الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

نبيل فياض في خطر

29 فبراير 2004

من سيفوز أخيراً برأس نبيل فيّاض: الطالبانيّون أم الأجهزة الأمنيّة؟

تعودّنا أن نقرأ باستمرار ما يكتبه نبيل فيّاض إن في سوريّة أو خارجها. ورغم أن هذا الباحث منزوي تماماً عن الناس في قرية صحراويّة سوريّة كانت من أملاكهم في الخمسينيّات إلاّ أننا قدرنا عبر وسطاء من أصدقائه في دمشق الحصول على رقم هاتفه حتى نكلّمه. وكنّا نفعل هذا بشكل دوري. ورغم كلّ المنع الذي رافق مسيرة هذا الباحث الذي كان يجاهر بانتمائه الثقافي إلى السريانيّة المارونيّة المتأصّلة في التراب السوري بتحريض من الشيخ الكردي الأصولي محمد سعيد رمضان البوطي ، فقد كان باستطاعتنا تهريب عمل له بين الفينة والأخرى من جونيه حيث كان يطبع أعماله. وكانت فرحتنا غامرة مع عودة نبيل فيّاض إلى الكتابة بكثافة في مواقع الانترنت ذات الصبغة المعادية للتيار الأصولي. وبصراحة تامة فإن بعضنا لم يشترك في الانترنت إلاّ لقراءة ما يكتبه هذا الباحث في المواقع تلك. لكننا في الفترة الأخيرة افتقدنا تلك الكتابات الجريئة، ولمّا اتصلنا بنبيل فيّاض هاتفيّاً قال إنه سيتوقّف عن الكتابة حتى يحصل على ضمانات واضحة بأنه لن يلقى مصرعه في أحد الأقبية مدافعاً عن حقوق الناس المضطهدين في سوريّة، وعلى رأسهم العلويون والمسيحيّون والإسماعيليون والمرشديون والدروز. لكن على ما يبدو فإن قوّة الحركات الإرهابيّة في سوريّة قويّة إلى درجة أن حياة نبيل فيّاض هي الآن في خطر أكثر من أي وقت مضى، خاصّة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار وضع قلبه المتعب أصلاً. وأخشى ما نخشاه أن يكون اعتقال نبيل فيّاض قد سبق نشر هذه الكلمات كما فهمنا منه هذا اليوم تحديداً.

مما لا يعرفه أحد أن نبيل فيّاض تعرّض في صيدليته لاعتقال مفترض لأسباب لا يدري ما هي وانتهى الأمر في مستشفى دير عطيّة في غرفة العناية المشدّدة، وذلك يوم 13 آب 2003. ونحن نعرف تماماً أن أي اعتقال مماثل سوف يودي به إلى ما لا تحسب عقباه. على أيّة حال، ففي هذه المعركة المصيريّة للدفاع عن سوريّة ضدّ قوى الأصوليّة وأعوانها نجد من الضروري وضع كلّ القوى المدافعة عن حقوق الإنسان في صورة المعاناة الهائلة التي عاشها وما زال يعيشها نبيل فيّاض في دفاعه المستميت عن حضارة سوريّة ضد الظلاميين.

عندما عاد نبيل فيّاض إلى دمشق بعد غيبة طويلة دراسيّة في جونيه تفاجأ بكم من التهم غير الموثّقة من قبل التيار الأصولي الكردي، خاصّة بعد أن عرف كتابه يوم انحدر الجمل من السقيفة نجاحاً كاسحاً بين الطوائف كلّها. من هنا، فقد استخدم الأصوليّون كلّ ما في جعبتهم من اتهامات لجرّ الباحث إلى السجن، ولم يكن البوطي يتردّد في اتهامه بأنه ابن لسيّدة إسماعيليّة أو أنه من أصول يهوديّة، كما كان ابن المفتي المدعو محمود كفتارو يتردّد على الدوائر الأمنيّة ليقول لهم إن نبيل فيّاض ماروني أرسله الكسليك لخلق فتن طائفيّة في سوريّة. ووصل الأمر بنبيل فيّاض في صيف 1996 إلى الاختباء أكثر من أربعة أشهر في منزل صديق له إيراني يدعى ظافر ساعاتي في منطقة الزاهرة الجديدة في دمشق.

في أيلول 1993 شنّ الأصوليّون حرباً شعواء على نبيل فيّاض الذي كشف عن تسلّل لكتاب اسمه ضوابط التكفير إلى معرض كتاب مكتبة الأسد الذي يفترض أن جهة أمنيّة تتولّى مسئوليّة ما يعرض فيه. في الكتاب كانت الدعوة صريحة إلى خلق فتنة طائفيّة في سوريّة عبر تكفير للعلويين والإسماعيليين والدروز مع ما يصاحب ذلك من استباحة لدماء رجالهم وطلب استعباد أطفالهم وسبي نسائهم. وكان الثمن الذي دفعه نبيل فيّاض باهظاً، فقد استعدى عليه تيارات في الأجهزة ذات علاقة غير عاديّة بالجهات التكفيريّة إضافة إلى منع كتبه من قبل مكتب الاعداد القطري.

بعد منع أعماله حيثما كان اضطر لفتح صيدليّة في منطقة ريف دمشق، وقبل أن يرخّص للمحل رسميّاً أرسل له شيخ أصولي من التيار الوهابي في منطقة جيرود اسمه راتب خضرة إثنين هدّداه بالقتل إن بقي في تلك المنطقة ثم عاد ملثمون لتهديده أكثر من مرّة. ولمّا اشتكى إلى فرع الأمن السياسي لريف دمشق بعد أن رفض المدعي العام الانصات إلى شكاويه المتكرّرة اكتفى رئيس الفرع، واسمه ريّان مخايل، منبّهاً الشيخ إلى أن يتوقف عن إزعاجاته. لكن الشيخ لم يتوقف عن ذلك حتى اليوم. وقد قيل وقتها أن جهات كبيرة اتصلت ولم تكتف فقط بالاتصال لمنع أي ازعاج للشيخ.

في أيار 2002 قام طبيب من المنطقة ذاتها اسمه عبد الجواد عرابي وهو ملتح وعلى علاقة قوية للغاية بالشيخ المذكور بتدبيج تقارير كاذبة مفادها أن نبيل فياض يشتم الرئيس الراحل حافظ الأسد والرئيس الحالي بشار الأسد ويتهكّم عليهما أمام الناس، وقدّم تلك التقارير إلى عقيد في الأمن الجوّي سبق أن طرده نبيل فيّاض من مكان عمله لأنه حاول ابتزازه ماديّاً مع أن نبيل فيّاض أدخل ابن هذا الضابط المدعو نبراس في مدرسة اللاسلكي بدمشق. وكان لصحوة ضمير شاب من المنطقة جاء إليه الطبيب المذكور يطلب منه إفادة مزوّرة الدور الأوّل والأخير في قلب السحر على الساحر. وتمّ توقيف هذا الطبيب والذين ساعدوه في تقاريره حوالي أربعة أشهر. لكن النار ما تزال تحت الرماد.

هذا خطاب منّا، نحن مجموعة من السريان من حمص وريفها، إلى كافّة الأحرار في العالم، بأن نبيل فيّاض سوف يتعرّض عاجلاً أم آجلاً، إلى تصفية جسدية بطريقة أو بأخرى، على يد الطالبانيين أو أعوانهم. إن البوطي ومفتي السنّة وغيرهما من التيار الأصولي الكردي، الذين تخرّج على يديهم كثير من القتلة والإرهابيين في العديد من دول العالم، لن يهدأ لهم بال مادام هذا الرجل على قيد الحياة.

هذا خطاب منّا إلى كلّ الأحرار في سوريّة الذين دفع نبيل فيّاض غالياً ثمن الدفاع عن حقوقهم خاصّة أبناء الطوائف الصغيرة من مسيحيين وعلويين ومرشديين واسماعيليين ودروز كي يقفوا ضد محاولات تصفية هذا الفكر التنويري المعادي للطالبانيّة. إن هذا الباحث الآن في خطر داهم، ونحن لا نعرف متى يكون توقيت توقيفه وبالتالي موته فقط لأنه تجرّأ على التيار الطالباني المستشري في سوريّة زنوبيا ويعقوب البرادعي وافرام السرياني ومار مارون وواجبكم الآن أن تسمعوا أصواتكم بأن سوريّة بلد حضاري غير طالباني ولا أصولي.

هذا خطاب إلى الكنيسة المارونيّة التي قاتل نبيل فيّاض باستمرار للدفاع عن أصالتها وحضارتها وجذورها الضاربة في القدم.

نبيل فيّاض اليوم في خطر داهم ولم يأت يوماً على سوريّة شخص من أصول سنيّة قبله دافع ودفع ثمن دفاعه عن حقوق الأقليّات كما فعل نبيل فيّاض.

لا تقولوا نحن ضعفاء ولا نستطيع حماية أنفسنا من تيارت طالبان وداعميها.

نحن أقوياء، نحن أصحاب حق، وإذا لا سمح الله ومات نبيل فيّاض على يد أصولي متهور أو في زنزانة لأعوان الأصوليّة فسوف لن ينجو أحد منّا من عذاب الضمير.

التوقيع: أصدقاء نبيل فيّاض من سريان حمص وريفها.

 

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها