الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

رسمٌ لا يعكس الحقيقة

 www.annaqed.com

بقلم بسام درويش
1/31/2006

المشاكل التي يعاني منها المجتمع العربي والإسلامي لا تُعدّ ولا تُحصى: فقر.. أمراض.. جهل.. ظلم سياسي.. ظلم اجتماعي.. تفشي الرشوة.. نفاق اجتماعي وسياسي.. وأخرى كثيرة!

هذه المشاكل، مع تقادم الزمن عليها، أصبحت أموراً طبيعية لهذا الشعب، يتقبلها مع قناعة كاملة بأنه ليس هناك ما يمكن القيام به للخلاص منها. تسأل الواحد منهم عنها فيجيبك فوراً بتقبّل خانع: إنه الفالج فلا تعالج.. ماذا يمكننا أن نفعل!.. هذا قدرنا المكتوب علينا!.. الله هو المعين.. الله كبير.. وهلمّ جراً!

هل يعقل أن تكون الجماهير العربية والإسلامية مصابة بمرض جماعي اسمه العجز عن التحرك للمطالبة بأي شيء؟..

أليس غريباً أن لا نسمع عن تحرك شعبي عارم أو مظاهرات تخرج إلى الشوارع تطالب بحل لهذه المشاكل القاتلة؟

لم نسمع عن مسلحين يحتلون مركزا حكوميا أو مؤسسة للمطالبة بتغيير هذه الأوضاع. ولم نسمع عن مسلحين أو غير مسلحين يعتصمون في سفارة دولة أجنبية أو مكتب إغاثة دولي، للمطالبة بالتدخل للمساعدة في تغيير هذه الأوضاع.

لكنّ نشر رسمٍ كاريكاتوري في صحيفة من الصحف، "يسيء" إلى محمد، يفعل في هذا الشعب ما يفعله "دحش" كيلو من الفليفلة الحارّة في مؤخرة ثور مريض نائم. إنها تجعله ينسى مرضه ويستيقظ من سباته العميق ليأخذ في الركض المسعور في كل الاتجاهات، يضرب بقرنيه كل ما يراه وما لا يراه. 

المشكلة الأكبر، تكمن في كون هذا الشعب لم يدرك حتى الآن، أنّ كل مصائبه وفقره وجهله وأمراضه الجسدية والاجتماعية والسياسية تعود إلى ذاك الرجل الذي مات وشبع موتاً منذ أربعة عشر قرنا، غير عارفٍ بما خلّف وراءه من أذىً لهذه الإنسانية.

الرسم موضوع حديثنا هو ذاك الذي نشرته صحيفة دانمركية لهاوٍ مبتدئ في هذا الفن، يصوّر فيه رأس محمد تخرج منه فتيلة قنبلة.

هل في هذا الرسم ما يسيء حقاً إلى محمد؟.. إنه في الحقيقة لم يُعطِهِ حقّه!

يبدو واضحاً أن هذا الفنان ليس مبتدئاً فقط في الرسم، إنما أيضا في معلوماته عن الإسلام.

لم يعرف عنه سوى أنه إرهابي، فتخيله واحدا من هؤلاء الانتحاريين الذين يفجرون أنفسهم في المطاعم والمدارس وحافلات النقل، فاعتقد أن فتيل قنبلة على رأسه يفيه حقه. لو اطّلع على سيرته "النبوية" "الشريفة" لربما كان قد أعانه ذلك في إبداعه.

لننظر إلى علم المملكة السعودية. الرمز الوحيد الذي يتضمنه هو السيف تعلوه عبارة "لا إله إلا الله محمد رسول الله". فأي إهانة ستكون لو صوّر هذا الفنان محمداً وهو يحمل السيف الذي طالما قطع به رؤوس أبرياء؟.. وبما أن السيف لم يعد سلاحاً يُستعمل اليوم، فما هو الغلط في جعله يحمل قنبلة سواء كان ذلك على رأسه أو بيديه؟.. أعتقد لو كان هناك قنابل نووية بحوزة محمد في زمنه لكان قد أباد العالم بها. الفوهرر أحمدي نجاد لن يكون أقل خطرا منه.

لو عرف هذا الفنان أكثر مما عرف عن محمد لكان قد جعله بالإضافة إلى ذلك يحمل خنجرا بيده موجها على صدر امرأة ترضع أطفالها كما فعل تماماً بعصماء بنت مروان. ولكان أيضا وضع في يده مشعلاً يحرق فيه الشجر كما فعل حين أمر بحرق نخيل بني النضير. ولكان أيضاً صوّر ذكراً بشكل أفعى بطول عشرة أمتار يخرج من أسفل بطنه ويلاحق الصغيرات من ذوات التسع سنوات.. أفلم تصفه كتب المسلمين بأنه قد كان له قوة في الجماع تعادل أربعين أو مائة رجلاً، وألم يتزوج أيضا عائشة ذات التسع سنوات؟..

لو عرف هذا الفنان أكثر مما عرف عن محمد لانتهى بكتاب كبير فيه آلاف الصور المشابهة عنه.            

*************

منذ أن نشرت صحيفة دانمركية الرسم الكاريكاتوري موضوع حديثنا، واحتجاجات المسلمين تتصاعد يوما بعد يوم.

الحكومة السعودية استدعت سفير الدانمرك مطالبة بالاعتذار. بعدها كرّت حبّات المسبحة.. أصبحت كل دولة تستدعي السفير الدانمركي لديها لمطالبته بالاعتذار، بينما ذهبت بعض الدول حدّ سحب سفرائها من الدانمرك.

وكحكومةِ دولةٍ متحضرة، وأيضاً بالطبع، كحكومةِ "أناس أصحاب عقولٍ كبيرة"، تعاملت الدانمرك مع "أصحاب هذه العقول الصغيرة" بتروٍّ ومسايرة، معبّرة عن أسفها لهذا الحادث الذي لا يجب أن يعكّر صفو العلاقات بين الدول والشعوب. لا بل قامت إدارة الجريدة نفسها بتقديم اعتذارها لكون هذا الرسم الكاريكاتوري قد أساء للمسلمين مؤكدة مع ذلك أن نشر صور كهذه ليس فيه اية مخالفة للقوانين الصحفية في الدانمارك.

لكن الحكومات العربية والإسلامية، اعتقدت أن هذا الاعتذار الدبلوماسي دليل خنوع وخوف، وأن اعتذار الجريدة ليس بكافٍ، فراحت تطالب أيضاً بمعاقبة الجريدة والفنان صاحب الرسم.

ردّت حكومة الدانمرك على هذه الطلبات بأسلوب لبق، محاولة إفهام هذه الدول أن الأمور في الدانمرك وبقية العالم المتحضر لا تجري كما في الدول المتخلفة؛ وبعبارة أخرى، إنّ حرية التعبير في الغرب هي أعظم قداسة من أية "مقدسات دينية" وأنّ لا أحد يُعاقب على كلمة يقولها أو صورة ينشرها.           

جواب الدانمرك لم يُرضِ خاطر أصحاب هذه العقول الصغيرة، والتي لعظيمِ صِغَرها، تحولت إلى المطالبة بمقاطعة المنتجات الدانمركية، فأخذت المحلات التجارية تفرّغ محتويات رفوفها من الأجبان والزبدة واللحوم الدانمركية لتضع مكانها لافتات تقول: " بسبب التهكم على رسول الله.. أوقفنا بيع المنتوجات الدانمركية!!.." ولا زلنا بانتظار أن تقوم المستشفيات بتفريغ غرف العمليات من الأجهزة الطبية أو الأدوية أو ادوات التعقيم التي جاء قسم كبير منها من الدانمرك. وذلك على مبدأ المثل القائل "نكاية بالطهارة شخّ بلباسه!.."

والأطرف من ذلك، طلع هناك من ينادي المسلمين بمقاطعة كل من يتعامل مع الدانمرك بأي شكل من الأشكال، كما في بيان بعثت لي به "حركة الشبيبة المغربية" جاء فيه: "إننا ندعو الكافة إلى الوقوف وقفة عز في مواجهة هذه الحملة الصليبية السافرة، بمقاطعة التعامل مع كل ما تستفيد منه الدنمرك أو يجلب لها نفعا، تجارة وبضاعة وتبادلا دبلوماسيا وثقافيا واقتصاديا واجتماعيا!!!..." وبعبارة أخرى يريد المسلمون الآن أن يقاطعوا العالم كله إذا لم يقاطع معهم الدانمرك!.

يا حرام!..

*************

لماذا يتوقع المسلمون أن يعامل الغرب شخصية محمد معاملة خاصة بمعزل عن كل الشخصيات الدينية التي يقدّسها أتباع الديانات الأخرى؟..

لا غرابة في عدم فهم المسلمين لقيمة الحرية في العالم الغربي، فالإسلام والحرية عدوان لدودان وأمران متناقضان لا يجتمعان أبداً. كلمة "حرية" في المجتمع الإسلامي كلمة زائفة لأنها إن لم تتفق مع تعاليم الإسلام فلا أجنحة لها.

الحرية في العالم الغربي مشروطة بشرط واحد لا غير: أن لا تتعارض مع حريات وحق الاخر. 

شخصية المسيح تتعرض دائما للسخرية أو الانتقاد في العالم الغربي. هناك من يعترض، وهناك من يغضب، "وما زاد عن ذلك فهو من الشرير!!". وبعبارة أخرى: تجاوز حدود الاعتراض والغضب إلى التهديد بمنع الاخر من مزاولة حقه في التعبير يصبح جريمة يعاقب عليها القانون.

 

من هو محمد بالمقارنة مع المسيح الذي يقدّسه أيضاً ما يزيد عن البليون من البشر؟

من هو بالمقارنة مع البوذا الذي يقدّسه ما يزيد عن السبعمئة مليون من البشر؟

 

من منظار غير ديني، كان المسيح معلماً فقيراً طيباً مسالماً، أدّت به تعاليمه المخالفة للمفاهيم السائدة في بيئته آنذاك إلى فقده لحياته ولم يتجاوز المسكين الثالثة والثلاثين من عمره. لم يؤذِ خلال حياته أحدا ولا أمر بقتل أحد، ولا علّم على كراهية أحد. على العكس تماماً اعتقد أنه يؤسس مدرسة فكرية مثالية تُصلِحُ أحوال البشر وتقرّب بينهم وتزرع المحبة والإلفة في قلوبهم.

والبوذا كان شاباً من عائلة غنية ملكية، اعتزل عائلته وابتعد عن الناس ليتأمل في حال الإنسان والعالم كله. نذر حياته للفقر وقضى عمره يعظ الناس بأخلاقيات ومبادئ لا تختلف عما علّم به المسيح.

 

فمن هو محمد بالمقارنة مع هذين الاثنين.

لقد كان محمد على العكس من الاثنين، إنساناً محارباً مقاتلاً لم يتورّع عن استخدام، ليس الخدع الحربية فقط، إنما الغدر بكل ما للكلمة من معنى، والاغتيالات، وأعمال التعذيب، والحرق والسلب والنهب، والسبي (وهذه الأخيرة يستعملها المسلمون ككلمة ملطّفة عوضاً عن "الاغتصاب".)

لماذا يتوقّع المسلمون أن يفرد الغربيون مكانة خاصة لمجرم كهذا أفضل من مكانة ذانك الاثنين؟

*************

الأوباش الطالبان المسلمون في أفغانستان حطّموا تماثيل البوذا عامدين متعمدين، مُصِمّين آذانهم عن توسلات العالم أجمع للحفاظ على آثار دينية تاريخية عظيمة كتلك الآثار.

المسلمون في الضفّة الغربية بوّلوا وروّثوا في كنيسة بيت لحم، وتركوا على مذبحها قاذوراتهم بعد أن استخدموها ملجأ لهم هاربين من القوات الإسرائيلية. 

كنائس المسيحيين ومعابد اليهود تُحرَقُ وتُدَنَّسُ أو تهاجم كل يوم.

القاذورات تخرج من أفواه أئمة الجوامع والإهانات التي تلحق بالمسيحيين واليهود وكل بني البشر..       

القرآن نفسه يحوي ما هبّ ودبّ من الإهانات لكل أمم العالم وأديانها.

السعودية تعاقب الزائر إذا كان يحمل في جيبه كتابه المقدس أو إذا تدلّى من عنقه صليب أو نجمة داود.

لماذا يتوقّع المسلمون أن يعاملهم بما لا يعاملون العالم به من احترام.

 

هذه أمة لا تستحق الاحترام إنما الرثاء. وبصراحة.. حتى الرثاء أصبح كثيراً عليها!

تصوروا كل دولة من دول العالم المتحضر تستدعي سفراء الدول العربية والإسلامية، كل مرة يقف فيها شيخ في جامعٍ، ليصف اليهود والمسيحيين بأنهم أحفاد قردة وخنازير. لو جرى ذلك حقاً لقضى العالم الحرّ كل وقته يستدعي سفيرا ويودّع آخرَ. لا بل لو تفرّغ الناس في الغرب للقيام بذلك، لما توفّر لهم الوقت لانتاج ما يكفي من الأدوية والأغذية ووسائل التكنولوجيا ليمنّ بها على العالم الإسلامي.

***********

هل ستتوقف هذه الرسوم أو المقالات عند هذه الجريدة الدانمركية أو هذا الرسام المبتدئ؟

متى يعي المسلمون أنه بالكيل الذين يكيلون به يُكالُ لهم!!

متى يعي المسلمون أن أعمالهم هي التي تجرّ عليهم هذا العواقب؟

 

قبل الحادي عشر من أيلول، كانت غالبية الناس في الغرب لا تفقه الكثير عن الإسلام أو "نبي" الإسلام. وبعد ذلك اليوم، بدأ الناس يتساءلون عن هذا الدين وهذا "النبي".

كان خطأ المسلمين بعد الحادي عشر من أيلول أعظم من ذلك الحدث نفسه. لقد أوهمهم زعماؤهم الدينيون أن الناس في الغرب أخذوا بعد الحدث "يقبلون على تعلّم الدين الحنيف" ويعتنقونه "أفواجاً"!..

كان الأجدر بهؤلاء الزعماء أن يدعوا المسلمين إلى ممارسة جلد الذات في المساجد والشوارع وأسطحة المنازل. كان الأجدر بهم أن يبدأوا بإعادة تقييم المفاهيم الدينية البالية التي أنتجت بن لادن والظواهيري.

لكن على العكس من ذلك تماماً. شرّعت مصانع الفقه أبوابها لكل المعاقين فكرياً من المسلمين، وقدّمت لهم المنح، ـ وربما ستضاعف قريباً من عدد الحوريات الجوائز ـ فازداد بذلك الانتاج القومي الإسلامي من الإرهاب والإرهابيين.

*************

أمةٌ كهذه، تنام وتستيقظ وهي تردد، "إذا الشعب يوماً أراد الحياة ـ فلا بدّ أن يستجيب القدر!"، هي أمة ميتة، وستبقى ميتة طالما ربطت حياتها بالقدر!

أمة لا تعرف كيف تمدّ يدها وتفتح صدرها لتعيش مع غيرها من أمم العالم بسلام، هي أمة لا تعرف معنى الحياة ولن تعرفَه.

أمة كهذه لا تستحق حتى الرثاء!

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها