الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

لماذا هذا التهريج؟

www.annaqed.com

د. جان أحمرانيان، 29 يوليو 2004

الفيلم المصري "أحب السيما" تهريج! فيلم ساقط، يخلو من أي قيمة إبداعية وفنية وأخلاقية. نعم، إنه تهريج دخل على "الرقابة على المصنفات الفنية المصرية" وخرج منها بلا رقابة، بلا تصنيف، بلا فن، ضارباً عرض الحائط بالقيم المصرية.

المعاناة مستمرة

فوائد هذا الفيلم التهريجي ـ إذا كانت له أية فائدة ـ إنه يمثل عائلة قبطية، أكرر قبطية، جمعت ضمن أعضائها كل سيئات المجتمع المصري: التعصب الديني، الجهل، المخدرات، الخيانة، الإباحية.

ليست هذه المرة الأولى التي يتعرض فيها الأقباط لهذا النوع الجديد من الاضطهاد. نعم، إنه اضطهاد بكل معنى الكلمة، وكل من يدّعي أن بلده ودينه متسامح ليشاهد هذا الفيلم المجيد الذي أصبح وصمة عار على جبين مصر. ليست أول مرة، والشعب القبطي يعاني الكثير من هذه الاضطهادات بالرغم من رحابة صدر باباوات الكنيسة القبطية، وصدر الشعب القبطي المخلص لمصر ولفرعونيته. لن أسرد وقائع تاريخ الاضطهاد ضد الأقباط في مصر، فلقد أحتاج إلى حبر لا يكفي وإلى ديباجة لا تنتهي. سأكتفي بتسمية وقائع مؤسفة حصلت في آخر 30 سنة: أحداث الزاوية الحمراء، والخانكا، وشبرا، والمنيا، واسيوط، والصعيد، وحرق كنيسة قصر الريحان، واعتقالات رجال الدين، وإحراق المتاجر والممتلكات القبطية، والتعرض إلى كنائسهم، وإجبار الفتيات على تبديل دينهم.

القبطي المصري مواطن من الدرجة الثانية والثالثة، مهما صرحت الدوائر الحكومية، ومهما أفتى المشايخ فيها. انا أعتبر اليوم كل ما رأيته وعايشته من لقاءات وندوات حوار، تعانق وتبويس.. كلها نفاق. فالقبطي ذمي شئنا أم أبينا، أردنا أم لم نرد. هذا ما كان في الماضي وهذا ما هو عليه اليوم.

تراعي "الرقابة على المصنفات الفنية المصرية" أحاسيس وقيم الشعب المصري، فتحذف أي مشهد خلاعي أو أي حدث يسيء إلى الإسلام، وخير ما تفعل. فلا ينزل فيلم إلى الأسواق دون موافقة الأزهر وبركة الشيخ طنطاوي، وهذا إجراء حميد. ولكن، عندما يتطرق أي فيلم إلى موضوع مسيحي، قبطي، فلماذا لا تستشير هذه "الرقابة الأخلاقية" السلطات الدينية القبطية؟

ماذا تريد السلطات المصرية من هذا الفيلم؟ ألا يوجد في هذه السلطة شخص يعرف تاريخ الأقباط والخدمات التي قدموها لمصر؟ ألم نجد في طول وعرض مصر شخصاً واعياً يقدّر الظروف الصعبة خصوصاً في مثل هذه الأيام وكل عمل عربي وإسلامي مراقب تحت الميكروسكوب؟ ألا يوجد شيخ وقور، أو داعية له تأثير أو موظف رحب الصدر، واسع الآفاق يقف ويقول: الإساءة إلى سمعة وشرف القبطي هي إساءة للشعب المصري بكل فئاته؟

بعد أن نزل هذا الفيلم البغيض إلى صالات العرض في مصر، اجتمعت نخبة من الشباب القبطي في كنيسة المرقصية بالعباسية احتجاجاً على هذا النوع الجديد من التحريض والاضطهاد. في هذه الكلمة أنا لا أحرض أي شخص على العصيان المدني. لا يهمني موقف البابا ولا موقف الكنيسة في مصر وحتى لم تعد تهمنا المساعي "الحميدة" لتهدئة الموقف، فكل شيء بعد الحادي عشر من سبتمبر أصبح على المكشوف. أيّ أسلوب قمعي واستفزازي واضطهادي سيكون له ردة فعل عالمية.

على السلطات المصرية، وعلى رأسها الرئيس حسني مبارك الذي نقدّر له خطوته عندما أعلن عيد الميلاد عيداً قومياً رسمياً، أن يقاضي وزير الإعلام، ويعاقب المسؤولين على "رقابة المصنفات الفنية" ويطلب من الشركة التي روجت هذا الفيلم إلى الأسواق أن توقف عرضه. فالقبطي المصري ينتظر من أصحاب الأمر والقرار في مصر أن يعيدوا سمعته وشرفه.

لو كان هذا الفيلم صور وقائع الحياة المصرية وأظهر سيئات المجتمع المصري، لكنا حاربناه، فماذا تريدون منا أن نفعل عندما ينفرد هذا الفيلم بتصوير وقائع عن المجتمع القبطي المخلص لدينه وقوميته وقيمه؟

لماذا لا يصورون حياة المجتمع المصري بهذه الصور القبيحة؟ هل يخلو المجتمع المصري من مخدرات وتعاطي الحشيشة، والخلاعيات والرذيلة والإباحية؟ لماذا الانفراد بالأقباط والإساءة إلى سمعتهم؟

أين أنتم مما يحدث؟

يا خسارة يا أبو المليح، والمعلم غبريال بن نجاح، وأبناء العسال، والبابا أثاناسيوس، ورجل العطاء إبراهيم الجوهري، والبابا الوطني بطرس السابع، وحكام مصر (رزق آغا حاكم الشرقية، مكرم آغا حاكم أطفيح). أين أنتم يا أقباط، يا من شيدوا أول بنك في مصر، وأول مركز قضاة على يد حنا نصر الله بك وبرسوم حنين ومرقص غالي أفندي؟ أين أنت يا بطرس باشا غالي، أين أنتم يا وزراء يوسف سابا، يوسف وهبي، واصف بك سميكة وعشرات مثلكم؟ أين أنت يا ماري منيب، وبشارة واكيم ومشاهير الأقباط في فن السينما.

يا خسارة لكل قطرة عرق ذرفها القبطي لتحسين معيشة المصري في الريف! يا خسارة لكل مجهود قدمه القبطي لرفع راية مصر.

هذا الفيلم فتح جرحاً من الصعب أن يندمل بسرعة. هذا الفيلم اليوم طأطأ رأس أبو الهول خجلاً وقرفاً!

*************

عن صحيفة بيروت تايمز، كاليفورنيا، عدد 934 ـ 29 يوليو 2004 ـ إذا أردتم الاشتراك بالصحيفة يمكنكم الاتصال بالرقم: (323) 978-8888

 

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها