن كلمة "سَـلمَ " والمستعملة كمصدر، تعني بحد ذاتها
"لَـدَغَ"، وأيضاً تعني "دبَـغَ". فيقال عن الأفعى مثلاً إذا لدغت أحداً من
الناس، أنها "سـلَـمتْهُ" ، أو يُقالُ أنَّ فلاناً من الناس قد "سَـلَمَ"
الجلدَ، أي دبَغهُ.
من هذا المنطلق يجوز التساؤل، أنه إذا جاز
لأصحاب الدعاية الإسلامية أن يربطوا كلمة الإسلام بالسلام لا لشيء إلا لاشتقاق
الكلمتين من مصدر واحد، فهل يعني ذلك أن هناك علاقة أيضاً بين الإسلام واللدغ
أو الدبغ؟
********
"أسـلِمْ تَسـلَمْ!"، عبارةٌ كان محمد (ومن
بعده قادة المسلمين) يذيل بها رسائله إلى زعماء القبائل أو الأمم المجاورة،
والتي كان يدعوهم فيها إلى الإيمان به كنبيٍّ، وإلى الخضوع لدولته الجديدة.
وبالرغم من أن الكلمتين في هذه العبارة المشهورة مشتقتان من فعل "سَـلمَ"
الثلاثي، فإن إحداهما لا تعني ما تعنيه الأخرى، كما أن كِلا الكلمتين لا
تتضمنان أي معنى للسلام، إذ أن معنى العبارة هو: اخضع لكي تنجو، أو بتعبير آخر:
"إما الإسلام أو الموت!.." فأين هو السلام لغةً ومعنىً في هذه العبارة التي
تتضمن تهديد الذين لا يقبلون بالخضوع لدين الإسلام؟
**********
أما من ناحية المضمون، ففي القرآن وكتب
الأحاديث والسيرة النبوية، شواهد كثيرة تؤكد على أن الإسلام ليس دين سلام على
الإطلاق بل دينٌ يدعو إلى العنف ويعتمد العنف مبدأ أساسياً من مبادئه. فلولا
سياسة العنف التي اتبعها لما كان قد وُجد أساساً أو لما بقي حتى يومنا هذا؛
وحروب الردة التي بدأت بعد موت محمد فوراً، ربما تكون أفضل الأمثلة التي يمكن
لنا أن نستشهد بها. فقد اعتقدت القبائل التي أُجبرت على دخول الإسلام أن الخطر
قد زال بموت محمد، فأخذت الواحدة بعد الأخرى، تعلن عن رفضها للدين الجديد،
وكذلك عن رفضها لدفع الضرائب التي كان النبي قد فرضها عليها؛ فكانَ أنْ أمر
الخليفة الأول أبو بكر جيوشه بقتال المرتدين، فنشبت معارك ضارية انتهت بهزيمة
القبائل المرتدة وعودتها للخضوع إلى حكم الإسلام. من الضروري هنا أن نشير إلى
أن تلك الحروب لم تكن بأمر من الخليفة الأول فقط، بل كانت أمراً إلهياً "نزل"
بصورة وحي على "رسوله" محمد!.. فالقرآن ينص بصراحة على أن جزاء المرتد عن دين
الإسلام هو القتل: "فإن تولَّوا (أي أعرَضوا وابتعدوا عن الإسلام) فخذوهم
واقتلوهم حيث وجدتموهم ولا تتخذوا منهم ولياً ولا نصيراً." (سورة النساء 4
: 89 ) وفي حديث لمحمد رواه البخاري قال: "من بدَّل دينه فاقتلوه."
القرآن لم يأمر بقتال الذين يعودون عن
الإيمان بدين الإسلام فقط، بل أمر أيضاً بقتال كل الشعوب الأخرى وإجبارها على
الاختيار بين الإيمان به، أو الموت، أو دفع الجزية مع شرط الخضوع لأنظمته: "قاتلوا
الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرِّمون ما حرَّم الله
ورسوله ولا يدينون دين الحق {أي دين الإسلام} من الذين أوتوا الكتاب {أي
المسيحيين واليهود} حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون {أي أذلاء منقـادون
لحكم الإسلام.} (سورة التوبة 9: 29 ) وفي السورة المذكورة نفسها، يقول القرآن:
".. فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعـدوا لهم كل
مرصدٍ .." (التوبة 9 : 5 )
أفبعد كل هذا ، هل يمكن لحكاية علاقة
الإسلام بالسلام أن يتقبلها عقل من العقول؟
|